ثقافة

ماهر جايان يُستَذكر في قامشلو

calaki-%e2%80%ab2%e2%80%ac calaki-%e2%80%ab%e2%80%ac calakiتحت شعار “القتال حتى التحرير” نظم الحزب الجبهوي لإنقاذ الشعب التركي وبالتعاون مع اتحاد مثقفي مدينة قامشلو ندوة ثقافية، استذكاراً للمناضل ماهر جايان وذلك في مركز محمد شيخو للثقافة والفن بمدينة قامشلو، بحضور عضوي المجلس العام لحزب الاتحاد الديمقراطي PYD بشيرة درويش وسيهانوك ديبو، والعشرات من أعضاء الاتحاد ووحدات حماية الشعب والمرأة والكردستانيين.

بدأ الاستذكار بالوقوف دقيقة صمت على أرواح شهداء الحرية ثم عُرض سنفزيون عن المناضل ماهر جايان ونضاله، ثم ألقيت كلمة حول المناضل ماهر جايان باللغّة: العربية القتها نجلاء خلف، وباللغة الكردية ألقاها  ندال دورشين، وباللغة التركية القتها اردا جايان وجاء فيها:

كان حديثنا يدور حول الثورية والثوار ومدى صدقهم في تبني قضيتهم والدفاع عن شرعيتها في عملهم وأخلاقهم وحياتهم، وتبادر إلى ذهننا المناضل الثوري الذي نشر حبه لثوريته في قلوب الآخرين وفقد حياته في سبيل أفكاره التي دافع عنها حتى آخر رمق، وهو القائد الشيوعي ماهر جايان، فمن يكون ماهر جايان؟

هو القائد الشيوعي الثوري التركي من مواليد عام 1945 في مدينة سامسون على البحر الأسود، درس في جامعة اسطنبول كلية الحقوق والعلوم السياسية، تأثر كثيراً بالفكر الشيوعي الذي كان منتشراً بين طلاب الجامعة آنذاك، شارك في منظمة الشباب الثوري التي خرّجت العديد من القيادات الشيوعية.

رفض الفكر الشيوعي المنبثق من المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفيتي الذي عرف بالتحريفية السوفيتية وتأثر بأطروحات الكفاح المسلح فأسس في عام 1971 حزب جبهة التحرر الشعبي التركي بتوجهات ماركسية لينينية مناهضة للتحريفية تعتمد على الأطروحات الفكرية لماركس وانجلس ولينين وماوتسي تونغ وتشي غيفارا وغيرهم من قادة الفكر والكفاح الشيوعي، وقد تبنى التنظيم الكفاح المسلح في المدن والأرياف كاستراتيجية لإسقاط النظام التابع الذي وصفه ماهر جايان مستخدماً الوصف الماوي للدول التي تدين بالولاء والتبعية لدولٍ وقوى دولية بالشبه المستعمرة، ولأنه وجد في ذاته مدافع عن قضايا كل الشعوب المضطهدة وحمل على عاتقه الحرب ضد كل هذه القوى التي تجعل من الشعوب أرضاً وتزرع في نفوسهم بذور العبودية لتكبر فيهم على مر الأيام ويجنوا حصاد ولائهم، ولهذا وفي نفس العام أي 1971 قام مقاتلو الجبهة باختطاف القنصل الاسرائيلي في اسطنبول ومن ثم إعدامه مدافعاً بذلك عن الشعب الفلسطيني المضطهد تحت طغيان الاسرائيليين تارة ومحاربة الرأسمالية التي تمتد لتغزو حرية الشعوب تارة أخرى، فقامت القوة الأمنية إثر ذلك بحملة للقبض عليه وقد حاصرت مكان تواجده من خلال إطلاق النار عليه وجرحه وليتم أسره.

أثناء محاكمته، جُلب شهود الادعاء، كان من بينهم طفلة لا تتجاوز العشرة أعوام كانت من بين ساكني الشقة التي احتمى فيها القائد الشيوعي ماهر جايان خلال حصاره فأفادت حرفياً: “عمو ماهر طلب مني الاختباء بعيداً كي لا أصاب بأذى، لقد كان عمو ماهر طيباً جداً ولم أكن خائفة منه أبداً”، فإن دلّت شهادة هذه الطفلة البريئة على شيء إنما تدل على إنسانية هذا القائد الذي كان همه الوحيد هو رفع الظلم عن كل مظلوم.

وبعد ذلك هرب ماهر جايان من السجن، هذا وكان قادة الانقلاب العسكري قد نكَّلوا بالقوى الماركسية الثورية ومن بين من طالتهم يدُّ العسكر القائد الشيوعي الماوي دنيز غوزميش الملقب (كيفارا التركي) مؤسس جيش التحرير الشعبي التركي التابع للحزب الشيوعي التركي (الماركسي واللينيني) حيث تم القبض عليه هو ورفاقه وحُكِموا بالإعدام وفي محاولة من القائد ماهر جايان لإنقاذ دنيز غوزميش قام هو ورفاقه باختطاف ثلاثة خبراء عسكريين بريطانيين تابعين للناتو، مطالبين بتبادلهم مع رفاقهم الثلاثة المحكومين بعد أربعة أيام من تحديد موقعهم قامت القوات الخاصة التابعة للجيش التركي بالهجوم على الموقع، ووقعت اشتباكات حادة في قرية (قزل دره) حيث طلبت القوات الخاصة منه الاستسلام فرفض وقال مقولته التي خرجت من أعماقه فكتب بها تاريخ جديد: (لم أتي هنا لأرجع إنما لأحرر)، فقتل كل من كان موجوداً في ذلك الموقع ورفض ماهر جايان الاستسلام، حيث قاتل حتى استشهد على يد القوات التركية ليصبح رمزاً لليسار التركي الثوري ومن هنا جاءت رمزية جايان لدى اليسار وأصبح رفض الاستسلام منذ تلك اللحظة من تقاليد اليسار الثوري في تركيا عندما اغتيل القائد ماهر جايان انتهت فعلياً منظمته إلا أن الخط الذي خطاه قد أنجب عشرات من التنظيمات التركية المقاتلة أبرزها اليوم حزب جبهة التحرر الشعبي (THKP-MLSBP) وهكذا استشهد  جايان في سبيل إنقاذ قائد منظمة شيوعية ثورية مقاتلة أخرى يفترض بها أن تكون (المنافسة) فأظهر بذلك صدق إيمانه بالقضية التي يقاتل من أجلها واضعاً إياها فوق كل الاعتبارات كما أثبتت أن المسألة الأولى في الثورة هي مسألة الخط الثوري التي تأتي قبل كل شيء فبالرغم من تحطيم حزبه إلا أن فكره بقي، وخرجت تنظيمات بالعشرات تحمل فكره وتتبنى الكفاح المسلح إلى درجة استدعت القيام بانقلاب عسكري آخر بعد تسع سنوات فقط.

واليوم يعتبر الشهيد جايان أحد أعمدة اليسار التركي إلى جانب الشهيدين (دنيز غوزميش وابراهيم كايبك كايا).

زر الذهاب إلى الأعلى