تقاريرمانشيت

وحدة الصف الكردي.. الممكنات والعوائق، رؤى كردية 7

توحيد الجهود ووحدة الصف الكردي هي من أهم المبادئ التي ارتكزت عليها مبادرات التقارب التي أطلقتها الادارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، سواء مبادرة المؤتمر الوطني الكردستاني أو مبادرة الجنرال مظلوم عبدي القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، والأصل الذي لأجله تمت هذه المبادرات هي جمع كل الأطراف حول واحدية المعركة والعدو، وتهديف تحرك الجميع تحت إطار محكوم بالقيم الوطنية
منذ المبادرة الأخيرة التي أطلقها مظلوم كوباني، يبدو أن هناك عمل ممنهج لإعاقة تنفيذها، وتحقيق هدفها المباشر والأوضح في ترتيب البيت الكردي الداخلي وتوحيد صفوفه حول أهداف مشتركة.
إن الحفاظ على وحدة الصف وواحدية الهدف والمعركة، هو الغاية المقدسة التي ينبغي التعامل معها بمسؤولية. وما هو محزن ومؤسف، أن لا تتعامل الأطراف الأخرى مع هذه المبادرة كمن يهتم لواحدية هذا الصف أو أقله تقارب الجميع حول نقاط مشتركة والتي هي موجودة أصلاً، وأن المستفيد من هذا الوضع هو فقط العدو المتربص، والذي ينتظر اللحظة السانحة للسقوط والايغال في التشرذم ليعلن العدو الانتصار على الأنقاض بحصان طروادة الدخيل في الجسد الكردي.
ولأن وحدة الصف الكردي هو مطلب الشارع الكردي عموماً بنخبه الثقافية والسياسية وكذلك كل شرائحه الاجتماعية، كان لا بد لنا من اللجوء الى بعض الأصوات الثقافية والسياسية الجادة والمسؤولة لازاحة النقاب عن رؤاهم وتقييماتهم بهذا الصدد، لاسيما وأن الطرف الكردي الآخر اتخذ من ضفة العدو مركزاً استراتيجياً في مقابل تعامله التيكتيكي مع مبادرة مظلوم عبدي واستخدامها كأداة لابتزاز الائتلاف السوري “الجندي المخلص للعدو التركي”، للحصول على مكاسب شكلية ترضي غروره الخلبي. وفي سياق استطلاعنا لآراء بعض الأصوات الكردية في حلقته السابعة كنا مع السؤال السابق والملح والذي ينبض في الشارع وتتداوله العقول ” هل وحدة الصف الكردي ضرورة ملحة ومطلب لدى الشارع الكردي حقاً؟ واذا كان كذلك ماهي المعوقات التي تحول دون تحقيقها؟.


الدكتور ريزكار قاسم: الوحدة الوطنية مع مَنْ؟
طبعاً ودون شك وحدة الصف الكردي ضرورةٌ تاريخية، وبرأيي علينا أن نمييز بين نقطتين في هذا الصدد موقف الأحزاب، وموقف الشارع الكردي، فالغالبية العظمى من أبناء شعبنا الكردي موقفهم واحد ويرتكز على دعم ثورة روج آڤا وقوات حماية الشعب وتتمسك بالمصالح العليا، أما موقف الأحزاب فمغاير تماماً لموقف الشعب، والذي يرتكز على المصالح الحزبية و الشخصية الضيقة وبالتالي تلعب دوراً سلبياً ينعكس على البعض والقلة القليلة من الشارع الكردي ممن يبحثون كذلك على مصالح شخصية بخسة، وأخص الذكر تلك المجاميع الحزبية التي تأتمر بأوامر خارجية وتابعة لأجندات دول محتلة لكردستان وعلى رأسها تركيا التي تستهدف الوجود الكردي، فالسؤال الذي يطرح نفسه إذاً: الوحدة الوطنية مع مَنْ؟
كانت هناك محاولات عدة بهذا الصدد من المؤتمر القومي الكردستاني ومن مثقفين باءت بالفشل وآخرها مبادرة الجنرال مظلوم كوباني والتي لم تلقى آذاناً صاغية حتى الآن من بعض الأطراف الذين تحولوا إلى عائق أمام كل خطوة من شأنها لملمة الصف الكردي. فبرأيي لا يمكن الوحدة مع مَن استخدموا القضية الكردية والشعب الكردي وسيلةً على مدى عقودٍ من الزمن لأهدافهم الشخصية، وحولوا تلك القضية الى قضية أمنية في أقبية الفروع الاستخباراتية، واستمروا في محاولة تجريدها من قضية أرض وشعب، بالتالي لا يمكن لهؤلاء قط أن يخرجوا من تلك الحلقات الإستخباراتية، إذاً لا بد من تجاوز هؤلاء الذين يمثلون أجندات دولٍ معادية وإستعمارية بالتنسيق مع الخيرين من تلك الأحزاب، ففي غربي كردستان الأكثرية الساحقة مع تلك النداءات والجهود التي تُبذل من أجل تحقيق نبض الشارع وحلمه في وحدة وطنية من شأنها الحفاظ على مكتسبات شعبنا ورص الصفوف لإعادة ما سُلب منا. وباعتقادي لتحقيق هذه الوحدة الوطنية على الجزء أن يكون في خدمة الكل والكل في خدمة حرية الشعب وخلاصه، وأي جزء”حزب” يتهرب من ذلك على الأغلبية تجاوزه وفضحه للرأي العام الكردي والتاريخ حينها سيحكم .
*الدكتور ريزكار قاسم رئيس حركة التجديد الكردستاني و عضو اللجنة الدبلوماسية الكردستانية المشتركة


