مقالات

معمعة أردوغان؛ جعجعة.

سيهانوك ديبو

تركيا الأردوغانية عادت الشعب السوري في حراكه الثوري السلمي ضد النظام الاستبدادي، وهي بالإضافة إلى قطر تتحمل الوزر الأكبر فيما آلت إليها الأمور بجانب دولٍ إقليمية أخرى. ولم تبخل بأي جهد وبذلت كل ما باستطاعتها وبكل الوسائل غير المشروعة والإجرامية أن تحول سوريا إلى مجرد مطية لها، وكان أول اختراق للسيادة السورية في العام 2012 عندما دخلت الدبابات التركية إلى مدينة سري كانيي – رأس العين في شمال سوريا جهاراً نهاراً وكان الرد قويا من وحدات حماية الشعب الناشئة حين ذاك مما أجبرتها على اللجوء إلى البحث عن القاتل المأجور؛ فلجأت حينها إلى تشكيل بعض الكتل العدمية وأسمتهم بالجيش الحر- كان حينها أول ضربة لمصداقية جيش الحر ذاته- وبلغت عددُ هؤلاء المرتزقة حينها تسع وأربعين كتيبة وكانت نتيجة ذلك التدخل وتلك العصابات الدحر. وانتقلت من بعدها إلى الطريقة الثانية وهي زج المجلس (الوطني) السوري الإخواني على الخط والذي صور المشهد الثوري في روج آفا بأنه الضد للمكون العربي؛ وفشلت أيضاً في هذا المنحى، ومن ثم زجت الائتلاف عبر أكبر كذبة في تاريخ سوريا الحديث والمعاصر بل منذ نشوئها في أنها الممثل الشرعي والوحيد للشعب السوري وعادت وشوهت صورة الإدارة الناشئة، وفشلت حينها أيضا، ومن ثم استخدمت بعض من ضلوا- ولا يزالوا من المجلس الكردي وقرعوا من أجل حرب بينية كردية – كردية؛ وفشلوا أيضاً.
ومن ثم بدأت تركيا بالحرب نصف العلانية؛ وأقول نصف العلانية في اعتمادها على تنظيم داعش ودعمهم بالمال والسلاح والتدريب وبالأخص في كوباني التي أفشلت مقاومتها كل المؤامرات وأفشلت الغزو النيو عثماني على شمال الوطن السوري- روج آفا، وفقد أردوغان كل ما يملك من وسائل وفقد الثقة بكل من صنعهم وأمدهم بالدعم اللامحدود، وخاصة بعد أن تلقى ضربتين جعلته يبدو أصغر بكثير مما صوّر نفسه: فشله في الانتخابات الأخيرة، تحرير تل أبيض من أتباعه وغلمانه من الدواعش السياسيين والعسكريين وأقصد تحديداً الدمى المتبقية فيما تسمى بالائتلاف.
والحرب التركياتية المعلنة على حركة الحرية الكردستانية وعلى حلفائها الأيديولوجيين والسياسيين في سوريا هي المرحلة الأخيرة من مسلسل سقوطه المدوي، وهي الحرب نفسها على أكثر من نصف المعارضة السورية المؤمنة بالحل السياسي والتي اجتمعت مؤخراً في القاهرة.
وإذا ما أدركنا أن لعبة أردوغان بمصير كل المكونات والشعوب الموجودة في تركيا هي ثلاثية المقاصد:
1- الرد على أمريكا واتفاقها الأخير مع مجموعة (5+1) وإيران؛ علماً أن الاتفاقية الأخيرة وإن قدرت لها النجاح والالتزام بها؛ يكون فيه الشعوب الإيرانية وحدها التي انتصرت.
2- الحروب تقوم كلها بسبب صناعة الحلول ومواقف الحلول التي تهيء الأخيرة، والحرب التركية المعلنة تحمل جانباً مهماً من أجل الانتخابات وإعادتها وفق حلول أردوغان الذي يتصرف كسلطان ووفق نظام رئاسي؛ دون الرجوع إلى انتخابات أخرى على ما يصر عليه أردوغان من حربه.
3- تاريخ الكرد ملئ بالاتفاقيات الدولية ضده في آخر اللحظة، وقد تكون حرب أردوغان اتفاقية أخرى من هذا النوع، مع العلم أن الوقائع لا تتماهى مع ما تقدم ذكره ولا تؤكد مطلقاً ترجمتها. والعيون الحمراء التركية الأردوغانية توحي بأنه مستعد لتنفيذ كل ما هو مطلوب منه فقط ليفشل أي قيام لمشروع نهضوي كمشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية ووجود دور رئيسي للكرد فيه، ألم يتنازل صدام حسين في اتفاقية الجزائر المشؤومة 1974 عن عربستان وتسليمها لإيران للقضاء على الثورة الكردية في شمال العراق؛ باشوري كردستان؟ المستبدون متشابهون متطابقون إلى درجة يصعب عليهم التمايز وخاصة في مواقفهم من القضية الكردستانية.
كما ذكرت قبل يومين إننا نشهد انتهاء التركياتية الخضراء بطبعتها الداعشية، ومن المؤكد بأننا في روج آفا لسنا لوحدنا، ومن المؤكد بأن الحوكمة العالمية تحسب حساب كل شيء بشهيقهم وزفيرهم ولكنها لا تحسب حساب الشعب حينما ينتفض ويقول لا.
ستنتهي هذه الزوبعة ولن يصيب أردوغان وغلمانه أياً تكن منابتهم وانتماءاتهم سوى الغبار، والحرية لن تكون نصيب إلا من يستحقها.

زر الذهاب إلى الأعلى