الأخبارمانشيت

تقرير على “NEWS BBC” يبحث مستقبل الإدارة الذاتية الديمقراطية

أوضح تقرير على موقع NEWS BBC بالتركية أعدّه الصحفي التركي (فهيم تاشتكين) بأنه وبعد اجتماع الرئيس الأمريكي جو بايدن  ورئيس الاتحاد الروسي فلاديمير بوتين في جنيف تم فتح الرهانات, حيث يواصل البلدان مناقشة الأزمة السورية ولا يمكن التنبؤ بما سينتج عن هذا الحوار، حيث أشار التقرير إلى حقيقة أن الولايات المتحدة ستحصر وجودها العسكري في العراق بالمدربين والمستشارين وتشير إلى إمكانية تغيير سياستها واستراتيجيتها في سوريا, مؤكداً بأن مسار الحوار الروسي الأمريكي سيكون ذو أهمية خاصة لمستقبل الإدارة الذاتية بشمال وشرق سوريا, وتزامناً مع هذا الحوار وجه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف نداءً إلى مسؤولي الإدارة الذاتية دعاهم فيه إلى عدم الثقة بالولايات المتحدة الأمريكية والانخراط في حوار مع دمشق, حيث قال لافروف:

نحن على اتصال مع المنظمات الكردية. يجب أن يكونوا مستقلين ومهتمين بمعالجة جميع القضايا مع الحكومة المركزية في دمشق, فعندما أعلن الرئيس ترامب أن جميع القوات الأمريكية ستغادر سوريا، بدأ القادة الكرد على الفور بطلب مساعدتنا في بناء الجسور مع دمشق, وبعد أيام قليلة غيرت واشنطن رأيها وأعلنت أن قواتها ستبقى في سوريا, فأصبح زملاؤنا الكرد غير مهتمين بمحادثاتنا, واعتقدوا أن الأمريكيين سيقررون كل شيء مرة أخرى لهم. نحن مستعدون لتشجيع المفاوضات، ولكن يجب أن يكون هناك اتساق في محادثاتنا.

وبناء على هذه التطورات والأحداث تواصل معدّ التقرير مع كل من (إلهام أحمد) الرئيسة المشتركة للهيئة التنفيذية في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا, وعضوي هيئة الرئاسة المشتركة لحزب الاتحاد الديمقراطي PYD (صالح مسلم) و(آلدارخليل).

حيث أوضحت (إلهام أحمد) بأن الأمر لم يعد يتعلق ببقاء الأسد في السلطة أو عزله، بل يتعلق بانهيار البلاد, ويعتمد مدى الحفاظ على هيكل الدولة على الحوار الأمريكي الروسي, وقالت:

لا يمكننا التكهن بما ستكون عليه الشروط المتفق عليها بين الأمريكيين والروس، ولكن من الواضح أن سوريا لن تكون دولة مركزية بعد الآن.

كما وصفت أحمد تطور علاقاتهم بدول أوروبا بالتغيير البطيء في طبيعة العلاقات القائمة على مكافحة الإرهاب من المجال العسكري إلى المجال المدني والفكري.

وحول أهمية استمرار التواجد الأمريكي في شمال وشرق سوريا أوضح (صالح مسلم) بالقول:

حتى لو بقي جندي واحد فقط فإن الوجود الأمريكي يقوي موقفنا في عملية الحل، ولا نتوقع أكثر من ذلك, نحن نتوقع دعماً سياسياً، لكننا لا نصنع سياساتنا عبر أمريكا ولا نعتمد عليها, وكنا نبحث عن حل مع النظام السوري منذ البداية، والأميركيون يعرفون ذلك ولا يعارضونه, وفي النهاية سيكون حلنا مع النظام.

وأكد مسلم في التقرير بأن سبب بقاء الولايات المتحدة في المنطقة لا يتعلق بالكرد، وأنه على الرغم من سحب قواتها المقاتلة من العراق فإنها لن تغادر الشرق الأوسط وستستمر في دعم الحرب ضد داعش في العراق وسوريا, ولم يستبعد مسلم الآثار المحتملة لنتائج الحوار الأمريكي الروسي, قائلاً:

اتفق بايدن وبوتين على خطوط عريضة لحل الأزمة في سوريا, ونحن لا نعرف التفاصيل, ربما يفعلان شيئاً غير متوقع.

