المجتمع

صيانة المدارس… المشاكل والحلول

تقرير: عامر طحلو

لاشكّ أن المجتمع يتطوّر ويزدهر بتطوّر أبنائه, وكلنا يعلم أن الأطفال هم أساس مستقبل كلّ الشّعوب, لذلك نجد المجتمعات المتطوّرة تولي جلّ اهتمامها بتعليم الأطفال, ففي تلك الدّول نجد القوانين الناظمة الّتي تصون حقوق الطّفل, وتؤمّن له كافّة الوسائل لكي يحظى بحقّ الطّفولة, وأبرز وأهمّ هذه الحقوق هو حقّ التعليم, لذلك نجد المدارس في تلك الدّول عبارة عن أماكن تحتوي على كافّة متطلبات الطفولة, وتتوفّر فيها وسائل الترفيه والرّاحة والتّعلم والإبداع, حتى أنّ التوجيه النفسي، واكتشاف المواهب في تلك الدول يعدّان العاملان الأساسيّان لتفجير طاقات الطفل وتوظيفها في خدمة المجتمع, لذلك نجد مدى الازدهار والتّقدم والرّقي السائد في تلك الدّول.

وفي شمال سوريا وروج آفا؛ وخلال سنوات الحرب الدائرة إلى الآن في عموم سوريا, وبعد تحرير مناطقنا من الإرهاب, وإعلان نظام الإدارة الذّاتيّة ومن ثمّ الفدراليّة, وبناء المؤسّسات والهيئات النّاظمة للمجتمع, تحاول هذه الإدارة أن تصل بمجتمعنا إلى درجة المجتمعات المتطوّرة, من خلال العمل المستمر والدؤوب لتجميل مدننا وتطويرها, والارتقاء بالمجتمع نحو الازدهار والحضارة, وهيئة التربية هي إحدى هذه المؤسسات الّتي أنشأتها الإدارة الذاتية, فبعد أن كانت مناطقنا مهمّشة  ومهملة, والتعليم كان سيئاً فيها, والمدارس قديمة ومدمّرة من تأثير العمليّات الإرهابيّة, ماذا فعلت هيئة التربية للقضاء على هذه المشاكل؟

وما هي التدابير الّتي اتخذتها لتأهيل المدارس وخلق الظّروف الملائمة لانطلاق العمليّة التعليميّة نحو الأمام؟

بغية الإجابة عن هذه التساؤلات, ولإلقاء الضوء عن قرب على أعمال صيانة المدارس وتأهيلها, قامت صحيفة الاتّحاد الدّيمقراطي بمتابعة هذا الموضوع من خلال تقرير أخذت فيه أراء عينة من المواطنين العامليلن في هذا المجال.

نعمل ما بوسعنا لتجديد مدارسنا من أجل أطفالنا

حيث اتّجه مراسلنا إلى مكتب اللجنة الفنيّة المسؤولة عن صيانة وإصلاح المدارس, و التقى مع “سيف الدّين تمو” عضو لجنة الصيانة العامّة لإقليم الجّزيرة  الّذي تحدّث قائلاً: “هذه اللجنة الّتي نتبع لها هي المسؤولة عن كافّة المناطق التّابعة لإقليم الجّزيرة, وحتّى المناطق المتضرّرة من الحرب كالشدّادي والهول والجزعة وتل حميس. نشرف على صيانة مدارسها نحن كلجنة, ومن خلال الجّولات الّتي قمنا بها على المدارس؛ من ناحية سري كانيه وصولاً إلى ناحية ديريك؛ لاحظنا مدى احتياج مدارس المنطقة الّتي غطّيناها إلى التأهيل, حيث أنّ معظمها إما قديمة البناء وعفى عليها الزّمان, أو تضرّرت نتيجةً للقصف والّتفجيرات والأعمال الحربيّة, وقيّمنا الأضرار ووجّهنا اللجان التّابعة لنا إلى البدء بعمليّة الصّيانة”.

وتابع “بدأنا أعمال الصّيانة منذ سنة 2015 ومستمرّون حتّى اليوم, وأنجزنا حوالي 60% من التأهيل والباقي قيد التنفيذ”.

وتشمل عمليّة الصّيانة غالباً الحمّامات والتّمديدات الصّحيّة وتأمين مياه الشّرب عن طريق تركيب خزّانات مياه كبيرة في المدارس.

