تقاريرمانشيت

عفرين تنتفض على مستوى العالم

تحقيق: بدران الحسيني

للمقاومة اشكال عديدة في استرجاع الحقوق فلا يخفى على أحد المقاومة الباسلة التي ابديت في عفرين مدة 58 يوماً وكان يواكب هذه المقاومة وسائل الاعلام العالمية والمحلية وجميع شبكات التواصل الاجتماعي التي عملت وما زالت تعمل على فضح وكشف الموبقات التي  تحصل في عفرين من الدولة التركية، وكان يقابل ذلك صمت دولي مريب مَبنِيٌّ على المصالح تجاه هذه الموبقات والانتهاكات التي تخالف كل الأعراف، وبعيدة كل البعد عن الأخلاق الانسانية إضافة إلى ذلك وما يدعو للاستغراب صمت الشارع الغربي الذي تلازم مع مسار صمت دولهم وهذا ما دعا الساسة الكرد إلى اتباع سياسة حكيمة باتباع سياسة تحريك الرأي العام العالمي والغربي خصوصاً، للضغط على حكوماتهم لاتخاذ مواقف صارمة وقوية تجاه الاحتلال التركي الذي يعمل على التغيير الديمغرافي في عفرين وكل المدن السورية التي احتلتها تركيا وفي مقدمتهم عفرين فكانت الدعوة إلى انعقاد المؤتمرات والملتقيات وآخرها المنتدى الدولي حول التطهير العرقي والتغيير الديمغرافي في عفرين من قبل الدولة التركية الذي انعقد في مدينة عامودا بتاريخ 2ــ 3ــ 4/12/ 2018م، وحول هذه النقاط وكيفية جلب تركيا إلى المحاكم الدولية وكيفية الاستفادة من أخطاء التاريخ الكردي ونقاط أخرى مختلفة وماذا يترتب على حقوقيِّي ومثقفي الكرد تجاه تحريك الرأي العام العالمي؛ عملت صحيفة الاتحاد الديمقراطي على جمع بعض الآراء المشاركة في المنتدى والتي صبت كلها في التحقيق التالي إجراء التحقيق التالي.

توماس شتيندكر استاذ العلوم السياسية والمُحاضر في جامعة فيينا:

من المهم جداً أن نعيد موضوع عفرين للجمهور الأوروبي

بهذه الكلمات افتتح توماس شتيندكر حديثه لصحيفة الاتحاد الديمقراطي مستكملاً بالقول: نحن نعرف أن السياسة الأوربية و الدولية لا تعتمد على المشاعر إنما تعتمد على المصالح؛ فالجناح اليميني الراديكالي في أوربا دائماً يعتمد على الخوف من اللاجئين وتدفقهم نحو أوروبا ولاسيما أن تركيا لديها ثلاثة ملايين ونصف المليون وتستطيع إرسالهم إلى أوروبا والجناح اليساري ما زال ضعيفاً ولا يستطيع التأثير على السياسة العالمية وأنا لست بمتفائل في المدى القريب أن تغير أوروبا سياستها تجاه اللاجئين السوريين لتتخلص من هاجس التهديدات التركية لها وإلى جانب ورقة اللاجئين هناك علاقات اقتصادية قوية بين تركيا والدول الأوربية وتستطيع التأثير عليها فلا يمكننا أن ننسى أن الدبابات الألمانية الصنع هي من أوائل الدبابات التي دخلت عفرين.

الجانب الآخر أن تركيا استطاعت بحكم تأثيرها القوي على جاليتها في الدول الأوربية أن تحركهم حسب مصالحها فعندما بدأت الحرب في عفرين بدأنا نرى الأتراك يصلون في جميع المساجد يدعون الله كي تنتصر تركيا في حربها ضد عفرين وحتى وزارة الأوقاف هناك، وحتى في مساجد جميع الدول الأوربية الأتراك كانوا يصلون هذا يعني مدى التأثير التركي خارج حدودها.

 فيما يخص الشعب الأوروبي وليس اليساريين فقط بل حتى عامة الشعب يتعاطفون مع الشعب الكردي ويؤمنون به، ومعجبون بثقافته ونمط الحياة الذي يعيشه الكرد، وكونه قوة علمانية يحارب داعش.

