ثقافةمانشيت

لا يمكن حجب الشّمس بالغربال (عفرين كرديّة وستبقى كرديّة)

التّغيير الدّيمغرافي وتهجير السّكان ونهب الآثار لا يخفي الحقيقة الثّابتة: (عفرين كرديّة ولها أصحابها).

الأصل الكردي لعفرين يعود إلى سنة 3000 قبل الميلاد, حيث كانت منطقةً ضمن الجّغرافيا التّابعة لمملكة (آلالاخ) الكرديّة.

ظهر(الهوريّون) في المنطقة في الألف الثاني قبل الميلاد, والّذين أطلق عليهم الإغريق اسم (الهكسوس), وقد سيطر الهوريّون على المنطقة وأسّسوا مملكة (ميتان) فأصبح اسمهم (الميتانيّون ), نسبةً إلى الدّيانة الميتانيّة وإلهها (ميثرا) وهو اسم لملاكٍ لاهوتيّ زردشتي, ويمثّل في الدّيانة الزرادشتية حامي الحقّ و حارس الماشية و الحصاد و المياه.

سقطت المنطقة سنة 1527 ق م تحت الاحتلال الفرعوني على يد الفرعون (تحوتمس), لكنّ  الهوريّون ثاروا عليه وطردوه, وعاد الفراعنة واحتلوّها سنة1482 ق م, ودام حكمهم مائة عامٍ, بعدها ثار الميتانيّون ونالوا الاستقلال, وفي سنة 1194 ق م سقطت المنطقة على يد تحالف المهاجرين القادمين من مناطق الفرس وهم : (الآشورييون و الفريجييون والفلستينييون والكيميريون), ولمواجهة هذا الخطر ومع احتفاظ كلّ مملكةٍ باستقلاليتها, اتّحدت الممالك الكرديّة( الماديّون والميتانيّون و أوراراتو و سكيت), وتمّت تسمية هذا الاتّحاد بالكوتيّين, الذين هم نفسهم الميديّون الّذين انشأوا الحضارة الميديّة.

وفي سنة612 ق م  قام الميديّون بطرد ودحر الآشوريّين من المنطقة, وبعد تلك الحقبة انتشر الأخمينييون سنة540 ق م  وسيطروا على المنطقة حتّى مجيء الاسكندر المقدوني سنة 330 ق م , وبعد وفاة الاسكندر انقسمت مملكته إلى ثلاث دولٍ, إحداها كانت الدّولة السلوقية نسبة إلى نائب الإسكندر (سلوقس نيكاتور) الّذي اتّخذ من سيروس ( النّبي هوري ) عاصمةً لدولته.

وفي سنة 64 ميلادي جرت المعارك بين الروم والفرس الّذين كانوا يحكمون المنطقة, في محاولةٍ للرومان من أجل السّيطرة على قلعة (سمعان), وعندما شعر الفرس بقوّة الرومان قاموا بحرق عفرين بأكملها مع قلاعها وغاباتها وحولوها إلى مجرّد خراب.

احتلّ المسلمون المنطقة سنة  636 في زمن عمر بن الخطاب بقيادة أبو عبيدة بن الجراح, وفي عام 994 ميلادي جرت معارك قويّةٌ في باصوفان وقسطل جندو و برصايا وليلون بين البيزنطيّين الذين كانوا مسيطرين على المنطقة وبين سيف الدولة الحمداني الّذي استولى على حلب وبدأ بالزحف نحو الشّمال.

-عام 1001 سيطر الفاطميين على قلعة سمعان وما حولها

-عام 1128 سيطر عماد الدين زنكي على المنطقة

– عام 1145 سيطر عليها الصليبيّون بقيادة جوسلين الثاني

-عام 1175 بدأ الحكم الأيّوبي فيها حتّى مجيء هولاكو عام .1258

بعدها احتلّها العثمانيّون.

