المجتمع

قوات حماية المرأة المجتمعية ترسيخٌ للحياة الندّية المشتركة

تقرير: ياسر خلف
يتميز تحرر المرأة بعظيم الأهمية في سياق التحول إلى مجتمع ديمقراطي وأمة ديمقراطية, فالمرأة المتحررة التي تمتلك الإرادة الحرة المتنورة تولّدُ مجتمعاً متحرراً, والذي ينتج بدوره البنية السليمة للتحول الديمقراطي, والمجتمع الذي ينكر على المرأة دورها ويحرمها من المشاركة في الحياة المجتمعية بشكل ندّي حُر فأن هذا المجتمع سيبقى متخبطاً ومفتقراً للمعنى الحقيقي للتحول الديمقراطي؛ وهذه المجتمعات ستكون عرضةً لكافة أشكال الاستبداد وقد تصل لحد الإبادة الثقافية والاجتماعية وصولاً للإبادة الجسدية, فالمجتمعات القائمة على الذهنية الذكورية لا يمكن لها التطور إن لم تأخذ بالحسبان الصيرورة الطبيعية لمجتمعاتها والتكوين الحقيقي القائم على الحياة الندّية الحرة, التي تعطي المعنى الحقيقي للمرأة ودورها في قيادة المجتمع وحمايتها والدفاع عنها, فما تشهده منطقة الشرق الأوسط من صراعاتٍ وتناحرات هي في الأساس نابعةٌ من الذهنيات الذكورية ورغبتها في الوصول إلى السلطة, أو سعيها في الحفاظ على سلطاتها القائمة والتي بدورها تُعرّضُ المجتمع للتفتت, ويصبح معرّضاً للتلاشي والإبادة نتيجة هذه الذهنيات الذكورية المتصارعة, وانحدارها إلى الاستبداد تحت مسميات قومية ودينية وطائفية هجينة على مجتمعاتها الأصلية والتي تكون فيها المرأة بالدرجة الأولى أكثر ضحاياها, وأبشع أشكال الاستبداد المُمارِسة بحقها, وربّما تكون المرأة الكردية هي الصورة الأكثر وضوحاً لهذه الممارسات القمعية الإرهابية الاستبدادية, والتي تجسدت في أعلى درجاتها من الإرهاب والإبادة, هي ما مُرس بحق المرأة الكردية في شنكال وتعرضهن للقتل والسبي والبيع في أسواق النخاسة. وانطلاقاً من هذه المأساة والذهنية الدكتاتورية المنتجة للإرهاب, يمكننا القول أيضاً أن المرأة الكردية في روج آفا تُشكِّلُ التحول الطبيعي والحقيقي في مواجهة آلة القتل والقمع والإبادة المُمنهجة المُمارسة بحق المجتمعات؛ وذلك من خلال قيامها بتنظيم نفسها وتشكيل مؤسساتها المجتمعية الخاصة بها في الحماية, ومساهمتها في تطوير المجتمع في سوريا بشكل عام وفي روج آفا على وجه الخصوص, وبث ثقافة المجتمع الحر القائم على الحياة الندّية الحرة والتي أصبحت مضربَ المثلِ في العالم. وإرادة المرأة لم يعد بالإمكان تجاهُلها وذلك من خلال التضحيات الجِسام التي قدّمتها المرأة في روج آفا, المتمثلة بروح آرين ميركان وفيان بيمان وبيريفان ووارشين وغيرهن المئات من الشهيدات اللواتي نسجن أروع ملامح البطولة في الكون بدمائهن وإرادتهن الحرة؛ في قيام المرأة بدورها الريادي وإعطاء المعنى الحقيقي للحرية القائمة على الندّية التشاركية , وتحقيق الديمقراطية بشكلها المتوازن المتكامل، لذا في هذا السياق أَعدَّت صحيفة الاتحاد الديمقراطي التقرير التالي عن قوات حماية المرأة المجتمعية للوقوف عن كثب على دور المرأة في مؤسسات الحماية في مناطق الإدارة الذاتية وأهميتها في حماية المجتمع.
لكل نوعٍ من الكائنات نظامُ حمايةٍ يميّزه
روضة عبدو عضوة في قوات حماية المرأة المجتمعية: لكل نوع من الكائنات الحية نظام حماية خاص به يميزه عن بقية الكائنات الأخرى, وربما يكون للإنسان النظام الأكثر تعقيداً وتنوعاً من بين النُظم الدفاعية. التي تحميه من المخاطر التي تهدد وجوده, وهذه النُظم الدفاعية قديمةٌ بقِدمِ الإنسانِ نفسِه, وقد يكون نظام الحماية الذاتية هي الأكثر انتشاراً وأهميةً للمحافظة على الوجود في وجه المخاطر المُحدِقة. والحماية تتدرج من الفرد إلى المجتمع وهذا التدريج متداخلٌ ومترابطٌ بشكلٍ وثيق, وتشمل كِلا الجنسين بدرجة متساوية ومتجانسة, فكما هو معلوم في الأسرة تكون حماية الأطفال ورعايتهم هي تشاركية بين الرجل والمرأة, وعليه فأن المجتمع أيضاً يجب أن يكون قائماً على نظام حماية تشاركي بين الرجل والمرأة. وهذا ما تفتقر إليه معظم دول الشرق أوسطية نتيجةً لثقافاتٍ وذهنياتٍ خاطئة نابعة من سلطات دكتاتورية مهيمنة, ونظام الحماية هي من القواعد الأساسية في ثورة روج آفا وإحدى القوى الأساسية في تنظيم المجتمع, والتي أخذت المرأة دورها الريادي والقيادي في إدارة المجتمع وبشكل تشاركي قائم على الندّية في جميع مؤسسات الحماية والمؤسسات الأخرى الموجودة في مناطق الإدارة الذاتية الديمقراطية؛ فنحن في قوات حماية المرأة المجتمعية نرى واجب الحماية عملاً مقدساً فنحن بمشاركتنا في قوات الحماية الجوهرية نحمي ذاتنا وأطفالنا ومجتمعنا. وحسب المقولة المشهورة التي تقول :” أن المرأة تشكل نصف المجتمع ونحن كقوات حماية المرأة المجتمعية نستند إلى فلسفة القائد عبد الله أوجلان الذي يرى أن من المُحال تحرير المجتمع وتطويره بدون تحرر المرأة وتقدمها”. فحرية المجتمع تنبع من تحرر المرأة ومشاركتها الندّية في كافة مجالات الحياة.
