تقاريرمانشيت

ما الرابط بين الانسحاب الأمريكي والمنطقة الآمنة وتفجير منبج؟

منذ إعلان الرئيس الأمريكي ترامب عن سحب قواته من سوريا بحجة انتهاء الحرب على الإرهاب (داعش), ما زال الغموض يكتنف مستقبل المنطقة المحررة من التنظيم الإرهابي, فعلى الرغم من الأمن والأمان في شمال وشرق سوريا تحت ظل الإدارة الذاتية الديمقراطية, التي نأت بالمنطقة عن عاصفة الأحداث السورية من قصفٍ وتدميرٍ وحربٍ طائفية مذهبية, إلا أن تركيا وبسبب الفوبيا الكردية مازالت تسعى للقضاء على كل ما هو كردي, ومصرّة على إطلاق صفة الإرهاب على القوات الّتي حاربت داعش وقدّمت آلاف الشهداء.

ولأنّ قرار الانسحاب الأمريكي لاقى رفضاً واستنكاراً من قبل الدول الأعضاء في التحالف الدولي لمحاربة داعش ودول الاتحاد الأوروبي, ومطالبتها بحماية القوات التي هزمت داعش على الأرض من تركيا, كان لابدّ من اتخاذ قرارات وإجراءات لضمان حماية هذه القوات والحفاظ على مكتسبات الحرب على داعش, فجاء تهديد الرئيس ترامب لتركيا بتدميرها اقتصادياً وإنشاء منطقة آمنة بين تركيا وقوات سوريا الديمقراطية.

وتخفيفاً لهذا التهديد الأمريكي الصريح للحكومة التركية أعلن أردوغان بأنّه سيكون الضامن والمشرف على هذه المنطقة, على الرغم من عدم صدور تفاصيل لهذه المنطقة الآمنة من قبل الإدارة الأمريكية.

وبدورها أصدرت قوات سوريا الديمقراطية بياناً بهذا الخصوص جاء فيه:

(كانت مهمة حماية جميع مكونات منطقة شمال و شرق سوريا على أكمل وجه إحدى مهامنا الأساسية، ونكاد نؤكد أن منطقتنا هي المنطقة الوحيدة التي تتعايش فيها كل مكونات سوريا، ولم نشكل عامل تهديد خارجي ضد أي من دول الجوار وخاصة تركيا، التي نتطلع و نأمل للوصول إلى تفاهمات وحلول معها تؤمن استمرار الاستقرار والأمن في المناطق الحدودية معها.

إننا في قوات سوريا الديمقراطية، سنقدم كل الدعم والمساعدة اللازمة لتشكيل المنطقة الآمنة التي يتم تداولها حول شمال وشمال شرق سوريا، بما يضمن حماية كل الإثنيات والأعراق المتعايشة من مخاطر الإبادة، وذلك بضمانات دولية تؤكد حماية مكونات المنطقة وترسخ عوامل الأمان والاستقرار فيها، وتضمن منع التدخل الخارجي بها).

فيما كانت أكدت أنّ تركيا طرف في الصراع شمال سوريا وليست حيادية، قالت قوات سوريا الديمقراطية “قسد” إنها مستعدة للمساعدة في إقامة منطقة آمنة اقترحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في المناطق التي تسيطر عليها في شمال وشرق سوريا.

على الرغم من تحالف تركيا الاستراتيجي مع أمريكا، فإن واشنطن لن تتغاضى عن قيام أنقرة بارتكاب فظائع ضد الكرد في سوريا المجاورة، هذا ما قاله السيناتور الجمهوري (جيم ريش) الرئيس الجديد للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ.

وكذلك ردّاً على تصريحات أردوغان بإدارة المنطقة الآمنة التي أعلن عنها ترامب, صرّحت مصادر من الحكومة السورية:

 (إن تصريحات الرئيس التركي تؤكد أن نظامه لا يتعامل إلا بلغة الاحتلال والعدوان, ويتصرف بما يتناقض مع أبسط مبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة، كما أنها تؤكد مرة جديدة على أن هذا النظام “راعي الإرهابيين في حوارات أستانا”, ولا يمكن أن يكون إلا نظاماً مارقاً متهوراً غير مسؤول ضارباً بعرض الحائط كل القرارات الدولية التي أكدت دائماً وأبداً على احترام وحدة أرض وشعب الدولة السورية, ومحاولة المساس بوحدة سوريا لن تعتبر إلا عدواناً واضحاً واحتلالاً مباشراً لأراضيها, ونشراً وحماية ودعماً للإرهاب الدولي من قِبل تركيا, والذي تحاربه سوريا منذ ثماني سنوات, والدولة السورية مصممة على الدفاع عن شعبها وحرمة أراضيها ضد أي شكل من أشكال العدوان بما فيه الاحتلال التركي للأراضي السورية بكل الوسائل والإمكانيات).

كما صرح وزير الخارجية الروسي (سيرغي لافروف) بأن الجيش السوري هو الذي يجب أن يسيطر على شمال البلاد وذلك بعد مقترح من الولايات المتحدة لإقامة منطقة آمنة تحت سيطرة تركية, وقال:

 (نحن على قناعة بأن الحل الوحيد والأمثل هو نقل هذه المناطق لسيطرة الحكومة السورية)

وكان لافروف قد قال سابقاً في مؤتمرٍ صحفي:

( نرحب ونؤيد الاتصالات التي بدأت الآن بين ممثلين عن الكرد والسلطات السورية, كي يتمكنوا من العودة إلى حياتهم تحت حكومة واحدة دول تدخل خارجي).

تفجير منبج …..رسائل سياسية

التفجير الانتحاري الأخير في منبج والّذي راح ضحيته مدنيّون وأربعة  جنود أمريكيون والّذي تبناه تنظيم داعش كما يرى مراقبون هو على الأرجح تخطيطٌ استخباراتي تركي, فقد قال ( رامي عبد الرحمن) مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان:

من نفذ هذه العملية خدم الرئيس التركي عبر الضغط على الرئيس الأمريكي لسحب قواته من منبج و شرق الفرات، ولتوجيه رسالة ثانية أن منبج غير آمنة ويتواجد فيها عناصر من التنظيم الذي انهار بشكل شبه كامل على الأراضي السورية ولم يبق له في شرق الفرات سوى 15 كلم مربع، والتفجير قدَّم خدمات مجانية لتركيا والتحرك التركي لن يكون إلا بضوء أخضر أمريكي أو روسي ودونها لا يمكن لأردوغان التحرك في سوريا.

أمّا السيناتور الجمهوري(ليندسي غراهام) فقد قال عقب التفجير:

( إن قرار الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) بالانسحاب من سوريا أثار حماس تنظيم داعش.

 لافتاً إلى أن ذلك أدى إلى هجوم منبج الذي راح ضحيته أربعة جنود أمريكيين).

أهم الأسباب الّتي تحصر الشبهة في تركيا هي:

1ــ إنها المستفيدة من هكذا عملية لإظهار أن مدينة منبج في ظل الإدارة المدنية الحالية هي غير آمنة, ولا تستطيع الإدارة هناك حفظ الأمن والسلام, وإظهار أنّ تركيا ومرتزقتها هما الأجدر والأفضل لإدارة منبج.

2- سقوط ضحايا من الجنود الأمريكيين سيزيد الضغوط على ترامب لتسريع الانسحاب من سوريا وإخلاء المنطقة لتركيا ومرتزقتها.

زر الذهاب إلى الأعلى