المجتمع

عاداتنا الجميلة لماذا نتخلى عنها؟؟؟

Family Dining Al Fresco

استطلاع : مصطفى عبدو

العادات والتقاليد جزء من ثقافة أي شعب أو مجتمع لأنها تعبر عن هويته وثقافته التي اكتسبها على مر العصور. بعض هذه العادات تتعلق بظروف اجتماعية وبعضها الآخر تتعلق بطريقة الحياة وسلوكيات أفراد هذا المجتمع وأخلاقياتهم. ويمكننا تعريف العادات والتقاليد بأنها نتاج لعدة عوامل سياسية واجتماعية ودينية واقتصادية وغيرها، فما المشكلة التي قمنا بهذا الاستطلاع من أجلها؟ المشكلة تكمن أنه مع كل تطور للمجتمعات تختفي بعض هذه العادات والتقاليد والثقافات مع بقاء بعضها الآخر فتتوارثها الأجيال الواعية بأهميتها حفاظاً على تراثها وهويتها .

من خلال مسيرة الحياة التي عاشها الشعب الكردي “تحديداً” تعرض الكثير من عادات هذا الشعب إلى الانحلال والصهر, عادات كنا نفتخر بها لأنها بحق كانت تعبر عن ثقافة شعب قاوم بكل الطرق والأساليب وفي أصعب الظروف ليظل محافظاً على وجوده.

هنا راعني سؤال همني أن أطرحه على مختلف فئات المجتمع:

ما موقف جيل اليوم من عادات وتقاليد مجتمعنا الكردي ؟

وهل هذه العادات بالفعل لم تعد صالحة للحياة الجديدة في ظل التطور الكبير والسريع الذي تشهده المجتمعات في الوقت الحاضر ؟

نتيجة الاستطلاع كانت على الشكل التالي:

فئة الشباب :70% تقف ضد العادات والتقاليد.

فئة النساء (دون الأربعين من العمر) :60% تنادي بإعادة العادات والتقاليد.

فئة الكبار من الرجال والنساء: الجميع دعا إلى العادات والتقاليد التي طالما افتخروا بها.  

من  خلال تجربته في مهنة التعليم يقول «الأستاذ نوري» : الأسرة هي النواة الحقيقية للمجتمع، تقع عليها مسؤولية التربية والتنشئة فإذا كانت الأسرة محافظة على العادات والتقاليد فإن الأبناء  بطبيعة الحال سينطلقون إلى المجتمع داعين إلى التمسك بها، وإذا كانت الأسرة عكس ذلك فإنهم سيكونون دعاة للتمرد على تلك العادات والتقاليد .

يشارك «أبو طلال» الاستطلاع متحدثاً : لدينا عادات وتقاليد تحمل قيماً معنوية كبيرة لا يمكن التنازل عنها، هذه التقاليد يجب أن تبقى على حالها وأن نحافظ عليها ونصونها ونحملها إلى أولادنا والأجيال القادمة، فهي تمثل تراثنا وتراث أجدادنا الذي هو فخر لنا، وفي الوقت نفسه لست ضد التحديث في نمط الحياة بكل جوانبها، ولكن بحذر ووعي حتى لا نكون فريسة سهلة للغزو الفكري الذي تشهده مجتمعاتنا اليوم. لذا فإنني أحذر جميع أبناء جيلي من الانجراف الأعمى وراء تيارات الموضة الكاذبة والعادات الغربية السيئة التي لا تناسب مجتمعاتنا ولا بيئتنا العربية .

ويضيف «محمد الحسين» من المكوّن العربي : تقاليدنا أصيلة تستحق الحفاظ عليها. بهذه العبارة بدأ حديثه الذي أكمله قائلاً : إكرام الضيف، ومساعدة الضعيف والمحتاج، والمجالس ونظام العائلة الممتدة التي تضم الجد والجدة والأبناء والأحفاد وغيرها من العادات تمثل تاريخنا وتراثنا وهويتنا وأصالتنا كعرب.

على هذه القناعات والمبادئ تربينا، حتى أصبحت جزءاً منا، وليس من المعقول التنازل عنها مهما كانت المغريات. و يضيف : لا شك أنني كأبناء جيلي أتفاعل مع التطور وكل ما هو جديد في المجتمع، ولكنني في نفس الوقت متمسك بعادات أجدادي، خاصةً عادات الرجل العربي التي اكتسبتها من والدي الذي كان يحرص على اصطحابنا إلى مجالس الرجال لتعلم عادات أجدادنا .

ويعتقد «إفرام» من المكوّن المسيحي: إن المطلوب هو نظرة حيادية للأمور وتقييم منطقي يدعو إلى التمسك بالعادات الإيجابية والمحافظة عليها والتخلي عن العادات السلبية، لأن الهدف من التمسك بالعادات هو الاستفادة من خلاصات وخبرات الأجداد، والحفاظ على ذكراهم العطرة التي تمثل تراثنا وهويتنا التي نفتخر بها أمام الشعوب الأخرى. لذا فليس من المنطقي التمسك بعادات سلبية تسيء لماضينا وتؤثر سلباً في حاضرنا . ويقول: دوماً أسعى لتطوير نفسي، وحبي واعتزازي بعادات أجدادي لا يمنعني من إدخال عادات جديدة تستحق أن تكون جزءاً من حياتنا لأنها تمثل إضافة إيجابية لنا.