علي شمدين: الكل يدعو إلى الوحدة ويسمي نفسه بمشتقات هذه الكلمة
إن الحديث عن ضرورة وحدة الصف الكردي في سوريا بقدر ما هو حديث بديهي، فإنه في الوقت نفسه بات ممجوجاً يبعث على السخرية والاستهزاء لدى الرأي العام الكردي الذي مل انتظار تحقيق هذا الحلم على أرض الواقع، حيث الكل يدعو إلى الوحدة ويسمي نفسه بمشتقات هذه الكلمة، ولكنه في الوقت نفسه ليس فقط لايلتزم بها وإنما يظل ينتقل من انشقاق إلى آخر من دون إحراج أو تأنيب ضمير، كما إن الأطر التحالفية المنجزة حالياً وبدلاً من أن تقوم بتوحيد طاقات الأطراف المتحالفة ودمجها في حزب واحد أصبحت حاضنة مشجعة للمزيد من الانشقاقات والانشطارات الآميبية الوهمية غير المبررة، والتي بلغت لائحتها الإسمية المائة تقريباً.
ومهما تعددت المعوقات التي تعيق تحقيق وحدة الصف الكردي في سوريا، وتنوعت الأسباب التي تحول دون إنجازها، إلاّ أن الذاتية منها تظل هي الأخطر، إذ أن الأطراف الكردية والرئيسية منها خاصة مازالت ترجح مصالحها الحزبية والشخصية الضيقة على المصلحة القومية العليا، وتفتقد إرادتها المستقلة في الرضوخ لضغوطات الرأي العام، ناهيك عن انخراطها في المشاريع السياسية والعسكرية التي لا تأخذ خصوصية نضالها القومي في سوريا بعين الإعتبار، وإلاّ كيف يمكن تفسير هذا العناد الذي تبديه تلك الأطراف تجاه بعضها البعض في رفض الإمتثال لكل هذه الدعوات الدولية والكردستانية والكردية للجلوس حول طاولة الحوار من أجل الخروج بموقف واحد تجاه هذه الكارثة القومية التي حلت بالشعب الكردي في سوريا.
*علي شمدين عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، وممثله في اقليم كردستان.


