تقاريرمانشيت

واحة من الفكر المتقدم في خضم الحرب السورية

هل سمعتم عن (روج آفا) المنطقة الكردية المتمتعة بحكم شبه ذاتي في شمال شرق سوريا؟

ربما لا، أو ربما تكونوا قد رأيتم مقالة أو رسالة حديثة في صحيفة The Guardian من آباء بريطانيين انضم أبناؤهم إلى القوات التي حاربت داعش, (كثيرون استُشهدوا) وهم يعاملون الآن كإرهابيين من قبل وزير الداخلية البريطاني، الذي يهدد بسجنهم لفترات طويلة عندما يعودون.

روج آفا (التي تعرف أيضاً باسم الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا) مثيرةٌ للاهتمام للغاية, باعتبارها واحدة من أكثر التجارب إبداعاً في الديمقراطية المباشرة والفيدرالية والاقتصاد التعاوني والمساواة بين الجنسين والحقوق لكل الأعراق (على الرغم من أن الكرد هم الغالبية هناك بالإضافة إلى العرب والأشوريين وغيرها من المجموعات العرقية الأصغر) التي تحدث في العالم، كل ذلك في خضم الحرب السورية والمحاولات الحازمة لداعش لتمديد الخلافة على أراضي روج آفا، وقوات روج آفا قاتلت داعش بعزم كبير، مما أسفر عن استشهاد حوالي 10000 مقاتل, وعلى الرغم من إدراكهم لدورهم المركزي في هزيمة الدولة الإسلامية على المستوى المحلي والدعم الدولي الذي تلقوه، فإن مشروعهم مهدّد من قبل تركيا، وموقف الحكومة المركزية السورية بمجرد انتهاء الحرب غير واضح على الإطلاق, ولم تتم دعوتهم إلى جنيف لحضور محادثات السلام لأن تركيا تعارض ذلك.

ربما يكون نجاحهم على وجه التحديد في خلق نظام السياسة اللامركزية على جيبٍ من سوريا، والمساواة بين الجنسين، والاقتصاد التعاوني الذي يجعل من لديهم ميول استبدادية غير مرتاحين, ويتشارك حوالي 4 ملايين شخص في هذه المشروع الديمقراطي.

(ديفيد غرايبر) أستاذ الأنثروبولوجيا في كلية لندن للاقتصاد قبل بضع سنوات كتب مقالات عن ذلك لصحيفة الجارديان وصحيفة نيويورك تايمز وغيرها من الصحف، ولكن يلقى مشروع روج آفا تجاهلاً إلى حد كبير, مع استثناءات قليلة مثل دعم الحركة التعاونية البريطانية.

كان والد (غرايبر) مع العديد من الشباب الأوروبيين (مثل جورج أورويل) في إسبانيا قد حاربوا الفاشية وجذورها خلال الحرب العالمية الثانية, ويرى (غرايبر) العديد من أوجه الشبه بينهم وبين الشباب المثاليين الذين قاتلوا مع الكرد ضد الدولة الإسلامية, وما رآه هو كيف كانت هذه الحركة الناشئة مستوحاة من تطوير نظام أقرب إلى الاشتراكية التحررية، أو الفوضوية، والمستوحاة من عدد من المصادر, (ديبي بوكشين) (وهي أيضاً مصدر إلهام لعمدة برشلونة آدا كولاو) ونظرية النسوية ، و(عبد الله أوجلان) القائد الكردي الذي يقضي عقوبة السجن مدى الحياة في تركيا.

يقول ديفيد غرايبر:

(بدلاً من مطالبة دولهم بتحمل مسؤولياتها، أرادوا فقط إلغاء الحدود بين الدول تماماً, فالكرد هم سكان منقسمون بين إيران والعراق وسوريا وتركيا, وفكرة أنهم يسعون إلى تمزيق تلك الدول غير صحيحة, فهم تبنوا فكرة الديمقراطية المباشرة من الأسفل إلى الأعلى ونوع من إزالة الحدود.

لدى روج آفا جامعتها الخاصة

لقد استبعد النظام السوري تاريخياً شباب هذه المنطقة من التعليم العالي، حيث قالت (رنا خلف) مؤلفة مقالات عن مؤسسات روج آفا:

إذا أراد الشباب الكردي الدراسة، فعليهم الذهاب إلى حلب.

بنهاية عامها الثاني من الدراسة كان لدى جامعة روج آفا 720 طالباً و 127 أستاذاً، وبحسب (مسعود محمد) المتحدث باسم وسائل الإعلام في الجامعة, والذي قال:

إن معظم الفتيات لا يمكن أن يدرسن لأن الأسرة لا تسمح لهن بالتنقل بين المدن.

ثورة تعاونية تعمل في شمال وشرق سوريا 

يبني شعب روج آفا مجتمعاً قائماً على مبادئ الديمقراطية المباشرة والبيئة وتحرير المرأة، مع التعاون الذي يلعب دوراً مهماً في إعادة بناء اقتصادهم.

وفي باكور أيضاً (المنطقة ذات الأغلبية الكردية في شرق تركيا) يخلق الناس تعاونيات وفق نموذج ديمقراطي مماثل, على الرغم من القمع العسكري المستمر للدولة التركية.

تواجه روج آفا الكثير من الانتقادات، مثل أي بديل وظيفي للرأسمالية، ومستقبلها في مثل هذه المنطقة غير المستقرة غير مؤكد، ولكنها تظهر تضامناً وتظهر نفسها على أنها تمتلك  تأثيراً واضحاً لما يمكن تحقيقه من خلال التزام متطور نحو مجتمع من القاعدة إلى القمة، مما يزيد من الفرص في إلهام أجزاء أخرى من المجتمع السوري في جهود إعادة الإعمار بعد الحرب، وفي أجزاء أخرى من العالم

ترجمة: الاتحاد الديمقراطي عن pressenza

للكاتبة: Silvia Swinden

زر الذهاب إلى الأعلى