المجتمعمانشيت

المرأة في الاتحاد الديمقراطي حركتْ التاء الساكنة

في منطقة نائية من الجغرافية السورية، بحثت المرأة عن ذاتها حتى وجدته في زمن عاثت الاتفاقيات الدولية خراباً ودماراً بنيوياً في بنية المجتمع السوري ككل، في تلك المنطقة المسماة روج آفا، انطلقت شرارة ثورة ( 19 تموز) وكانت المرأة الرائدة فيها؛ بينما تشرذم الوضع على شكل أزمة سورية، برزت المرأة كأكبر المتضررين منها.

رأت المرأة الكردية نور الحرية في البداية وتبعتها نساء المكونات الأخرى، خلال ثورة روج آفا، إلا أن مرحلة التمهيد لهذه الحرية بدأت مع تأسيس حزب الاتحاد الديمقراطي الذي اُعتبر أول حزب يخصص ويفسح مساحة واسعة للمشاركة النسوية ضمن صفوفه، واعتبارها أساساً في النضال، بتأسيس الاتحاد الديمقراطي حدث تغيير جذري في وضع المرأة على كافة الأصعدة، وللمرأة في حزب الاتحاد الديمقراطي حكاية ومسيرة من التطور والنضال والتضحية والفداء تميزها عن باقي النساء السوريات وفي الشرق الأوسط.

فبعد الثورة وبحكم اتخاذ الحزب الخط الثالث كاستراتيجية عملت المرأة على توطيد مكانتها ودورها في الحزب سياسياً واجتماعياً وتنظيمياً، وناضلت حتى ترسخ نظام الرئاسة المشتركة واقعاً واتخاذه كأحد أهم الركائز التنظيمية التي تتيح للمرأة إمكانية اتخاذ القرار وصنعه مثلها مثل الرجل، وذلك خلال المؤتمر الاستثنائي للحزب المنعقد في 16/6/2012

وبمناسبة الذكرى السنوية الـخامسة عشرة لتأسيس الحزب ارتأت صحيفة الاتحاد الديمقراطي استطلاع آراء عدد من أعضاء حزب الاتحاد الديمقراطي حول دور المرأة فيه:

تنظيم المرأة في حزب الاتحاد الديمقراطي خطوة رائدة في المجتمع

منال محمد الرئيسة المشتركة لمكتب التنظيم في حزب الاتحاد الديمقراطي وعضو المجلس العام للحزب عن دورتين:

لقد تأسس حزب الاتحاد الديمقراطي PYD عام 2003 ضمن ظروف صعبة، فالعادات والتقاليد السائدة والدخيلة على مجتمعنا إلى جانب تأثير النظام الحاكم وضغوطاته السياسية وممارساته التعسفية قد أثرت على الحراك السياسي في سوريا على أغلب صعد الحياة، وبالرغم من ذلك فقد تمكن حزب الاتحاد الديمقراطي من تجاوز كل تلك السياسات بتنظيمه وإرادته القوية في تصعيد النضال واستكمال ما بدأه حتى تحقيق أهدافه التي كانت تتطور لتلبي آمال وطموحات فئات المجتمع في روج آفاي كردستان، ومن ضمن هذه الفئات المرأة التي عانت من تداعيات واقع استعبدها ليبقى دورها ثانوياً أو مهمشاً بالرغم من أنها شريان الحياة.

وفي الوقت الذي أُعتبر فيه مشاركة المرأة غير ممكنة ومحدودة من الناحية الاجتماعية في ممارسة العمل السياسي والتنظيمي واختصر دورها على بعض الميادين الاجتماعية كمربية وعاملة في بعض المؤسسات الحكومية، كانت الهجمات الدعائية تُشن على الحزب بسبب إشراكه للمرأة في صلب تنظيمه والاعتماد على قواها واعتبارها أساس تنظيم الحزب، إلا أن ذلك منحها الثقة بالنفس وجاهدت ليكون وجودها خطوة جريئة ورائدة لتنظيم المجتمع وتوعيته.

خلال عام 2011 وبعد انطلاقة الثورات في الدول العربية أو ما سمي بثورات الربيع العربي وامتدادها إلى مناطق سوريا وروج آفا أُعيد النظر في وضع المرأة ودورها في الحزب وكيفية تطويره للاستفادة من الطاقات الكامنة لدى المرأة وتسخيرها في توعية المجتمع للسعي نحو المجتمع السياسي الذي تكون فيه المفاهيم متقدمة ويتحقق فيه التطور والرقي، لذا ما كان للحزب إلا أن عقد مؤتمره الاستثنائي الخامس ولأول مرة على أرضه بروج آفا عام 2012 بحضور عدد كبير من الأعضاء تم خلاله وللمرة الأولى على مستوى سوريا والمنطقة عموماً وضع اللبنة الأولى لنظام الرئاسة المشتركة وإشراك المرأة في صنع القرار السياسي؛ فدخلت عصب الحياة السياسية بقوة وفعالية، إلى جانب انتخاب مجلس عام للحزب الذي أخذت المرأة فيه مكاناً ضمن قيادة الحزب لكن رغم ذلك لم يرتق هذا الحضور للمستوى المطلوب، فعملت المرأة في حزب الاتحاد الديمقراطي على تدريب نفسها فكرياً وإيديولوجياً ومن هذا المنطلق الفكري والأيديولوجي الذي ينادي بحرية المرأة وحماية حقوقها انضمت النساء إلى الحزب وأصبحن أعضاء فاعلات، هذا وأخذت المرأة مكانتها في إدارة الحزب إلى جانب مشاركتها للرجل في جميع الأعمال وكافة الأصعدة من ناحية التدريب، عقد الاجتماعات الجماهيرية، عقد المؤتمرات وكما نرى المرأة خطت قفزات في المستويات السياسية والإدارية والدبلوماسية.