الرأي العام الأوربي له تأثير كبير على السياسة الأوربية ففي مرحلة كوباني الرأي الشعبي العام قد أثَّر على السياسة الأوربية لذلك تدخلت الدول الأوربية لتحمي كوباني، ومن العار على المجتمع الدولي أن يظل صامتاً حيال ما يجري في عفرين

  لذلك أنا ألّفتُ كتاباً وكان الهدف منه هو التأثير على الرأي العام الأوربي لأن العديد من الشعب الأوربي لم يعرف بأن عفرين موجودة على الخارطة السورية، ولذلك عندما قال اردوغان أن غالبية الشعب في عفرين ليسوا كرداً؛ الرأي العام الأوربي صدق هذا الشيء لأنه لا يعرف شيئاً عن عفرين، وهذا ما دفعني لأكتب عن عفرين وعن تاريخ عفرين وما حدث في عفرين من تطورات قبل الحرب وبعدها لأجعل الناس تعرف ما هي عفرين لذلك من المهم جداً أن نعيد موضوع عفرين للجمهور الأوربي ليشكل ضغطاً على الدول الأوربية لنستطيع جلب تركيا إلى المحكمة الاوربية لحقوق الانسان وبالطرق القانونية ومحاسبتها على هذه الانتهاكات في عفرين.

الكرد يربحون عسكرياً دوماً لكن عليهم قراءة المتغيرات الإقليمية والدولية جيداً في السياسة.

الدكتور جواد البيضاني مدير المعهد العراقي للدراسات الكردية:

في الحقيقة إذا نظرنا إلى تاريخ الكرد منذ بدايات القرن العشرين في شمال كردستان وجنوبها وشرقها وغربها نرى أنهم حققوا نجاحات كبيرة عسكرياً ولكن للأسف كان يقابل هذا النجاح اخفاق سياسي بسبب عدم قراءة الاوضاع العامة والمتغيرات الحاصلة إقليمياً ودولياً من اتفاقية لوزان وسيفر وما تلاهما من متغيرات في المنطقة إلى وقتنا الحاضر بشكل جيد.

ولا ننسى أيضاً أن الجانب الديني ورجال الدين لعبوا دوراً سلبياً في القضية الكردية فعلى سبيل المثال الدولة التركية العثمانية استقطبت الشيخ محمود الحفيد من الناحية الدينية عندما دخل البريطانيون العراق، و وقف إلى جانب الدولة العثمانية، ونسي هذا الشيخ كل التبعات التي ارتكبها العثمانيون بحق الكرد وقضيتهم

إذاً رجال الدين لعبوا دوراً كاملاً في الاخفاقات التي صاحبت النجاحات العسكرية وحققت فشل سياسي فتركيا كادت أن تنهار لولا وقوف الكرد إلى جانبها

ربما كان هناك وجهة نظر صائبة في هذا التوجه لكن استُغِلّتْ وجهة النظر هذه بشكل سلبي.

على الكرد أن يعوا بأن مصلحتهم تكمن في وحدتهم وللأسف إلى الآن لم نرَ هذه الوحدة بينهم لأننا نرى هذا التفرُّق على أرض الواقع ونعاينه يومياً ــ أي وحدة وأي مصلحة عليا هذه إذا كانت ورقة العبور أو ورقة الدخول من قِبل السلطات في السليمانية غير صالحة في أربيل؟؟ ــ

 فهذه الخلافات والمناكفات تنعكس سلباً على المواطن الكردي وهي سبب رئيسي في الاخفاقات السياسية والقرارات غير الدقيقة والصائبة، ولذلك يجب دراسة القرارات من كل الجوانب بصورة دقيقة كي يحقق الساسة الكرد قدر المستطاع الفائدة لمواطنيهم.

