حوارات

جدلية العلاقة بين السياسة والاقتصاد

تحقيق: حسينة العلي
من الصعب فصل السياسة عن الاقتصاد فهما توآمان أحدهما يكمل الآخر فالسياسة وفي جوهرها هي الحكمة وحسن التدبير لتحقيق تطور المجتمع من خلال إدارة شؤونه بحرية وتأمين رقي الفرد، أما الاقتصاد فهي عملية تلبية الاحتياجات المادية الضرورية للمجتمع لتحقيق ازدهاره فالسياسة هي القدرة على التكيف مع الواقع وفن التعامل مع الممكن من حيث الاقتصاد الملائم الذي يحقق هذا التكيف فالسياسة والاقتصاد متلازمان يسيران خطوة بخطوة. فما مدى العلاقة بين هذين المحورين الأساسيين؟ وكيف لنا أن نبين هذه العلاقة الجدلية بينهما؟ ما تأثيرهذه العلاقة المتبادلة في منحى إدارة شؤون روج آفا؟ كيف يمكن للسياسيين أن يلعبوا دورهم في الاستقرار الاقتصادي؟ وهل القائمين على هذين المحورين أعدوا العدة للتوافق بينهما في روج آفا؟
ولتسليط الضوء على مكامن البحث في هذه الجدلية والإجابة عن هذه التساؤلات المطروحة التقت صحيفة الاتحاد الديمقراطي بنخبة من السياسيين والمهتمين بالشأن الاقتصادي في مقاطعة الجزيرة، فخرجنا بهذه الآراء:
السياسة مع الاقتصاد علاقة متينة وضرورة حتمية لتلبية حاجات المجتمع

حسن كوجر عضو الهيئة المركزية في حزب الاتحاد الديمقراطي PYD:
حسن كوجر

يتم تعريف السياسية حسب مفهوم الدولة على أنها فن الخداع والمكر، أما بالنسبة إلى فلسفة حزب الاتحاد الديمقراطي هي تلبية الحاجات المادية والمعنوية للمجتمع أو هي فن إيصال المجتمع لحريته وكرامته. لذلك علاقة السياسة مع الاقتصاد أو العكس علاقة قوية ومتينة فتلبية الحاجات السياسية والاقتصادية معاً ضرورة حتمية ليكمل كل منهما الآخر، لذلك السياسة بالنسبة إلى الاقتصاد هي إيجاد الطرق والوسائل للوصول بالمجتمع والفرد إلى الازدهار فلهذا علاقة المجتمع بالسياسة وبالاقتصاد علاقة متعدية، أما بالنسبة للنظام الرأسمالي الموجود فالاقتصاد هو مكان الربح والسياسة طريق الوصول إلى هذا الربح، وهذا هو القانون السائد في النظام البرجوازي الذي يخدم شرعنة هذا النهب والسلب نتيجة الربح اللاشرعي لا من أجل خدمة المجتمع، أما بالنسبة للأحزاب الموجودة في روج آفا الذين يدّعون بأنهم سياسيين ويبرزون أنفسهم أمام شاشات التلفزة أو عبر وسائل الإعلام لا يخدمون المجتمع من الناحية المادية والمعنوية إذاً هم ليسوا سياسيين بل مراوغين يقومون بخداع المجتمع.
نحن كحزب الاتحاد الديمقراطي في روج آفا نأمل بأن يكون سياسيي روج آفا لائقين بهذا التعريف لتلبية حاجات المجتمع بجميع نواحيه وهدفنا الأول هو بناء مجتمع أخلاقي وسياسي واجتياز الأحزاب السياسية الكلاسيكية التي يكمن هدفها بالوصول إلى السلطة، لذلك تجاوزنا كحزب هذه المفاهيم من أجل بناء نظام ديمقراطي واجتماعي يستند إلى اقتصاد اجتماعي تعاوني يستطيع أن يلبي احتياجات كل شخص للسير نحو مجتمع متكامل ومتكافل ويلبي مستلزماته بعيداًعن الاحتكار ويستند إلى إيكولوجية طبيعية متكاملة مع بعضها البعض بعيداًعن السياسي البرجوازي الذي يضع خدمة المجتمع وراءه مستنداً على مقولة ميكافيلي في كتابه الأمير “الغاية تبرر الوسيلة”، وفي النهاية نحن كسياسيين في روج آفا يجب أن نخدم المجتمع بكافة أشكاله وتطوير الاقتصاد الاجتماعي والسياسي والعسكري والتربوي في خدمة أهداف المجتمع في الحرية والديمقراطية.
(السياسة أفضل الأعمال للمجتمع بحيث يتوجب علينا أن نفكر بأفضل الأعمال والقرارات التي تلائم مصالح الفرد والأمة ويجب أن نترك الأسلوب الديماغوجي (الثرثرة الفارغة) التي تتبع الغش والخداع.
النمو الاقتصادي يحتاج مرونة سياسية ونظام ديمقراطي

