الأخبارالعالممانشيت

نادين مايينزا: ليس من حق أردوغان أن يقرر من هو الإرهابي, فهو أنشأ خلافة لداعش في عفرين وسري كانيه وكري سبي

يجب على الكونغرس الأمريكي والشعب الأمريكي والمجتمع الدولي أن يضع حداً لتركيا كي لا تستمر بارتكاب هذه الجرائم.

شددت (نادين ماينزا) المدافعة البارزة عن الحرية الدينية الدولية, ورئيسة اللجنة الأمريكية للحرية الدينية الدولية من عام 2018 إلى عام 2022مراراً وتكراراً على الحاجة الملحة للتدخل الدولي من أجل وقف الهجمات التركية المتواصلة على شمال وشرق سوريا.

وفي لقاء أجراه معها موقع (ميديا نيوز) تمت مناقشة التداعيات الجيوسياسية لتصرفات تركيا العدوانية، وما يتعين على الولايات المتحدة والمجتمع الدولي، وما يخبئه المستقبل لهذه المنطقة المحاصرة.

وحول الأهداف الأساسية للزيارة الأخيرة التي قامت بها إلى شمال وشرق سوريا، والتي تزامنت مع الحملة العسكرية التركية الأخيرة، ومضمون الاجتماعات مع مسؤولين من الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا و قوات سوريا الديمقراطية, أوضحت ماينزا أنه تمت دعوتها لزيارة شمال شرق سوريا من قبل حزب سوريا المستقبل، وإلى أنها كانت فرصة جيدة لها لمعرفة أوضاع الناس بعد أكثر من 200 غارة جوية من قبل تركيا على تلك المنطقة, وقالت:

كان من المفجع رؤية المستشفيات والمدارس ومحطات المياه ومحطات الكهرباء التي دمرها العدوان التركي دون أي احتجاج دولي ضد ذلك, لقد تمكنت من التحدث إلى بعض القادة والناس، وهناك التزام قوي بالبقاء ومواصلة بناء هذا المجتمع الذي يرحب بالجميع بغض النظر عن العرق أو الدين أو الجنس, ومع ذلك هناك شعور بالإحباط لدى الجميع لأن المجتمع الدولي لا يدعمهم.

وعن الإجراءات التي يجب على الولايات المتحدة اتخاذها لوقف هجمات تركيا في شمال شرق سوريا، حيث أن ماينزا وصفت هذه الهجمات بأنها جرائم حرب بموجب اتفاقية جنيف، وماهي السبل التي توصي بها لمحاسبة تركيا على المستوى الدولي, أوضحت ماينزا قائلةً:

جزء من المشكلة هو أن تركيا هي عضو مهم في حلف شمال الأطلسي (الناتو), وأيضاً باتفاقية الحبوب في أوكرانيا وكونها وسيطًا بين الغرب وروسيا، ومن الواضح أن الولايات المتحدة والمجتمع الدولي لا يريدان إثارة غضب تركيا, لذا فقد تم تهيئة هذه البيئة حيث يسترضون تركيا فقط، ويشيحون بوجههم، وفي هذه الأثناء ترتكب تركيا بوضوح ما يعتبر جرائم حرب وفقاً لاتفاقية جنيف ضد المدنيين في شمال وشرق سوريا دون أي احتجاج.

وأضافت: أردوغان نفسه يعترض ويستنكر قطع الكهرباء و الماء عن غزة، وأشار إلى استهداف إسرائيل للمدارس والمستشفيات, ومع ذلك فهو هنا في سوريا يستهدف موارد الكهرباء والمياه والمستشفيات والمدارس والمجتمع الدولي يتجاهل ذلك, لذا فقد حان الوقت لأن يدافع المجتمع الدولي عن حقوق الإنسان للجميع، والكرامة الإنسانية لجميع البشر سواء كانوا في شمال وشرق سوريا أو سواء كانوا في إسرائيل، ونحن بحاجة إلى الوقوف ضد الإرهاب وضد ما يفعله أردوغان.

