مقالات

المرأة والأزمة السورية

منذ اندلاع الأزمة السورية أصبحت المرأة هي الضحية الأولى في المجتمع، فهي التي فقدت الوطن وفقدت معه الأمن والأمان وهي التي ضحت بأحد أبنائها حباً بوطنها، وما تعرضت له من عنف في الحرب السورية التي لا تعتبر حرباً عادية بين جيش وجيش أو دولة وأخرى على الحدود، إنما هي حرب نشبت بين أزقة البيوت والحارات الشعبية التي كانت مصدر فرح لسكانها وكانت مكان ذكريات الطفولة فكم من عزيزٍ غاب عنا ولكن بقيت الأماكن تذكرنا بهم، ولكن سرعان ما  أصبحت شوارع وساحات سوريا أماكن للقتال الذي أخذ معه الكثير من الضحايا وقضى على أحلام الكثير من السوريين، وبسببه أصبحت العائلة السورية ممزقة إما بفقدان أحد أفرادها أو باختفائه أو سفرٍ أُجبِرَ عليه.

في هذه الحرب تعرضت المرأة السورية لأبشع تهجير قسري جعلها تهاجر من بلدها بحثاً عن حياة جديدة وأملاً في الحصول على الأمان ولكن هيهات بين التمني والواقع؛ وجدت نفسها في مستنقع لم تعد تستطيع الخروج، وظهرت لهذه الأزمة نتائج سلبية سواء من الناحية الاجتماعية أو الاقتصادية أو الثقافية، ووجدت المرأة السورية نفسها مُجبرة على التكيف مع الواقع الحالي وبسبب غياب التنظيم الخاص بالمرأة على الساحة السورية لا زالت المرأة تعاني، وزد على ذلك ظهور الكثير من المظاهر الاجتماعية التي لا تليق بالمرأة وبمكانتها ضمن المجتمع، مثل زواج المتعة الذي ظهر بشكل ملحوظ في مدينة حلب ويمكن اعتبار هذه الظاهرة من ثقافات الدولة الايرانية التي جلبتها معها للسوريين وكذلك زيادة شبكات الدعارة وتوزيع المخدرات بشكل ملحوظ جداً في دمشق التي كانت تعتبر من أهم المدن التي تتمتع بالأمن والأمان قبل الأزمة، أما الساحل السوري فحدث ولا حرج، فله  النصيب الأكبر في زيادة نسبة الأرامل ونسبة العنوسة في المجتمع مع زيادة ظاهرة زواج القاصرات أو اختيار المرأة طرق خاطئة لتعيش.

وعند التطرق لوضع المرأة في الأراضي السورية المحتلة من قبل الدولة التركية ومرتزقتها نجد أنها تعاني من الظروف السيئة من الناحية النفسية والجسدية وتتعرض للعنف بشكل يومي نتيجة ما تعرضت له من تسويات سياسية والتغيير الديمغرافي الذي حصل على حساب الشعب السوري بضغط من قوى إقليمية بهدف تحقيق مكاسبها من هذه الأزمة.

المرأة السورية هي التي ضحت بأبنائها وأشقائها ولكنها لم تستطع كسب شيء يضمن لها الأمان بسبب غياب تنظيم نسائي يمثل المرأة.

نجد أن المرأة أصبحت على هامش الحياة تعيش ويلات الحرب بصمت؛ تلك الويلات التي ربما تجلب لها المزيد من الدمار إن لم تستطع مواجهة الأزمة والعمل على الإدارة السليمة لها كما فعلت المرأة في روج آفا.

إن المرأة السورية في ظل الأمة الديمقراطية هي المرأة التي ظهرت على الساحة بشكل بارز بعد الأزمة عندما تسلحت بالفكر الأوجلاني الحر الذي جعل من المرأة فلسفة حياة، وابتدع عِلماً لها.

ونتيجة نضال وكفاح منذ أكثر من أربعين عاماً تسلحت المرأة السورية في مناطق الشمال وشمال شرق سوريا بالفكر الفلسفي الذي أكملته بحمل السلاح وبناء جيش للمرأة باسم وحدات حماية المرأة للدفاع عن نفسها وعن مجتمعها وإقامة جسور العلاقات مع كافة شرائح المجتمع بهدف توحيد صف المرأة، الأمر الذي ولد نتائج ايجابية فكان لها جناح سياسي خاص بها، الذي ضمِن للمرأة المشاركة في كافة الساحات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لتشكل لنفسها تنظيم خاص من خطوط عريضة حمراء لا يجوز لأي كان المساس به، ويتمثل بالإدارة المشتركة لكافة الأعمال والفعاليات والإدارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية مع تشكيل هيئات وإدارات ومجالس نسائية ملمة بالقرارات التي تتعلق بالمرأة في سبيل تحقيق التطوير والتقدم في مجال نضال المرأة لتواكب التطورات السياسية التي تحصل بسبب توسع مناطق وجود مشروعنا الديمقراطي رويداً رويداً أصبحت المرأة في روج آفا ذات قوة تستطيع المبادرة لتخليص الكثير من النسوة من العنف المجتمعي والعنف الحاصل نتيجة الصرعات الحاصلة في سوريا عن طريق التنظيم الذي شكلته لنفسها بهدف الإدارة السليمة للأزمة التي تمر بها سوريا، وقد سطرت المرأة السورية في ظل الأمة الديمقراطية ملاحم البطولة في مواجهة تنظيم داعش في كوباني وصولاً إلى الطبقة والرقة و دير الزور وكان لها دور كبير في مواجهة  جيش الاحتلال التركي ومرتزقته في مقاطعة عفرين، لم تخشَ شيء بل ظلت تقاوم حتى الرمق الأخير وكتبت حروف ذهبية في تاريخ حرية الشعوب بدماء شهيدات فضلن الشهادة على احتلال الأرض أمثال افستا وبارين وحتى الآن لازلت المرأة السورية تسطر ملامح المقاومة في مناطق الشهباء القريبة من حلب وترفض احتلال أرضها ووطنها.

ثورة روج آفا معروفة بثورة المرأة والمرأة في روج آفا هي المرأة السورية الحرة التي تكتب كلماتها في سطور تاريخ حرية المرأة الذي لازال خافياً بين سطور التاريخ الدولتي المكتوب بالذهنية الذكورية.

إن المرأة الحرة لم يكتب لها تاريخ حتى الآن وأنه بانتظار من يكتبه بتضحيات كبيرة فكانت للمرأة الكردستانية الدور الأبرز في البدء بكتابته وأصبحت الأراضي  السورية مثل عفرين ومناطق الباب والشهباء وصولاً إلى منبج وكوباني والطبقة  والرقة والحسكة هي شاهدة على الكثير من التضحيات التي تمت بدماء شهيدات في سبيل حريتهن وحرية المجتمع وصولاً إلى حياة ندية حرة.

زر الذهاب إلى الأعلى