المجتمع

نارُ الصيف وأعطال المولدات

إعداد: حسينة عنتر

بينما أكتب هذا التقرير هناك عدد كبير من المولدات معطلة في كثير من حارات وشوارع مدينة قاملشو، حسب مصادر موثوقة من الأهالي فهناك مولدتان في حي قدوربك وآخر بحي قناة السويس ومولد بالحي الغربي مساكن رميلان، ومولد معطل في مساكن المعلمين، في الوقت الذي يعيش الناس في المجتمعات الأخرى برفاهية. فعلى سبيل المثال احتفلت أكثرُ من دولة أوربية بمرور مئة عام دون انقطاع الكهرباء ولو لثانية واحدة. فبالتأكيد وحسب ما نلمسه عبر الحياة المعاصرة بأنه لا نستطيع أن نعيشَ بدون كهرباء، فكلّ مجالات الحياة واختراعاتها  العصرية تعتمدُ على الكهرباء بشكل أساسٍ، فالكهرباءُ عمادُ الحياة في البيوت فهي مهمّة للإضاءة، فمصابيح الإضاءة تعمل عليها عن طريق التسخين كما أنّ التدفئة تعتمد على الكهرباء من خلال أجهزة التدفئة التي توضع في البيوت والمؤسسات والمعامل التي تعمل على تدفئة المكان في فصل الشتاء كذلك فإنّ أجهزة التكييف والتبريد التي تقوم بعكس عمل التدفئة هي أحد الأجهزة التي لا يمكن الاستغناء عنها في فصل الصيف الحار.

كما وأنّ أجهزة المطبخ لا يمكنها العمل من دون الكهرباء فالثلاجة والفريزر والغسالات والغازات والنشافات كلّها تعمل على الكهرباء بالإضافة إلى العديد من الأجهزة الكهربائيّة المفيدة في المطبخ والتي تسهّل عمل ربة البيت وتوفر لديها الوقت والتي لا يمكنها الاستغناء عنها.

بهذا الصدد أجرت صحيفة الاتحاد الديمقراطي لقاءات مع عدد من مواطني مدينة قامشلو لتظهرَ وتوضّح للمواطنين واقع القطاع الكهربائي والمولدات وآلية عملها.

زيادة تسعيرة الأمبير عبءٌ كبير على المواطن:

أبو محمد أحد سكان حي قناة السويس بمدينة قامشلو: كلنا على يقين تام في أي منزل كان لا يمكن الاستغناء عن الكهرباء مهما كان، فبشكل عام هناك الكثير من الأجهزة الكهربائية الملازمة المفيدة كالتلفاز والحاسوب والراديو وغيرها من الأجهزة التي لا يمكن الاستفادة منها بانقطاع الكهرباء، وفي ظل هذه الثورة  التي أثرت بشكل سلبي جداً على الخدمات الاجتماعية، فنال انقطاع الكهرباء الضرر الأكبر وانعكس بشكل مباشر على حياة الناس وصاروا يعيشون الحياة ببدائياتها على مر سنوات الست من الصراع الدائر في سوريا، فليس بإمكان أفضل مما كان فما هو البديل للحصول على الكهرباء! وما نلاحظه أنه في البداية عندما وضع مولدته في الحي ووعدنا بوعود بأنه سيكون على خلاف غيره وستكون تسعيرته منخفضة وسيعوض لنا ساعات مجيء الكهرباء ولكن ذهبت مع نسمات الصيف الحارة وضعف المقاومة أمام المال، فكان في البداية سعر الأمبير الواحد لمدة شهر 800 ل.س ثم رفعوه إلى 900ل.س وبعدها إلى 1000 ل.س وفي هذه السنة قام جميع أصحاب المولدات برفع التسعيرة بين 1100 إلى 1200 للآمبير الواحد و(المواطن مين سائل عنو)، وحججهم ومبرراتهم الكثيرة أعطال المولد وارتفاع سعر المازوت والصعوبة في توافره والزيت  وتبديل بعض عدة المولد بين حين وآخر مع حالة العجز المالي الكبير لدى أغلب الناس.