مصطفى عبدو صحفي:

مصطفى عبدو

هناك علاقة وثيقة بين الاقتصاد والسياسة ولكن هذه العلاقة مرهونة بشكل النظام السياسي فهناك أنظمة لا يمكن للاقتصاد فيها أن يتحرر ويتطور أي أنه يستحيل الوصول إلى نمو اقتصادي سليم في ظل سياسات متخبطة، فالنمو الاقتصادي يتطلب سياسات واضحة وثابتة ومدروسة حتى يستطيع أن يستمد منها الاقتصاد مقومات نموه سواء من الداخل أو من الخارج والسياسات تحتاج إلى مراجعة دائمة وشاملة من حين لآخر لتقييم مدى ملائمة هذه السياسات للمستجدات الجديدة التي تحدث بمرور الأعوام.
بلا شك أن الاقتصاد يعتبر مرآة عاكسة للسياسة أو لشكل النظام فكل تطور اقتصادي يشهده أي بلد لا بد وأن ينعكس لاحقاً على شكل نظامه السياسي. فإذاً التطور الاقتصادي يتطلب نظاماً ديمقراطياً قابلاً للتغيير والتطور. وعليه فأن النمو الاقتصادي يحتاج إلى مرونة سياسية. والخلاصة أقول: يجب أن يظل منحى كل من السياسة والاقتصاد شاملاً وذات روابط قوية وأن يكون كل منهما في خدمة الآخر فتنجح السياسة ويتطور الاقتصاد ومن المؤكد أنه لا اقتصاد قوي في ظل سياسة ضعيفة ولا سياسة قوية دون اقتصاد قوي لذا ليس هناك سوى خياران أمام الأنظمة القوموية، أما الاستمرار في الاعتماد على سياساتها القديمة مع العالم والتطور أو تبني أنظمة ديمقراطية التي تساعد على فتح الأبواب على مصراعيها لعملية تطوير الاقتصاد والبنية الاقتصادية. ونحن اليوم في روج آفا لسنا بحاجة إلى رؤية جديدة رؤية نرى من خلالها تفاعلات السياسة والاقتصاد معاً؟
نحن في الإدارة الذاتية نضع أمور الشعب في أولويتنا

عبد الرحمن خليل نائب رئيس هيئة الاقتصاد في مقاطعة الجزيرة:

عبد الرحمن خليل
اقتصادنا في روج آفا زراعي نبدأ من كمشة التراب وننتهي بالمعامل والمصانع وتبدأ حلقة الصراع بين الاقتصاديين والرأسماليين والجماعات الأخرى وبهذ المنطلق علينا أن نخلق ترابطاً بين الجميع ويحضرني هنا كلمة للقائد عبدالله أوجلان: “أريد من كل كردي في أي بقعة من بقاع الأرض أن يضع ليرة واحدة في مطمورة عندما يستيقظ كل يوم”، فلما نأخذ الموضوع بشكل آخر نجد بأنه سيكون لدينا كل يوم أربعين مليون ليرة فيكون لنا إدخار ومخزون احتياطي نقوى به.
فنحن كأعضاء في الإدارة الذاتية الديمقراطية نضع أمور الشعب في أولويتنا وما يهمنا هو تلبية حاجات المواطنين بقدر المستطاع وأن نضع السياسة في خدمة المجتمع لا السياسة في خدمة المال فتنحرف السياسة عن مسارها، وعلينا في روج آفا أن نعمل بفكر القائد عبدالله أوجلان وأن نلجأ إلى الاقتصاد الطبيعي بحيث يبدأ العمل من الكومين بتشكيل مجموعات ونقوم على ضوءها بتلبية احتياجات المجتمع كل شخص حسب حاجته وليس حسب تعبه ويجب أن يأخذ الفرد حاجته لذلك عندما نرى الانهيارات أو سقوط الأنظمة يكون ذلك بسبب الضعف أو الاختلال الاقتصادي، ونحن نحاول في روج آفا كإدارة الخلاص من الذهنية الرأسمالية القديمة على ضوء الإدارة الذاتية الديمقراطية منطلقاً من فكر القائد عبد الله أوجلان وعندما نكون متكاتفين ومتماسكين وبشكل مضبوط ابتداءاً من كمشة التراب إلى مَن يكون عضواً فعالاً ويخدم ليستطيع أن يجابه الناس بالوضع الصحيح يقال أن هنري كيسنجر أستفسر لماذا كثرت لاآت حافظ الأسد عدة مرات فيما أنه كان يقولها لمرة واحدة “لا” أريد أن أعرف ماهو الموضوع فأتاه الرد بأن لديه خبز يكفي لثلاث سنوات فرد كيسنجر: هذا محصول استراتيجي جيد ويستحق أن يقول “لا”، وطالما نبني الوضع الاقتصادي على المحصول الاستراتيجي فهنا في روج آفا نملك هذه الاستراتيجية ويجب أن يكون لدينا قوة وتكامل مع كافة أبناء الشعب كل يعمل حسب اختصاصه الناس شركاء في الماء والكلأ والنار فهذه الأشياء الطبيعية تمد الإنسان بالقوة وإذا قوي اقتصادنا سنكون أقوياء سياسياً.
ثورة روج آفا جاءت لتصحيح خطأ الأنظمة المتوارثة على المجتمع

طلال جولي الرئيس المشترك لمركز التنمية الاقتصادية في قامشلو:

طلال جولي

يتميز مصطلح الاقتصاد في المجتمعات الديمقراطية بالاستقلالية التامة على العكس ما هو في النظام الرأسمالي فهو يدير السياسة وفق مبدأ سياسة مستقلة بدون اقتصاد مستقل. وهذا يشمل الوضع السياسي والاقتصادي في كردستان العراق أيضاً كون الشعب الكردي ذاق الأمرين في هذا السياق.
فالدور الذي لعبته الحداثة الرأسمالية في كردستان جعلت السياسة والاقتصاد تأخذان مسارهما الخاطىء وتخرجان من معانيها الحقيقية فتصبحان آلة في يد الحداثة والأنظمة القوموية لممارسة غرائزهم السلطوية بين شرائح المجتمع.
وثورة روج آفاي كردستان جاءت لتصحيح خطأ الأنظمة المتوارثة على المجتمع إلى الصواب وهذا يتجلى من خلال سياستها المتوازية مع الاقتصاد لتسهيل الممارسة السياسية وحرية الفرد في تطوير المجتمع نحو اقتصاد وسياسة مستقلة عبر مشاركة الأخير في الكومون والمجالس الشعبية وتفعيلها بما فيها لجنة الاقتصاد التي من شأنها إيجاد خطط ومشاريع اقتصادية للمجتمع وليس الدولة، وبالتالي يكون الفرد مستقل سياسياً واقتصادياً أما بالنسبة للسياسين في روج آفا فلا يمكن أن نربط هؤلاء السياسين أو الذين يدّعون بأنهم سياسيون وينعمون برفاهية دول الخارج سواء في تركيا أم العراق أو غيرها من الدول لا يمكن أن نربطهم بالمصير الكردي فهم مسيرون لا مخيرون وبعيدون عن السياسة والاقتصاد في آن واحد بل ويهرولون نحو مصالحهم الشخصية وحول حفنة من الدولارات، فأين هم من السياسة وأين هم من الشعب وفي أي زاوية هم، هؤلاء لا أعتبرهم سياسيين وبعيدون كل البعد عن السياسة فالبعيد عن السياسة بعيد عن الاقتصاد وبعيد عن شعبه وآلامه يتفرد في الأنا والأنا الأعلى.
الاقتصاد لا يتطور دون تتطور النظام السياسي

