تقاريرمانشيت

وحدة الصف الكردي.. الممكنات والعوائق، رؤى كردية 2

توحيد الجهود ووحدة الصف الكردي هي من أهم المبادئ التي ارتكزت عليها مبادرات التقارب التي أطلقتها الادارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، سواء مبادرة المؤتمر الوطني الكردستاني أو مبادرة الجنرال مظلوم عبدي القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية. والأصل الذي لأجله تمت هذه المبادرات هي جمع كل الأطراف حول واحدية المعركة والعدو، وتهديف تحرك الجميع تحت إطار محكوم بالقيم الوطنية
منذ المبادرة الأخيرة التي أطلقها مظلوم كوباني، يبدو أن هناك عمل ممنهج لإعاقة تنفيذها، وتحقيق هدفها المباشر والأوضح في ترتيب البيت الكردي الداخلي وتوحيد صفوفه حول أهداف مشتركة.
إن الحفاظ على وحدة الصف وواحدية الهدف والمعركة، هو الغاية المقدسة التي ينبغي التعامل معها بمسؤولية. وما هو محزن ومؤسف، أن لا تتعامل الأطراف الأخرى مع هذه المبادرة كمن يهتم لواحدية هذا الصف أو أقله تقارب الجميع حول نقاط مشتركة والتي هي موجودة أصلاً، وأن المستفيد من هذا الوضع هو فقط العدو المتربص، والذي ينتظر اللحظة السانحة للسقوط والايغال في التشرذم ليعلن العدو الانتصار على الأنقاض بحصان طروادة الدخيل في الجسد الكردي.
ولأن وحدة الصف الكردي هو مطلب الشارع الكردي عموماً بنخبه الثقافية والسياسية وكذلك كل شرائحه الاجتماعية، كان لا بد لنا من اللجوء الى بعض الأصوات الثقافية والسياسية الجادة والمسؤولة لازاحة النقاب عن رؤاهم وتقييماتهم بهذا الصدد، لاسيما وأن الطرف الكردي الآخر اتخذ من ضفة العدو مركزاً استراتيجياً في مقابل تعامله التيكتيكي مع مبادرة مظلوم عبدي واستخدامها كأداة لابتزاز الائتلاف السوري “الجندي المخلص للعدو التركي”، للحصول على مكاسب شكلية ترضي غروره الخلبي. وفي سياق استطلاعنا لآراء بعض الأصوات الكردية في حلقته الثانية كنا مع سؤال ملح ينبض في الشارع وتتداوله العقول ” هل وحدة الصف الكردي ضرورة ملحة ومطلب لدى الشارع الكردي حقاً؟ واذا كان كذلك ماهي المعوقات التي تحول دون تحقيقها؟.

صالح مسلم: المبادرة لا زالت تنتظر

وحدة الصف الكردي مطلب كل كردي وكل أصدقاء الكرد دون إستثناء. ونحن كحزب عملنا ولازلنا نعمل وقدمنا تضحيات جسيمة لتحقيقها وتجاوبنا مع كل المبادرات الساعية لذلك. ولكن يبدو ان هناك أيدي خفية تحول دون تحقيق ذلك. وأتمنى ان تكون المبادرة الأخيرة من طرف مظلوم كوباني قد كشفت حقيقة كل الأطراف بما في ذلك الأيدي الخفية التي تمنع وحدة الصف الكردي.
فالمبادرة لا زالت تنتظر.
*صالح مسلم قيادي ومسؤول العلاقات الخارجية لحزب الاتحاد الديمقراطي PYD

