تقاريرمانشيت

 وقائع تقسيم سوريا في أحدث خطة روسية

التحولات الكبيرة والانعطافات القصوى في المواقف الروسية منذ تدخلها في الأزمة السورية وخصوصاً التباعد والتقارب مع تركيا رغم النظرة المختلفة للبلدين من الأزمة جعلتها في منظور الكثير من المحللين  ومعظم الشعب السوري على أنها تمارس في سوريا سياسة تقسيمية تدميرية لا تهمها سوى النفوذ والمصالح الاقتصادية، إذ احتل الصراع السوري مكاناً محورياً في السياسة الخارجية الروسية التي اتسمت في أولى مساراتها  بفرض موسكو تدخلها العسكري في سوريا لتعزيز دورها وحضورها دولياً ولتجعل من هذا الحضور رقماً صعباً لا يمكن تجاوزه في القضايا الكبرى بما فيها المسألة السورية وتوظيف هذا التدخل تجاه الغرب وأمريكا في وجوب الإقرار بمناطق نفوذ لها على المياه الدافئة.

 التدخل الروسي:

اعتبرت روسيا تدخلها في سوريا تدخلاً شرعياً مستندةً بذلك على الدعوة التي وجهته إليها النظام السوري، وانطلاقاً من ذلك وعَقب الفيتو الذي استخدمته مراراً لنقض القرارات الدولية التي صدرت بحق النظام السوري؛ أمسكت بكامل ملف الأزمة السورية من ألِفَها إلى يائِها حتى بات النظام السوري ومن لفَّ لفيفه على هامش الأحداث التي تحصل على الأرض السورية إلّا في بعض التصريحات التي يبدي فيها فروض الطاعة للخطوات الروسية في قيادة الصراع وتغيير دفته.

النظرة التركية للتدخل الروسي:

اتسمت الأزمة السورية التي اعتبرت من أشد الأزمات الدولية تعقيداً في العصر الحديث بالمواقف المتقلبة اللاأخلاقية والتقارب والتباعد وتصفية الحسابات البينية بين الدول والتي حكمتها جملة من المصالح الاستراتيجية على المَدَيَين القريب والبعيد، فتركيا التي شعرت بمرارة  شديدة من التدخل العسكري الروسي والتي وصلت إلى مرحلة الاشتباك السياسي والدبلوماسي والصِدام غير المباشر في الشمال السوري بينما بلغت الاتهامات الروسية لها بأنها الممول الرئيس والداعم المباشر للتنظيمات الإرهابية؛ باتت من أشد الحلفاء لها، وتقدمت عناصر هذا الحلف والتقارب الروسي التركي في عدة مجالات حيث شهدت العلاقات بينهما زيادة في معدل التبادل التجاري من نسَبٍ ضئيلةٍ إلى مستويات كبرى، وصولاً إلى صفقات الأسلحة ومشروع غاز السيل التركي الذي يساعد في تقوية الحصة السوقية لروسيا في السوق الأوربية، مروراً بمشروع الطاقة النووية.

روسيا تتخلى عن موقفها “وحدة الأرض السورية”:

فرضت العلاقات الاقتصادية الكبيرة التي تتجه إلى أن تتجاوز الــ 100 مليار بين الطرفين، وخصوصاً بعد إسقاط الطائرة الروسية؛ تنسيقاً سياسياً وعسكرياً ظهر جلياً في التخلي الروسي عن نقاط تمركزها في عفرين وإفساح المجال الجوي للطائرات التركية لقصف المدينة تمهيداً لاحتلالها من قبل مرتزقة أردوغان وجيشه، والعمل على تهجير سكانها الأصليين وتغيير ديمغرافيتها ثمَّ اقتطاعها مؤخراً من سوريا ببناء جدار من الصبّات الكونكريتية حولها وعزلها أمام أنظار النظام السوري وروسيا المُمسِكةِ بكامل الملف السوري والتي تدَّعي رفضها لمبدأ «تقسيم سوريا إلى مناطق نفوذ» ــ عندما يتعلق الأمر بمحافظة إدلب ــ ، ولكنها تغض النظر عن اقتطاع عفرين وانسلاخها عن سوريا.

تداعيات التحول في الموقف الروسي والاستنتاج:

تشير الوقائع والمعطيات على أن السياسة الروسية المُتَّبعة في سوريا تدل على التناقض في تصريحاتها الإعلامية والأفعال التي تمارسها على الأرض السورية والتي تدل على أنها تسعى إلى تفتيت سوريا وتقسيمها باقتطاع أجزاء منها (عفرين) وإلحاقها بتركيا بعملية تتطابق بكل المقاييس عملية انسلاخ لواء اسكندرون عن سوريا في سبيل الحفاظ على علاقاتها الاقتصادية مع تركيا والسيطرة والتحكم بخطوط الغاز، وزرع إسفين التصدع في العلاقات بينها (تركيا) وبين أمريكا لتشكيل الحلف الأوراسي الذي تَصبُو إليه على حساب الدم السوري والأرض السورية.

زر الذهاب إلى الأعلى