 صاحب المولدة مسؤول بشكل رئيسي عن الأعطال التي تتعرض لها المولدة:

كفاح صاحب إحدى المولدات بحي ميسلون بقامشلو: المولد الكهربائي  الذي انتشر على شكل واسع في السنوات الأخيرة، والذي فرضه علينا واقع الثورة و الأزمة التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط ومنها سوريا وروج أفا، فهذا الجهاز الميكانيكي(المولد) الذي يقوم بتحويل الطاقة الحركية إلى طاقة كهربائية بوجود مجال مغناطيسي، في ظل هذه الظروف القاسية التي يمر بها المواطن أتت المولدة كحلّ بديل يعوض المواطن ببعض ساعات من الكهرباء ولكن هنا صاحب المولدة مسؤول بشكل رئيسي عن كل شيء ومنها الأعطال التي تتعرض لها المولدة والتي يبلغ نفقة متوسط إصلاحها الشهري ما يقارب 50000 ل.س عدا ارتفاع سعر المازوت، فسعر الليتر منه يتجاوز100 ل.س في حين يكون عدد المشتركين لكل مولدة بين 200 – 300 مشترك والناس يجدونها مهنة مربحة، كوني صاحب مولدة لا أجدها سوى أنها جلب المتاعب وصداع في الرأس

 الحرارة تجاوزت معدلاتها هذه السنة:

يقول أحد معمّري مدينة قامشلو يتجاوز عمره الثمانين عاماً: في كل عام من هذا التوقيت الصيفي نستقبل أربعينية الصيف هي أشد أيام الصيف حرارة وتكون بين أواخر حزيران وشهر تموز لم تأت مثل هذه الموجة الحارة جداً التي فاقت معدلاتها السنوية، فدرجاتُ الحرارة المتزايدة في ظل انقطاع عام للكهرباء سببت، وخصوصاً للأشخاص  الذين يعانون من أمراض الصدر والحساسية والربو،  تدني أحوالهم الصحية وسبحان الله في هذه الفترة بالذات جميع الأحياء تشتكي من عطل المولدات، وصاحب المولدة لا يبالي والمهم لديه تحصيل المال في نهاية كل شهر وبدون ضبط ساعات العمل وخاصة عدم تعويض المواطنين بالكهرباء في حال تم توصيلها أثناء تشغيل المولدة. كذلك في هذا الحر الشديد كنت قادماً من خيمة عزاء فوجدت الحي معتماً تماما فسألت كان الرد بأن المولدة معطلة ما بالها لم يمر اسبوع على صيانتها! وبعد السؤال عرفنا بأن المولدة خالية من الوقود فما هذا التصرف من قبل صاحب المولدة؟
تكلفة المولد وأعطاله لا يغني عن شراء مولد لأفراد الأسرة:

صالح عباس يسكن حي المزرعة بمدينة قامشلو يقول:
انقطعت الكهرباء منذ منتصف رمضان هذه السنة والصيف في بدايته  ولا يوجد مولد خاص بالحي وكل يوم أحد سكان الحي يقوم بشراء مولد منزلي خاص به وأنا بنفسي أشعر بنوع من الخجل أمام أفراد عائلتي لأنني كنت أعدهم ولكن ما باليد حيلة،  غير أني أُجبرتُ على شراء المولّدة أخيراً.

المولدات الكهربائية المشتركة للأحياء تعوض انقطاعَ الكهرباء:

عبد الصمد موظف في دائرة الكهرباء بقامشلو تحدث لنا: إبان الأزمة السورية وتضرّر القطاع الكهربائي والغلاء الفاحش للأسعار وتداول الدولار في السوق بدأ راتبُ الموظف لا يكفيه، فبعد انتشار المولدات الكهربائية في الأحياء وبقرار من الإدارة الذاتية بسماح وضع مولد بكل حي وتأمين الوقود لأصحاب المولدات راودتني فكرةُ شراء مولد كبير يغذي الحي بأكمله بالكهرباء ويكون لدي مورد رزق يساعدني في إعالة أسرتي، لأن راتبي لم يعد يكفيني، وتم توزيع الآمبيرات الكهربائية كل منهم بحسب استطاعته المادية وحجم حاجته فكان الحل البديل والملائم كبلسم آلام للأهالي، ويكون توقيت تشغيل المولدة كالآتي في الصيف من الساعة الواحدة ظهراً حتى الرابعة عصراً ومن الساعة السابعة مساءاً حتى منتصف الليل وأما بالنسبة للتوقيت الشتوي يختلف الأمر لقصر النهار وطول الليل فيكون العكس كما أنه يختلف رسم الاشتراك بين منطقة وأخرى