المهندس حسين بدر عضو الهيئة القيادية في الحزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي):

?????????????

هناك علاقة وثيقة بين الاقتصاد والسياسة وهي علاقة عضوية تاريخية تجلت أثارها منذ ممارسة الإنسان الواعي لأنشطته الحياتية إلى يومنا هذا، وبما أن الاقتصاد مرآة عاكسة للنظام السياسي، فأنه يعكس توجهاته وأنماطه في قوانين السوق والملكية.. وغيرها وعليه فإن النظام السياسي هو الذي يحدد مدى التطور في القطاعات الأساسية للدولة خاصة منها القطاعات الإنتاجية التي ترفد الدولة بالموارد المالية اللازمة لإنعاش القطاعات الخدمية الأخرى. ولايمكن فصل السياسة عن الاقتصاد، فالتطور الاقتصادي قد يشهد نمواً ما في بلد ذي نظام سياسي شمولي لكنه سرعان ما يصطدم هذا النمو بمعوقات سياسية تحد من تطوره وشلّه. النظام السياسي الشمولي في سوريا مثلاً ومن خلال فريقه الاقتصادي، تبنى نظاماً اقتصادياً شبيهاً بنظام اقتصاد السوق الحرة في الأونة الأخيرة وبالتالي سنّ مجموعة من المراسيم والقوانين الاقتصادية التي جيّرت كافة الأنشطة الاقتصادية لصالح ثلةّ من المحتكرين والقابضين على زمام الأمور، مع تحفظه من خلال نظامه الشمولي على التحديث والعصرنة في الجانب السياسي وبالتالي أضاف إلى جانب الكتاتورية السياسية دكتاتورية اقتصادية، فالنمو الاقتصادي في دولة ما، يفرض شروطه وقوانينه على النظام السياسي ويعكس توجهاته على المجتمع بالكامل. وتلك الشروط والقوانين الاقتصادية تصل إلى مفترق طرق مع النظام السياسي السائد، فإما أن يتطور النظام السياسي ليجاري التطور الاقتصادي أو أن يعمل على إعاقة التطور الاقتصادي ليتواءم والنظام السياسي الحاكم. وعليه لا يمكن للاقتصاد أن يتطور دون أن يترافق ذلك مع تطور في النظام السياسي، في حين أن التطور التكنولوجي يمكن أن يحدث في ظل الأنظمة الشمولية (وبسرعة) قد تكون أكبر من الأنظمة الديمقراطية، لأنه لا يخضع لتلك التعقيدات التي يحتاجها اتخاذ القرار وحجمه يقتصر على توفير الحاجات والمتطلبات للدولة ذاتها من جهه أخرى، إن الاقتصاد المتطور الحر يستند لقانون الملكية الخاصة وقوانين السوق والتبادل السلعي والحركة الحرة لرأس المال والقوانين الضريبية والتنافسية. أي اعتماد سياسة الباب المفتوح لإنعاش الاقتصاد على قاعدة (دعه يعمل دعه يمر) وهي من صلب