وتابع البيضاني:

استراتيجيات تركيا مبنية على ما بعد اتفاقية لوزان

نحن نعلم أن للدولة التركية استراتيجيات ثابتة وسياسات متحولة وهذه الاستراتيجيات مبنية على ما بعد اتفاقية لوزان التي تضم الموصل التي تشمل ( كركوك دهوك السليمانية والموصل الحالية) وحلب التي فيها نسبة كبيرة من الكرد؛

إذاً ليس من مصلحة الدولة التركية أن يتزايد عدد الكرد على حدودها وخصوصاً إذا كانوا على تماس مباشر مع كرد تركيا لأن ذلك يسبب في تزايد عدد الكرد إلى نسبة كبيرة، ولهذا نرى أن تركيا تقوم بتهجير الكرد من عفرين والهدف الأبعد لتركيا من احتلال عفرين هو أن عفرين هي المنفذ على البحر المتوسط وبالتالي إذا حقق الكرد بفعل السياسة الحكيمة التي يتبعونها الآن مع قوات سوريا الديمقراطية  ووصلوا إلى البحر فسوف يشكلون خطراً عندئذ في قيام كيان أو نموذج دولة بسبب وجود عوامل الاقتصاد والأرض والمنفذ البحري

لهذه الأسباب مجتمعة تركت تركيا كل سياساتها في سوريا وقدمت تنازلات تلو الأخرى وساومت وقايضت الدول الكبرى لتحتل عفرين، وعلى كل الأحرار في العالم أن يدركوا بأن قضية عفرين إنما ليست قضية عفرين فقط؛ بل هي قضية كردية وإنسانية ودولية لكل الأحرار.

 جلال زناتي جلال الأستاذ في جامعة الاسكندريّة ومستشار المركز القومي المصري للدراسات:

العدو الآن هو عدو واحد ونجحت مصر مثل صمود كردستان سوريا بإسقاط نظام جماعة الإخوان المسلمين المرتبطة ثقافياً واجتماعياً وتنظيمياً بأردوغان.

التمثيل المصري في هذا المنتدى تمثيل أكاديمي وتمثيل بحثي من مراكز الدراسات المتخصصة وتمثيل من المؤسسة المصرية الكبرى وهي مؤسسة الأهرام المصرية التابعة للحكومة المصرية وهذه رسالة بأن المنطقة الآن أصبح فيها لاعب جديد وهو جمهورية مصر العربية تستطيع أن تقارب وجهات النظر لما لكردستان سوريا من تاريخ مشترك يبدأ من نفرتيتي مروراً بصلاح الدين الأيوبي وانتهاء بقاسم أمين.

أما واجبنا كحقوقيين بعد هذا المنتدى:

على المستوى الاقليمي فالواجب أن تتواصل المنظمات الحقوقية مع المنظمات النظيرة لها في البلدان القريبة التي تشترك في الثقافة والتاريخ وأقصد هنا المنظمات العربية والمنظمات القريبة من هذا التوجه لمحاولة جلب الحقوق مرة أخرى التي نُهِبَت من الاحتلال التركي.

أما على المستوى الدولي فعلى السادة الحقوقيين ومن خلال هذا الحضور من مختلف الأطياف ومن مشارق الأرض ومغاربها اتفقوا على أنهم يستطيعون أن يفتحوا حلقات اتصال مع المنظمات الدولية لحقوق الانسان لعرض الصورة الململة لما يحدث في عفرين لأن ما كان يحصل في الفترة السابقة في عفرين والأراضي الكردية لم يكن يُنقل إلَّا من خلال الإعلام المُوجَّه من قِبَل الاحتلال التركي أو مَنْ وَالاهُ من الدول التي ترتبط به بعلاقات مصالح في المنطقة، وبالتالي كانت القضية الكردية وما يحدث من انتهاكات في الأراضي الكردية السورية وللشعب السوري أجمع كان يتم غض الطرف عنه وبالتالي على السادة الحقوقيين التواصل مع المنظمات الدولية من خلال حلقات تواصل التي تمت في هذا المنتدى وخصوصاً لوجود السيد برنارد كوشنير وزير الخارجية الفرنسي الأسبق، ومؤسس منظمة أطباء بلا حدود وعدد من ممثلي الخارجية أكثر من مكان دولي.