 تتفاوتُ طرق التعامل بين الحسَن والسيء وتتفاوت الأسعار:

الخالة فوزية من سكان العنترية تشكي همها فتقول: نظراً لاحتياجات الأهالي للكهرباء ليلاً ونهاراً كبيراً وصغيراً، تقول كنت دائماً أتوقع لو انقطعت الكهرباء لمدة ثواني سأفارق الحياة فوراً وأستغرب لنفسي وما كنت أتوقع أبداً أنه لدي هذه الإرادة القوية من التحمل. فالساعات الثمانية المقررة لأصحاب المولدات السماح لهم بتشغيل المولدة ولا يتقيد بالمواعيد المحددة للتشغيل ولا يتم تعويض المواطن بالساعة الكهربائية، لذا نرجو من الجهات المعنية تدارك الأمر ومحاسبة هؤلاء وتعويضهم بتلك الساعة ولا سيما نحن في فصل الصيف أحوج إلى دقيقة من الكهرباء مع مراعاة ظروف المواطنين على حد السواء.

خدمة المواطن من أولوياتنا:

أحدُ العاملين في هيئة بلدية قامشلو بالمنطقة الشرقية: نحن حريصون دوماً على راحة وخدمة المواطن، ومن هذا المنطلق قمنا باستثمار عدة مولدات مختلفة الحجم ووضعناها في مناطق مختلفة من المدينة وخاصة المناطق غير المخدومة بالمولدات، وشكّلنا هيئة من أهالي الحي لكل مولدة تقوم باحتساب تكلفة الأمبير عن كل شهر وبالتشاور مع هيئة البلدية و والكومونات وبيوت الشعب الموجودة في الأحياء، ومن ثم نقوم بجباية الفواتير ولا نسعى للربح أبداً، وخدمة  المواطن هي من أولوياتنا ونقوم بأخذ سعر التكلفة فقط، ويتم تعيين ناطور من قبل الكومين بموافقة دار الشعب وهيئة البلدية، يخصص له راتب شهري وكما إنه يتلقى شكاوي المواطنين واقتراحاتهم كما وأن هناك لجنة للصيانة وتأمين الوقود يكونون حريصون على تلافي العطل قبل وقوعه.

كما أشار الموظفُ في البلدية بأن الإدارة الذاتية بالتعاون مع هيئة الكهرباء وبلديات قامشلو  تناقش أمرَ توسيع مشرع استثمار المولدات لكافة مناطق المدينة والقرى المحيطة بها

أزمةُ الإدارة.. وإدارة الأزمة:

 المدرّس أحمد خليل من الحيّ الغربي تحدّثَ إلينا مشكوراً: لطالما كنتُ عقلانيّاً في طروحاتي، منطقيّاً في أحكامي، وهدفي دوماً هو الصالحُ العام ودرء الفتن.

الحقيقةُ أنّ أهلَنا في روج آفا- شمال سوريا يشكونَ سوءَ الخدمات المُقدَّمة من قِبل الإدارة الذاتيّة الديمقراطيّة.

خلالَ السنوات الماضية تجنّبنا الانتقادَ والمطالبات والمحاسبة والمكاشفة والدعوة إلى الشفافيّة والتي هي من أدوات الديمقراطية الفعّالة ومن حقّ المواطن.

