مقالات

عن التعليم والتعلم بلغة الأم

تندرج الحقوق الثقافية ضمن حقوق الانسان التي من الواجب على الإدارات والأنظمة أن تحترمها إذا ما أرادت احترام حقوق الإنسان.

 تحدد الحقوق الثقافية بأنها استمتاع كل شخص بالقدرة على التعبير عن نفسه وممارسة نشاطاته ونشرها باللغة التي يختارها وخاصة بلغته الأصلية “الأم” وأن لكل شخص الحق في تعليمٍ وتدريبٍ يواكب العصرَ ويُحترَمَ هويَّته الثقافية احتراماً كاملاً.

في الوقت الذي كان فيه من أول الأهداف التي سعت إليها الحركات الكردية منذ نشوؤها إلى يومنا هذا، والتي بات عمر بعضها تزيد عن نصف قرن ,هي المطالبة بالحقوق الثقافية للشعب الكردي، واليوم وبعد أن أصبحت الفرصة متاحة لهذا المطلب بل تحققت بفضل دماء شهدائنا؛ نجد  و للأسف الشديد أن بعض القوى، ولدواعي ومبررات مختلفة يطغى عليها السياسي والأيديولوجي على العلمي والمنطقي تتنصل من إعطاء موقف إيجابي من هذه الخطوة.

من هنا نتساءل على أي منطق يعتمد هؤلاء في الحثِّ على مقاطعة المدارس التي يتم فيها التعليم  وفق مناهج الإدارة الذاتية الديمقراطية, ولماذا هذه السلبية تجاه هذا الإنجاز  وغيرها من الإنجازات التي تحققت في ظل التعددية الثقافية والسياسية والتي يصعب أن يتواجد نظيراً لها في الشرق الأوسط  والمنطقة والعالم؟.

بدأ بعضهم باللغط والمزايدات وإثارة الغبار حول التعليم وفق مناهج الإدارة الذاتية الديمقراطية والذي برهن على حضوره المتوهج في الوجدان المجتمعي لكافة مكونات الشمال السوري. متناسين أن ما يحققه هذا الإنجاز من تعزيز وحماية حقوق الأشخاص المنتمين إلى أقليات قومية أو أثنية وإلى أقليات دينية ولغوية يسهمان في الاستقرار السياسي والاجتماعي للمجتمع الذي يعيشون فيه، تحت مظلة ديمقراطية تستند إلى التعايش والتشارك.

الأمر الذي من شأنه أن يسهم في تدعيم الصداقة والتعاون فيما بين الشعوب والمكونات جميعها.

حرصاً من الإدارة الذاتية الديمقراطية على حماية اللغات الأصلية لمكونات المجتمع وخاصة في الشمال السوري من الاندثار والانقراض ، و ضرورة إعادة الاعتبار لها, اتفقت على وجوب توجيه التربية والتعليم إلى الإنماء الكامل للشخصية الإنسانية، وإلى توطيد احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية. واتفقت كذلك على وجوب استهداف التربية والتعليم لتمكين كل مكون من الإسهام في دور نافع في مجتمع حر، وتوثيق أواصر التفاهم والتسامح والصداقة بين جميع المكونات.

 يمكن أن نقول بكل تأكيد أن ثمة تطور في تعاطي مكونات المجتمع السوري وخاصة في الشمال السوري مع هذه الخطوة.

ففي المرة الأولى من تاريخ سوريا بدأت مكونات المجتمع السوري بكرده وعربه وسريانه وغيرهم بالسير في الاتجاه الصحيح؛ فبدأت بالتعليم والتعلم كلٌ بلغته وممارسة ثقافته وعاداته وبحسب ما يتوافق مع مجتمعه, في موديلٍ يُعتبر الوحيد والمتقدم في الشرق الأوسط والمنطقة, وهو موديلٌ للحل, الحل الذي يجد فيه الكل حريته في التعليم والتعلم بلغته الأم.

فلنعش أحراراً في مجتمعاتنا …

زر الذهاب إلى الأعلى