المجتمع

الهجرةُ عن الوطن.. تداعياتُها ومُعاناتها

مثلما نعلم أنّ هناك الكثير من البشر يسافرون إلى بلاد المهجر لتحسين أوضاعهم بسبب الأزمة في بلادهم، ولكن يبقون بنفس الحالات التي كانوا يعيشون فيها من قبل. فبقاؤهم في بلادهم أفضل بكثير من تشرّدهم في بلاد الغريب، وذلك لأنّ هناك الكثير من الفرق بين البلدين في طريقة تعاملهم مع المواطنين، معاملة اللاجئ ليست كمعاملة المواطن الأصلي من ناحية الأوضاع المعيشية والضرائب التي تفرض عليهم وناحية العمل. نأخذ حياة الشباب كمثالٍ على ذلك: “الشباب في بلادهم لم يكونوا يعصون والدهم على أي أمر كان يطرح عليه، ولا يقوم بأعمال غير شرعية، إنما فور وصولهم إلى بلاد الغرب تغيرت كل تفاصيل حياتهم كــ “تدخين، مخدرات، سهر، عدم إكمال دراستهم، عدم شعورهم بالمسؤولية تجاه أي شيء”.

لذلك إيماناً منّا كصحيفة الاتحاد الديمقراطي وحرصاً على حياة مواطنينا في أوروبا أجرينا لقاءً مع أحد الأشخاص في أوروبا وتحديداً في ألمانيا يدعى “سيبان أحمد“. شاب في الخامسة والعشرين من عمره من الجمهورية السورية يعيش في ألمانيا منذ اندلاع الأزمة السورية، وذلك ظناً منه بتأمين مستقبله.

في البداية وضّح لنا العديد من النقاط الهامة والأساسية في حياتهم اليومية هناك. فقمنا بطرح بعض الأسئلة عليه:

 كيف يتم استقبال اللاجئين فور وصولهم إلى بلاد المهجر؟، أجابنا في البداية يصل اللاجئ على أقرب كامب ويقوم بتسليم نفسه للسلطات هناك، فيضعونه في غرفة كبيرة مشتركة مع عدة أشخاص، ويأخدون منه وثيقة ثبوتية من أي بلد يكون، ومن بعدها يأتون بفرزه، وهنا يبقى الحظ حليفه، وأفادنا أحمد أنه بعد الفرز يبدأ بالمحاكمة، وهنا نستطيع القول أن وضع العائلات أصعب من أي وضع آخر، لأن أوراقهم تتأخر كثيراً.

ومن ثم انتقلنا للحديث عن المستلزمات التي تقدمها الحكومة الألمانية للاجئين، وماذا عن الإقامة؟

أكد أحمد في حديثه بقوله: نحن نعيش أصعب لحظات حياتنا في هذه الفترة “فترة قبل الحصول على الإقامة”، وذلك لأن الكثير من الشباب يأخذون الإقامة تكون مدتها سنة وذلك بعد انتظار طويل وشديد، ويكون قد فاته القطار على الدراسة والكثير من أمور الحياة” تأمين مستقبله”، وأشار هنا إلى نقطة هامة بأنهم لا يستطيعون أن ينتقلوا من مدينة إلى أخرى فور فرزهم من قِبل الحكومة في المحكمة. ومن ناحية أخرى تطرق حديث أحمد عن أن هناك جمعيات ومؤسسات خيرية تساعد اللاجئين بتقديم دورات لغة وترجمة مجانية، وأيضاً شخص مساعد يرافقهم لتسيير أمورهم وأوراقهم. وتحدث أحمد عن الراتب الذي تقدمه الحكومة قبل الإقامة يكون “330€”، وبعد أخد الإقامة ويمكن للشخص إدارة أموره فالحكومة تمنحه فرصة للدراسة، ولكن بشرط أن يكون مستواه التعليمي كالمطلوب. وأكد أحمد بأن هناك نوعين من الإقامات والتي تكون على سنة واحدةنسبتها 90%، والإقامة في الحصول على لجوء سياسي تكون مدتها ثلاث سنوات.

ومن ناحية المشاكل التي تعترضهم قبل الحصول على الإقامة، قال أحمد هي اللغة والمعاملة الصعبة التي يعاملها الموظفون مع المواطنين، وخاصة في الناحية الشرقية لألمانيا لأنها من الألمان النازيين والتعامل معهم صعب جداً.

وتلاه حديثنا مع أحمد بعد حصول اللاجئ على شهادة اللغة ماذا ينتظره؟ هنا يوجد ثلاث مراحل لتعليم اللغة B1،تكون مرحلة أساسية، وباقي المراحل B2، C1 تكون شهادة لغة عالية، وهنا بهذه الشهادتين يستطيع الشخص أن يكمل دراسته أو يتعلم أي مهنة يريدها ليعمل بها، وأكد أنه إذا أراد أن يكمل دراسته يجب أن يكون معه شهادة جامعية من بلده. وأشار أحمد إلى زاوية مهمة بعد الحصول على شهادة أوسبلدون(B1) وإن لم تكمل الدراسة فهناك مؤسسة تابعة للحكومة اسمها (جوب سنتر) تقوم بدعوتهم لكي يراجعهم بخصوص العمل أو الدراسة، أو إرسال “بوستات” رسائل وهنا يأخذون التدابير اللازمة مكتوب في الرسائل عنوان وساعات العمل والراتب، في هذه الحالة لدينا المجال لكي نراجعهم ونطلب منهم إننا لا نريد هذا العمل، وسوف نبحث عن عمل بأنفسنا، وهنا يقومون بإرسالنا إلى مكان آخر يدعونه بـ (اين اورو) نحن نسميه “إندماج” أي “تعليم مهني” وتكون فترتها ستة أشهر، ونحن مجبرون على الذهاب  إليها ووضح أحمد لنا أن العمل هناك ساعة بـ 1 € ولا يوجد ضرائب هناك.

