حوارات

معاً لمساندة المرأة

تقرير: بيريفان الخليل
تعاني المرأة في واقع مجتمعنا الشرق أوسطي من عدة مناحي ضعيفة ومنها الاقتصادية التي باتت تطرق باب كل امرأة، حيث يحثها هذا الضعف المذكور للتغلب على الواقع المفروض على كافة الأصعدة المتلازمة للاقتصاد، وانطلاقاً من مبدأ أن العمل واجب وحاجة اجتماعية ولكي تكون المرأة في مساواة للرجل، باتت تصنع واقعها بنفسها وتبذل قصارى جهدها في سبيل تطوير اقتصادها لإدارة شؤونها بنفسها. وبهذا الهدف قامت صحيفة الاتحاد الديمقراطي بزيارة ورشة وارشين للخياطة الكائنة في حي قدوربك بمدينة قامشلو للتعرف على حيثيات الورشة، كيفية العمل فيها، أكثر المعوقات التي يتعرضون لها.
فكان لنا عدة لقاءات أولها مع الإدارية في ورشة وارشين للخياطة ليلى عبد الباقي:
بشكل عام يمكننا القول أن المرأة مرت بضغوطات كبيرة وكبت حريتها ومنها حرمانها من العمل، وبما أن المرأة تملك القدرة على العمل في كافة ميادين الحياة وانطلاقاً من مبدأ “العمل حق من حقوق المرأة وحاجة اجتماعية” تم افتتاح ورشة وارشين بمدينة قامشلو بتاريخ الـ 20-2-2013 بناءً على طلب بعض النساء لتنمية مواهبهن وتطوير مقدراتهن التعليمية.
وتطرقت عبد الباقي إلى أن الورشة في بدايتها كانت بسيطة ومقتصرة على حاجات مدنية ومن ثم حققت الورشة تقدماً في عملها فسنحت لنا الفرصة للتوسع شيئاً فشيئاً وعملنا على خياطة ثياب الأسايش ووحدات حماية الشعب ونحن جاهزون دوماً لخدمة وتلبية جميع مستلزمات مؤسسات الإدارة الذاتية الديمقراطية من خياطة وتطريز ثياب العمال وأعضاء المؤسسات وغيرها وأي عمل يستوجب منا تحقيقه نحن مستعدون لتلبيته، رويداً رويداً توسعت الورشة من ناحية الإمكانات والتقدم في العمل حتى تجاوز عدد الأيدي 11عاملاً ثابتاً ثلاثة منهم يعملون على آلة التطريز “ماكينة الخاصة بالتطريز” وثمانية منهم خياطين وهذا العدد ملائم لورشتنا المتواضعة كون العمل محدود ومتواضع.
وتابعت عبدالباقي: مع الأيام المقبلة بتعاون ورشتنا مع الورشات الأخرى والمؤسسات وتطورها، حينها سنزيد من عدد العمال بشكل يتلاءم مع نسبة الطلبات المقدمة إلينا الذي يتناسب طرداً مع الامكانيات.
وأضافت عبدالباقي خلال حديثها آلية العمل في الورشة وكيفية الحصول على الأقمشة: نحصل على المواد الأولية من الأقمشة والكلفة من السوق، بالإضافة إلى أن أوقات الدوام من الساعة الثامنة إلى الساعة الخامسة، ونحن دائماً على تواصل مع السوق حيث الطلبات بكميات كبيرة ولا نتعامل مع القطع الفردية وذلك تفادياً للوقوع في المطبات وإثارة الحساسية بين العمال باعتبار أن الورشة هي أسرة يعمل جميع العمال معاً ويعطلون معاً حيث التوزيع المتساوي للقطع وعلى إثرها توزيع المتساوي للرواتب فيما بين العمال حسب القطع، وهنا نود أن نذكر أن الرواتب غير ثابتة وطبعاً هي حسب العمل أو الطلبية ونحن بدورنا لا نتدخل في توزيع الرواتب حيث يتم توزيع العمل بين العمال بشكل مجموعات لأن هناك مساعدين متدربين جدد، وهنالك خياطين رسميين ونحن كإداريين الورشة لا نتدخل بتاتاً في توزيع الرواتب هم -العمال- يتقاسمونها فيما بينهم.
كما قالت عبدالباقي في هدف الورشة والممول لها: دعمنا الاقتصادي وتمويلنا كان في البدء من تنظيم اتحاد ستار النسائي الذي يهدف إلى سد احتياجات المرأة وتخفيف نسبة البطالة وتقوية المرأة اقتصادياً ونحن في الورشة لا نسعى منها كسب أرباح طائلة وفوائد ضخمة إنما إدارة الشعب بشكل معتدل والقدرة من تخفيف معاناة الشعب ككل والمرأة على وجه الخصوص.