أكدت «هيفيدار» أن المجتمع في أمس الحاجة إلى عقول متفتحة وشباب ناضج يغير ما لا يليق بمجتمعه ويحافظ على المناسب منها ، موضحةً أنها وأبناء جيلها يختلفون عن الأجيال الناشئة بأنهم عاصروا الأجيال القديمة ، وشهدوا التطور الهائل الذي تشهده المنطقة في السنوات الأخيرة ، وبالرغم من أن التطوير سنة الكون منذ الأزل، ولكن الفجوة أصبحت كبيرة بين الجديد والقديم، حتى أصبحت المسؤولية أكبر عليهم، فهم مطالبون بالحفاظ على الموروث الشعبي والعادات والتقاليد والتاريخ، وفي نفس الوقت يجب أن يواكبوا هذا التطور الهائل ويمتلكوا أدواته ليصبح جزءاً من حياتهم، وإلا كانوا متأخرين عن غيرهم بدلاً من أن يتقدموا بأفكارهم وإنجازاتهم .

من جهتها تقول «ماجدة» : أنْ نتمسك بما هو أصيل يزيد من تماسكنا ويقوي روابط المحبة بيننا، لأن معظم العادات والتقاليد تؤكد التقارب والتلاحم، في الوقت الذي تشجع الاتجاهات الحديثة على الاستقلالية المطلقة، والبحث عن كل ما هو جديد من دون تنقيح، مما كان له الأثر السلبي في علاقاتنا.

والحمد لله إنني تربيت في بيئة محافظة متمسكة بعاداتها وتقاليدها، هذه البيئة تركت أثرها الواضح علي فأصبحت العادات والتقاليد جزءاً من تكويني، ولا أنكر أنني لا أتجاوب بسهولة مع نداءات التطوير التي تحيط بنا من كل جانب، حتى أن أصدقائي يصفوني بالمتشددة أحياناً .

«جوزيف» يصنف نفسه من الفئة المتمسكة بعادات وتقاليد أجداده، مؤكداً أن السبب الرئيسي لتعدي بعض الشباب على العادات والتقاليد، واتباع سلوكيات غير مألوفة بالنسبة لنا هو التقليد الأعمى للغرب، ويقول : إن شباب اليوم همهم الوحيد السعي وراء ما ينتجه الغرب، متناسين الخطوط العريضة التي رسمها آباؤنا وأجدادنا والتي لا تفنى لأن الشباب يعتقدون أن هذا هو التطور المنشود الذي يبحثون عنه.

«المرشد الاجتماعي فرزند»

في كل مجتمع من المجتمعات الإنسانية سلوكيات وتصرفات وأخلاقيات يكتسبها الفرد بحكم انتمائه إلى ثقافة مجتمع إنساني محدد، وتتشكل العادات والتقاليد نتيجة عوامل كثيرة منها الظروف البيئية المحيطة والظروف الاجتماعية، فالعادات والتقاليد موروث ثقافي ينتقل من جيل إلى آخر عن طريق التنشئة الاجتماعية، وهي مظاهر وسلوكيات يستطيع من خلالها الإنسان أن يكشف عن هوية وثقافة مجتمع معين .

ويعتقد فرزند: إن أهم وسائل التغلب على هذه الظاهرة هي دور الأسرة ورعايتها لأبنائها، فهي التي تعمل على بناء الشخصية بالقيم التي تحصنها من دوامة الحياة الحالية. ويرى أنه لا تعارض بين التمسك بالعادات والتقاليد والتطور، فهو شخصياً متمسك بعادات أجداده وفي نفس الوقت يحب التطور ويسعى له، وتؤكد العادات والتقاليد إكرام الضيف ومساعدة المحتاج واحترام الجار، والانتماء للبيئة التي احتضنتنا، وغيرها من القيم والمبادئ التي يجب ألا يتخلى عنها أي مجتمع، فهي بالتأكيد ستدعم أي تطور ولن تقف في وجهه كما يعتقد البعض، الذين يسيئون فهم القصد من وراء التمسك بالعادات والتقاليد. وعلى الصعيد الآخر يفهم الكثيرون الحداثة والتطور بشكل خاطئ، فيتخلون عن عادات وتقاليد أجدادهم ويلهثون وراء كل ما هو جديد من دون النظر لجدواه. ويعتبر نفسه معتدلا في توجهاته لأنه يعيش الحاضر متسلحاً بعادات أجداده التي تصب في مصلحته بعيدا عن تلك التي تؤثر سلبا في أفكاره ومعتقداته .

الشاب كاوا يعتبر العادات والتقاليد التي نشأ عليها قد عفا عليها الزمن وجميعها لا تعد صالحة لهذا الوقت ويضيف: علينا مواكبة العصر واعتبار هذه العادات من الماضي والبحث عما هو افضل لحياتنا.

ويعتبر «حجي ابراهيم » نفسه مبالغاً في تمسكه بالعادات والتقاليد القديمة، فهو يعشق رائحة الماضي ويتبعها أينما وجدت ، ويقول : إن هذه الأجواء تشعرني بالراحة والاطمئنان لأنها تجسد الزمن الجميل بكل ما يحمله من مبادئ وقيم وشخصيات مشرفة على مر التاريخ، وبعيدا عنها أشعر بالغربة.

زر الذهاب إلى الأعلى