المجتمع

قريةٌ على درب الوفاء ونهج الخالدين (2-2)

الشهيد “عكيد عناد خلف”, الاسم الحركي “عكيد خزنة” اعتقِلَ مع والده من قبل النظام البعثي لمدة سنتين، وتعرَّض لأبشع أنواع التعذيب. ومع بداية الثورة في “روج آفا” التحق الشهيد “عكيد”؛ وشقيقه “خيري” بوحدات حماية الشعب من بدايات تأسيسها، وخاض العديد من المعارك إلى أن استُشهِد في حملة تل حميس الأولى. الشهيد “عكيد” كان محبوباً من الجميع، ومحل تقدير وثقةَ جميع من عرفوهُ وعاشروه، وهذه الشخصية المتميزة والفريدة كانت تصل إلى أعلى درجاتها مع بداية السنة الكردية وبُشرى الربيع؛ لقد كان ينضج ويزدهر مع إزهارها، ويتمايل مع السنابل ويغدق حباً وحناناً كالينابيع التي تمد الأنهار والبحار بماء الحياة، لقد عشق فلسفة “النوروز” في تجديد المقاومة والوفاء لنهج العظماء من أمَّتِهِ، وورث من القائد “معصوم قرقماز[عكيد]” (اسمه وملامحه ونظراته)؛ لقد أبى إلا أن يكون لائقاً باسم “عكيد” ويجدد نهجه وطريقه باتجاه الخلود، وكان من الأوائل الذين جسد ملاحم الكريلا في شخصه، وبلورها في صفاته وسلوكه، عشق المقاومة، عشق وطنه وسعى إلى الانصهار فيه ليُحقِّق باستشهاده الوفاء لعهدٍ قطعه على نفسه بمتابعة مسيرة شقيقه الشهيد “خيري” الذي سبقه إلى الشهادة؛ ليلتحم جسداهما مع الطبيعة التي لطالما كان جزءاً من روحهما وخصالهم الثورية .

الشهيد “مرشد عبد الحليم حسن”, الاسم الحركي “مرشد خزنة”, التحق بوحدات حماية الشعب وهو في مقتبل شبابه، كان مثال المقاتل الخلوق؛ ومحل احترامٍ لكل مَنْ حوله، ومحل ثقة من أقرانه ؛كان سريع البديهة وقوي الملاحظة عمل ضمن “وحدات حماية الشعب” على الحواجز الأمنية المواجهة لجبهات القتال، وكان له الفضل في اكتشاف العديد من الخلايا “الداعشية” التي تقوم بالتفجيرات؛ والتي تقوم بتهريب الأسلحة للخلايا الإرهابية الأخرى، إذ اكتشف قبيل استشهاده إثر حادث سير أثناء قيامه بمهام عسكرية  مع أحد من رفاقه, خلية داعشية تقوم بتهريب الحبوب المخدرة للدواعش وبُثَتْ بشكل مباشر على أثير تلفزيون روناهي أثناء اعترافهم بجرمهم وصِلتِهمْ بداعش . الشهيد “مرشد” كان الأصغر من حيث الترتيب في عائلته؛ لكنه كان عظيماً في شخصيته وإرادته، يمتلك الجرأة والمبادرة في السعي نحو الغاية والهدف الذي كان يؤمن به، وقد أبى إلا أن يستشهد في سبيله ويجدد ملحمة الوفاء لمن سبقوه إلى الخلود بروحه ودمه.

الشهيد “عبد الغني يوسف حمو”, الاسم الحركي “عبد الغني خزنة”, عاش في كنَفِ عائلة فقيرة؛ عَشِقَ المقاومة منذ نعومة أظفاره، والتحق بصفوف وحدات حماية الشعب بعد قُرابَةَ السنة من تأسيسها؛ ساهم مع رفاقه في الكثير من المهام الأمنية  حيث كان له الفضل مع رفاقه على حاجز “قرية خزنة” وفي مقدمتهم الشهيد “مرشد” في القبضِ على العديد من الشخصيات “الداعشية” المندسة والمتخفيَّة بين المدنيَّين والتي تعمل على نقل المعلومات والتحركات العسكرية عن “وحدات حماية الشعب” في المنطقة إلى “داعش”. الشهيد “عبد الغني خزنة” كان كثير الحركة وشديد اليقظة لا يمل من العمل، مُحبَّاً لرفاقه ومَحَلاً لثقتهم؛ يمتلك روح رفاقية عالية جعله محل تقدير لكل من عرفه وصادقه، حيث كان نبأ استشهاده إثر حادث مع رفيقه الشهيد “مرشد” بالغ الأثر على رفاقه الذين اقسموا على ضريحه بمتابعة مسيرته حتى تحقيق غاياته وأهدافه في النصر والحرية .