وحول سبب عدم تمكنهم من الوصول إلى حل مع النظام السوري من خلال روسيا, أوضح مسلم:

 الروس يحاولون الإلقاء بنا في أحضان النظام دون قيد أو شرط, هذا ليس حلاً, لأن عقلية النظام لم تتغير والنظام سيكتفي بمنح الكرد بعض الحقوق, ولكن هذه ليست قضية كردية فقط, وإنما قضية كل مكونات شمال وشرق سوريا, فإذا جاءت الديمقراطية إلى سوريا، ستحل المشكلة الكردية, وهناك مشروع الإدارة الذاتية. نحن نتحدث عن سبع إدارات، سواء كانت الرقة أو دير الزور, فهذه أيضاً جزء من الإدارة الذاتية, وغالبية الشعب من المكون العربي, وعند التركيز على أن المشكلة هي كردية فقط, فهم يريدون خلق صراع طائفي وإشعال الحرب. مشروعنا مناسب لسوريا كلها, والنظام السوري حين يطالبنا بقطع علاقاتنا مع الأمريكيين يريدوننا أن نكون تحت رحمتهم. نحن جميعنا داخل سوريا وسوريون, فدعونا نتفق على كيفية العيش معاً, ودعونا نعمل معاً.

وتضمن التقرير تساؤلات حول حملة المطالبة بالاعتراف بالإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا وكيف أنه تم تفسيرها على أنها دعوة للانفصال عن سوريا, ولكن صالح مسلم أوضح هذا اللغط بالقول:

منذ بداية عام 2020 حيث تم إغلاق بوابة تل كوجر (اليعربية) الحدودية، لا تصل المساعدات الدولية إلى شرق الفرات, ولا يمكن ترك المنطقة تحت رحمة هيئة تحرير الشام التي تسيطر هي وتركيا على معبر باب الهوى. يجب أن يتغير هذا, وكذلك الإدارة الذاتية ليست بديلاً عن النظام, بل تريد كسب الشرعية كجزء من المعارضة, ولا يمكن للعملية السياسية  التي تستبعد ممثلي الإدارة الذاتية أن تحقق الحل, كما أن الإدارة الذاتية يجب أن تشارك في عملية جنيف.

وأضاف مسلم:

هناك مشكلة في تسليم عناصر داعش وعائلاتهم إلى دولهم, فالدول لا تريد أن توقع اتفاقيات مع الإدارة الذاتية وتستعيد مواطنيها بحجة أن الإدارة كيان غير معترف به دولياً, وإذا تم الاعتراف الدولي بهذه الإدارة فلن يكون لدى تلك الدول تحفظات, وهناك ما بين 11 و 12 ألف معتقل من داعش يتعين محاكمتهم, ولا أحد يبدي استعداداً  للتعاون لأن الإدارة الذاتية ليس لها شرعية.

أما (آلدار خليل) فقد أكد في التقرير بأنهم مستعدون لأي طارئ, وأنهم في الإدارة الذاتية الديمقراطية وعبر قواتها العسكرية لم تتصرف من منظور إسقاط النظام السوري، وإلا لكانت لاقت دعماً دولياً. مضيفاً بأن الكرد أصبحوا هدفاً للمساومة في الصراع بين الولايات المتحدة وروسيا وتركيا, وأن عمليات الاحتلال التركي في عفرين وتل أبيض (كري سبي) وسري كانية جاءت نتيجة لهذه المساومات.

