المجتمع

الازدحام المروري بين مسؤوليات الترافيك واخلاقيات القيادة

 تُعَدُّ الاختناقات المرورية حالياً إحدى أهم الإشكاليات التي تعاني منها مُدنُ الأقاليم الفيدرالية في شمال سوريا، خاصة في مراكز المدن (عقدة المدينة) التي أصبحت تعج بالسيارات والحِراك السكاني المتزايد؛ خاصة في ساعات الذروة، وهذا الأمر شَغَلَ بال الجهات المعنية والتي كَثَّفَتْ بدورها جهودها في محاولةٍ لوضعِ حلولٍ واقعيةٍ في ظلِّ الظروفِ الراهنةِ التي تمرُّ بها عموم المنطقة.

 بالطبع هذه المشكلة  تشغل بال الكثيرين من المواطنين خاصة سائقي التكاسي العمومية، فالقيادة وسط هذا الكم الهائل من السيارات والدراجات التي تتدافع في الشوارع بشكل يفوق المتوقع؛ تجعل جميع مرتادي الطرقات في حالات عصبية، ناهيك عن المشاحنات اليومية التي  تحدث لأسباب متعددة أهمها كانت تتمثل في عدم التقييد بأخلاقيات القيادة.

لا شكَّ إنَّ هذه الزحمة المرورية  تتزايد في بعض المناطق الداخلية خاصة التجارية ( الأسواق) حيث يتكدس السكان في المناطق القريبة من المراكز التجارية.

يقول أحد المواطنين من مدينة قامشلو: “بشكلٍ مختصر يمكنني تلخيص الموضوع في الصورة التي تعودنا رؤيتها في كل يوم، وهي السيارات الخاصة، وسيارات الأجرة بالإضافة إلى الدراجات الهوائية والنارية، كلها تخرج إلى الشوارع ذاتها في نفس التوقيت، وكون أغلب الشوارع في مركز المدينة مغلقة لدواعٍ أمنية، فأن أحد أهم أسباب الازدحام هو كون حركة السيارات ( الذهاب والإياب) تكون عبر شارعين، شارع الوحدة وشارع عامودا، وتتكاثف الازدحام عند عقدة التقاء الشارعين، ناهيك عن السيارات التي تُصْطَفُّ وتُرْكَنُ في قلب المدينة خلال فترة النهار، كل هذا الأمر يؤدي إلى تزاحم مروري في مركز المدينة “.

ويتساءلُ مواطنٌ آخر هل من حلول جذرية وواقعية لهذه المشكلة؟ بما إن المدينة تُعْتَبَرُ هي المركز الاداري والتجاري والصناعي  الرئيسي؛ فأنَّ عدد سكانها ومرتاديها خلال ساعات النهار الأولى ضعف عدد السكان، وبالتالي فإن محاور الدخول إلى المدينة تشهد تدفقاً مرورياً ضخماً عند ساعات الذروة، ما سيضعف الطاقة الاستيعابية للطرق الداخلية.

وبدورنا نحن في صحيفة الاتحاد الديمقراطي نقلنا هذا الواقع إلى الإدارة العامة للترافيك في شمال سوريا، والتقينا ببعض العاملين على الأرض  (بوليس الترافيك) ومن هم على احتكاكٍ مباشرة بواقع الظاهرة، والذين يقدمون جهوداً كبيرةً في مجال تنظيم الحركة المرورية بشكلٍ عام.

صارم أحمد المدير العام لمؤسسة الترافيك:

بدايةً دعني أقول أنَّ مؤسسة الترافيك تأسست في ظلِّ واقعٍ غابَ فيه مؤسسة مرور النظام، وعدم قدرتها على القيام بواجبها وحالة الفساد التي كانت منتشرة، ودخول عدد كبير من السيارات المجهولة المصدر؛ خاصة تلك القادمة من مناطق سيطرة تنظيم داعش الإرهابي إلى مدننا وبلداتنا في عموم الشمال السوري المحرر.

ناهيك عن التجار الغير قانونيين الذين لعبوا دوراُ كبيراً في استيراد السيارات من مناطق غير معروفة وبطرق غير شرعية، لذا كان من الضروري أن تكون هنالك مؤسسة أمنية تنظيمية قانونية تدرك هذا الواقع، وتضمن الأمن والسلامة  والقضاء على الفوضى، لذا تم اتخاذ القرار في نهاية عام 2013 بتأسيس مؤسسة ترافيك روج آفا كمؤسسة تنظم المرور، وتعمل على سلامة المواطنين ومركباتهم، بالطبع قبل أن يعلن عن تأسيس مؤسسة الترافيك وكباقي مؤسسات الإدارة الذاتية الديمقراطية كانت هناك جهودٌ مدنية طوعية من قبل أبناء روج آفا للحفاظ على أمن وسلامة وإدارة مدنهم وبلداتهم وقراهم دون أي مقابل.