أحمد عكاش: وحدة الصف الكردي بين الصيرورة و الضرورة
كلنا يعلم أن من أكثر الشعارات شيوعاً بين كافة القوى الكردية في “روج آفا كوردستان” بشكل خاص و كل “كردستان” بشكل عام، هي “وحدة الصف الكردي”، وهي باتت – مع الأسف- أكثر الشعارات طوباوية أيضاً. فجميع الاحزاب و القوى الكردي تنادي بها وتدعي انها معها، حتى تلك الاحزاب المنشقة حديثاً، أو المتشكلة من بضع أشخاص تنادي و تطالب الجميع بـ “وحدة الصف الكردي”.!!
ما يهمنا هنا، بغض النظر عن صيرورة هذه “الوحدة” هو ضرورتها، و خاصة في “روج آفا كوردستان” ،وذلك نتيجة الظروف التي تعيش بها و الأعداء المتربصين بمكتسبات شعبنا في هذا الجزء من كردستان الذي قدم تضحيات كبيرة جداً للوصول إلى ما هي عليه الآن، و نتيجة أيضاً لظروف الإحتلال التي تعيشها مناطق مثل “عفرين- ساري كانية و كري سبي” و مئات الآلاف من النازحين عن هذه المناطق.
فدولة الإحتلال التركية تزعم ان هذه الإدارة الذاتية هي مرتبطة بـ “حزب العمال الكوردستاني” و لذلك تألّب الدول الاوربية و أمريكا و غيرها ضد هذه الإدارة، باعتبار أن أغلب هذه الدول تدرج ذلك الحزب-ظلماً- ضمن لائحة الإرهاب، و تتذرع بأن الطرف السياسي الآخر الممثل “بالمجلس الوطني الكوردي” هو معهم وذلك من خلال وجود هذه الاخيرة ضمن ما يسمى “بقوى الائتلاف و المعارضة السورية” الموالية كلياً لتركيا، وبهذا تشرعن تركيا وجود ذلك الطرف الكوردي ضمن “المعارضة السورية”-المرهونة لتركيا- كل هجماتها ضد مكتسبات الكرد في “روجافا” مبررة “بأنها ليست ضد الكرد بل ضد حزب الإتحاد الديموقراطي PYD و TEV DEM التي تزعم بصلاتها التنظيمية مع حزب العمال الكوردستاني، و نتيجة لكل هذا فإن تركيا ومعها النظام و حتى إيران يستفيدون كثيراً من هذا الإنقسام الكردي وتزداد هجماتهم على كل المكتسبات في “روج آفا”.
نعم،هناك أخطاء و ممارسات خاطئة – كثيرة- لهذه الإدارة الذاتية ،وخاصة في موضوع تفردها بالحكم و النزعة السلطوية لديها و أيضاً ضيق أفقها في موضوع “المعارضة الكردية”،ولكن إلتجاء الطرف الآخر”المجلس الوطني الكوردي” لحضن الدولة التركية و أحضان “الائتلاف السوري الاخواني” و محاربتها لكل مكتسبات “روج آفا” كان خطأً أكبر من أخطاء تلك “الإدارة الذاتية”، و تسببت في أضرار كبيرة للحركة الكردية في سوريا و لتلك المكتسبات.
لايهم الشعب الكردي صيرورة هذه الوحدة الكردية بقدر ما يهمه ضرورتها، فلا تركيا و “ائتلافها السوري الاخواني” أفاد “المجلس الوطني الكردي” و لا انانية الإدارة الذاتية السياسي و عدم تقبلها للمعارضة- داخلياً- أفادت هذه الإدارة أو الكرد بشكل عام، فضرورة هذه “الوحدة ” هي في سبيل صون مكتسبات شعبنا، والظهور بصوت واحد في المفاوضات السياسية، سواء تلك الدولية “حول مستقبل سوريا”، أو المفاوضات المستقبلية مع “النظام السوري”. كما لها ضرورة كبرى في إبطال الذرائع التركية بأن هذه الإدارة هي تابعة لحزب العمال الكوردستاني.
في هذه المرحلة المهمة من تاريخ شعبنا،على الجميع التكاتف حول مكتسبات شعبنا في “روج آفا كوردستان” وحمايتها بكل السبل، بغض النظر عن الأيديولوجيات و المواقف الحزبية، وعلى من يدير و يقود المؤسسات في “روج آفا كوردستان” و مناطق “شمال شرق سوريا” أن يفهم بان هذه المكتسبات ليست ملكه فقط و لا نتيجة للأديولوجية التي تتبناها الأحزاب الرئيسية فيها، بل أنها نتيجة لتضحية شعبنا و بطولات قواته الباسلة المشبعة بالروح الكرداياتية و الوطنية السورية.
فلا يهم كيف تكون هذه الوحدة و كيف تكون صيرورتها بقدر ما يهم هو ضرورتها الملحة جدا لشعبنا الكوردي و لكل مكونات شمال شرق سوريا.
*أحمد عكاش كاتب ومحلل سياسي

زر الذهاب إلى الأعلى