مقالات

لغة الدبلوماسية المجتمعية أساس حل القضايا

محمد ايبش

تختلف الدبلوماسية المجتمعية عن الدبلوماسية الرسمية للأنظمة والدول في العديد من الأمور، فالدبلوماسية الرسمية التي تبدأ قبل بدء الحروب كي لا تقع ولكن تخوض الحرب إذا ارتأت هذا الرأي بأن مصالحها قد تتحقق في خوض تلك الحرب انطلاقاً من مصلحة الفئة الحاكمة التي تجلب ويلاتها على كاهل الشعوب، بينما الدبلوماسية المجتمعية تبحث في مسببات الأزمة وتعمل لإزالة تلك المسببات، فالحروب ليس فيها خاسر أو رابح والكل خاسر إذا ما أحصينا  نتائجها المدمرة، فلذلك ما تشهده مناطق شرق الفرات  وتحديداً في دير الزور لم يكن ولن يكون يوماً من الأيام صراعٌ بين الكرد والعرب، بينما ما نشهده هو الصراع بين دبلوماسية وسياسة الأنظمة والدول التي تكرس خِطاب الكراهية والعنصرية الشوفينية التي تنتهجها، والهدف منها ترك رعاياها في حالة الهذيان وعدم الاستقرار، واستخدامهم كوقود لاستمرارية سلطتهم، وهذا كان حال السوريين وغير السوريين تحت مسمى ثورات الربيع العربي، ولكن مع تبلور الدبلوماسية المجتمعية التي ترفض جميع أنواع الحروب والنزاعات وتحتكم في تجاوزها إلى لغة العقل والحوار، وهنا يجب الإشارة إلى نقطة ذات أهمية بالغة، فهذه الدبلوماسية لم تأتِ من فراغ بل هي عُصارة فكرٍ لرَجُلٍ مفكر وفيلسوف وصاحب تجربة ألا وهو القائد “عبد الله أوجلان”، فعندما دعا إلى الحوار لم ينطلق من موقف ضعيف أو غير قادرٍ على المواجهة، بل على العكس تماماً، فلقد انطلق من قناعاته الرّاسخة بأن الحوار أصعب من الحرب كصعوبة البناء من الهدم، فما يتحقق بالحوار لا يحققه الحرب مهما كانت أسبابها ودوافعها.

لذلك عندما تعتمد الإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا وقواتها العسكرية على لغة الحوار فهي تنطلق من فكرة البناء وليس الهدم، لهذا نجد أن قوات سوريا الديمقراطية تأخذ من الحوار أساساً لها في تجاوز أي أزمة تعترض طريقها في الحفاظ على وحدة سوريا أرضاً وشعباً.

ولكن مَنْ لا يستوعب مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية ينعته بألف صفة وصفة نتيجة الذهنية الضيقة التي تتشبث باللون الواحد والعَلَمِ الواحد واللغة الواحدة مثلها مثل الصحراء القاحلة الجرداء لا حياة فيها، هذه هي الدبلوماسية والسياسة الرسمية للأنظمة الاستبدادية في المنطقة، أما الدبلوماسية المجتمعية وسياستها فهي التنوع والتعددية الثقافية والاثنية والدينية والفكرية وجعل الحياة روضة غنَّاء تعجُّ بكل الألوان وتمنح الانسان الأمان والاستقرار، ولكن من يبيعون أنفسهم للمال تجد مصيرهم في مزبلة التاريخ، وهكذا من حاولوا زرع الفتنة بين أبناء شعبنا السوري في سبيل تحقيق مصالحهم على حساب شعوب سوريا الذين يسعون لبناء نظامهم الديمقراطي التعددي اللامركزي ويحقق الأمن والاستقرار والعدالة لجميع السوريين اعتماداً على الدبلوماسية المجتمعية.

وأخيراً، لا بد لنا من القول: إن الفتنة لن تنجح، وشاغلي الفتنة إلى مزبلة التاريخ ودون رجعة.

زر الذهاب إلى الأعلى