الشهيد “علي مهدي حَمَدي”, الاسم الحركي “شرفان خزنة”, كان الابن الأصغر من حيث الترتيب في عائلته؛ التحق بصفوف “وحدات حماية الشعب” منذ بداية تأسيسها، وكان من المقاتلين الأوائل الذين التحقوا بطابور الشهيد “شورش خزنة” الذي تأسس في القرية نفسها بعد استشهاد خيري (شورش خزنة)، وأقسم على متابعة مسيرته، والسير على نهجه والانتقام لروحه. الشهيد “شرفان” كان إنساناً هادئاً كماء الينابيع التي تغدق بالحياة، لا يُمل من معاشرته الطيبة وسلوكه وأدبه الرفيع، كان محباً لأصدقائه ورفاقه، وفياً لنهج ودرب من سبقوه إلى الشهادة والمجد، الشهيد “شرفان خزنة” كان محل شد وجذب هائل لرفاقه، ومُقنِعَاً لهم بما يؤمن به ويتبناه، يحسن انتقاء الأوقات المناسبة لإدخال البهجة والسرور على قلوب رفاقه؛ حيث كان مُقلِّداً بارعاً لحركات وأصوات رفاقه والكثير من القادة المعروفين ضمن صفوف حركة “التحرر الكردستانية” والذي كان مبعث راحة وفرح وتقدير من قبل رفاقه؛ بالإضافة إلى جرأته وشجاعته في ساحات القتال حيث كان في مقدمة المدافعين والمهاجمين على العدو؛ إلى أن نال الشهادة قبيل انتهاء حملة الشهيد “فيصل أبو ليلى” لتحرير مدينة منبج   بأيام، ووري الثرى في مقبرة الشهيد “دلشير” بتربسبية .

الشهيد “محمد فواز خلف”, الاسم الحركي “دمهات خزنة”, التحق الشهيد “دمهات خزنة” بصفوف وحدات حماية الشعب من بداية تأسيسها؛ خاض العديد من المعارك في عموم “روج آفا وشمال سوريا” ثم انتقل إلى تابور الشهيد “شورش خزنة” واستلم مهام قائد المجموعة (قوميتان)، حيث كان مثال القائد الناجح في المهمات التي توكل إليه؛ يحسن قيادة مجموعته، بارع  في انتقاء اللحظات المناسبة في الهجوم والدفاع، سريع البت في أخذ القرار والتكتيكات القتالية, لم يدخل معركة إلا وخرج منها منتصراً، تعرَّض للعديد من الإصابات؛ لكنها لم تكن لتردعه من متابعة مسيرته، وتحقيق أهداف وغايات من سبقوه إلى الشهادة، إلى أن نالها؛ والتحق بكوكبة شهداء قريته, حيث وري جثمانه الثرى في مقبرة الشهيد “دلشير” بعد استشهاده في حملة تحرير مدينة منبج من الدواعش. الشهيد “دمهات خزنة”؛ كان مقاتلاً حنوناً لدرجة لا توصف؛ كالشمس معطاء للنور دون أن ينتظر المقابل والثناء، وهادئاً كصفحات الكتاب الذي لا تمل من أن تنهل العلم والمعرفة من صفحاته وخصاله الثورية، لقد أبى إلا أن يكون على درب العظماء من أمتنا ويكون من الخالدين الذين تستنير الأجيال من نهجه وقِيَمِهِ من بعده.

الشهيد “عبد الكريم محي الدين حسن”, الاسم الحركي “قهرمان خزنة”, انتسب إلى صوف قوات “الاسايش عام 2015”, الشهيد “عبد الكريم” وُلِدَ في كنف عائلة فقيرة، وهو أبٌ لطفلة صغيرة؛ كان مثال الإنسان الشهم والوفي لرفاقه؛ مقداماً وشجاعاً لدرجة لا توصف، كثير الولع والحب للمهام القتالية، وهو ما جعله محل تقدير واحترام من جميع رفاقه وأصدقائه، التحق بصفوف حملة الشهيد “فيصل أبو ليلى” لتحرير مدينة منبج، وشارك مع وحدات حماية الشعب في القتال ضد الارهاب؛ حيث كان من أوائل الذين دخلوا إلى المدينة، عُرِف بجرأته وسرعته في القتال، لم يكن يعرف الخوف والتراجع، دائماً كان من المتقدمين في الهجوم والانقضاض على العدو؛ تأثر كثيراً بشهداء قريته الذين سبقوه إلى الخلود وأقسم على متابعة مسيرتهم وحَمْلِ سلاحهم، إلى أن نال الشهادة، والتحق بقافلة رفاقه العظماء ليكونوا شُعلةً ونبراساً يضيء أبد الدهر صرح الوطن ويرشده نحو الانعتاق والحرية .