كما أكد خليل بأن العلاقة مع الولايات المتحدة تقتصر على محاربة داعش, وأنها لا تتضمن دعماً عسكرياً ومالياً مكثفاً، وليس لها مضمون سياسي، حيث قال:

سيكون إهمالاً خطيراً أن نضع ثقة كبيرة في علاقة تتطور على هذا المحور, يعتقد الكثير من الناس أن علاقاتنا مع أمريكا استراتيجية, فالرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لم يغير شكل العلاقة قبل الهجوم التركي على كري سبي (تل أبيض) وسري كانيه, وعبّر عن ذلك بشكل واضح, ووافق على الغزو التركي بسحب قواته وقال حينها: ليحلوا مشاكلهم بأنفسهم.

وأضاف خليل:

 روسيا اتخذت نفسها ضامناً لزيادة نفوذها في المنطقة, وحولت هذا الضمان إلى ابتزاز ضدنا، أي أن وجود الولايات المتحدة وروسيا لم يكن ضمانة لنا، أمريكا وروسيا تريدان أن يتم استنزاف الكرد والأتراك في حرب لا نهائية, ولذلك وجود القوات الأمريكية لا يمكن أن يكون ضمانة, نحن نعتمد على القوة الذاتية لشعبنا ودعم أصدقائنا.

كما أوضح خليل في التقرير بأنهم بدأوا في بناء الإدارة الذاتية الديمقراطية بدون الولايات المتحدة, ويمكنهم الاستمرار بدونها, وأن الشراكة مع الأمريكيين لا تؤثر على البحث عن حلول مع دمشق, وقال:

رسمنا إطار علاقاتنا مع دمشق عندما لم تكن الولايات المتحدة هنا. دافعنا عن وحدة أراضي سوريا, وأوضحنا لكل الشعوب في سوريا بأننا يجب أن نقيم سوريا ديمقراطية للجميع وليس على أساس الهوية العرقية والدينية, ووجهة نظرنا هذه لم تتغير عندما جاءت الولايات المتحدة إلى هنا, وعلى الرغم من أن السيد لافروف يعلم هذه الحقائق فهو يقول لنا: إن الولايات المتحدة ستغادر على أي حال، لذا ابدؤوا المحادثات مع دمشق, بالطبع  وجدنا أن هذه الرسالة ذات مغزى, ونعتقد أن الحل يجب أن يكون على أساس المفاوضات وليس عسكرياً.

ومن جهة أخرى انتقد خليل في التقرير الصمت الروسي إزاء جرائم وانتهاكات تركيا والجماعات التي تدعمها في المنطقة بصفتها ضامن لوقف إطلاق النار, وأكد بأن حملة المطالبة بالاعتراف الدولي لا علاقة لها بالتطورات الحالية, وقال موضحاً:

لقد طالبنا بالاعتراف الرسمي بالإدارة الذاتية في كل مناسبة, لكن لم يتم إدراجنا في أي منبر أو مفاوضات كسوريين, بينما المنظمات السلفية والقوى الغازية التي ارتكبت جرائم ضد الإنسانية تتحدث باسم سوريا, ونحن كجزء من سوريا لم يتم تضميننا في هذه المنابر والمفاوضات, ونؤكد أنه لا توجد قوة أجنبية تريد الديمقراطية في سوريا, فالحرب والأزمات هي ضمانة لهم ولمصالحهم, لذلك من حقنا الطبيعي أن نطالب بالاعتراف الدولي كوننا ندافع ونحافظ على الحياة السلمية والديمقراطية في ثلث سوريا، لذلك لن تؤثر هذه الحملة على الغرب ولا على دمشق, نحن نستحق مكانة تقوم على ضمان دستوري، وسنناضل من أجلها تحت كل الظروف.

وحول نتائج زيارة وفد الإدارة الذاتية الديمقراطية لباريس أوضح خليل بأن هذه الزيارة أظهرت إمكانية الحفاظ على العلاقات الدبلوماسية وعلى جميع المستويات مع فرنسا.