من ثم وبعد الإعلان عن تأسيس مؤسسة الترافيك كجزء من المنظومة الأمنية الداخلية بالنسبة لشمال سوريا، ومع تزايد أفراد بوليس الترافيك تم العمل على تأهيل وتدريب المنتسبين وبشكلٍ اكاديمي ومهني، وفقاً لقواعد المرور العالمية وبكافة الاختصاصات.

في بداية 2014 تم تخريج أول دفعة من أفراد بوليس الترافيك، ومن كافة مدن مقاطعة الجزيرة، بالطبع الدروس والتدريبات المكثفة للمنتسبين كان وفق آلية منهجية، حيث كان الطالب ( المنتسب) يدرس قوانين المرور والمخالفات، إلى جانب الدروس الثقافية والفكرية التي تأهله لأن يكون على قدر المسؤولية التي ستلقى على عاتقه، وأن يلتزم بكل المعايير الأخلاقية لبوليس الترافيك.

 ومن ثم تتالت دورات التدريب والتأهيل، وأذكر هنا الدورة الثالثة لبوليس الترافيك فقد كانت مميزة عن الأولى والثانية، وذلك بانضمام المرأة، إلى مؤسسة الترافيك والتي لعبت دوراً هاماً إلى جانب الرجل في تنظيم السير والعمل في المؤسسة، وهذا الأمر ينطبق على كافة المؤسسات والمجالات في الأقاليم الفدرالية، والتي أثبتت فيها جدارتها وعلى كافة الصُعد والميادين.

بالتأكيد لقد اعتمدنا على الحقوقيين وعلى القوانين الدولية في مجال المرور وتنظيم المرور، وذلك بما يناسب واقعنا؛ لكن هناك ثوابت دولية في هذا المجال كالشاخصات الدولية، والقوانين المتعلقة بالحوادث، وتنظيم المرور.

حقيقةً لم تكن مهمة بوليس الترافيك فقط تنظيم السير بل المحافظة على أمن البلد، حيث تم القاء القبض على العديد من اللصوص ومن الإرهابيين، وتم تسليمهم إلى الجهات المختصة.

ورغم الامكانيات الضعيفة فقد تمكنت مؤسسة الترافيك من انجاز مهمتها، وهي اليوم تسعى لبذل المزيد من الجهود في سبيل الحفاظ على سلامة المواطنين ومركباتهم، وتنظيم حركة المرور، وتخفيف الازدحام بكل الوسائل المتاحة والممكنة.

بالطبع هناك من يسعى إلى الفوضى؛ لكن هذا لن يثنينا عن القيام بواجبنا بأكمل وجه وهناك تحديات ومصاعب كثيرة نواجها، خاصة بعد أن توسع عمل الإدارة العامة، وافتتحت العديد من الفروع في مدن إقليم الجزيرة، كما تم افتتاح العديد من مدارس السواقة، وقسم العمليات، ناهيك عن المدن التي تتحرر، حيث نقوم نحن من جهتنا بتقديم الدعم والمساندة حسب الامكانات المتاحة في مجال الترافيك لتلك المدن.

وكمثال فقد تم تأسيس خمس مراكز للترافيك في البلدات والمدن المحيطة بالرقة  كـ( طبقة – الكرامة – عين عيسى – منصورة – جرنية) وهي مرتبطة بإدارة مدينة الرقة.

إضافة إلى فتح العديد من المراكز في كل مدن وبلدات إقليم الجزيرة، بالطبع نثق بقدرات أفراد الترافيك في القيام بواجبهم بالصورة التي تليق بمهمتهم، لكن هناك معاناةٌ حقيقيةٌ وهي متعلقة بالسائقين؛ فلهم دورٌ كبيرٌ في تخفيف الحمل عن كاهل بوليس الترافيك بالتزامه بقواعد المرور، وكون هذه المهمة مهمة يتكامل ويشارك فيها الجميع فعلى السائقين والمواطنين التعاون مع جهاز الترافيك.

