المجتمعمانشيت

(أسرى داعش) قنابل موقوتة بانتظار من يسحب مسمار الأمان

بعد ما ارتكبه التنظيم من جرائم بشعة ومروعة بحق الإنسانية، الانتصار عليه بات قريباً في جيبه الأخير الواقع في الباغوز، وبعد سلسلة من الهزائم التي ألحقتها قوات سوريا الديمقراطية بداعش الإرهابي، ومن مناطق سيطرته، وحررت هذه القوات الآلاف من المدنيين الذين عانوا الأمرين تحت حكمه، كما تم مؤخراً إجلاء الكثيرين من عناصر داعش المستسلمين بالإضافة إلى المئات من العوائل الداعشية من الباغوز تلك البلدة التي تقع في ريف دير الزور شرقي سوريا.

جاء يوم الهزيمة العسكرية للتنظيم، لكن الأمر لا ينتهي هنا، بل أن هنالك كم هائل يقدر بالآلاف من العناصر المتطرفة التي تحمل فكراً سوداوياً، وعوائلهم التي دعمت إرهابهم، وأطفالهم الذين تربوا على بذرة التطرف، مصير هؤلاء بات يشغل العالم بأجمعه، والكل يتساءل ما مصير أسرى معتقلي داعش بيد قسد وعوائلهم؟ لا سيما بعدما اكتظت بهم مخيمات شمال وشرق سوريا خصوصاً مخيم الهول.

ومن هنا ارتأينا نحن صحيفة الاتحاد الديمقراطي استبيان رأي علماء الدين الإسلامي والمسيحي وكذلك وجهاء العشائر والحقوقيين في قضية أسرى داعش من الجوانب المذكورة آنفاً، وإليكم هذه الآراء:

أفين جمعة الرئيسة المشتركة لمنظمة روج آفا الحقوقية قالت:

إن الأسرى من عناصر داعش وعائلاتهم هم أسرى حرب ووفق القانون الدولي الإنساني يعاملون معاملة أسرى الحرب، يتم توقيفهم ويعاملون معاملة إنسانية وتُقدم لهم الرعاية الصحية اللازمة وفق الظروف المتوفرة، وفئة أخرى تجد أن عناصر داعش المعروف بفكره المتطرف قد ارتكبوا جرائم ترقى أن تكون جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب ليس فقط في سوريا وإنما في أكثر من دولة وهم يشكلون خطراً يهدد الأمن والسلم الدوليين فيجب محاكمتهم وفق محكمة عادلة، وبما أن عناصر داعش ينتمون لجنسيات مختلفة من كل دول العالم، ودولهم حتى اللحظة ترفض استقبالهم حتى أن بعض تلك الدول تهدد بسحب الجنسيات منهم وتركهم دون محاكمة يشكل خطراً كبيراً لعودتهم لإعادة تنظيم صفوفهم من جديد لذلك لابد من محاكمتهم ومحاسبتهم على ما اقترفوه من جرائم وفظائع بحق الانسانية، وذلك يقع على عاتق الأمم المتحدة بتشكيل محكمة خاصة عبر مجلس الأمن الدولي على أراضي شمال وشرق سوريا وبحضور حقوقيين من كافة البلدان التي تنتمي إليها أولئك العناصر ومراقبين حقوقيين دوليين ومنظمات حقوقية مختصة تقوم بدور المراقب على أن تكون الأحكام الصادرة تستند إلى القوانين الدولية ولا تتنافى مع العقد الاجتماعي في الشمال السوري وأن يتم السماح لمعتقلي داعش وذويهم بالتقدم بشكاويهم للمحكمة المشكلة وحضور جلسات المحاكمة.

 

“علينا متابعتهم فكرياً وتهيئتهم من جديد لإزالة التعاليم والأفكار التي تلقوها والتي دفعتهم ليكونوا أناساً خارجين عن العدالة”

سمير كانون راعي كنيسة الكلدان بالقامشلي

بالنسبة لموضوع أسرى داعش حسب المفهوم المسيحي، في البداية نحن كمسيحيين ننطلق من مبدأ كل مخلوق له كيانه الخاص وله حضوره ومع حضور اليسوع ومجيئه إلى العالم من ألفي سنة، من المؤكد أن يكون هنالك تغيرات بالمفاهيم في العلاقة بين الأمور المدنية والروحية.

كما ورد في كتاب الانجيل أن اليسوع كان يوبخ الظلم الاجتماعي واعتداء شخص على شخص آخر، وكذلك الذين يعتبرون أن الشريعة والقانون والدساتير مصدر لكل شيء، كان يقول بأن الشريعة وضعت من أجل خير الانسان، وليس الانسان من أجل الشريعة، فالقانون وضع من أجل خدمة الانسان وممتلكاته وتسهيل معاملاته التجارية والاقتصادية.

مما لا شك فيه أن الإنسان ينحرف بعض المرات ويعتبر القانون هدفاً للحياة أو هو الشيء الأسمى، ولهذا يرتكب الأخطاء وباسم القانون يمكن أن يتحول الشخص إلى ظالم شرير ودكتاتور.