“ذاكر أحمد عبدي رشو”, الاسم الحركي “تول هلدان خزنة”، وُلِدَ في كنف عائلة ميسورة، انتسب إلى صفوف وحدات حماية الشعب في العام 2013 شارك في العديد من الحملات التي خاضتها وحدات حماية الشعب، مشهود له بالشجاعة لا يهاب الموت؛ حيث كان دائم المشاركة مع رفاقه في المهام الخاصة والصعبة، لم يَعرِف الفشل في أي مهام أوُكِلتْ إليه، ويُحسن التصرُّف في اللحظات الحساسة والحرجة، صاحب مبادرة وإرادة فولاذية، الأمر الذي جعله محل حُبٍّ وتقدير من جميع رفاقه ووالديه وعائلته

(تول هلدان) أي بمعنى (المنتقم) أقسم أن يتابع مسيرة الخالدين من رفاقه والانتقام من أعداء أمته إلى أن نال الشهادة في حملة تحرير منبج ووري الثرى في مقبرة الشهيد “دليل صاروخان” ليلتحق برفاقه وأصدقائه من أهل قريته الذين سبقوه إلى الشهادة.

الشهيد “ماجد عبد الكريم حسن” الاسم الحركي “لوند خزنة” ترعرع في كنف عائلة فقيرة، وهو أبٌ لطفلين (ولد وبنت)؛ انتسب إلى وحدات حماية الشعب منذ العام 2012 شارك في العديد من المعارك وتَنقَّل على العديد من الحواجز الأمنية في مقاطعة الجزيرة. الشهيد “ماجد” (لوند خزنة) كان مثال المقاتل الصادق مع نفسه وشعبه، كان بتواضع الطبيعة وسخائها التي تجود بها دون مقابل، دائم الابتسامة كشمس الصباح والغروب لا تمل من النظر إلى صفاء وجمال تعابير وجهه البشوش، هادئ كالنسيم فوَّاح كأريج الزهور، يستلطفك عبقه ووقاره محبوبٌ من جميع مَن عرفه وعاشره الشهيد “ماجد” كان مثال المقاتل الذي لا يعرف الخوف، معروف بشجاعته وجرأته في الدفاع والانقضاض على العدو، وصاحب روح رفاقية عالية  خاصة في المِحَنِ والمصاعب، لا يفارق أو يترك رفاقه وأصدقاءه إن احتاجوا إليه، الشهيد “لوند خزنة” كان مثال المناضل والثوري المحب لوطنه وشعبه وأبى إلا أن يكن لائقاً لجمال وعظمة شعبه ووطنه ويفي بعهد قطعه على نفسه بأن يسير على درب شهداء أمته العظماء وأبناء قريته الذين سبقوه إلى الشهادة، إلى نال أعلى درجات الوفاء والجود والتحمت روحه مع تراب وطنه، والتحق بالخالدين من شهداء أمته حيث نال الشهادة إثر حادث أليم في بلدة تل معروف ووري جثمانه الثرى في مقبرة الشهيد “دل شير” في قرية دوكر بتربسبية

وفي الختام لا يسعنا إلا الوقوف بإجلال أمام عظمة شهداء قرية “خزنة” والتي لا يزال العشرات من شباب هذه القرية في صفوف قوات الشرف والكرامة يسيرون على خُطى شهدائها، وفي حضرتهم ننحني لجميع شهداء أمتنا ولا يسعنا إلا أن نستذكر ونجسد  قيمهم وأهدافهم واقعاً في حياتنا حيث يقول القائد “عبدالله أوجلان” بهذا الصدد وهو يتحدث عن سيرة الخالدين والوفاء لنهجهم ودربهم :

(إن الارتباط بذكرى الشهداء لا يعني البكاء والنحيب؛ فالبكاء والنحيب في حضور الشهداء شيء معيب جداً؛ لأن الوفاء لذكرى الشهداء يمر عبر بناء الشخصية القوية، أما القول لقد تكلمنا وسرنا معاً فلا يعني الارتباط بذكرى هؤلاء العظماء، فالارتباط والوفاء يعنيان العيش مع الشهداء لحظة بلحظة ولهذا السبب فإن أصدقاء ورفاق الشهداء هم قلة جداً لذلك فقول أي شخص: [اقسم أن أسير على درب الشهداء] لوحده يعني الحياة بذاتها؛ وإن الذي يستمد قوته من الشهداء ويسير في طريقهم سوف يتجاوز الصعاب ولن تقف في طريقه أية عوائق وأنا أقول لكم دائماً: إذا أردتم أن تصبحوا أصحاب شخصيات قوية عليكم أن تتمثلوا قيم وأخلاق الشهداء(.

إعداد: ياسر خلف

زر الذهاب إلى الأعلى