الإصرار التركي على احتلال عفرين

ما لا يؤخذ كله لا يترك كله بهذه المقولة يمكن أن ألخص سياسة أردوغان التي تمر بثلاث مراحل في الشرق الأوسط:

المرحلة الأولى هي إحياء الخلافة العثمانية تحت عباءة الدين الذي هو ليس أهل لها، والتقارب مع التيار الإسلامي ليحقق له غايته  ولكن فوجئ بما لم يكن في الحسبان ففي العام 2013 سقطت هذه الفكرة عندما حاول امتداد نفوذه إلى مصر وفشل

فتحول إلى المرحلة الثانية وهي فرض النفوذ على المنطقة الاقليمية (كردستان سوريا والعراق وليس سوريا فقط) فسقط هذا المشروع نتيجة التقارب المصري ودخوله كلاعب جديد في هذه الفترة

فلم يجد ضحية إلَّا عفرين لكي يحولها إلى قبرص جديدة ليضغط على سوريا وعلى كردستان سوريا وتم ذلك بالاتفاق ما بين الدول الكبرى وانتهى الأمر باحتلال مَن لا يملك الأرض، وأختم قولي بهذه الحقيقة والتي هي: إن كردستان سوريا لن تتحرر إلَّا بالمقاومة والضغط الدولي والضغط القانوني وتنحية الخلافات جانباً، ومشروع الإدارة الذاتية الممتاز للتعايش هو الذي يصلح للأجيال القادمة لأن السياسة باختصار هي المُتاح وليس المأمول.

 زوزان إبراهيم دكتورة  في القانون الدولي

نحن كحقوقيين هدفنا من هذا المنتدى هو توثيق هذه الانتهاكات التي تعتبر خروقات للقانون الدولي والمواثيق الدولية، وإعطائها الصفة القانونية، وإيجاد الطُرُق الكفيلة لجلب الدولة التركية إلى محكمة الجنايات الدولية لأن تركيا ليست طرفاً في هذه المحكمة ولم توقع عليها، لهذا سنبذل الجهود لإقامة قنوات اتصال مع المنظمات الحقوقية الدولية لإيصال هذه الانتهاكات عبر الطرق القانونية إلى المحافل الدولية لمحاكمة تركيا ومرتزقتها.

الشعوب كانت معنا ولكن الدول كانت تتراجع خطوات للوراء نتيجة تلاقي المصالح.

خالد عيسى ممثل الادارة الذاتية في فرنسا

إن السياسة التي لعبها أردوغان والدولة التركية هي سياسة خبيثة فأردوغان دائماً كان يهدد الشعوب الغربية بإرسال اللاجئين إليهم وإغراق هذه الدول باللاجئين، وكان مفهوم الدول الأوربية والشعوب الغربية لهذه التهديدات لم يكن مرتبطاً بقضية اللاجئين بل كانوا يفهمون من هذه التصريحات بأن اردوغان سوف يرسل إليهم الارهابيين عن طريق هؤلاء اللاجئين والحقيقة أن المصالح الدولية أيضاً كانت تلتقي فيما بينها.

بالمحصلة استطيع القول بأن الشعوب كانت معنا لكن دولها كانت تتراجع خطوات للوراء بسبب مصالحها مع تركيا ولذلك لم تخطو الدول الغربية أية خطوة إيجابية تجاه عفرين، وعملنا بعد هذا المنتدى سيكون كشف ألاعيب الدولة التركية ودحض أكاذيبها أمام الرأي العام الدولي بمشاركة جميع القوى والشخصيات والمنظمات التي حضرت هذا المنتدى والتي لم تمكنها ظروفها للحضور أيضاً وإيجاد الطرق القانونية لجلب الدولة التركية إلى المحاكم الدولية ومحاسبتها.

كلمة أخيرة للمحرر:

عفرين قضية كل الكردستانيين وكل الأحرار في العالم انتفضت سياسياً ودبلوماسياً على مستوى العالم بالتوازي مع المقاومة التي تخوضها الأحرار، ويجب تركيز الجهود في المرحلة القادمة على استنهاض الرأي العام العالمي، فلنضع هذه الشعوب في الصورة الحقيقية لما يجري في عفرين فشعوب في هذه الدول هي موازين القوى واكتسابها إلى جانب قضايانا ستكون الكفة الراجحة في تحصيل حقوقنا.

زر الذهاب إلى الأعلى