وأشارت عبدالباقي خلال حديثها إلى بعض النقاط الهامة التي تعيق العمل ضمن الورشة ألا وهي أن البضائع التي تصدر من الورشة هي من النخب الأول وهذا لا يتناسب مع دخل الفرد في منطقتنا وبالإضافة إلى إقبال الشعب إلى ملابس البالية كونه يعاني من تضارب بين الدخل والاستهلاك، فهذا ما أدى إلى تراجع عمل الخياطة بشكل عام كون أن القطعة المخاطة تكلف كثيراً، والدولار يلعب دوراً بارزاً في التحكم بالبضائع حيث أن التجار يضعون الأسعار حسب الدولار وهذا يؤدي إلى استغلال الشعب وعمل الورشات.
وأنهت ليلى عبدالباقي حديثها بالقول: توسيع الورشة أحد أهم أهدافنا الأساسية التي نعمل على تحقيقها كوننا في حالة حرب وحصار لا نستطيع تلبية ذلك وبالسرعة الفائقة.
من خلال تجوالنا في الورشة التقينا بالعديد من العمال وطرحنا عليهم العديد من الأسئلة حول ماهية العمل في الورشة والعلاقات بين العمال ضمن سياق عمل الورشة، وكان لنا لقاء مع إدريس محمد من سكان منطقة عفرين عمله خياط وعامل المقص الكهربائي، تحدث عن وضع العمل قائلاً: “أنا أعمل هنا قرابة الشهرين وألاحظ حسب تاريخ عملي بشكل عام هناك تقدم من ناحية العمل لكن نفتقر إلى الأيدي العاملة لأن المبتدئين يحتاجون إلى التدريب أكثر لكي يتقدموا إلى المستوى المطلوب، هذا ما نعاني منه كون الوقت والجهد تخصص للمتدربين ولو استغل ذلك لكان سيحقق النتائج المرجوة، ونعاني أيضا من نقص الأقمشة ومستلزمات الخياطة والكلفة بشكل عام، لكن هناك تقدم من الناحية الإنتاجية ومن ناحية تصنيع الموديلات أن كانت قطنية أو غير ذلك، وفي الختام أود الإشارة إلى نقطة هامة ونطالب الوقوف عليها هو تحكم السوق في العمال بالدرجة الأولى ومن الشعب كون أننا لا نحصل على كدحنا وهذا ما يعد الخروج من قانون البيع والشراء.
وكان لقاءنا الأخير مع نورهان عبد الله العاملة في الخياطة إلى جانب التصميم: في البداية أشكر قدومك إلى ورشتنا، أنا أعمل كمشرفة على العمال بالدرجة الأولى ومصممة موديلات وقصها على المقص الكهربائي، وأقوم بتدريب العمال الجدد خطوة بخطوة، إننا هنا كأسرة لا أجد أية صعوبة في الورشة فالجميع متعاونون، لكن الشيء الذي يؤلمني والذي يعيق سير العملية الإنتاجية احتكار التجار في الأسعار، لذا أناشد عن طريق صحيفتكم جميع النساء اللواتي لديهن إمكانية العمل بتوظيفها في خدمة الشعب، ولا نريد أن تبقى المرأة أسيرة المنزل فبالإرادة القوية نحصل على كل طموحاتنا، لكن ذلك يتطلب بذل المزيد من الجهد في سبيل تحقيق الغايات المرجوة.
أن مثل هذه المشاريع له فوائد كبيرة ومتعددة على المجتمع بأكمله، كونها تساهم بشكل فعال في تطوير الجانب الاقتصادي لدى المرأة الذي بفضله تتمكن من أن تدير حياتها حسب ريادتها ارتباطاً ببناء شخصية المرأة الحرة القادرة على تخطي جميع التحديات ومجابهة كل الصعوبات.
المرأة اقتصادياً باتت تزيد بقليل من نصف النسبة العامة كون مساهمتها على المستويات المعيشية للنشاط الاقتصادي لا تزال أقل بكثير من المستوى المطلوب، ذلك لأن عمل الرجل يتضمن بشكل نموذج استخدام القوة والعمل بالخارج، إلا أن الرجل في بعض الأوقات لا يستسيغ هذا الشريك الجديد على الساحة وينظر لها في المرتبة ما فوق الدونية بقليل وذلك لأسباب اجتماعية وقبلية والفروق بين الجنسين لكنها تحاول كسر هذه القاعدة والنظرة جاهدة من خلال نضال تصعده في المجال الاقتصادي.

زر الذهاب إلى الأعلى