ثقافةمانشيت

صالح حيدو؛ مسيرة أدبية متميزة أحيت الثقافة الكردية

مازال مجرى الثقافة الكردية يفيض عن طريق كتّابنا الكرد الذين هم أساس المعرفة والثقافة التي يتحدثون من خلالها عن اللغة الأم، وأهمية مشاركتها لبناء شخصية الفرد وتنمية قدراته الإبداعية في نشر ثقافته، فيعبر الكتّاب من خلال كتاباتهم عن الأفكار التي يريدون إيصالها إلى الجميع، ومن الكتّاب الذين حاولوا من خلال كتاباتهم وأشعارهم إحياء الثقافة والتاريخ الكردي وإيصاله إلى الجيل الجديد، صالح حيدو كاتبٌ من الكتّاب الكرد المحنكين الذين لديهم مسيرة فنية طويلة في الكتابة، وللحديث بشكل مُفصّل عن مسيرته الأدبية ومؤلفاته ارتأت صحيفة الاتحاد الديمقراطي إجراء الحوار التالي معه:

– من هو صالح حيدو وفي أي بيئة ترعرع؟

صالح حيدو من مواليد 1956 من قرية “حسي أوسو” التابعة لمنطقة عامودا، وحالياً أسكن في مدينة الحسكة.

تربيتُ في بيئة قروية بامتياز، وكان جميع سكان قريتنا أبناء عمومة، كانت قرية كبيرة ذات أشجار كثيفة، كان بيتنا دائماً بيت الطرب، الأدب، الشعر، القراءة، الراديو والإذاعات، وكان والدي أيضاً يحب أشعار “ملاي جزيري، أحمدي خاني، فقيى طيرا”، ويقرأها كثيراُ.

كنت استمع إلى الراديو – الإذاعة الكردية، وقتها كان هناك ثلاث إذاعات كردية: إذاعة يريفان الكردية والتي كانت تبث من أرمينيا السوفيتية سابقاً، وكانت أوقات برامجها من الساعة الرابعة عصراً إلى الساعة الخامسة، وفي الليل من الساعة السابعة والنصف حتى الساعة الثامنة، كانت جميعها برامج كردية فلكلورية وخبرية.

الإذاعة الثانية كانت اسمها إذاعة بغداد القسم الكردي، إضافة إلى إذاعة صوت إيران أيضاً /القسم الكردي/، حيث كنت أستمع إليهم.

ومنذ صغري كنت أحب اللغة الكردية والموسيقا والتراث، وحين استماعي إلى الراديو أو الإذاعة الكردية كنت أجد الصعوبة في فهم بعض الكلمات إلا أن والدي كان يقوم بشرحها لي.

كان بيتنا مليئاً باللهجات الكردية، حيث كان مكونٌ من ثلاث لهجات كردية؛ فوالدي كان من كرد شنكال من عشيرة الكابارا، ووالدتي كانت من سهل غرزان –كردستان الشمالية- ولهجتنا في المنزل كانت اللهجة الغربية /منطقة عامودا/، لذا لم يكن يصعب علينا أي كلمة كردية مهما كانت غريبة أو صعبة.

كنت من الأوائل في المرحلة الابتدائية، وأحببت الشعر والأدب الكردي وكتبت باللغة الكردية، حيث كنت أتعمق في البحث بين تفاصيل التراث والتاريخ الكردي للتعرف عليه أكثر.

– كيف بدأت مسيرتك الأدبية، ومتى بدأتها؟

بدأت مسيرتي مع الثقافة والأدب منذ سنة ١٩٦٧، فقد كان بيتنا مكتبة متنوعة لدواوين شعرية لـ “ملاي جزيري، أحمدي خاني، وفقه طيرا” وعشقت هذه الدواوين وتأثرت بها كثيراً، وبعد ذلك تعرفت على اللغة الكردية بحروفها اللاتينية، من خلال كتيب صغير متواجد في مكتبتنا المنزلية المتواضعة “ألف باء كردي” لـ اوصمان صبري، وديوان جكرخوين الثاني “ثورة آزادي”، وكان هناك في سنة ١٩٦٩ مجلة كلستان الكردية كان يُصدرها جكرخوين، وكنت أقرأ هذه المجلة بشغف، وبعدها تابعت مسيرتي مع اللغة الكردية وزرت جميع أجزاء كردستان، وواظبت على الاستمرار في كتاباتي بلغتي الام.