واليوم وبعد أن احتلّت تركيا ومرتزقتها عفرين, وترسيخاً لعمليّة التّغيير الدّيمغرافي الّتي تمارسها, ومن أجل محو وإلغاء التّاريخ الكردي لعفرين, قام الاحتلال التركي والمرتزقة بالتّنقيب عن الآثار وتهريب حوالي 16 ألف قطعةً أثريّةً من سوريا وخاصّةً من عفرين، وهذه القطع موجودةٌ لدى مديرية الآثار التركيّة بحسب المدير العام للآثار والمتاحف في سوريا (محمود محمد) الّذي أشار بأنّ كلّ المتاحف العالميّة باتت تحوي آثاراً سوريّةً تمّ الحصول عليها عن طريق التّنقيبات غير الشّرعيّة والتهريب, وتداولها التّجار خلال الفترة الماضية.

وبحسب اتّفاقيّة (لاهاي) لحماية الممتلكات الثّقافيّة في حالات النّزاع المسلّح (14 مايو 1954) والّتي تنصّ على ضرورة ضمان حماية الممتلكات الثقافيّة (الممتلكات المنقولة أو الثابتة ذات الأهميّة الكبرى لتراث الشّعوب الثّقافي) كالمباني المعماريّة و الفنيّة والتّاريخيّة و الدينيّة و الأثريّة, كما تتضمّن الاتفاقيّة بنداً خاصّاً في حالة الاحتلال، والّذي ينطبق على حالة الاحتلال التّركي لعفرين, ونصّه هو:

على الأطراف الّتي تحتلّ كلاً أو جزءاً من أراضي أحد الأطراف الأخرى تعضيد جهود السّلطات الوطنيّة المختصّة في المناطق الواقعة تحت الاحتلال بقدر استطاعتها في سبيل وقاية ممتلكاتها الثّقافية والمحافظة عليها.

وهو الأمر الّذي تخرقه تركيا كخرقها لجميع المعاهدات والمواثيق الدّوليّة.

وبحسب المرصد السّوري لحقوق الإنسان يتمّ تصريف الآثار والتّماثيل والذّهب وغيرها الّتي تُستخرج وتُنهب من منطقة عفرين عبر طريقين رئيسيّين أحدهما إلى تركيا ومنها إلى دول أوروبيّة وغربيّة، وثانيها نحو لبنان ومنها إلى دولٍ أوروبيّة، وفي بعض الأحيان يجري التوجّه إلى دول آسيويّة، والّتي نشطت فيها عمليّة الإتجار بالآثار السّوريّة، إضافة لنقلها إلى صربيا وروسيا وإلى أيدي مافيات عالميّة، تمتهن هذا النوع من التّجارة

ففي قرية بعدينا التّابعة لمنطقة راجو في عفرين، قام المسلّحون بنهب وسرقة آثار قريتي (سيويا وكتخ) التّابعتان لناحية ماباتا بهدف القضاء على الإرث التّاريخي لهذه المدينة, حيث قام المرتزقة باقتلاع العديد من أشجار الزّيتون في قرية (سيويا) وقاموا بحفر عدّة مواقع بآلياتهم بحثاً عن الآثار, وحفروا الأراضي الواقعة بالقرب من محطة القطار في (كتخ) ، من أجل نهب كافّة الآثار الّتي يتمّ استخراجها من المنطقة وبيعها في تركيا.

كما قام الاحتلال ومرتزقته بحفر موقعٍ لضريح القديس (مارمارون) في قرية (براد) حيث نهبوا وسلبوا المقتنيات والقطع الأثريّة الموجودة في الكنيسة، وبعد ذلك قاموا بتخريبها, وتعتبر هذه الكنيسة مكاناً مقدساً يحجّ إليها العديد من أتباع الكنيسة المارونية المقيمين في لبنان وغيرها من البلدان(الموارنة), ودمّر المرتزقة مركز اتحاد الأيزيدين في عفرين, وقاموا بتفجير تمثال (زرادشت) الّذي يُعتبر الأوّل من نوعه في الشرق الأوسط.

مهما حاول الأتراك لن يستطيعوا إخفاء حقيقة أنّ عفرين مدينة كرديّة, وسيطرتهم عليها مؤقّتة, لأنّ لها أصحابٌ سيحرّرونها ويعودون إليها.

إعداد: عامر طحلو                              

زر الذهاب إلى الأعلى