مقالات

الدم الكردي خدمة للاجندات التركية

كرديار دريعي

التصريحات الأخيرة للرئيس التركي أردوغان حول انهاء العمال الكردستاني تعبير عن طموحات قديمة و ليست بجديدة، فالحكومات المتعاقبة على تركيا منذ الانقلاب العسكري 1980 (انقلاب كنعان افرين)أعلنت أنها ستقضي على العمال الكردستاني وانها ستنهي القضية الكردية!، غير أن كل تلك الحكومات رحلت وبقيت الكريلا وبقي حزب العمال الكردستاني والقضية الكردية، وفي ظل حكومة العدالة والتنمية ومنذ 2015 شنت تركيا عشرات الحملات العسكرية ضد الكريلا داخل وخارج تركيا، بحيث أنها كانت وبحسب التحضيرات ونوعية الأسلحة وحجم القوات المشاركة في هذه الحملات كافية لمواجهة جيوش دول في المنطقة، وكان يصرح مع كل حملة عسكرية بأنها المعركة الأخيرة مع الحزب و بأنه سيتم القضاء عليه نهائيا، ومع تكبد الجيش التركي للخسائر أمام الكريلا الكردستانية تقوم تركيا باطلاق تصريحات جديدة، عن حملة جديدة تكون الأخيرة للقضاء على العمال الكردستاني، والتصريحات الأخيرة لأردوغان والتأكيد على أنه سينهي مسألة الحدود مع العراق وبناء الحزام الأمني في باشور كردستان خلال صيف 2024، الى جانب المضي في استكمال ما يسميه أردوغان بالمنطقة الآمنة في روجافا (شمال و شمال شرق سوريا ) مهدداً ومتوعداً كل من يرفض استراتيجيته. والذي جاء في كلمة لأردوغان في 4-3-2024 أثناء اجتماعه مع أعضاء حكومته، وبغض النظر عن أن هذه التهديدات والتصريحات قديمة –جديدة و قد ألَفتها الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا كما ألفها حزب العمال الكردستاني، وهما ليسا بغافلين عن السياسة التركية ويتوقعان دائماً قيام تركيا بشن الهجمات والسعي لاحتلال المنطقة، غير أنه يبدو بأن تأكيد أردوغان على النجاح في حملته العسكرية القادمة ضد الكريلا نابع من التعويل على ما حققه من تفاهمات مع بغداد وأربيل حول محاربة حزب العمال الكردستاني، فزيارة وزير الدفاع التركي يشار غولر الى بغداد في 24-2-2024 بعد تكبد الجيش التركي الخسائر الكبيرة على يد قوات الكريلا لم تكن الا دليل على العجز التركي في حسم الحرب في جبال كردستان والحاجة الى تعاون بغداد وأربيل معها في ذلك من خلال اتفاقية أمنية كانت تركيا قد مهدت لها إثر زيارة قام بها وزير الدفاع العراقي في أكتوبر 2023 إلى أنقرة وبحث خلالها مع نظيره التركي التعاون بين البلدين في مكافحة الإرهاب وتعزيز أمن الحدود، فقد شعرت تركيا أن الفرصة مواتية لفرض اتفاقية أمنية على بغداد بعد أن فرضتها ايران قبلها لابعاد الأحزاب الكردية الإيرانية عن الحدود ويبدو أن المقابل التركي سيكون في الجوانب الاقتصادية وزيادة حصة العراق من المياه الى جانب الوعود التجارية( طريق التنمية )، وقد كانت هناك زيارة للمسؤولين الأمنيين الأتراك ووزير الدفاع الى أربيل أيضا والاجتماع مع قيادات الحزب الديمقراطي الكردستاني حيث وبعد تلك الزيارات أبدت تركيا إرتياحها من تفهم الديمقراطي الكردستاني وتعاونها معهم ضد حزب العمال الكردستاني في الوقت الذي أبدت إنزعاجها من الاتحاد الوطني الكردستاني وحتى تهديها لتعامله مع العمال الكردستاني والذي صرح لأجل ذلك رئيس الحزب بافل طالباني بأنهم لا يعتبرون العمال الكردستاني عدواً أو خطراً عليهم ولهم علاقات مع الحزب، ولكن يبدو أن بغداد ونتيجة للنفوز الإيراني الكبير منها، لايبدو بأنها ستمضي مع الطلبات التركية بما تشتهي تركيا ولن تتورط في المشاركة المباشرة مع تركيا ضد العمال الكردستاني، في الوقت الذي يبدوا فيه موقف أربيل أكثر مطابقة مع انقرة بدليل أنه لم يصدرعنهم أي توضيح أو بيان يناقض التصريحات التركية حول استعداد وقبول الديمقراطي الكردستاني للعمل جنباً الى جنب مع تركيا. الأمين العام السابق لقوات البيشمركة جبار ياور لم يخفي الرغبة التركية في اشعال حرب كردية كردية، حيث بين إنّ أنقرة تنوي استخدام البيشمركة في حربها ضد حزب العمال الكردستاني لتجنّب وقوع خسائر كبيرة في صفوف قوّاتّها، وحذّر من أنّ المسعى التركي ينطوي على خطر إعادة إشعال الصراع بين الأشقاء الأكراد. دخول الحزب الديمقراطي الكردستاني في المشاركة المباشرة عسكرياً ضد حزب العمال الكردستاني سيعني دخول باشور كردستان الى حرب كردية كردية لن تكون محصورة في الجبال او مقتصرة على طرفين وانما ستمتد الى داخل الاقيلم وستجر قوى كردستانية أخرى الى الصراع وقد تكون سبباً وعاملاً لتدخل المركز بغداد والفصائل الإيرانية أيضا الى الصراع مما يشكل تهديداً حقيقياً للتجربة الفدرالية في العراق أومكتسبات الشعب الكردي الى جانب فقدان الديمقراطي الكردستاني لمصداقيته القومية بالنسبة للشعب الكردي، وقد يكون سبباً لتمرد الشعب الكردي على سلطة الديمقراطي الكردستاني، لذلك على الديمقراطي الكردستاني تجنب هذا الخطأ الاستراتيجي ضد القضية الكردية عامة.

زر الذهاب إلى الأعلى