– حبذا لو تحدثنا عن نتاجاتك الأدبية الوفيرة التي رافقت مسيرتك ؟

أعمالي التراثية والأدبية خمسة وسبعون كتاباً، بعضها مطبوع وبعضها الآخر غير مطبوع (٤٠) منهم عن الفلكلور والتراث الكردي، وأغاني عبارة عن نص كامل مكتوب مع الشرح والتاريخ وإضافة إلى النوطة الموسيقية، ولي أربعة كتب عبارة عن قصص كردية تراثية (Hebû tinebû) كان يا ما كان، و كتابان عن الأحاجي الكردية (حزازير)، وكتابان عن لغة السرعة (Zû gotnok)، أي أن تقول ثلاث أشياء وراء بعضها البعض، إضافة إلى ثمان دواوين باللغة الكردية مطبوعين، و لي دراسات عن اللغة الكردية والتاريخ الكردي.

بالإجماع لدي ٣٧ كتاباً مطبوع لحد الآن، بعضهم طبع في كردستان الجنوبية وبعضهم طبع هنا وبعضهم طبَعتُه على حسابي الخاص، والآن أدرّس اللغة الكردية والتراث الكردي والكلاسيكي في جامعة روج آفا، إضافة إلى40 كتاب تم تحضيرهم للطباعة لاحقاً.

– لديك برنامج يتم عرضه على فضائية روجافا، لو تحدثنا قليلاً عن تجربتك هذه؟

البرنامج اسمه من بستان حيدو (Baxçê Heydo)، هذا البرنامج عن التراث والأدب الكردي الشفاهي وخاصة الأمثال والقصص الكردية، حيث أقوم بشرحها وأحيائها من جديد كي يكون الجيل الجديد على دراية به، ما أقوله في البرنامج من قصص وأمثال شعبية كانت على وشك الاندثار كون الجيل الحالي لم يعلم عنها شيء، فقد قمت من خلال هذا البرنامج بإحياء مثل هذه الأمثال والقصص من التراث الكردي لغاية حفظه من الضياع والنسيان.

– كيف تقرأ الواقع الثقافي الكردي في روج آفا اليوم ؟

الواقع الثقافي الكردي مر بالكثير من العراقيل والصعوبات ، فقد كانت الكتب الكردية ممنوعة وتتم مصادرتها أو يتم وضع صاحبها في السجن، لكن الآن نرى بأن هناك معاهد وجامعات ومدارس تدرس باللغة الكردية وتتم إدارتها بكل حرية، إضافة إلى وجود مئات بل آلاف الكتب الكردية مطبوعة، حيث يتمكن الجيل الحالي من خلالها التمتع بثقافته وكتبه ولغته الأم التي كانت مغيبة، لذا أرى بان المشهد الثقافي الكردي جيد ويُحيا من جديد.

– هل يلعب المثقفون والكتاب الكرد دورهم في نشر الثقافة الكردية في الوقت الحالي ؟

ليس الكل؛ فالكاتب الذي يحب ثقافته ولغته وتاريخه والذي يحب نضاله يقوم بدوه التام لنشرها وإيصالها إلى الجميع، على خلاف بعض الكتّاب أو المثقفين المتقاعسين الذين خرجوا من الوطن وتناسوا ثقافتهم وهذا ما لا يتم قبوله، لكن يمكنني القول أنه وبشكل عام هنالك نهضة ثقافية وأدبية ويتم التركيز عليها بشتى الوسائل.

– ما هي نصيحتك للكتاب والمثقفين والفنانين الكرد بشكل عام ؟

كل كاتب، فنان، أو مثقف كردي يملك الإبداع في هذا الوقت وبهذه الظروف ولا يكتب عن شعبه ولغته وتاريخه وثقافته لا يجب أن يوضع تحت خانة “مثقف كردي”، كوننا الآن في مرحلة حساسة، لذا يجب أن يكون حديثنا وكتاباتنا عن أدبنا وثقافتنا الكردية.

وفي البداية أنصح نفسي قبل نصيحتي للآخرين، أنصح بالمواظبة على المطالعة والقراءة والالتزام بالأدب والثقافة الكردية والعمل على نشرها وإحيائها وإيصالها للجيل الجديد.

واختتم حديثه بالقول:

اتوجه بالشكر لصحيفة الاتحاد الديمقراطي التي أتاحت لي هذه الفرصة للحديث عن أعمالي الأدبية على الساحة الثقافية الكردية.

  

إعداد دلناز دلي

زر الذهاب إلى الأعلى