مقالات

ارحلوا عن سوريا أيها القتلة, ودعونا نصنع خبزنا بأيدينا

سوريتنا الجميلة الوادعة, قراها ومدنها تهدمت، وأهينت أهلها، وتلطخت كرامتهم، مدنها الكبيرة افتقدت كل وسائل الحياة من ماء وكهرباء وحتى من الرغيف. شباب فقدوا كل أمل في وطن يستوعب آمالهم، فاشتعلت فيهم هلوسة الغضب والنزوح، بعدما أطفِئت في روحهم جذوة الأمل في مستقبل يحقق طموحهم, جراحات ومآسي سوريتنا تتصدر الصفحات الأولى في الصحف ونشرات الأخبار.

 ارحلوا عن سوريتنا, فقد باتت رائحتكم الكريهة تزكم أنوفنا، وما تعرض له السوري نفسياً وجسدياً من احتلالكم ومن أفعالكم وأفعال مرتزقتكم  (رعاع الموت والقتل)، وما يعايشه المواطن السوري يومياً أصبح كابوساً وجحيماً يتجاوز صبر وطاقة البشر.

 ارحلوا عنا ودعونا نصنع خبزنا بأيدينا, ارحلوا عنا ودعونا نتمتع بوهم أن الأيام القادمة ستكون أجمل، فقط ارحلوا عنا ودعوا شعوبنا تضمد جراحاتها بنفسها.

المصيبة الكبرى هي كيف سيرحلون  وأنظمتنا مازالت مغيبة عن شعوبها وعن الحقائق والوقائع, وما زالت ترفض كل جديد؟ ومازالت تتغاضى أو تتلذذ بمشاهد نزف دم زهور سوريا، فلا بيان توضيح منهم، ولا كلمة طيبة تلئم الجروح. ورغم أنهار الدم السوري فهم مستمرون في غض النظر لما يجري في الضفة الأخرى المقابلة لهم, في المدن الثائرة في المدن المنكوبة, في الشمال والشرق من سوريا؛ هل بات الأمر لا يعنيهم فعلاً ولا يحرك مشاعرهم الميتة بهوس السلطان والسلطة ؟

أنظروا لما يجري اليوم في سوريا، أصبح هناك قوى خارجية تتسيد المشهد من خلف الكواليس، وأحيانا على المكشوف، وكلها تتسابق لتحقيق (الضربة القاضية) وإعلان الفوز. والكل له مصالحه وأجنداته، وإذا ما أردنا أن نقرأ المشهد السوري الحالي، وصراعات القوى الخارجية، والتحالفات المعقدة، والتدخلات الأجنبية، واستقراء المستقبل السوري في ضوء التحديات والأزمات، فأننا سنبدأ بالسؤال الذي يشغل عقل المواطن السوري، من هو الفائز من هذه الصراعات والتحالفات؟

بصراحة, ما يحدث في سوريا اليوم هو صراع مصالح بالدرجة أولى، وصراع قوى خارجية مدمرة، لا تأخذ بالحسبان خسائر الوطن الكبيرة والفادحة، لأن الواقع يشير إلى استمرار الأزمات، وترسيخ ثقافة الثأر السياسي، مما سيخلق مستقبلاً يتوالى فيه الصراعات، كما أنها ستنسف آخر مقومات الواقع السياسي الملوث بأمراض التناحر والمصالح، ويزيد حالة اليأس المجتمعي، ويعمق الصورة النمطية للمواطن في عدم جدوى ما يجري من حوارات وتفاهمات وتحالفات وأن سوريا تتجه إلى المجهول أكثر فأكثر.

شعبٌ أصيل وعاشق كالشعب السوري ووطن جميل مثل سوريا، لا يمكن أن يعيش فيه محتلين، وقتلة, وعملاء، يدمرون وطنا من جذوره، ويقتلون أبناءه، وينحرونهم.

نقولها من الآخر، سوريتنا لا تريد إلّا رجالاً تليق بهم، لذلك نقول لكم باسم الشعب الذي قتلتموه: فقط ارحلوا عن سوريا أيها القتلة!

زر الذهاب إلى الأعلى