 بالنسبة للحوادث يمكن القول  بأن حوالي 250 -300 حادث شهرياً على مستوى شمال سوريا، ومعظم أسباب الحوادث يمكن أن نجملها بالسرعة الزائدة، وعدم التقييد والالتزام بالضوابط والقواعد المرورية، فعلى سبيل المثال عدم ترك مسافة الأمان، خاصة ونحن مُقبلون على فصل الشتاء ومخاطر الانزلاق، لذا على الأخوة السائقين أن يلتزموا بقواعد المرور للتخفيف من الحوادث؛ خاصة وأن أغلب الحوادث مؤلمة، وأن الطرق بشكلٍ عام غير مؤهلة.

على السائقين أن يلتزموا بالسرعة المحددة ضمن المدن ( 40 فما دون).

بالنسبة للوسيلة الإعلامية هناك صفحة خاصة بالترافيك على موقع التواصل الاجتماعي ( فيس بوك ) والآلاف يتابعوننا على هذه الصفحة، ويمكن للأخوة السائقين والمواطنين الدخول لصفحة الترافيك ومعرفة كل القرارات والتوصيات والقوانين، وكل مستجدات الترافيك في روج آفا وشمال سوريا، إضافة إلى ذلك نُشارك في العديد من البرامج الإذاعية والتلفزيونية، ونتواصل عبر البراامج الخاصة مع السائقين، ونطلعهم على كل ما يمت بالصلة بالمرور والمركبات، إضافة فأننا نقوم بتعليق وتوزيع المناشير الخاصة بالمرور والقوانين المرورية. بالطبع دور الإعلام مهم في هذا المجال، ونحن نسعى بشتى الوسائل إلى أن نتواصل مع كافة السائقين والأخوة المواطنين، وأن نجيب على تساؤلاتهم، وأن نجد معن الحلول المناسبة والتي تصب في النهاية في خدمة مجتمعنا، ويؤمن السلامة للجميع، وتخفف من الأزمة والازدحام المروري داخل مدننا وبلداتنا.

بالطبع  هناك شروط لكل من يود الانتساب إلى مؤسسة الترافيك، وأولى هذه الشروط يجب أن يكون المنتسب متعلماً يحمل شهادة  البكلوريا على الأقل، لأن العمل في الترافيك يختلف عن أجهزة الأمن الداخلي الأخرى، إضافة إلى المعايير الأخلاقية والسلوكية التي يجب أن يتصف بها المنتسب.

يتم تدريب المنتسبين ضمن اكاديميات قوى الأسايش العامة؛ باعتبار جهاز الترافيك جزءٌ من الأسايش لكن دروس التدريب والتأهيل بالنسبة لأفراد الترافيك تختلف عن بقية الأقسام الأخرى، وهناك دروسٌ مشتركةٌ تتعلق بالمعارف العامة، وأخرى تتعلق بالسلوك والأخلاق.

الكلمة الأخيرة نتوجه بها إلى السائقين وإلى عموم المواطنين للالتزام بالتعاميم  خاصة بالنسبة لأصحاب الدراجات النارية، على الجميع التحلي بالصبر والتأني على الحواجز، وأن يكونوا جزءً من منظومة الأمن والأمان، هناك بعض التعاميم  الخاصة بفصل الشتاء تم اصدارها، وعلى السائقين الالتزام بها بما يخدم المصلحة العامة، في الختام أقول أن هدفنا جميعاً هو المحافظة على بلدنا وتحقيق الأمن والاستقرار، ونتمنى السلامة لجميع المواطنين.

كيما سليمان عضو في الإدارة العامة للترافيك:

 حقيقةً بعد انتسابي إلى سلك الترافيك أدركت إن بإمكان المرأة أن تكون جزءً أساسياً من هذه المنظومة التنظيمية والأمنية، فبإمكان المرأة أن تكون فرداً فعالاً في هذه المؤسسة، ورأينا كيف إن المرأة في روج آفا أثبتت جدارتها في كافة الميادين، وأنها اثبتت بقدراتها وطاقاتها بأنها ليست أقل من الرجل، فهي المقاتلة في صفوف الـypj  والتي استطاعت أن تقف بوجه داعش، وأن تحقق الانتصارات في ساحات المعارك، لذا فأن دورها في داخل المدن – اليوم نستطيع القول بأن المرأة لعبت دوراً كبيراً في الأسايش.