وتتم الأعمال عن طريق أعضاء لجان الصّيانة أو عن طريق متعهّدين بعروض أسعار ( مناقصات ), وكلّ ناحية توجد فيها لجنة تابعة لّلجنة العامّة للصّيانة, وكذلك كلّ مدرسة توجد فيها لجنة للصّيانة, وفي البداية كانت الّلجان تشتري المواد اللازمة للصّيانة عن طريق فواتير, أما الآن لدينا مستودع تابع للجنة المشتريات العامّة في هيئة التّربية تتوفّر فيه معظم الموادّ الّلازمة, والنواقص يتم شراؤها من الأسواق عن طريق فواتير, ونعمل ما بوسعنا لتجديد مدارسنا من أجل أطفالنا”.

هدفنا تغطيّة كافّة المناطق وتسريع وتيرة العمل

ثمّ التقى مراسلنا مع “مجدل حاج عبدي” عضو لجنة الصّيانة العامّة لإقليم الجزيرة والّذي أوضح ما يلي:

“عندما بدأنا أعمال الصّيانة للمدارس في سنة 2015 كانت إمكانيّاتنا محدودة, والكادر الفنّي قليل جداً, وفي هذا العام نظّمنا الّلجنة ووسّعناها وقمنا بزيادة عدد الكوادر والفنيّين, لكي نغطّي كافّة المناطق, ونسرّع من وتيرة العمل.

وتابع حاج عبدي: معظم المدارس كانت تعاني من عدم وفرة مياه الشّرب وخروج الحمّامات عن الخدمة, فقمّنا نحن كلجنة بتأمين كافّة المستلزمات لتوفير مياه الشّرب للمدارس ضمن الإمكانيّات المتاحة, كما قمنا بصيانة الغطّاسات في المدارس الّتي يوجد فيها آبار إرتوازيّة, ونظفنا هذه الآبار وأعدناها إلى الخدمة, كما أمّننا مضخّات المياه وأصلحنا المعطوب منها.

وخطّتنا الّتي وضعناها لأعمال صيانة المدارس تتكوّن من أربع مراحل, المرحلة الأولى تتضمن توفير المياه وصيانة شبكات الصّرف الصحّي, والمراحل الأخرى يتم فيه صيانة الغرف الصفّيّة من نوافذ وأبواب وكهرباء, كما تتضمّن بناء الأسوار الخارجيّة للمدارس مع مراعاة المساحة المخصّصة للمدرسة.

وعن تزفيت وتعبيد الطرق المؤديّة إلى المدارس أوضح حاج عبدي لمراسلنا:

تعبيد وتزفيت الطّرق من مهام هيئة البلديّات, فإذا لم تقم الهيئة بتزفيت الطريق الّذي نقترح تزفيته نقوم نحن كهيئة تربية بالمهمّة.

وعن مدى توفّر المواد في مستودعات هيئة التربية بيّن لنا حاج عبدي:

مستودعاتنا تحتوي على جميع الوسائل اللازمة لعمليّة التّدريس والتّعليم, بالإضافة إلى لوازم الصّيانة والمكاتب الإداريّة, ونقوم بتنفيذ خطّة لإلغاء ألواح الطباشير في المدارس واستبدالها بألواح فيبر, وقامت هيئة التّربية بتأمين غرف مسبقة الصّنع مصنوعة من مادّة الـ” PVC ” للمدارس الّتي تحتاج إلى غرف صفّية.

معظم المدارس قديمة البناء وتحتاج إلى صيانة

وبعدها تحدّث عضو لجنة الصّيانة في مقاطعة قامشلو المراقب الفنّي “نور الدين حميد” لمراسلنا عن عمل اللجنة, والّذي أوضح ما يلي:

“عملنا هو ترميم وصيانة مدارس مقاطعة قامشلو, ومعظم هذه المدارس قديمة البناء وتحتاج إلى تجديد, فبلاط الأرضيّات مكسّر أو مردوم، وحمّاماتها غير صالحة للاستعمال، ونوافذها مكسورة، وأبوابها إما مخلوعة أو مكسورة, وتعاني معظمها من انقطاع مياه الشّرب.