حسين نعسو: وحدة الصف بين الرغبة والكذبة

لاشك في ذلك بان وحدة الصف الكردي تعتبر اولوية وضرورة تاريخية لدى الشارع الكردي وخاصة في ظل الظروف العصيبة التي تمر بها القضية الكردية عموماً والمخاطر المحدقة التي تهدد وجودنا في مناطقنا التاريخية في روج آفاي كردستان نتيجة العدوان التركي ضد مناطقنا وتهديداته المستمرة لها
لكن قد تكون الأمنيات والرغبات شيء ،والواقع وافرازاته شيء آخر مختلف تماماً
ومن وجهة نظري وليس من باب التشاؤم ورغم قناعتي الكاملة بضرورة وحدة الصف الا ان هذه الرغبة هي عبارة عن كذبة كبرى نحاول بها ايهام وخداع انفسنا وطمأنة الغيورين على مصير الامة خاصة في ظل التخندقات الحالية للاطراف الكردية التي تقف على النقيض تماما ،حيث اختار كل طرف الضفة التي تناسب وتتوافق مع تحالفاته ، فمنهم من اختار ضفة المقاومة والدفاع عن الهوية والوجود ضد من يريد القضاء على الهوية والوجود الكردي ومنهم من اختار ضفة الخنوع والذل والتسول على ابواب اعداء الكرد ، فلذلك بات مسالة التقرب ووحدة الصف في ظل هذا الواقع صعباً جداً وان لم يكن مستحيلاً واكبر دليل على ذلك هو محاولة المجلس الوطني الكردي القفز فوق الواقع في خطوة استباقية للتملص من استحقاقات مبادرة وحدة الصف التي طرحها الجنرال مظلوم عبدي والتي تقضي بالضرورة وكخطوة نحو التقارب الانسحاب من الائتلاف الاخواني الخادم الامين للاحتلال التركي وذلك في محاولة منه تخدير انصاره وتهدئة الشارع من خلال الترويج للاتفاقية الوهمية مع الائتلاف والتي تقضي وفق زعمهم بوقف انتهاكات الفصائل المرتزقة في المناطق الكردية المحتلة ووقف عمليات التغيير الديمغرافي فيها وعودة الاهالي الى ديارهم ….
وهم يدركون قبل غيرهم بان هكذا حديث ليس الا عبارة عن اطلاق بالونات في الهواء وذلك لاستحالة تطبيقه
ولذلك اعتقد بانه على الاطراف الكردية المتقاربة في الرؤية تجاوز هذه العقبة التي هي بمثابة الحجةوالذريعة والانطلاق نحو تقديم مشروع اصلاحي جذري من شانه ترتيب وتمتين الجبهة الداخلية وذلك بالتعاون مع القوى الوطنية الديمقراطية من بقية المكونات
* حسين نعسو حقوقي وسياسي كردي ـ ألمانيا

حسين جمو: وحدة الصف الكردي ليست وصفة سحرية والمجلس الوطني الكردي لا يمكلك قراره

لا يمكن اعتبار وحدة الصف وصفة حل سحرية للتحديات التي تواجه الكرد في المنطقة. فالمشكلة الأبرز تكمن في الهوة السياسية بين مراكز القرار الكردية. وباعتقادي هناك معوقات مركّبة تكمن أولاً في الخطأ المنهجي في تعريف مصدر الخطر الأكبر على الشعب الكردي. وأي محاولة لما يسمى “وحدة الصف” لا تعتمد تعريفاُ موحداً لمصدر الخطر الأساسي الملح ستكون بلا جدوى. لدينا المجلس الوطني الكردي وبعض الشخصيات الدائرة في إطاره، لديهم خطاب سياسي تتداخل فيها حالتان متناقضتان، الأولى أنها تزعم بوجود برنامج قومي كردي لديها، ومن جانب آخر تستخدم خطاباً طائفياً، بشكل ضمني لكن مفهوم، في تحديد الخصوم الأشد خطراً، وهم هنا سوريا وإيران وحلفائهما من ميليشيات. ويؤدي أولوية هذا التعريف لـ”العدو”، أو “مصدر الخطر”، إلى تمرير سياسات الاحتلال التركي، وهي الجهة الوحيد منذ عام 2011 التي تستهدف الوجود الكردي بشكل مباشر وبعقلية الاقتلاع السكاني والإبادة، رغم ذلك فإن انسياق المجلس الكردي وراء خطاب طائفي سطحي للمعارضة السورية، ولو بشكل أقل وقاحة، يخدم مباشرة الاحتلال التركي. ومن المرجح أن تركيا، عبر ضباط مخابرات صغار يديرون الاتصال بالشخصيات الموالية لهم، لن تسمح بهكذا مسار وحدوي كردي. وإذا كانت “وحدة الصف” المقصود بها الإدارة الذاتية والمجلس الكردي، فربما فات الوقت. فالمجلس، الموالي لتركيا، لا يملك قراره، وللأسف بات في الآونة الأخيرة ينتظر خسارات كردية في روجآفا وشمال شرق سوريا، فقط لاستخدامها في الدعاية السياسية الرخيصة بأن الإدارة الذاتية تسببت بهذه الخسارات، وعلى العكس تماما نجد أنه يشعر بالحرج ويعتكف إعلامياً حين يكون هناك منجز ما لقوات سوريا الديمقراطية أو الإدارة الذاتية.
رغم ذلك فإن مساعي وحدة الصف مهمة في حالات معينة، أهمها إغلاق بعض النوافذ المفتوحة على العدو، لكن في بعض الحالات أيضاً قد تصبح نافذة للعدو على مركز القرار الكردي.
هناك الكثير من الملاحظات والانتقادات على أدء الإدارة الذاتية والمؤسسات المرتبطة بها، سياسياً وحقوقياً وخدمياً، لكن بما أن الموضوع يطرح “وحدة الصف” والعوائق أمام هكذا قضية، فلا بد من دعم خيار مقاومة الخطر الوجودي على الكرد في روجآفا وكافة شعوب شمال شرق سوريا، وعلى رأس مصادر هذا الخطر تركيا، طالما أنها ما زالت تتبنى خيار حرب الإبادة.
يبقى هناك مصدر للقلق من منحى سلبي قد يكون وراء دعوات وحدة الصف الكردي، وهو أن يكون الأمر انصياعاً لرغبات دوائر الخارجية الأميركية، تمهيداً لضم الكرد إلى الحرب السنية الشيعية، وهذا من أولويات المبعوث الأميركي إلى سوريا، جيمس جيفري، وإسرائيل، يتم تنفيذه عبر تركيا وقطر، أي تعزيز الهوية الطائفية للحروب المشتعلة في المنطقة، وتحويل قضايا التوافق القومي الديمقراطي، إلى فروع صغيرة ترفد الحرب الكبرى الطائفية.
أي مسعى كردي لوحدة الصف يدعم خيار عدم التورط في الحروب الطائفية، ويخدم المسار التوافقي الاجتماعي المتعدد القوميات، في شمال وشرق سوريا، سيكون حاسماً في مقاومة مسار دعاة الحرب الطائفية، إقليمياً ودولياً. فكما أن هناك دوائر قرار عالمية كبرى تدفع الأمور باتجاه الحروب الدينية، فإن هناك دوائر مضادة لهذا التيار في الأماكن نفسها.
*حسين جمو كاتب وصحفي كردي ـ دبي