وكوني إدارية في مدرسة قامشلو التابعة للإدارة العامة للترافيك فقد اخضعت للعديد من الدورات، وصقلت بها قدراتي في هذا المجال الذي رغبت فيه عند انتسابي إلى هذه المؤسسة، حقيقة العديد من المدربات اثبتوا جدارتهم في هذا المجال، وهذا يدل على أن المرأة في روج آفا وفي شمال سوريا استطاعت أن تثبت للعالم بأنها ليست ضعيفة بل أن قوة إرادتها واصرارها على أن تتخلص من الذهنية السلطوية الذكورية هي التي قادتها لأن تكون رائدة في أغلب المجالات، على خلاف بلدان الشرق الأوسط والعالم. في روج حققت المرأة الكثير وبامكانها أن تحقق المزيد، ونحن نلاحظ هذا التقدم من خلال الزيادة المستمرة والملحوظة للمنتسبات إلى مؤسسة الترافيك، ونحن بدورنا نسعى إلى تطوير قدرات المرأة، ولن نكتفي بما انجز حتى الآن.

ملك أوصمان مسؤول خط سرفيس قناة السويس:

بالنسبة لمؤسسة الترافيك بشكلٍ عام أنهم يقدمون جهوداً كبيرةً في سبيل تنظيم حركة المرور والحفاظ على أمن وسلامة المواطنين. حقيقة هناك بعض الملاحظة يجب الوقوف عليها؛ مثال هناك بعض أفراد بوليس الترافيك يجب أن يخضعوا لدورات تدريبية أكثر خاصة في مجال التعامل مع السائقين، وهناك بعض الشكاوي المتعلقة بالمخالفات، كذلك يجب على مؤسسة الترافيك وضع المزيد من لوحات الإعلانات  والشاخصات والدلالات المرورية في مدخل المدينة وفي المراكز التي تكثر فيها الازدحام المروري. ونطلب من مؤسسة الترافيك تشديد الاجراءات بشأن الدراجات النارية، خاصة وأن أغلب سائقي الدراجات هم من المراهقين وصغار السن. لما يسببونه من مشاكل وازعاجات بشكلٍ عام.

ناجي عباس بوليس ترافيك نقطة الوحدة:

طبعاً هناك عرقلة وصعوبات تنظيمية، هذه النقطة تشكل عقدة المواصلات الأساسية  في مركز مدينة قامشلو، هناك شكوى لنا يتعلق بسائقي السيارات العسكرية بعضهم  لا يلتزمون بقوانين وضوابط المرور، ويسببون بعض المشاكل المتعلقة بالمرور والازدحام المروري.

هناك شكوى أخرى تتعلق بالسيارات الغير منمرة، والتي لا تحمل أي أوراق ثبوتية،  نطلب من الإدارة العامة الوقوف على هذا الأمر، والإسراع بتجهيز ( لوحات السيارات والاستعجال بشهادات السواقة، أقول إن هدفنا وعملنا بالنهاية هو تأمين  السلامة  لجميع المواطنين.

محمد عبدالله بوليس ترافيك نقطة البلدية مدينة قامشلو:

حقيقة نعاني من مشكلة وقوف السيارات في الأماكن الغير مخصصة لساعات طويلة خاصة السيارات العسكرية، وبالتالي تتسبب في الازدحام المروري، نطلب من الأخوة السائقين الالتزام بالضوابط والقواعد المرورية، ليتجنبوا المخالفات المرورية.

ختام التقرير:

  أن مشاكل المرور عديدة كما لاحظنا من خلال استطلاعنا لأرض الواقع؛ لذا فأن بعض الحلول البسيطة يمكن أن تساهم في التخفيف من الأزمة المرورية وتجنب من الحوادث، أبرزها تلك المتعلقة بسلوكيات السائقين، والذين يجب أن يتصفوا بالصبر والتأني، وعليهم أن يقوموا بواجبهم في التخفيف من التزاحم المروري، وأن يلتزموا بمعايير القيادة، وهذا بالطبع سيساعد في التقليل من الحوادث ومن المخالفات، وبالتالي سيسهم في حل المشكلة المرورية، وسيخفف من الأعباء المُلقاة على عاتق مؤسسة الترافيك وبوليس الترافيك.

 لكن علينا أن نُدرك بأن مشكلة الازدحام المروري تعاني منه كل دول العالم، وليس فقط مدن الأقاليم الفيدرالية في شمال سوريا، والتي تعاني أصلاً من بنية تحتية سيئة خاصة فيما يتعلق بالتخطيط وبالطرق.

وفي الحقيقة فإن الأساليب المتبعة في علاج ظاهرة الازدحام والاكتظاظ المروري تحتاج إلى بذل جهدٍ أكبر، كما أنها تحتاج لوقتٍ طويل للحصول على نتائج واقعية ملموسة.

  • تقرير: دلبرين فارس
زر الذهاب إلى الأعلى