كما أشار آلدار خليل إلى أن  زيارة الوفد الأمريكي الرفيع المستوى إلى شمال وشرق سوريا يومي 16 و 17 حزيران برئاسة نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكية (جوي هود) أعطت رسالة مفادها أنه يمكن الوصول إلى مرحلة جديدة في العلاقات, مضيفاً بأنه تزامناً مع تلك الزيارة كان إقليم جنوب كردستان على شفا الانفجار كبرميل بارود, وزادت تركيا من هجماتها على الإقليم لتعزيز الاحتلال, مؤكداً بأنه لم يتم نقل أي رسالة من خلال هذا الوفد إلى أنقرة, ولم تحصل لقاءات أو اتصالات أخرى بعد الاجتماع غير المباشر مع أنقرة عبر الممثل الأمريكي الخاص جيمس جفري قبل عملية نبع السلام ضد تل أبيض وسري كانيه, وأضاف خليل:

لقد وعدت الحكومة التركية أنها لن تهاجم إذا سحبنا أسلحتنا الثقيلة وقواتنا العسكرية من الحدود, وقد أوفينا بهذه المطالب ولكن تركيا احتلت أراضينا بضمان الولايات المتحدة الامريكية.

ومن جهة أخرى أوضح التقرير أن الولايات المتحدة حاولت تغيير الظروف في المنطقة وطمأنة تركيا بشأن مخاوفها, حيث استخدم الأمريكيون ثقلهم لتوحيد المنظمة الجامعة لخط حزب الاتحاد الديمقراطي  TEV-DEM (حركة المجتمع الديمقراطي) مع المجلس الوطني الكردي السوري (ENKS), وأكد التقرير بأن الخطة الأمريكية لم تنجح, وأنه منذ ذلك الحين شجعت الولايات المتحدة شركائها الغربيين في تعزيز العلاقات مع الإدارة الذاتية  في الآونة الأخيرة، وكانت هناك زيارات دبلوماسية ملحوظة, ففي 20 نيسان التقى وزير الدفاع السويدي (بيتر هولتكفيست) مع مظلوم كوباني عبر تقنية الفيديو, وأكد بأن  الدعم السويدي للمنطقة سيستمر, وبعدها زيارة وفد فرنسي  من مؤسسات مختلفة في 25 أيار، ووفد من وزارة الخارجية الهولندية في 5 حزيران ، ووفد من كاتالونيا في 22 حزيران، ووفد من وزارة الخارجية الفنلندية في 14 تموز، ووفد من  وزارة الخارجية الفنلندية في 16 تموز, و وفد من بلجيكا في 3 تموز، كما ناقش ممثلو الإدارة الذاتية عدة قضايا في اجتماع مكثف حضره مسؤولون أجانب من 13 دولة غربية, ومن بين القضايا التي نوقشت في كل هذه اللقاءات فتح بوابة تل كوجر(اليعربية)، وقطع تركيا للمياه عن الحسكة، واعتداءات وانتهاكات تركيا والجماعات المسلحة التي تدعمها في عفرين وتل أبيض وسري كانيه.

وأوضح التقرير بأنه على الرغم من هذه الاتصالات فإنه يجب الأخذ بعين الاعتبار عدة حقائق متناقضة, فالكرد ضامن للوجود الامريكي في مواجهة الحكومتين التركية والسورية, ونظام دمشق تصف الإدارة الذاتية بمشروع تقسيمي يغتصب ثروات سوريا, وإيران وروسيا هي المشاكل الرئيسية مع الوجود الأمريكي, وإسرائيل تعتبر الوجود الأمريكي في سوريا يعزز هجماتها ضد حزب الله والعناصر الإيرانية, وتصف تركيا مشروع الإدارة الذاتية بالممر الإرهابي, ولا تستطيع أن تجمع بين انتصار الكرد في سوريا  وعدم خسارة تركيا.

واختتم التقرير بالإشارة إلى أن كل ما سبق يحدد الإحداثيات غير المتسقة لخطة حل للأزمة السورية تشمل الكرد, وإن النهج الأمريكي الذي شعر بضرورة الاعتماد على الدور الروسي في تأمين الكرد والحد من النفوذ الإيراني وعدم فتح قنوات تزعج إسرائيل من الجولان والدفع بمسيرة جنيف كان واضحاً منذ فترة, لكن هذا الأخذ والعطاء هو فقط في البداية.

زر الذهاب إلى الأعلى