ومن ثم تحدثنا عن كيف يتم العمل هل حسب العمر، الخبرة أو الكفاءة؟

أكد أحمد أن التعامل لا فرق بين كبير أو وسط، فقط الأطفال أي ” القاصر تحت الـ 18 لديهم معاملة خاصة”، أما إذا توقفوا على الخبرة فهنا يتابعون ملفهم الشخصي إذا كان هناك عمل أو مهنة عملها في هذه الحالة يقدمون له المجال، أما بالنسبة للكفاءة أي بمعنى إذا كان لديك عمل خاص بك ونظامي تدفع ضرائب كل شيء ” تأمين صحي، آجار البيت، الكهرباء، الماء” فهنا الحكومة لم تقدم شي لا العكس صحيح نحن من ندفع لهم وهنا تكون معاملة الموظف محترمة وخاصة.

وفي السياق ذاته تحدثنا مع أحمد عن إذا كنت جاهلاً للقوانين كيف يتم التعامل؟

وضح لنا أن التعامل صعب جداً إذا لم تكن فاهماً القوانين بشكل صحيح، أي بمعنى يطلبون الكثير من الطلبات الغريبة في بعض الحالات “إنجاب الأطفال، زواج، عرس أو فتح محل للعمل فيه” وذلك لمضايقة المواطن، لذلك يجب أن تساعد نفسك في هذه المسائل لتتخطى هذه المشاكل.

وأخيراً سألنا أحمد عن ما هي الضرائب في حياة اللاجئ؟

قال أحمد في بداية حديثه عن الضرائب أنه أول موضوع تتكلم فيه الحكومة، وإذا لم تدفع لهم هنا يضعون عليك مخالفة، وإذا لم تدفع نهائياً فيحرمونك من كل شيء.

فوضح بعض النقاط أنه من الصعب أن تعمل عملاً نظاميا،ً أي أن الحكومة تعلم بهذا العمل لأن هنا سوف يفرضون عليك الكثير من الضرائب، وذلك بدون أن يقوموا بدفع سنتاً واحداً لك “بمعنى أنت من ستدفع كل الضرائب لهم من راتبك الذي تقبضه من الحكومة” نوه أحمد هنا في حديثه عن نفسه كمثال بقوله: إذا عملتُ عملاً نظامياً فإن الراتب الذي سأقبضه “1500€” والضرائب التي سأدفعها “تأمين صحي بـ 200€ و100€ للشخص الذي أعمل لديه، و 150€ للنت، و 100€ ضريبة للتلفاز ومع العلم إنني لا أملكه، ومثلما ذكرت أجارسكن، كهرباء،ماء، نظافة بـ 450€ فهنا ماذا استفيد من العمل النظامي غير الضرائب”، ففي هذه الحالات يضطر اللاجئ إلى “العمل الأسود” كما يسمونه وذلك  لإنه لا يوجد ضرائب. ولكن لا ننسى أنه إذا علمت الحكومة بهذا العمل فسيكون هناك مخالفة 500€ عليك وعلى صاحب العمل فوق الـ 15000€.

وفي السياق ذاته قال أحمد أن الطائفة اليهودية معفية من الضرائب، لأن الحكومة الألمانية وضعت قانوناً بهذا الخصوص، وحسب قوله : بسبب الإبادة الألمانية لليهود أو إنهم من الأقلية في ألمانيا، ووضح أيضاً أن الشخص من الطائفة المسيحية إذا عمل عملاً يدفع كل شهر 9% من راتبه إلى الكنيسة، لذلك الكثير منهم يتركون الدين المسيحي ويصبحون من الملحدين لعدم استطاعتهم أن يعيشوا أفراد عائلتهم.

في نهاية الحديث تحدث عن ظاهرة الفساد الأخلاقي، حيث هناك شوارع في مقاطعة دورتموند تقوم بتجارة المخدرات والحشيش، ويكون بعلمٍ من الحكومة لأنها لا تستطيع توقيفهم وذلك لأنها تكون بكميات محددة بحدود ثلاث حبات إلا إذا تزايدت الكمية هنا فالحكومة توقفهم فتضع عليهم مخالفة فيعود ذلك إلى المصاريف التي تصرف على المساجين “فتكون بمخالفة ويفكون أسرهم” وهم يعودون إلى أماكنهم من جديد ويداومون في أعمالهم. ولكن في حال وجود المال غير الشرعي معهم يأخذونهم، ويكون حكمهم بإرسالهم للمحكمة لتلقي عقوبتهم.

وفي النهاية نتمنى لكل مواطن خارج بلاده العودة إلى دياره والعيش بهناءة مع أفراد شعبه، ولا يتحمل ذل وإهانة الشعوب الأخرى وتصرفهم كالعبيد معهم.

  اعداد: أفين يوسف

زر الذهاب إلى الأعلى