بالنسبة لأسرى داعش يجب أن نراعي البعدين الكياني والروحي ولأنهم ارتكبوا أخطاء، من الناحية القانونية يجب أن نطبق العدالة معهم حسب الديانة وحسب القانون الوضعي، والشعب هو الذي يكون الحكم الأخير لمعاقبة هؤلاء الدواعش.

أما ما أبعد من القانون هي الرحمة والمحبة، ليس كافياً إصدار الحكم وإدانتهم، بل علينا متابعتهم فكرياً وتهيئتهم من جديد لإزالة التعاليم والأفكار التي تلقوها والتي دفعتهم ليكونوا أناساً خارجين عن العدالة، لأن العدالة منزلة من عند الله والانسان لم يخلق داعشياً، بل الظروف جعلته داعشياً وساعده محيطه ونشأته في بيئة يسودها الاضطهاد، لذا سيكون إنساناً مختلاً فكرياً، لكن علينا معالجته بشتى الطرق كتخصيص أناس (أخصاء) لحثهم على فهم الاسلام الحقيقي وتوعيتهم وإخراجهم من جميع الأفكار المتطرفة، ومعرفة الأسباب التي دفعتهم إلى الانضمام لداعش الذي شوه صورة الإسلام.

إن أسهل أسلوب هو محاكمتهم بعنف، هذا باعتقادي معاملة بالمثل، أما الذين تلطخت أيديهم بالدماء هناك وسائل عديدة للمعالجة والمحاكمة وهذا لا يتم بين يوم وليلة بل يستغرق وقتاً وذلك لنزع فتيل التطرف، عبر ملامسة الأمور التي أثرت عليهم ودراسة التكوين الفكري والمستوى العلمي لديهم والأسباب التي أدت إلى لجوئهم للعنف والتعصب الديني لذلك يجب أن نأخذ كل هذا بعين الاعتبار حتى لا يتجدد داعش ونعيش نفس الحلقة من جديد، ونقع في نفس الدوامة.

كما يوجد حل آخر أسهل وأوفر من الجهة المادية والاقتصادية ألا وهو تنفيذ حكم الإعدام بحقهم ولكن هل هذا هو حل؟؟

 أما بالنسبة لعوائل الدواعش القادمين من الدول الأخرى فالحوار مع الجهات المعنية، أي بين الإدارة الذاتية والدول الأخرى لإعادة مواطنيهم هو الحل الأصح، وفي حال رفض دولهم استقبالهم نقوم نحن بتأهيلهم وإعادتهم إلى المجتمع وستكون بذلك أكبر رسالة محبَّة توجه للعالم بأن تجربتنا تستند إلى أخوة الشعوب والتعايش المشترك والتضامن الانساني المجتمعي.

“داعش عدو أضر بكل المكونات”

 محمد عارف الحمدون المتحدث الرسمي لقبيلة الشرابية وعشائرها في سوريا والعراق

استهل حديثه بالقول تعلمنا من شهدائنا الفخر والاعتزاز وتعلمنا من الجرحى دروس في اللحمة والوحدة الوطنية نحن كعشائر نمثل القطاع المجتمعي ولكل عشيرة شريعة وعادات وتقاليد وأعراف وهي قوانين وضعية بحسب شريعة كل عشيرة، فداعش عدو أضر بكل المكونات أرى أن يكون الحل لهؤلاء عبر كفالة ومصالحة مجتمعية على أن يكون هذا التكفل عبر قوانين وتعهدات بعدم الرجوع إلى تلك الأفكار والممارسات بالإضافة لإعادة تأهيلهم، وممارسة ثقافة الصلح والتسامح والأخلاق.

نحن نعتبر داعش نفايات المجتمع ويحملون ثقافات دموية وكعشائر نجد أن الذين تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء يجب أن يحاكموا على مبدأ محاسبة من يخطأ وفق القوانين الدولية العالمية وبوجود وفود حقوقية من جميع أنحاء العالم وكعشائر نطالب كافة الفئات والمكونات السورية بالحوار والاجتماع مع قوات سوريا الديمقراطية التي حررت المنطقة من رجس الارهاب وداعش الوحشي ولدراسة مصير هؤلاء الأسرى وعوائلهم من نساء، أطفال، شيوخ، نحن نرى بأن الأسرى المحليين علينا تأهيلهم عبر إنشاء مدارس تأهيلية تدريبية أما الأجانب نطالب دولهم عبر المواثيق والقوانين الدولية بالرجوع إلى بلدانهم.