وفي حديثها عن مشروع الإدارة الذاتية الذي يضمن حقوق ومشاركة كافة المكونات والأعراق في هياكل الإدارة, وإمكانية تعميم هذا النموذج على مناطق سورية أخرى, قالت ماينزا:

جزء من المشكلة هو أن المجتمع الدولي غير مدرك لمدى روعة هذه الإدارة وما فعله سكان شمال وشرق سوريا, والاستماع إلى السريان الآشوريين يتحدثون عن كيفية تصويتهم لتبني هذا النموذج من الحكم لأنهم رأوا أنه في الواقع يمثل الأقليات بشكل كامل, لذا فإن جميع الأقليات الدينية والعرقية مدرجة في كل مستوى من مستويات الإدارة, وهكذا فإن ما لدينا هو هذا النموذج التعددي، هذا المكان الذي لدينا فيه اللغات الرسمية (العربية والسريانية والكردية)، حيث يعمل الناس معاً لحل مشاكلهم الخاصة على كل مستوى من مستويات الإدارة, والجميع لديه مقعد على الطاولة، والجميع هو جزء من هذه الإدارة وهم اختاروها, لهذا نرى القوة التي تم بناؤها.

وأضافت:

أردوغان يرى كل ذلك ويحاول تدمير ما تم بناؤه, وهذا شيء يستحق اهتمامنا واحترامنا, أعني أنني التقيت بالمجالس المختلفة التي تعمل على حل المشكلات، وهو أمر رائع حقاً مع نظام الرئاسة المشتركة (رجل وامرأة), كلهم أعراق وأديان مختلفة, إذاً لدينا مجموعة من الأشخاص من جميع أطياف وأعراق المجتمع، وهم يقومون بحل مشاكلهم الخاصة, وفي أمريكا وفي جميع أنحاء العالم من الواضح أن الناس سئموا من الحروب الأبدية، لقد سئمت الولايات المتحدة من إرسال جنود إلى أماكن مثل أفغانستان والعراق, إلا أن هذا في شمال وشرق سوريا عكس ذلك, لقد فعل شركاؤنا في شمال شرق سوريا بالضبط ما نتمنى أن يفعله جميع شركائنا العسكريين وهو بناء نظام إدارة، والحفاظ على الأرض حتى لا نضطر إلى العودة والقتال مرة أخرى, وهذه هي الطريقة المناسبة لوقف الحروب إلى الأبد, أنظروا  إلى سهول نينوى بعدما هُزم داعش فيها، نهضت الميليشيات الإيرانية وملأت الفراغات الحاكمة والأمنية، وأداروا نينوى وسيطروا عليها, ولديهم نقاط تفتيش في كل مكان، ودفعت الأقليات الدينية الثمن الأكبر هناك, أما في شمال شرق سوريا لم يتم سماح بحدوث ذلك، فقد قام الناس في المنطقة ببناء هذه الإدارة التي ملأت هذه الفراغات وبالتالي فهم الذين انتصروا, وهذا نموذج يمكن تطبيقه في أجزاء أخرى من العالم حتى في الأجزاء غير ذات السيادة حيث توجد فوضى, فالناس قاموا بتشكيل حكوماتهم الخاصة، والاعتناء باحتياجاتهم الخاصة، وتلبية احتياجاتهم الخاصة، وهذا أيضاً يملأ فراغات تلك الحوكمة، والفراغات الأمنية التي سيستغلها الأشرار مثل رجال العصابات، مثلاً انظروا إلى الميليشيات الإسلامية في الأماكن التي غزتها تركيا واحتلتها, ترتكب الجرائم ضد الجميع وخاصة الأقليات الدينية والعرقية والنساء في تلك الأماكن, والإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا أوقفت ذلك, وأعتقد أنه إذا ألقى المجتمع الدولي نظرة على مدى روعة هذا النظام وما يمكن أن يكون عليه المستقبل هنا، فإن المجتمع الدولي سوف يلتف حوله بالتأكيد.

وعن الاحتياجات الأكثر إلحاحاً لسكان شمال وشرق سوريا في الوقت الحالي، وكيفية مساهمة المجتمع الدولي في تلبية هذه الاحتياجات بنظرها؟ خاصة أنها دعت إلى تقديم الدعم الدولي للإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا, أوضحت ماينزا بالقول:

إن ثلث سوريا تديره الإدارة الذاتية, وهي ناجحة في ذلك بالفعل، ومع ذلك تتجاهل الكثير من الدول ذلك لأنها لا تريد إغضاب تركيا, ورغم أن الأمم المتحدة تشدد على تطبيق قرار الأمم المتحدة رقم 2254 الذي يدعو الشعب السوري إلى حل الأزمة السورية ووضع دستور جديد وحكومة جديدة تمثل الشعب السوري, إلا أنه يتم استبعاد شمال وشرق سوريا من هذه العملية برمتها, لذلك عندما كنت في اللجنة الأمريكية للحرية الدينية الدولية، قدمنا توصية للولايات المتحدة بأن تطالب بإشراك الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا كجزء من أي حل سياسي للأزمة السورية وفقاً لقرار الأمم المتحدة 2254، وأن تكون جزءاً من خطط ومحادثات جنيف، وإذا لم يحدث ذلك فعليها القيام بعملية موازية تشمل الإدارة الذاتية.

