مقالات

معارك دير الزور تكشف المستور

محمد ايبش

تزامناً مع إعلان قوات سوريا الديمقراطية (قسد) عن حملة استتباب وتعزيز الأمن والاستقرار في بعض المناطق من دير الزور وخاصة في الريف الشرقي بعد أن جاءت العشائر العربية مطالبة قوات سوريا الديمقراطية ومن موقع مسؤوليتها عن أمن واستقرار المنطقة، فالتجاوزات التي كانت تحصل من قبل مسؤول المجلس العسكري في دير الزور المدعو أحمد الخبيل (أبو خولة) ومهربي المخدرات وخلايا تنظيم داعش الإرهابي على تلك العشائر يجب وضع حدٍّ لها بناءً على رغبة العشائر.

ومع بداية الحملة بدأت الأنظمة الشمولية والاستبدادية وبمعية الروس حيث بدأت المكنات الإعلامية المأجورة مثل الميادين وأورينت والقنوات القطرية  وأجهزة إعلام النظام السوري المرئي والمسموع  ببث سموم الفتنة ومن ضمنها المركز الإعلامي للقصر الجمهوري الذي تترأسه “لونا الشبل” المستشارة الإعلامية للرئيس السوري والتي صرحت منذ أيام بأن النظام السوري سيبدأ بتحرير شرق الفرات بعدما فشلت المفاوضات بين الأمريكان والوفد السوري في العاصمة الأردنية عمان، وهذه التصريحات تأتي في سياق التنسيق مع المليشيات الإيرانية ومع الجانب الروسي الذي يحاول إدارة العشائر العربية القريبة من النظام السوري والتي تتخذ من المربعات الأمنية مقرات لها، وهذا ما يوحي بأن التخطيط للقيام بهجمات ضد مناطق شمال وشرق سوريا تعمل عليها ايران وروسيا منذ أمد طويل، ولكن كان عنصر المفاجئة بالنسبة للجميع هو قيام قوات سوريا الديمقراطية بحملتها ضد خلايا داعش والخارجين عن القانون وتورط أحمد الخبيل (أبو خولة)  والانزياح نحو الميليشيات الإيرانية، وهذا بحد ذاته ذنبٌ يرتقي إلى درجة الخيانة، فالأمر ليس مجرد اتهام بل جاء بالدليل القاطع وهو حينما عُثر على مستودعات للأسلحة تحتوي صواريخ محمولة على الكتف وطائرات مسيرة إيرانية الصنع في أماكن تسيطر عليها مجلس دير الزور العسكري،  فهذه الأحداث أربكت الجميع بما فيهم التحالف الدولي، وعلى إثرها بات الجميع يعيد حساباته حتى قوات التحالف الدولي وروسيا.

الشيء الذي يمكن قوله هو أن تردد النظام السوري في موضوع الحوار مع الإدارة الذاتية ينطلق من نقطتين أساسيتين: الأول عدم جدية الوسيط الروسي وعرقلة الإيراني بحكم تأثيره المباشر على الحلقة الضيقة التي تحيط بالرئيس السوري بشار الأسد، ومن هنا يطرح السؤال نفسه من أين تستمد “لونا الشبل” وعلى أي شيء تستند لتصرح بأن الجيش السوري سيحرر شرق الفرات؟ فهي تعرف أكثر من غيرها الحالة الاقتصادية

المزرية وعجز الدولة عن تأمين أبسط مستلزمات الحياة!! فكيف سيتحرك الجيش باتجاه مناطق شرق الفرات؟ إذاً مَنْ هي الجهة الداعمة لهذه الحملة التي تحدثت عنها المستشارة الإعلامية لبشار الأسد؟ إضافة إلى عدم التزام النظام السوري بشروط اللجنة الوزارية للدول العربية لتعود العلاقات فيما بين دمشق والعواصم العربية ومن ضمنها الحد من الوجود الإيراني.

ولكن يمكن القول بإن الحملة كشفت عَوْرَة العديد من الأطراف التي كانت تخطط لخلق الفتنة وأولهم الإيرانيين ثم الروس الذين يحاولون إرضاء تركيا فكان نصيبهم في تغذية الفتنة لا يقل عن الدور الإيراني.

فالقرار السليم الذي اتخذته قوات سوريا الديمقراطية وتلبية نداء العشائر العربية التي لا تريد عودة النظام الى مناطقهم ولا يطيقون سياسة نظام الملالي الذي استغل الظروف المعيشية لأهلنا في منطقة الميادين، في الوقت ذاته لم يتوانَ النظام التركي الفاشي ومرتزقته حينما هاجموا مواقع مجلس منبج العسكري مستغلين انشغال قوات سوريا الديمقراطية بحملة تعزيز الأمن والحفاظ على ممتلكات أبناء العشائر والقضاء على خلايا داعش وأوكار تجار المخدرات التي يتم تمويلهم من الأجهزة الأمنية للنظام السوري والميليشيات الإيرانية وبتغطية من القوات الروسية العاملة في غرب الفرات وهذا ليس بخافٍ على أحد.

ومن هنا ستبقى قوات سوريا الديمقراطية (قسد) صمام أمان لترسيخ الأخوة بين جميع مكونات الشعب السوري وعلي وجه الخصوص الحفاظ على علاقة الأخوَّة الكردية العربية وبقية شعوب المنطقة انطلاقاً من فكر وفلسفة القائد الأممي عبد الله أوجلان والذي يمثل رمزاً من رموز الفكر الإنساني الحر، وبالتالي، الأخوَة في العشائر العربية يدركون جيداً سياسات  الأنظمة الاستبدادية التي لا تريد أن يكون هناك  شعوب تواقة للحرية، لذلك لم تجد هذه الأنظمة المستبدة أمامهم سوى الفتنة وعبر أساليبها وادواتها الرخيصة،  لأن ما جاء على لسان عشائر ديرالزور يؤكد عمق العلاقة العربية الكردية  والتلاحم بين أبناء العشائر وقوات سوريا الديمقراطية كفيلة بالقضاء على الفتنة وليثبتوا مرة ثانية أن إرادة الشعوب أقوى من السلاح.

زر الذهاب إلى الأعلى