حواراتمانشيت

“السؤال المصير” لحسين فقه في الحلقة الثالثة مع الكاتب و الراوائي حليم يوسف*

الحلقة الثالثة

كان لا بد لنا في خضم هذه الأحداث المتسارعة ، والراهن السياسي الخطير ، واللحظة التاريخية والمصيرية أن نتوجهه لباقة من كتابنا ومثقفينا وشخصياتنا السياسية المتعددي المشارب والآراء،  بهذا السؤال المصيري بغية إستقراء الآراء والرؤى، وإستمزاج طرق التفكير، وتشكيل حالة من الحوار المتعدد الخصائص والوظائف إبتداءً من حرية الرأي والتعبير وإنتهاءً بإستخلاص نتائج وعبر قد تفيد مستقبل شعبنا وامتنا الكردية .
ومع الكاتب والروائي حليم يوسف كان الكلام لا يخلوا من تشاؤم العارف وموضوعية المثقف ، بلغة سلسة وإختصار ثر .

المقدمة
لم يشكل ما يسمى ” الربيع العربي ” وتبلوراته  – المنجذبة حيناً والمُستقطًبة حيناً آخر نحو ، ومن قبل الأجندات الإقليمية والدولية ، والذي إمتطاها الإسلام السياسي وحرَفها الإرهاب الإسلاموي – وسطاً ناقلاً لأي إنفتاح ديمقراطي لشعوب المنطقة عموماً  وللكرد – كقضية وجود شعب وأرض –  خصوصاً .
ذلك الربيع الذي طال صقيعه المحرق والمدمر للبلاد والشعوب والأنظمة التي بدلت جلدها ،  وبات أي تغيير ليس سوى إبدل طربوشٍ بطربوش .
وكان من الضروري في زمن التردي السياسي الإقليمي والدولي ومؤدياتها العسكريتارية ، وتزايد موجات – العداءالمباشر والمبطن – للوجود الكردي ، وصمودهم في مواجهة هذه الموجات ، والتي يوحدها تيار العداء للكرد وكردستان  .  والريادة التي يمثلها الكرد في الحرب على الإرهاب والأنظمة ، في ظل الإقتناع الدولي بضرورة التحالف مع الكرد لوقف زحف الإرهاب الداعشي والإسلاموي عموماً –  كان لا بد لنا إذاً أن نسأل سؤالاً واحداً كبيراً يحمل في طياته همموم وإستفهامات وآمال كل الشعب الكردي ، المنهوب سياسياً،  والمنكوب إقتصادياً وإجتماعياً ، والمنقسم أيديولوجياً وحزبوياً ، والموحد في المقاومة والصمود ، وتلقين دروس الإنتصار الكردي عسكرياً على الأرض  لأعداء وجودها .
سؤالٌ كبيرٌ واحدٌ يحتمل التأويل والسرد والإختزال أطرحه بمسؤولية الألم وواجب المثقف حضوراً فاعلاً  في حرب الوجود والمصير، وبدون أن ننسى أننا جزء من الإنسان في المنطقة والعالم ، ولم نبدأ إلا لننتهي بحياة حرة وديمقراطية مبنية على الحقوق والتسامح والتعايش والمصير المشترك .
سؤالٌ كبيرٌ واحدٌ أطرحة على باقة من الشخصيات السياسية والثقافية والأكاديمية لتكوين تصور واضح حول مايفكر به الكرد من خلال شخصياته ومثقفيه وأكاديمييه ، لعلنا بذلك ننير الطريق لشعبنا وفي دواخلنا .
السؤال المصير
مفهوم الأمن القومي الكردي في إطار الوضع الراهن والمستقبلي .
الحرب اللتي يخوضها الكرد في باشوري كردستان ” جنوب كردستان ” وروج آفا ” غرب كردستان ”  والحرب المعلنة على مناطق الدفاع المشروع وحركة حرية كردستان حزب العمال الكردستاني PKK  وأهلنا في باكور” شمال كردستان .
الأحزاب المحورية في كردستان الكبرى ومواقفها من القضايا المصيرية المشتركة .
هل يمكن بناء موقف كردي موحد في ظل تناهب المصالح السياسية والإقتصادية والهيمنة من الدول الإقليمية المغتصبة لكردستان على قررارات الأحزاب الكردية المحورية  ، كل ذالك في إطار المصلحة الكردية العليا .
الدولة التركية ومحاولة الإنقلاب على نتائج إنتخابات 7 تموز والتي فاز بها الكرد على حساب تراجع أصوات حزب العدالة والتنمية ومحاولة أردوغان الإنقلاب على العملية الديمقراطية التي جلبته للسلطة ” كما يدعي ”
هل يمكن البدء بتشكيل هيكلية لحماية الأمن القومي الكردي ؟؟؟؟؟

حسين فقه

حماية الأمن القومي الكردي ترف وأمنيات لكرد رومانسيين
يبدو لي الحديث عن حماية الأمن القومي الكردي في ظل تصارع القوى الأساسية الفاعلة على الساحة الكردستانية نوعا من الترف، أو حديثا عن أمنيات و طموحات لكرد رومانسيين. ان التعقيد الذي خلفته تجزئة الوطن الكردي بين دول متجاورة ومحاصرته التامة من قبل هذه الدول، دون أن يتواجد أي منفذ بحري أو غيره على العالم، أجبر القوى الكردية على التعامل مع هذه الدول التي تتقاسم الوطن الكردي. وغالبا ما يكون هذا التعامل على حساب الكرد الذين يعيشون داخل حدود الدولة التي تتعامل مع هذا الطرف الكردي أو ذاك. و يمكننا التحدث في هذا المنحى عن علاقة الحزب الديمقراطي الكردستاني – العراق مع الدولة التركية وتعاونهما على حساب كرد شمالي كردستان، وعن علاقة حزب العمال الكردستاني في وقت من الأوقات مع النظام السوري، وعن علاقة الاتحاد الوطني الكردستاني بالنظام الايراني. والمثال الأبرز في هذا المنحى هو لجوء الديمقراطي الكردستاني الى النظام العراقي ولجوء الاتحاد الوطني الكردستاني الى النظام الايراني في حربهما ضد بعضهما في منتصف التسعينات، لدى نشوب الاقتتال الأخوي السيء الصيت بين الطرفين. ورغم مرور عقدين على هذا الحدث المؤلم، لا تزال أرضية تكرار مثل هذه التجارب مهيأة في ظل وجود ادارتين وقوتين عسكريتين في كل من السليمانية و هولير. ولازالت الأرضية مهيأة للتصادم بين العمال الكردستاني والديمقراطي الكردستاني في ظل العلاقات القوية بين الديمقراطي الكردستاني وبين النظام التركي وازدياد نفوذ هذا الأخير وتحكمه بمفاصل الحياة الاقتصادية في هولير. ان هذه الأمور ومفرزاتها السياسية تؤدي الى فتح المجال أمام المزيد من الاحتراب والتصارع والتصادم بين هذه القوى الكردستانية الرئيسية التي كانت دائما منحازة لمصالحها الحزبية والاقليمية أكثر مما تنحاز الى المصالح القومية المشتركة. ولدلك تبدو لي طريق الوصول الى البدء بتشكيل هيكلية لحماية الأمن القومي طويلة جدا. وطالما بقي ما هو حزبي سابقا على ما هو قومي ومتقدما عليه، يستحيل الوصول الى هذا الهدف.

*كاتب وروائي كردي ألمانيا

زر الذهاب إلى الأعلى