مبادئ الأنظمة الديمقراطية لا سيما (الليبيرالية) منها وتتعارض كلياً مع مبادئ الأنظمة السياسية الشمولية المبتكرة للثروة والسلطة في آن واحد، وأيضاً من خلال اعتماد قوانين السوق العالمية وبالتالي فإن حركته تتجاوز حدود الدولة الوطنية أو القومية. لذا يتوجب أن يكون هناك نوع من التوافق ما بين النظام الاقتصادي – السياسي للدولة من جهة، وبين قوانين السوق العالمية المستندة لمبادئ النظم الديمقراطية من جهة أخرى بهدف مجاراة أنظمة وقوانين التجارة العالمية للتبادل السلعي والنظم المصرفية والمالية وحركة رأس المال دون قيود وبالضد من ذلك لا يمكن للدولة الشمولية، أن تفرض توجهاتها خارج حدودها السياسية. وبالتالي ليس هناك خياراً أمام الأنظمة الشمولية، إما الاستمرار في التخلف والانحطاط واعتماد الباب المغلق مع العالم أو تبني النظم الديمقراطية التي تفتح الباب على مصراعيه لعملية التطور والتحديث. وتبين من خلال التجارب العديدة للنظم الديمقراطية، أنه هناك علاقة وثيقة بين النمو الاقتصادي والنظام السياسي السائد مثلاً: النمور الآسيوية، أندونيسيا، الصين (هونغ كونغ).
لكن بخصوص تأثير المال السياسي على شخصية السياسي ودوره بكل تأكيد هناك دور ملحوظ ونحن في أيامنا هذه نواجه الكثير من الحالات والمواقف التي لعب فيها المال السياسي دوراً ظاهراً للعيان بالنسبة للأطر والكيانات السياسية ولشخصيات سياسية ذاع صيتها وكيف أنها تحولت إلى الضفة الأخرى للنهر وانقلبت مواقفها وتغيرت وتيرة خطاباتها وباتت كالحرباء في تكيفها مع بيئتها لقاء حفنة من الدولارات أو وعود بالمناصب أو جاه وخير مثال على ذلك أطر المعارضة السورية في الخارج حيث باتت قصص الفساد المالي المتفشي في مؤسساتها وبين رموزها من أبرز عناوين الصحف والمواقع الإلكترونية على ألسنة العامة قبل الخاصة.
وبخصوص الثروة فليس من الضروري أن يكون الثري (شريراً) أو طالحاً تجاه مجتمعه لثرائه كما يتصوره البعض، فهناك الكثير من الأمثلة يزخر بها التاريخ الحديث والمعاصر لأشخاص سخروا ثروتهم ونفوذهم الاجتماعي باعتبارها وسيلة لتحقيق الحرية السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية في مجتمعاتهم (الرأسمالية) على سبيل الذكر فريدريك أنجلس، كوليس لامونت، فريدريك فاندر بيلت.
علاقة السياسة بالاقتصاد هي علاقة اللحم بالعظم

