مقالات

العدوان التركي على الشمال السوري موجهٌ بالدرجة الأولى إلى التحالف الدولي والوجود الأمريكي

إن الحرب مع دولة الاحتلال التركي لم تبدأ في روج آفا وعموم كردستان الآن؛ لكنها مستمرة منذ إبرام الاتفاقات الدولية التي قسَّمت جغرافيَّة كردستان بين الدول الغاصبة، وكانت أولها اتفاقية قصر شيرين واتفاقيات سيكس بيكو ولوزان وآخرها اتفاقية احتلال عفرين.

إنها حرب الوجود؛ أن تكون أو لا تكون؛ تركيا بنظامها القائم على الاستبداد ومنذ تكوينها تجد في الوجود الكردي تهديداً لوجودها .فإذا وعى الشعب الكردي وجوده في تركيا وأهمية المرحلة والفرصة التاريخية السانحة للكرد ضمن المنطقة والشرق الأوسط وتأثير الحرب الخاصة الممنهجة وضرورة التخلص منها ستقلب الطولة على السلطة التركية.

إن نظام  الإدارة الذاتية ومشروع الفيدرالية الديمقراطية هي أرضية مقاومة في كل الشرق الأوسط وليست في كردستان فقط، وهنا يكمن سبب الهجوم الشرس عليها وتقديم تركيا هذا الكم الهائل من التنازلات حتى على مستوى تحالفاتها الاستراتيجية في سبيل إفشال هذا المشروع بل يمكننا القول إن مشروع الفيدرالية الديمقراطية يشكل تهديداً على روسيا وحلفائها من نظام البعث وإيران؛ فكما هو واضح للعيان إن كل الانتصارات في الشمال السوري كانت انتصارات ضد الدولة التركية بالدرجة الأولى وإيران وحلفائها ابتداء من سري كانيه وحتى دير الزور, فالدولة التركية حاربتنا بفكرها ومنهجها المناهض للحرية وقواها  ومجاميعها التكفيرية الإرهابية التي أرسلتها إلى مناطقنا بهدف النيل من إرادة شعوب ومكونات روج آفا وشمال سوريا والحيلولة دو تحقيق تطلعاتها في الانعتاق من الدكتاتورية والاستبداد والتي وَجَدَت الأخطر والأعظم في مشروع الفيدرالية الديمقراطية القائم على العيش المشترك وإخوَّة الشعوب التي تعي ذاتها وتعمل لتمتين بنيتها المجتمعية عبر الحقوق المشتركة وغناها وتنوعها الثقافي وترسيخ بنيان العدالة الاجتماعية التي جعلت من جميع المكونات أصحاب القرار في تحديد مصيرهم دون إقصاء وبطريقة تشاركية جماعية، الأمر الذي جعلت من الدول الغاصبة والمستبدة تَجِد في هذا التوجه والمشروع الديمقراطي تهديداً مباشراً لسلطتهم وعروشهم؛ لذلك لجأت هذه النُّظُم (تركيا، إيران، نظام البعث )إلى مؤامراتها واتفاقياتها السابقة للوقوف في وجه المشروع الديمقراطي الوحيد في سوريا بعد عجز جميع مخططاتها السابقة واندحار الإرهاب في كوباني ومنبج والطبقة والرقة ودير الزور وفشلها في قمع إرادة الحرية والمقاومة في عفرين؛ لتشكل من جديد فصول المؤامرة عبر تحالفها بصفقات قذرة رعتها روسيا لبدء العدوان العلني والمباشر على روج آفا وشمال سوريا حيث كان من اللافت في الآونة الأخيرة تقاطع التصريحات التي تهدد شمال سوريا ابتداءً من أردوغان وحاشية حُكمه ومروراً بوزير الخارجية السوري وليد المعلم وانتهاء بروسيا التي باتت تُصرِّح بشكل مُعلن عن نيَّة أمريكا في إنشاء كيان كردي في شمال سوريا، وذلك بعد اللقاء الثلاثي الذي جرى بين روسيا وإيران وتركيا في طهران الذي كان بمثابة إيعازٍ لتركيا بضرب الشمال السوري مقابل تجميع الارهابيين في إدلب وتوجيههم لشمال سوريا،

  فبعد أن كانت تركيا تقوم بحربها ضد القوى الديمقراطية ومشروعها المدني القائم على التنوع الثقافي والمجتمعي عبر مجاميعها الإرهابية من داعش والنصرة وأخواتهما  التي اندحرت على يد قوات سوريا الديمقراطية بمساندة التحالف الدولي لتبدأ بعدوانها واحتلالها المباشر  للشمال السوري ابتداءً من جرابلس والباب وعزاز ومؤخراً في عفرين التي كانت نتيجة لصفقات قذرة شارك فيها كل من روسيا وتركيا وايران بموجب اتفاقات آسيتانا وسوتشي التي تنازلت فيها تركيا عن مناطق سيطرة مجاميعها الإرهابية في عموم سوريا مقابل إنهاء مشروع الإدارة الذاتية والفيدرالية الديمقراطية في شمال سوريا.

إن المؤامرة  كبيرة على الشمال السوري وهي موجهة بالدرجة الأولى إلى التحالف الدولي والوجود الأمريكي في عموم الشرق الأوسط وعلى التحالف اتخاذ موقف واضح منها لأن المسألة لم تعد في كيفية إرضاء تركيا أو محاولة تهدئتها؛ فالقرار التركي أصبح رهنٌ لأحقاد دفينة وهي بذلك تحولت إلى مطيَّة طيِّعة بيد الروس التي تدفعها باتجاه التصادم مع أمريكا وقوى التحالف الدولي

 كما يجب على جميع قوى ومكوِّنات روج آفا التصدي لهذا العدوان وإعلان رفضهم له بجميع السبل المتاحة, ومجابهته ومقاومته بكل قوتنا العسكرية والسياسية والدبلوماسية لدحر الاحتلال التركي ومجاميعه الارهابية، والعمل دبلوماسياً للوصول إلى قرارٍ دُولي بضرورة إنهاء الاحتلال التركي  لكامل الشمال السوري وفي مقدمتها عفرين وعودة شعبها إلى أرضه والتصدي لأي محاولة للخلايا النائمة المموَّلة من الاستخبارات التركية من زعزعة الاستقرار في روج آفا وشمال سوريا.

وحدها المقاومة الشرسة والوعي الشعبي وبزَخَمٍ كبيرٍ هو الحل والردُّ الأمثلُ لدحرِ الاحتلال والانتصار عليه، وإفشال مخططاته  حيث تتطلب المرحلة الراهنة الحِراك والنضال على كافة المستويات الشعبية والسياسية والدبلوماسية  ليشكِّلَ دعماً لقوتنا العسكرية وضغطاً على الرأي العام والمنظمات الدولية والتحالف الدولي الذي نحارب معه الإرهاب ليتخذ موقفاً واضحاً من العدوان والاحتلال التركي.

زر الذهاب إلى الأعلى