مقالات

أردوغان على خطى نيرون

ريناس رمو

اعتبر البعض فوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات الأخيرة نتيجة سياسة حكيمة لأردوغان ضاربين بعرض الحائط ما وصلت إليه تركية خلال سنوات حكم هذا الحزب والذي تأسس على مبدأ إسلامي من حركة /ملي جوروش/ ( الرؤية الوطنية ) وسرعان ما تحوَّل إلى حزب إسلامي متشدد برؤية إرهابية حتى أصبحت تركيا ملاذاً للإرهابين في العالم وجماعة الإخوان المسلمين.

بالمقارنة بين تركية قبل استلام السلطة من قِبَل حزب العدالة والتنمية وبعدها نجد التأزم المريب الذي وصلت إليه تركيا من تخبط وانسداد في سياستها وتدهور اقتصادها و خسارة كافة أوراقها السياسية وخاصةً الأوربية منها بعد فقدانها أي أمل بدخول الاتحاد الاوربي وجاء ذلك علناً على لسان يوهانس هان المشرف على المحادثات بين الاتحاد الأوربي وتركيا بشأن قبول عضويتها، والذي أشار إلى أن تركيا دولة تنتهك حقوق الإنسان وخاصة بعد ما يسمى بمحاولة الانقلاب الفاشلة وهذا ما يجعل من تركيا بعيدة كل البعد عن الدخول إلى الاتحاد الاوربي وهذا الشيء أكده الرئيس الفرنسي ماكرون خلال لقائه أردوغان عام 2016 والذي نوَّه خلال مؤتمره الصحفي آنذاك إلى أن تركيا تقوم بعمليات التطهير العرقي؛ كما صرح أردوغان خلال ذلك اللقاء أن تركيا سئمت من المناشدة المتواصلة للانضمام إلى الاتحاد الأوربي وهذا كله يؤكد أن أردوغان وخلال سنوات حكمه هدم كل ما بناه أسلافه من أجل تطوير تركيا ودخولها إلى الاتحاد الأوربي.

ومن الجانب الاقتصادي وما وصلت إليه تركيا من تدهور خلال سلطة حزب العدالة والتنمية وبحسب الارقام والإحصائيات؛ نجد أن هذا الحكم قد أعاد بتركيا عشرات السنين إلى الوراء بل وَضَعَهَا في مأزق اقتصادي حيث سجلت الليرة التركية خلال الفترة الماضية مستويات قياسية من التراجع مقابل الدولار الأمريكي وبلغت التراجعات حدتها خلال الشهرين الماضيين بعدما وصل سعر صرف الدولار الى نحو4073 ليرة تركية وبحسب الأرقام والبيانات التي رصدت فقد قفز سعر صرف الدولار مقابل الليرة التركية أكثر من 140% خلال العشر سنوات الأخيرة.

وبالعودة إلى الجانب السياسي نجد أن تركيا تعيش حالة من الاضطراب الإقليمي والدولي وسرعان ما تتبدد المواقف الحكومية لأروغان وحزبه من أجل إرضاء أي طرف بهدف الضغط على الورقة الكردية وإفشالها بغض النظر عن أي جزء من كردستان وظهر ذلك خلال تصريحات أروغان ضد حكومة بغداد وسرعان ما أرسل وزير خارجيته آنذاك أوغلو  للاعتذار، وكذلك نفس الموقف مع الحكومة الروسية والمظهر المهين الذي ظهر به أردوغان خلال لقائه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين إضافة إلى دعم أردوغان للجماعات الإسلامية المتطرفة والمتشددة المتمثلة بداعش وجبهة النصرة وإخوان المسلمين الذي جاء تأكيده من خلال صحيفة (جمهوريت) والتي نشرت تقريراً عنه عام 2015 يؤكد من خلاله إرسال تركيا أسلحة إلى الجماعات المتطرفة في سوريا؛ كل هذه المواقف  أفقدت تركيا زخمها في حلف الناتو حتى بات الحلف يبحث عن بديل لتركيا وذلك من خلال محاولات نقل قاعدة انجرليك من الأراضي التركية هذه التبدل في المواقف التركية أجبرت حكومتها على الدخول في الأراضي السورية واحتلالها بهدف نقل مشاكلها الداخلية إلى الخارج وبعد الهزائم المتلاحقة  لحلفائها المتطرفين على الأرض السورية وهذا التدخل كان بمثابة آخر أوراق حكومة العدالة والتنمية التي باتت في مهب الريح كون تدخلها في سوريا أصبح مستنقعاً لها ومن الصعب الخروج من هذه الدوَّامة وباتت السياسة التركية مترنحة بين إرضاء أمريكا من جهة وموسكو من جهة أخرى في حين رفض الاتحاد الاوربي هذا التدخل كما طالب وزير خارجية لوكسمبرغ جان اسيلبورن خلال اجتماع لدول حلف الشمال الاطلسي في شهر أبريل الماضي بمناقشة التدخل التركي في سوريا كونه يسبب القلق والتوتر ولا يحترم قيم الديمقراطية على حسب تعبيره مؤكداً أن تركيا بهذا التدخل تقاتل قوات حليفة للتحالف الدولي وهزمت الارهابيين في سوريا.

نجد من خلال كل هذا أن أردوغان جر تركيا إلى حافة الهاوية حتى باتت دولة مستبدة داخلياً ومحتلة ومغتصبة خارجياً وفقدت كافة أوراقها السياسية والعسكرية والدبلوماسية وانهارت اقتصاديا وهذا ما يدركه جيداً الحزب الجمهوري الذي لا يريد تسلّم السلطة في تركيا، وهي على هذا النحو كان دخولها في الانتخابات التركية شكلياً فقط والمعارضة التركية تدرك جيداً أن أردوغان يتجه من السيء إلى الأسوأ.

زر الذهاب إلى الأعلى