وفي عام 2014 عقد أول مؤتمر عام للمرأة على مستوى إقليم الجزيرة تم انتخاب 22 إدارية للإقليم بعدها عُقدت ثلاثة مؤتمرات متتالية على مستوى (إقليم الجزيرة، إقليم الفرات وإقليم عفرين) وفيها تم انتخاب مجلس إداري لتنظيم المرأة ووضع برنامج وآلية لعمل تنظيم المرأة ضمن حزب الاتحاد الديمقراطي، وفي المؤتمر العام السادس للحزب تم انتخاب أعضاء المجلس العام للحزب بالتساوي بين الرجل والمرأة.

أما المؤتمر السابع الاعتيادي للحزب فأعطى أيضاً حق المناصفة بين المرأة والرجل في إدارة الحزب وقيادة المرحلة، وتشكيل المكاتب ضمن الحزب بنظام الرئاسة المشتركة لتستطيع لعب دورها بفعالية كبرى على جميع المستويات ضمن الحزب، وكان لها المكتب الخاص بها لإقرار جميع القرارات المتعلقة بالمرأة وفق نهج حرية المرأة.

وأفسحت هذه الهيكلية التنظيمية المجال أمام المرأة لعقد مؤتمر تأسيسي لتنظيم المرأة ضمن الحزب في 22 تموز هذا العام وانتخاب مجلس خاص بها، وتشكيل شعار (لوغو) خاص بالمجلس المكون من 28 عضو، والذي يتولى متابعة تطوير العمل التنظيمي والأيديولوجي والسياسي والاجتماعي للمرأة داخل سوريا وخارجها عبر اللجنة التدريبية التي شكلت خلال فعاليات المؤتمر التأسيسي لتنظيم المرأة والذي يعمل على تطوير وتوعية المرأة إيديولوجياً وسياسياً، بالإضافة لنشر وتعميق الوعي بحقوق المرأة وقضاياها ومناهضة كافة أشكال العنف ضد المرأة، وتكريس العدالة الاجتماعية وتحقيق المساواة بين الجنسين وترسيخ نظام الرئاسة المشتركة.

ويسعى المجلس أيضاً إلى الوصول إلى كافة نساء المجتمع السوري، والتواصل مع تنظيمات المرأة الكردستانية والسورية والشرق أوسطية على أساس توحيد جهود المرأة لبناء مجتمع ديمقراطي، عبر اللجنة التنظيمية واللجنة الدبلوماسية.

على المرأة أن تناضل سواء داخل صفوف الحزب أو خارجه لبناء مجتمع ديمقراطي

زهرة جاسم عضو مجلس المرأة في حزب الاتحاد الديمقراطي:

نتيجة استعباد المرأة منذ خمسة آلاف عام حتى يومنا الراهن، فقدت الثقة بالذات وتملكها الخوف من مزاولة أي مهنة خاصة تلك التي تضعها في مركز صنع القرار، ما دفعها للابتعاد عن الحراك السياسي و خلق شروخاً عظيمة بينها وبين البيئة السياسية.

إلا أن حزب الاتحاد الديمقراطي كسر حاجز الخوف هذا وجعلها تنخرط في الحراك السياسي الذي رفع من سويتها ومستواها الفكري والتوعوي، وبطبيعة الحال كانت البداية صعبة على المرأة وعلى الحزب في الوقت نفسه، كسر هذه الهوة -التي لا زالت بعض تبعاتها مستمرة- لم يكن بالأمر اليسير والسهل نتيجة ما خلفته الذهنية الذكورية والعادات والتقاليد البالية لدى المجتمع التي رسخت مفهوم أن السياسة للرجل فقط، وتعاب المرأة إذا دخلت هذا المضمار، كان هذا التخويف مندرجاً في إطار إبقاء المرأة تحت نير التخلف والجهل.

لكن الطليعيات في الاتحاد الديمقراطي بذلن جهوداً كبيرة وكن طموحات عظيمات ومشين نحو مبتغاهن هذا عبر مسيرة تحرير المرأة على فكر وفلسفة القائد الوحيد الذي أولى المرأة مكانة خاصة ألا وهو الفيلسوف عبدالله أوجلان، حيث نادى بحرية المرأة وحفز النساء لإرساء هذا المفهوم وتطبيقه على الأرض من خلال السياسة الديمقراطية.