قمنا حتى الآن بالانتهاء من تأهيل وصيانة عشرة مدارس، ونعمل في البقيّة, ونقوم بالإشراف المباشر على العمل, ونؤمّن مستلزمات المدارس.

وتتم أعمال الصّيانة عن طريق متعهّدين يتكفّلون بكامل التّصليحات عن طريق عروض أسعار ( مناقصات).

هدفنا هو تجديد كافة المدارس وتجميلها, ولا تواجهنا أيّة مشاكل في العمل, فهيئة التّربية تؤمن لنا كافة المواد والمستلزمات, وهي موجودة في المستودعات”.

نقوم بعملنا بكلّ إخلاصٍ وضمير لكي نساهم في بناء وطننا

وفي نفس السياق التقى مراسلنا مع المتعهّد “أحمد شيخموس محمد” الّذي شرح لنا عمله قائلاً: “أعمل في صيانة وإصلاح المدارس في مقاطعة قامشلو, وكل متعهّد يستلم ضمن مناقصته ثلاث مدارس, وتقوم لجنة الصّيانة التّابعة لهيئة التّربية بتأمين مستلزمات الصّيانة.

والتصليحات تشمل الأبواب والنّوافذ والبللور والتّمديدات الصّحيّة وتغيير البلاط للأرضيّات، وتأهيل شبكات مياه الشّرب، وتركيب خزّانات للماء والمازوت, وكل ذلك تحت إشراف الّلجان المختصّة.

هذا العمل الّذي نقوم به ونرضى بأقلّ الأسعار هو في النّهاية من أجل أطفالنا, لكي يدرسوا دون معاناة, لذلك نقوم بعملنا بكلّ إخلاصٍ وضمير لكي نساهم في بناء وطننا بعد أن نلنا حقوقنا الّتي حُرمنا منها طويلاً.

نحاول خلق الظّروف الملائمة لسير العمليّة التّعليميّة

ثم اتّجه مراسلنا إلى مستودع هيئة التّربية في مقاطعة قامشلو والتقى مع “أحمد خلف حسن” أمين هذا المستودع.

وشرح أحمد لمراسلنا طبيعة العمل في المستودع موضّحاً:

نحن أعضاء في دائرة الماليّة العامّة التّابعة لهيئة التّربية, وأنا عضو في لجنة إدارة المدارس في إقليم الجّزيرة, يحتوي هذا المستودع على كافّة مستلزمات المدارس من منظّفات وقرطاسيّة ومقاعد وطاولات وكومبيوترات وطابعات ومولدات كهربائية وألواح فيبر, بالإضافة إلى أثاث المكاتب الإداريّة وصيدليّات للإسعافات الأوليّة للمدارس ومطافئ حريق, كما يتوفّر في المستودع مواد البناء وخزّانات للماء والمازوت وأبواب ونوافذ وأدوات التّمديدات الصّحيّة.

وظيفتنا هي تسليم المستلزمات لمدراء المدارس عن طريق وصول استلام من الهيئة العامّة للماليّة, والمواد غير الموجودة لدينا في المستودع نقوم بشرائها عن طريق فواتير, نحاول تأمين كل شيء للمدارس, وخلق الظّروف الملائمة لسير العمليّة التّعليميّة.

كلمة المحرّر

من خلال هذا التّقرير لاحظنا العمل الدؤوب والمكثّف, والذي يتسابق مع الزّمن لمواكبة الحضارة والتطوّر اللذان كنا بعيدين عنه كلّ البعد, فبالرغم من النّضال والمقاومة الّلتان تخوضهما قوّاتنا العسكريّة على كافّة الجبهات عسكريّاً, نجد نضالاً من نوع آخر من أجل القضاء على الآثار الّتي خلّفها الجهل والظلام, اللذان دفنا مجتمعنا في أطنانٍ من التّخلّف والرّجعيّة, عن طريق السّياسة الّتي مارستها أنظمة الحكم في سوريا من خلال ربط مجتمعنا ومنعه من التطوّر, ولكنّا سننهض بفضل نضالنا المشترك على كافة الأصعدة, وسنؤمن الازدهار والحضارة لمجتمعنا, إن لم يكن في زمننا هذا سيكون في زمن أطفالنا أجيال المستقبل.

زر الذهاب إلى الأعلى