نورالدين رمو عضو حركة التجديد الكردستاني – سوريا:

نورالدين رمو

خير ما أبدأ به حول العلاقة مابين الاقتصاد والسياسة قول كارل ماركس (السياسة هي تعبير مكثف عن الاقتصاد) ومنه يتم الاستنتاج بأن السياسة هي في فلك الاقتصاد ويتقوى بتقويتها ويضعف بضعفها، إذاً الاقتصاد عصب السياسة بدءاً من كافة المستويات اعتباراً من الفرد والمجتمع والأحزاب وكذلك الدول، ولولا أهمية الاقتصاد ولما قام علماء السياسة بشرح وتفصيل دور الرأسمال الملموس حيث يعتبر الرأسمال بفضل القيمة الزائدة له بخلق طبقات متفاوتة في المجتمعات وتلك الطبقات على الأغلب تكون متناحرة فالبروليتارية وتماسكها تعود إلى الظلم والضغط الرأسمالي عليها مما يؤدي إلى استغلال كدح وأتعاب الطبقات، ولهذا الرأسمال وطغيانه يخلق طبقات متناحرة ومنه يتم وضع حجر الأساس للثورات وقد تكون تلك الثورات تحررية وطنية أو تكون طبقة اجتماعية ونظراً للأمة الظالمة في الاستغلال للأمة المظلومة من حيث السيطرة على مقدرات الشعوب واحتلالها لأجل خلق أسواق لتصريف منتجاتها أو استغلال الطبقة المسيطرة على الطبقة الكادحة الفقيرة، ففي الحالتين لم يحصلا وينالا على خيراتهم وتزداد فجوة التناحر بين المتفاوتين في المستويات للأوضاع المالية وتعود إلى التحكم بالاقتصاد وكذلك إلى خلق طبقة فكرية عملية مرتبطة في فلكهم وبالمقابل من جهة ثانية تنشأ وتتبلور أفكار ثورية هدفها القضاء على إنهاء الاحتلال والاستغلال لأجل التخلص من نير الاستعمار.
اذاً الاقتصاد والسياسة متلازمان فالسياسة التي لا تكون وراءها الأموال سوف لن تستطيع أن تقوم بدورها الريادي المطلوب ولكن أريد أن أنوه أن المال السياسي له دوره السلبي حيث يقوم أصحاب السياسة المتحكمون بالاقتصاد وبشراء الذمم للقيادات الثورية ومنها يتم الاختراق وتوجيه مسار الثورات لأجل إفشالها. وتغيير مجرى نضالها الإيجابي إلى الأكثر سلبية من حيث تغيير المواقف وهذا ما يؤدي إلى طول الأمد للثورة وخلق تجار السياسة لصالحها ويقوم هؤلاء بضرب القوى السياسية ببعضها وتشرذمها وتشتتها كما حدث في الكثير من البلدان، ومثال ذلك سوريا المتمثلة بكثرة التشكيلات العسكرية المتنافسة والتابعة للأفكار السياسية للتنظيمات المتعددة والتي يقوم كل طرف سياسي التحرك بموجب الارتباط بالعلاقة مع الجهة الممولة مادياً فيصبح في الكيان الواحد أجساماً عديدة وغريبة تعمل لصالح الممول بحيث (أي الجهة التي تقدم المال) كون الثورات ذات المسار الصحيح لا تخدم المستعمر ولا المستغل، ففي مثالنا عن سوريا هناك أموال سعودية وتركية بالإضافة إلى القوى الكبرى ودورها للحصول على الأموال وذلك بتصريف منتجاتها من السلاح وما شابه بهدف تقوية شركاتهم الرأسمالية ومن هنا تأتي عبارة (تجار الحروب السياسيين) إذاً كما سبق ذكره للمال دوره الهام في الحياة السياسية ولكن لا بدّ من ملاحظة هامة في هذا المجال (لما تكون النخبة القائدة للسياسة والثورة متمرسة وذات حنكة) تستطيع الكشف عن تلك الأموال الخبيثة التي تخدم الآلاعيب والفبركات السياسية التي يقوم بهما هؤلاء التجار والمتاجرون بالسياسة ومكاسب الحروب لصالح أجنداتهم المادية وبعد الكشف عن تلك الأموال السياسية يمكن إفشال المخططات التي هي بمثابة أفخاخ يضعونها في وجه السياسات الصحيحة لتلك الطبقات المستغلة ومن هنا يمكننا في الختام القول: (بأن علاقة السياسة بالمال هي علاقة اللحم بالعظم)
خلاصة القول:
السياسة المشوهة تؤدي إلى تقزم الاقتصاد فنتيجة العقم السائد في تلبية متطلبات حياة الفرد والمجتمع وتأمين احتياجات الجميع كل حسب ضرورته وحتى لا نصير في خبر كان لابد من التوثيق بين الاقتصاد والسياسة بحدوث ثورة اقتصادية جذرية خادمة للمجتمع يقودها فريق سياسي ديمقراطي يختاره الشعب وتكون بذلك العلاقة بين الاقتصاد والسياسة موضوعية مرنة سلِسة بعيداًعن السياسيين المراوغين وبعيداًعن تشويش العقول والعربدة وبلوغ مستوع عصري ومتحضر في السياسة لتنعش الاقتصاد وتنميه وبلوغه إلى ديمقراطية دائمة وبنيوية تنشط فيها الاقتصاد والسياسة الديمقراطية معاً على مدار الساعة.

زر الذهاب إلى الأعلى