حسين عمر: من ينتظر وحدة الأطراف السياسية الكردية بأكملها سينتظر للأبد ولن يراها

أعتقد بأن وحدة أي شعب من شعوب العالم وخاصة الشعوب التي ليس لها كيان رسمي , صعب جداً لا بل مستحيل التحقيق، وذلك لأن الأيادي الداخلة بين تلك الشعوب أو لنحصرها أكثر الأيادي التي تدعم الجماعات أو التنظيمات الموجودة أو التي تنشئها كثيرة جداً وخاصة تلك التي لها تاثير مباشر، ولهذا فان تحقيق الوحدة بالمفهوم الذي يتم الترويج له لن يتحقق أبداً لأن الوحدة المطروحة هي الوحدة بين الأطراف السياسية وهذا لن يتحقق لأن مشاريع الأطراف الموجودة على الأرض، بغض النظر عن أحجامها أو كتلتها الجماهيرية، متعارضة. هناك من يعمل لأجل هدم ما تم بناءه في روج آفا ويتحالف مع العدو وينضم الى الجهة التي تقاتل ضد المكتسبات المتحققة على الأرض .
من جهة أخرى الوحدة الكردية المجتمعية متحققة، أغلبية الشعب الكردي متفقة على أن المكتسبات المتحققة هي ملك لجموع الناس وليس لحزب أو جماعة بعينها، وعندما نقول الأغلبية فهذا يعني الوحدة لأن الأغلبية هي معاير قانوني وسياسي واجتماعي لأثبات أحقية أمر ما، الأكثرية هي معاير الوحدة والغالب على الأرض في روج آفا. بالتأكيد هناك بعض الشواذ الذين ينطلقون من مواقف كيدية أو مدفوعة الثمن، وهم يحاولون زعزعة الاستقرار أو نشر الدعايات الكاذبة، وكما أن هناك تنظيمات تحركها أيادي خارجية تعمل ليل نهار لأجل تخريب تلك الوحدة وتحريض الجماهير ضد الإدارة، والأنكسي تمثل ذلك التنظيم الذي لن يقبل أن يكون في حلف واحد مع الإدارة الذاتية، لأنها لا تستطيع القبول أصلاً، فهي لا تستطيع التحرك دون أوامر من الديمقراطي الكردستاني “العراق”، وباعتقادي فان الأخير لا يريد أن يغضب الحكومة التركية منه، لهذا فهو أي الديمقراطي يدفع بقادات الانكسي على الالتحام أكثر بالائتلاف الإرهابي للعب دور مرسوم لهم من قبل الميت التركي. هذا الامر أصبح واضحاً، ولهذا أعتقد أن على التنظيمات المتوافقة على الوحدة ان تعقد اجتماعها وتنتخب مرجعيتها دون انتظار الأنكسي.. علينا أن لا ننسى بأن قادة الأنكسي صرحوا أكثر من مرة بأن هدفهم هو تدمير المكتسبات المتحققة أي “الإدارة الذاتية”، ولا ننسى أنهم وقعوا قبل فترة وحسب تصريحاتهم مع الائتلاف على إعطاء الشرعية للاحتلال التركي في المناطق المحتلة وإعطاء المبررات لتواجد المرتزقة الإرهابيين في تلك المناطق .
باختصار وقلتها قبل سنتين وأكثر على اللذين يدعون للوحدة أو المؤتمر الوطني الكردستاني فعقده بمن حضر، وهم يشكلون الأكثرية ضرورة ملحة وحل ناجع.
من ينتظر وحدة الأطراف السياسية الكردية بأكملها سينتظر للأبد ولن يراها.
*حسين عمر كاتب وسياسي كردي ـ بلجيكا

زر الذهاب إلى الأعلى