وأضافت:

الإدارة الذاتية هي نموذج حقاً لسوريا بأكملها، كما يمكن لكل جزء من سوريا أن يقرر بنفسه كيف سيحكم نفسه, لكن في الحقيقة الأسد لا يزال في السلطة مع وجود الكثير من الدول التي تدعمه الآن، لكن هذا نقطة جانبية, فما نعرفه هو أن شمال وشرق سوريا يسير على ما يرام وهذا هو الطريق لتحقيق الأمن والسلام والاستقرار, وقبل الغزو التركي للمنطقة في عام 2018 ثم في عام 2019، نجحت قوات سوريا الديمقراطية في هزيمة خلافة داعش عام 2019، لكن كل هذه الفوضى والهجمات  المستمرة أوقفت القتال ضد داعش تماماً, وفي الواقع قدم المفتش العام الرئيسي لوزارة الدفاع تقريراً كبيراً قبل بضعة أشهر فقط إلى الكونغرس الأمريكي يقول فيه إن تركيا تدخلت في المهمة الأمريكية بشمال شرق سوريا وعرقلت مهمة القتال ضد داعش, لذلك هناك العديد من الأسباب المختلفة لدعم شعوب شمال وشرق سوريا, وشعب الولايات المتحدة قد سئم من رؤية حكومته تقوم ببناء أمة لشعوب أخرى، وترسل قوات وتفعل كل هذه الأشياء في بلدان أخرى عندما يكون لدينا في الولايات المتحدة الكثير من المشاكل في بلدنا, ولكن هذا هو الشيء الجميل في شمال وشرق سوريا، فهم لا يحتاجون إلى من يبني لهم دولة، ولا يحتاجون إلينا لنخبرهم كيف يديرونها، لقد كتبوا دستوراً مناسباً (العقد الاجتماعي), ونحتاج فقط إلى منحهم الدعم ليكونوا قادرين على بناء حكومتهم الخاصة ويكونوا قادرين على تحقيق الازدهار, لقد رفعنا العقوبات عن شمال وشرق سوريا حتى تتمكن الشركات الأجنبية من القدوم والاستثمار فيها, لدى شعوب شمال وشرق سوريا 80 في المائة من نفط سوريا، ولديها بعض تلك الأراضي الخصبة, لكن بالطبع تركيا قطعت المياه ودمرت محطات المياه، فمنذ الغزو التركي عام 2019 قامت تركيا ببناء ثلاث سدود على نهر الخابور مما أثر على المزارعين الآشوريين والسريان المستفيدين من مياه نهر الخابور, لذا فإن ما نراه هنا هو عدم قدرتهم على تلبية احتياجاتهم الاقتصادية بسبب تصرفات تركيا, وإذا جعلت الولايات المتحدة التكلفة مرتفعة للغاية بالنسبة لتركيا إذا قامت بالغزو مرة أخرى أو وواصلت هجماتها، فإن الولايات المتحدة تمنحهم بذلك المساحة ليكونوا قادرين على بناء هذه الإدارة لتكون قادرة على أن تصبح مزدهرة، والوصول إلى الاكتفاء الذاتي وربما حتى دعم مناطق أخرى في سوريا, ونصل إلى السلام والاستقرار الذي نحتاجه من أجل هزيمة تنظيم داعش بشكل دائم.

وأشارت ماينزا إلى أنه كان من المحبط رؤية أردوغان وهو يعلن أن حماس ليست منظمة إرهابية, ويظهر بوضوح دعمه لها عندما تذبح المدنيين في أفظع الجرائم بإسرائيل, وأضافت:

أردوغان دافع عن حماس رغم إن الجميع يتفق على أن حماس منظمة إرهابية وأن ما فعلته كان مروعاً, وبعد ذلك وفي نفس اليوم بالتحديد أعلن أردوغان إنهم سيواصلون القتال، وسيواصلون مهاجمة سكان شمال وشرق سوريا، واصفاً كل الناس في شمال وشرق سوريا بالإرهابيين. رغم أن الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا تدعم الحرية الدينية والمساواة بين الجنسين, وتعمل على بناء مجتمع مستقر وسلمي, وأنا لا أعتقد أن أردوغان يجب أن يكون هو الشخص الذي يقرر من هو الإرهابي, ومن الواضح أنه يستخدم هذه الكلمة لتحقيق أجنداته في دعم حماس من جهة وتدمير وقتل سكان شمال وشرق سوريا لأنه يريد احتلال هذه الأرض, والإشارة إلى أن جميع الناس في شمال شرق سوريا هم إرهابيون هو أمر مثير للسخرية، ومن الواضح مرة أخرى أنه شيء يقوله لتوفير الغطاء حتى يتمكن من الاستمرار في ارتكاب الجرائم التي يخطط لارتكابها مرة أخرى.