واجبُ الحماية مقدسٌ في الحياة
رنكين مراد عضوةٌ في قوات حماية المرأة المجتمعية
قوات الحماية المجتمعية اسم أُطلِقَ مؤخراً في مناطق الإدارة الذاتية الديمقراطية بروج آفايي كردستان على من يقوم بحماية المجتمع بما فيه من مكونات وقوميات واثنيات برغبة ذاتية طوعية نابعة من الضمير الأخلاقي للمجتمع؛ بغرض حماية القيم والعيش المشترك بين شعوب المنطقة, وزيادة أواصر الأخوّة وترسيخ المسؤولية المشتركة بين مكونات المجتمع في روج آفا, بغض النظر عن عرقه ودينه وقوميته وطائفته وجنسه. وهي قواتٌ مساندةٌ ومتممة لوحدات حماية الشعب الـ (YPG&YPJ) والاسايش وقوات الحماية الذاتية, وهي بمثابة العمق الاستراتيجي لها, والجبهة الخلفية, والعين الساهرة على أمن وسلامة المجتمع. فبعد تشكيل هذه القوة في جميع مدن مقاطعة الجزيرة بما فيها مدينة تربسبيه التي أضْحت اليوم مثالاً حياً يُجسّدُ التضحية والمقاومة, ومثالاً للعيش المشترك التي تقوم به قوات الحماية بشكل مشترك بين الرجل والمرأة, من حمايةٍ للمنطقة من الناحية الأمنية والأخلاقية. ففي مدينة تربسبيه قوات حماية المرأة المجتمعية تقوم بالحماية على الحواجز الأمنية لمساعدة ومساندة مؤسسات الحماية في روج آفا؛ كما أننا كمتطوعين في قوات حماية المرأة المجتمعية نقوم إلى جانب واجب الحماية بحملاتٍ للتوعية في المجتمع. فلنا زيارات إلى أغلب البيوت في أيالة تربسبية، هذا وهناك تقبلٌ واسعٌ لتجربة واجب الحماية المجتمعية, حيث تخرجت دورةٌ للتدريب في الشهر المنصرم وهناك دورةٌ أُخرى تتلقى التدريبات, والتي شملت التدريب على الأسلحة الخفيفة والمتوسطة, وكذلك دروسً تثقيفية وفكرية لزيادة التوعية وإدراك مفاهيم الحماية. ونحن كعضوات في قوات الحماية المجتمعية نتوجه إلى كافة النساء في مقاطعات روج آفا لتلقي الدورات والتدريبات الضرورية لحماية أنفسهن ومجتمعهن من المخاطر المحدقة بوطنهن, فواجب الحماية هو مقدسٌ في الحياة وحقٌ لابد لكل امرأةٍ من ممارستها وتعلمها.
الهجمات الإرهابية على كوباني شكلت منطلقاً للمرأة لتحمي كينونتها
عمشة حسن إبراهيم عضوةٌ في قوات حماية المرأة المجتمعية: في البداية نرحب بكم ونشكر صحيفة الاتحاد الديمقراطي في زيارتها لمقر قوات حماية المرأة المجتمعية. إن قوات الحماية الجوهرية هي جزء من مقاومة روج آفا وثورتها, والتي قامت واستندت على فلسفة القائد عبد الله أوجلان, وتستمد قيّمَها ومبادِئها من نهج الشهداء وتاريخهم النضالي, وهذه القوات مُشَكّلةٌ مِن كافة المكونات والفئات المجتمعية التي تؤمن بالعمل المشترك والحياة الندّية التشاركية النابعة من الأخلاق المجتمعية. وقوات الحماية المجتمعية مع وحدات حماية الشعب والمرأة والاسايش بالإضافة إلى الفعاليات الأخرى المنضوية تحت سقف الإدارة الذاتية الديمقراطية تشكل الخط الثالث التي تتخذ من العدالة المجمعية والعيش المشترك أساسا لها؛ والتي ترفض المنحى الطائفي والعنصري والذهنية الذكورية التي انحدرت إليها بقية الجماعات والفصائل المتصارعة على امتداد الجغرافية السورية. والتي تسبب في هدم البنى المجتمعية وسبباً في تفكك أواصر المحبة والعيش المشترك, وجعلت من المرأة سِلعةً بيد من يملكها ويشتريها حيث شكّلَت مأساة شنكال والهجمات الإرهابية على كوباني منعطفاً تاريخياً خطيراً على الإنسانية جمعاء, وشكلت منطلقاً للمرأة في روج آفا لتقوم بتنظيم نفسها وحماية كينونتها كإنسانة لها الحق في مجابهة هذه الذهنيات والإرهاب الممارس بحقها, والتي ضمنتها لها نظام الإدارة الذاتية الديمقراطية في مقاطعات روج آفا. بدءاً من الكومين ووصولاً إلى رئاسة المقاطعة بشكلٍ تشاركيٍ قائمٍ على الندّية الحرة.

زر الذهاب إلى الأعلى