نعم كانتِ الإدارةُ ناشئةً والظروفُ صعبةً، ولكن ما الحجّةُ الآنَ؟

الزميلُ سليمان محمود، محرّر في جريدة حزب الاتّحاد الديمقراطي أبدى لنا رأيهُ في أزمة الكهرباء:

بخصوصِ مسألة الكهرباء، هذه هي حالها منذُ عدة سنوات ولم يتغير شيء في المسألة .وأريد أن أوضّح بعضَ الأمور:

روج آفا محاصرة ولا يسمحون  بإدخال المواد لأجل صناعة الكهرباء، باشور تمنع حتى دخول المحركات الكبيرة.
السدود على الفرات والتي كانت الأمل الكبير لأجل الكهرباء، فمياهها مقطوعة، وكأنّ السدودَ غيرُ موجودة، ومياه الفرات بيد النظام التركي.
العنفاتُ الموجودة في الرميلان تعمل بأقصى طاقتها وهي قديمة جدا، وبالكاد تستطيع خدمة المجالات التي لا يجب أن تنقطع عنها الكهرباء، كآبار المياه والصوامع والافران…
المولدات الموجودة في الأحياء، لأجل إمداد المواطنين بالكهرباء، للأسف أصحابها أيضا يحتكرون المواطنين.

وكلما ضغطت البلديات قليلاً على أصحاب المولدات للتقيد بشروط الترخيص، يهددون بالتوقف عن العمل وسحب المولدات.

الحلول هي زيادة عدد المولدات للحارات، ومراقبة حثيثة على عملها لكي لا يستغلّ أصحابُها المواطنين.

ولكن يجبُ الحذر من بعض الذين ركبوا موجة حملة بدنا كهرباء و تجييرها لغايات أخرى أهمها التغطية على أخبار و أحداث ذات أهمية قصوى لغايات حزبية معروفة للجميع، و ما نشر صورة مزيفة لشاب مصري قتل قبل أربعة أعوام على أنها لشاب شارك بالاعتصام في قامشلو إلا جزءٌ من تلك الحملة المغرضة والبائسة .
و انجرّ الكثيرون بطيب نية أو سوء نية إلى تصديق تلك الإشاعة .

كلمة أخيرة:

كلنا على يقين بأنّ المنطقةَ تعاني من نقص في الكهرباء، كلنا نعرف بأن أكثر عنفات الكهرباء تضرّرت بسب الحروب الدائرة في البلاد، كلنا نعلم بأن حكومة أردوغان الفاشية تتلاعب بمياه نهر الفرات، كلنا نعلم أغلب مصافي حمص توقفت عن العمل، كلنا نعلم بأن أغلب السدود معطلة لأن داعش والجماعات الإرهابية كانت تتعمد أن تفجر السدود وتلوث المياه وتسب أعطال وخاصة بعد كل هزيمة تتلقاها. هذا يعني أن تأثر قطاع الكهرباء بالأزمة كان واضحاً وضوح الشمس حيث نتج عن ذلك خروج أكثر من نصف محطات توليد الكهرباء عن الخدمة الذي تسبب بدوره بتراجع كميات إنتاج الطاقة الكهربائية لتدخل البلاد في حالة من العتم اليومي ومن جهة أخرى أصبحت البدائل المتاحة أمام المواطنين السوريين ومن بينهم الكرد لتأمين حاجاتهم من الطاقة الكهربائية بين مصابيح اليد والبطاريات والمولدات والأمبيرات، فكلما ازدادت ساعات انقطاع التيار الكهربائي جعل اعتماد الأهالي على المولدات أكثر، لهذا أناشد جميع الهيئات المعنية من هيئات البلدية والمجالس الشعبية ودور الشعب والكومونات الموجودة في مقاطعات روج أفا مع أماناتها المحدودة توفير المولدات الكهربائية كما وتلبي شكاوي المواطنين نحو المخالفات التي يقوم بها أصحاب المولدات الأهلية بخصوص عدم التزامهم بالتسعيرة التي باتت عبئاً على عاتق المواطن وهو يفكر بتأمين سعر الأمبير غير مبالٍ بما يعانيه المواطن ويبدأ بين حين وآخر برفع التسعيرة والتلاعب بساعات التشغيل المقررة اليومية. لذا نأمل أن يكون هناك سعر موحد لجميع المولدات وفقاً للقانون الذي اتخذته هيئة البلديات التابعة للإدارة الذاتية في روج أفا.

زر الذهاب إلى الأعلى