“برأي هذه رؤية صارمة وسلبية دامت إلى الوقت الحالي، ومن واجبنا أن نظهر الرؤية الصحيحة للإسلام “

محمد غرزي الرئيس المشترك لاتحاد علماء المسلمين في إقليم الجزيرة

في عهد النبي الشريف كان يطرح أفكاره بحرية والمتلقون كانوا يقبلونها  بحرية دون سلطة عليهم أو اضطهاد، وكذلك هي الأديان الأخرى، وعلى الرغم من الصعوبات والأذى الذي تعرض له الأنبياء، إلا أنهم ومن أجل رسالتهم تحملوا وتجاوزا كل الظلم والعقبات، بعد وفاة النبي حصلت بعض الأمور التي أدت إلى تغيير بعض المفاهيم الإسلامية ما ساهم في ظهور بعض الأطراف التي استغلت الدين، وأجبرت بعض الأقوام والمجتمعات على اعتناق الدين الإسلامي، ومع الأسف انحرف نحوهم الكثير من علماء الإسلام مما أدى إلى ظهور قواعد كالجزية، وغيرها.

برأي هذه رؤية صارمة وسلبية دامت إلى الوقت الحالي، ومن واجبنا أن نظهر الرؤية الصحيحة للإسلام وخاصة عند ظهور هذه المجموعات السلفية الإرهابية وتفشي أفكارها، في تشويه الإسلام وصورته، بعدما كان في جوهره إسلاماً ديمقراطياً علمانياً حتى قوبل بالراحة لدى الشعب.

هذه الأفكار المتطرفة كانت موجودة ولكن في الخفاء ظهرت في أفغانستان على صورة تنظيم <القاعدة> وانتشرت في المنطقة كلها ووصلت إلينا على صورة مجموعات إسلامية سلفية إرهابية أخذت تسميات عدة، سواء أكان داعش أم جبهة النصرة أو إخوان المسلمين لكن كلهم يحملون الأفكار والمبادئ ذاتها، شاركوا في الهجوم التركي على شمال وشرق سوريا، كما أنهم حرفوا الأدلة في القرآن وفقاً لسياساتهم بغية إعطاء المشروعية للدولة التركية الفاشية التي تستند في حقيقتها إلى الأفكار الداعشية التي أرهبت العالم والمنطقة برمتها، لذلك وجدنا شعوب العالم وضعت حداً لهذه التنظيمات الإرهابية التي وصلت قبل أربع سنيين إلى محيط مدينة قامشلو وسري كانيه وجل آغا وتم دحرهم اليوم من قبل قوات سوريا الديمقراطية.

نجد من بين هؤلاء الأسرى عناصراً من جميع أنحاء العالم مثل <أفغانستان، ماليزيا، تونس، جزائر مصر، فرنسا و….> والذي جمعهم هو الاسلام المتطرف، ونحن كمؤسسة دينية واتحاد علماء المسلمين في روج آفا وبالرجوع إلى الشريعة الاسلامية وفق القرآن والسنة النبوية الشريفة وبما أنه لا توجد في قوانين الإدارة الذاتية قوانين الإعدام والقتل وكشريعة الدين والاسلام القاتل يقتل وفقاً لما قاله تعالى: “ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب”، ويصنف هؤلاء الأسرى الذين لطخت أيديهم بدماء الأبرياء حكمهم يكون مغاير وينالون جزاءهم العادل وفق القوانين الحقوقية والعالمية والأعراف الدينية أما الأطفال والنساء، فالاطفال ليس لهم ذنب أما النساء البعض منهم أتوا مع أزواجهم ويفكرون مثلهم وهم أيضاً قتلة فالرسول دائماً حض على عدم قتل النساء والأطفال والشيوخ إلا اللواتي حملن السلاح وحاربن، لأنه لا يوجد هناك فرق عندها، والجزاء العادل لهم كيف فعلوا بالناس يفعل بهم، ويجوز أن يكون بين هؤلاء الأسرى الأبرياء مثلاً داعش هجم على منطقة ولم يرضَ اهلها بالاستسلام فطبقوا عليهم أحكامهم بقوة السلاح هذا ما نشهده عند تحرير قوات قسد القرى والمدن فيقوم النساء بإزالة العبي والنقاب فور تحريرهم لذا يجب الحكم على هؤلاء الأسرى بشكل مختلف فالذي قتل وسرق ونهب واغتصب يجزى على فعلته بشكل عادل والبريء كذلك سيعامل وفق منظور الإدارة الذاتية والمؤسسات الحقوقية المحلية والعالمية.

أما الأسرى الاجانب يجب تسليمهم إلى حكوماتهم ودولهم وفي حال محاكمتهم أو سجنهم، يجب أن يكون بحضور لجان حقوقية من كافة دول العالم.

ختاماً نقول:

أمام هذا الكم الهائل من أسرى داعش “نساء، أطفال، رجال” الذين تدفقوا في شمال وشرق سوريا واستقر أغلبيتهم في مخيم الهول التابع لمقاطعة الحسكة على كافة الأطراف وكافة الدول والمنظمات الانسانية والحقوقية والأمم المتحدة النظر إلى هذه المسألة الخطيرة وعليهم العمل مع الإدارة الذاتية للوصول إلى حل يرضي كافة الأطراف وبأقل الأضرار الممكنة.

إعداد: حسينة عنتر   

زر الذهاب إلى الأعلى