وأضافت ماينزا:

إن المناطق التي هاجمتها تركيا في شمال وشرق سوريا هي بالفعل أماكن تعاني من أسوأ الظروف في كل سوريا, والأمم المتحدة وهيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية جميعها وثقت هذه الجرائم المروعة ضد الأقليات العرقية والدينية وخاصة النساء في هذه المناطق, والوقائع توضح  أن أردوغان أنشأ خلافة لداعش في عفرين وسري كانيه وكري سبي، والخريطة التي يظهرها باستمرار للمناطق التي يريد السيطرة عليها في شمال وشرق سوريا، فهي تشمل جميع مجتمعات الأقليات الدينية في سوريا, إذاً أردوغان يريد القضاء على جميع القرى الإيزيدية والمسيحية المتبقية، وهي من أقدم المجتمعات المسيحية في العالم.

وأكدت ماينزا أنه لا يمكن للولايات المتحدة والمجتمع الدولي أن تقف موقف المتفرج بينما تستخدم تركيا مصطلحات تريد استخدامها لتكون قادرة على تحقيق أهدافها الخاصة، سواء كان ذلك دعم حماس من جانب، أو تدمير شعب شمال وشرق سوريا على الجانب الآخر, مشددةً على أن كلا الأمرين يجب أن يكونا غير مقبولين بالنسبة للمجتمع الدولي.

وعن الأضرار الجسيمة والخسائر الناجمة عن العمليات العسكرية الأخيرة للقوات التركية, ومدى اطلاعها عليها خلال زيارتها للمنطقة, ورأيها بالتقرير الذي رفعته الإدارة الذاتية بخصوص هذه الأضرار للجهات الدولية, قالت ماينزا:

لقد اطلعت على ذلك, ما تفعله تركيا بأهالي شمال وشرق سوريا يعد جريمة حرب بحسب اتفاقية جنيف, ويتعين على الأمم المتحدة أن تعترف بذلك على حقيقته, لقد اعترفت في بعض تقاريرها السابقة بالجرائم التي ترتكبها تركيا في شمال وشرق سوريا، وعليها أن تمنعها من شن هذه الضربات الجوية، وإذا أعلنت تركيا إنها ستفعل ذلك مرة أخرى، فهذه فرصة للمجتمع الدولي للوقوف ضد تركيا, وإذا لم يقم المجتمع الدولي بذلك فإن تركيا ستواصل هذه الهجمات ليس فقط ضد الناس في شمال وشرق سوريا، في جميع الأماكن, لأنه في مرحلة ما لا يمكن استرضاء دولة معتدية مثل تركيا, ومن الواضح أن ذلك لا يفيد أهداف الولايات المتحدة ومهماتها في شمال وشرق سوريا وفي المنطقة.

وأشارت ماينزا إلى أن هذا الجزء من سوريا(شمال وشرق سوريا) هو الأكثر أهمية لمنع الجسر البري الإيراني من الوصول إلى البحر, وأضافت:

وبالطبع شمال العراق هو مكان آخر يحتاج إلى التأمين لأنه إذا كان شمال العراق وشمال سوريا آمنين، فإن ذلك يعرقل أهداف الإيرانيين المتمثلة في جعل هذا الجسر البري يمتد على طول الطريق إلى حزب الله، وصولاً إلى إسرائيل, ولأسباب عديدة مختلفة فمن مصلحة الولايات المتحدة أن تقف مع الناس في شمال وشرق سوريا، والإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، وقوات سوريا الديمقراطية التي هي حليفة لنا, فلم يكن هناك أي هجوم داخلي من قوات سوريا الديمقراطية ضد الولايات المتحدة, وهم شركاء موثوقون, ونحن نتقاسم نفس القيمة وكل ما يريدونه هو الفرصة لبناء مجتمع يتمتع فيه كل عرق وجنس ودين بنفس الكرامة الإنسانية, ويعد هذا نموذجاً رائعاً في العالم في ظل استمرار تدهور أوضاع الحرية الدينية حول العالم, إن ما بنته شعوب شمال وشرق سوريا هنا مثير للإعجاب للغاية بالنسبة لنا لنتعلم منه, وعندما نسمح بتدميره فهذا أمر غير مقبول.

زر الذهاب إلى الأعلى