مقالات

الكرد وأحاديث الليل والشتاءات القاسية

يقال أن حديث الليل يمحوه النهار.. فبعد حديث الليل عن مبادرة كردية .. يبدو أن ثمة أعاصير وأمواج تتقاذف هذه المبادرة وتتلاعب بها.. يرى البعض أن المبادرة هي فرصة ذهبية للسير نحو الأفضل، بينما آخرون يجدونها تشتيت للقوى والجهود وإضاعة لوقت ثمين وحساس! وبين هذا وذاك وبين سعي البعض لعرقلة المبادرة الموجودة وإفشالها، أو الإطاحة بعناوينها الكبيرة تقف الجماهير الكردية في زاوية الدفاع عن الوجود والبقاء.

إن الاختلاف بين الأطراف الكردية ليس بجديد. ويدرك الجميع أن خدمة المجتمع الكردي والنجاح في السياسة يتمثل في التقارب في وجهات النظر دون التباعد، في وقت تكون فيه التقارب والالتفاف واللقاءات الإيجابية عناصر قوة في البناء والنجاح.

من هذا المنطلق وأمام هذه الصعوبة التي نتعرض لها, تبدو مسألة حق الاختلاف ثانوية  أمام ضرورة وحدة الصف وأولويته المطلقة. من هذا المنطلق أيضا فأن حالة الاستثناء التي يعيشها الشعب الكردي، يتطلب وضع الاختلافات جانباً وتجاوزها، بحيث لا تعلو صوتها فوق صوت الجماهير الكردية المطالبة بوحدة الصف.

إن الاختلاف ولا شك عنصر إثراء إذا وعينا محطاته ومرحلته، ولا يتعارض مع وحدة الصف ومطالب جماهير شعبنا، وينبذ الخلاف والعداوة. ففي المشهد السياسي الكردي اليوم وما يعيشه من تجاذبات ومن تركيز البعض على إفشال ما تم البدء به ، لا نرى مبررا للتهرب خلف عناوين فضفاضة أو وضع العصي في العجلات؛ فالمرحلة حساسة وخطيرة، مرحلة وجود وبقاء بات وضع المجتمع الكردي مرهوناً بها. وكل ولوج من باب المبادرة (المفتوح) يمثل بداية الطريق في المسار الصحيح، ويشكل الإطار الصائب للدفع نحو وحدة الصف. ورغم أن الطريق مازالت وعرة وشائكة في بعض أطرافها، فإن تهيئة الظروف يجب أن يمر من هذا الطريق الشائك، حتى ننال رضا شعبنا. مع يقيننا بأن وردة واحدة لا تشكل ربيعاً، ولكنها تذكرنا بقدوم الربيع  وانتهاء الشتاء !

فهل سيتمكن الكرد من تجاوز شتاء الاختلاف القاسي؟

ترتيب البيت الكردي اليوم، ضرورة حياتية وصمام أمان للمجتمع الكردي، وهو محطة هامة في مسار البناء وتحدياً مهماً للعقل الكردي التنظيمي، ولقد أكدنا دوماً على وجوب فتح الأبواب على مصراعيها مع جميع الطاقات التي تتواجد داخل البيت الكردي. بما فيها الطاقات الفاعلة والمعطلة والطاقات الخائفة والطاقات المجمدة والطاقات اليائسة. والطاقات التي انسحبت خياراً أو اضطراراً، والطاقات التي حملت المشاريع الوطنية يوماً وتقاعست عن حمله في يوم آخر، و الطاقات التي غلبت بعضها الأنا…كل هذه الأصناف من الطاقات والإمكانيات، والمختلفة التصورات والممارسات لا يجب التنازل عنها وتركها لنفسها، أو لغيرها حتى يستثمر قدراتها وتاريخها، ويوظف أفكارها! فلنتجاوز فـكر المواجهة والاختلاف إلى فكر المصــالحة والاتفاق

زر الذهاب إلى الأعلى