نحن في القرن الواحد والعشرين عصر التكنولوجيا الذي لا بد بأن تكون المرأة قد وصلت فيه إلى ذروة نضوجها الفكري وتستثمره ضمن حريتها في خدمة الوطن ونحن كأعضاء في حزب الاتحاد الديمقراطي يتطلب منا في هذه المرحلة الحرجة شرح دور المرأة داخل وخارج الحزب وما يقع على عاتقها من تنظيم ابتداءً من الأسرة وانتهاءً بالمجتمع وذلك عن طريق التدريب والتوجيه وعقد الاجتماعات والزيارات المتواصلة لكافة مكونات المنطقة من كرد وعرب وسريان واشور ما يفسح المجال أمام نساء كافة المكونات للانضمام إلى الحزب كونه حزب ديمقراطي وما زاد في ذلك نهج الأمة الديمقراطية والتعايش المشترك وأخوة الشعوب لأن أعداءنا كثر والجميع يحاول إضعافنا لذا يجب على المرأة أن تناضل سواء داخل صفوف الحزب أو خارجه ويكون لها قرار حاسم في المشاركة جنباً إلى جنب مع الرجل في بناء مجتمع ديمقراطي.

المرأة أثبتت نفسها وأخدت على عاتقها مسؤولية الإدارة

شريفة حسن عضو مجلس عام لحزب الاتحاد الديمقراطي:

بروح مقاومة العصر نبارك ونهنأ الذكرى السنوية الـ 15 لميلاد حزب الاتحاد الديمقراطي PYD على جميع  مناضلي الحزب وعوائل شهدائه.

منذ تأسيس حزب الاتحاد الديمقراطي وحتى يومنا الراهن لعب دوراً كبيراً في تنظيم المجتمع في روج آفا حتى وصلنا  إلى ما نحن عليه اليوم، حيث نظم الحزب نفسه وكافح وناضل ليصل إلى كافة شرائح المجتمع، ومر الحزب في بدايات تأسيسه بصعوبات وعراقيل ولكنه أثبت جدارته وصوابية أفكاره من خلال أطروحاته التي درئت المخاطر عن المنطقة في الوقت الذي عانت فيه عموم سوريا من حالة من الحرب والتشرد والدمار والانهيار إبان الأزمة التي تعصف في البلاد على مدار سبع سنوات أنهكت قوى الشعب السوري الذي لم يعد يقوى على تحمل المزيد من المعاناة.

على صعيد المرأة ضمن صفوف الحزب، منذ البداية وحتى اليوم لعبت المرأة دورها في الحزب والكل يعرف ما عانته وتعانيه المرأة من ظلم واستبداد نتيجة الذهنية الذكورية السائدة في مجتمعنا حيث وجدت المرأة بتأسيس حزب الاتحاد الديمقراطي وبسبب ديمقراطيته الخلاص مما تعانيه. في الحقيقة المرأة في الـPYD  منذ 2003 وحتى المرحلة التي وصلت إليها اليوم، استطاعت أن تلعب دوراً مهماً لأن الـ PYD استطاع توسيع نطاق تنظيمه بعد عقد مؤتمراته في كل المناطق وترسيخ هيكليته التنظيمية على أرض الواقع، فاستطاعت المرأة أن تثبت نفسها في الإدارات ضمن الـ PYD، وتنظيم نفسها من الناحية السياسية الديمقراطية لذلك استطاعت أن تلعب دورها الهام ضمن تلك المؤتمرات، وأخذت على عاتقها مسؤولية الإدارة.

وكما نعلم أنه في المؤتمر الأخير لمجلس المرأة الذي تم انعقاده، استطاعت المرأة ضمنه أن توسع دائرة تنظيمها وتأسيس مجلس خاص بالمرأة تقوم هي فيه بإدارة نفسها وعموم النساء في روج آفا وسوريا عموماً، والوصول إلى جميع النسوة اللواتي يواجهن مشاكل وصعوبات وضغوطات في حياتهن ومساعدتهن، لا بل تعريفهن بحقيقتهن وما يمكن أن يفعلن وينجزن إن آمنّ بقدراتهن وتيقنّ بأن طاقاتهن عظيمة، حيث إذا ما أردنا تنظيم أنفسنا والوصول إلى الحرية والسياسة الديمقراطية علينا أن نعلم حقيقتنا وأنفسنا، وبذلك نصبح قادرين على إدخال تغيير إيجابي في المجتمع. وخطو خطوات واثقة نحو الحرية.

نحن على ثقة بقدرات المرأة من خلال ما بذلته داخل الحزب وخارجه في السنوات الماضية من نضال وعمل وكذلك في السنوات اللاحقة ستكون المرأة متفوقه في عملها السياسي والتنظيمي بروح شيلان، آفستا وآرين وبروح مقاومة العصر وروح مقاومة المرأة الحرة، مرة أخرى نبارك ميلاد الحزب على قائد الشعب الكردي عبدالله أوجلان وعلى جميع أعضاء حزب الاتحاد الديمقراطي وعلى كافة الأمهات ونساء سوريا والعالم التواقات إلى الحرية.

إعداد: حسينة عنتر

زر الذهاب إلى الأعلى