الأخبارالعالممانشيت

على الغرب رفض ابتزازات أردوغان بنفس القوة التي عارض فيها غزو بوتين لأوكرانيا

أكد الباحث الفرنسي(عقيل مارسو) في مقالة له نشرتها صحيفة   haaretzبأنه يجب على الغرب الوقوف في وجه ابتزازات أردوغان المنافق في موضوع انضمام السويد وفنلندا لحلف الناتو, بنفس القوة التي تمت بها معارضة غزو روسيا لأوكرانيا.

وأشار الباحث في مقالته إلى معارضة أردوغان في عام 2009 تعيين (أندرس راسموسن) أميناً عاماً لحلف الناتو ما لم تغلق الدنمارك محطة تلفزيونية كردية, وأن أردوغان  اتهم (زهال دمير) وزيرة العدل والطاقة والبيئة البلجيكية الحالية بأنها إرهابية, رغم أنها تنتقد بشدة الحركات الإسلامية المتشددة في بلدها الأم (بلجيكا) وتؤكد صراحة أصولها الكردية, وأوضح (مارسو) أن دول الشمال الأوروبي بتقاليدها الديمقراطية العظيمة رحبت  بالعديد من المواطنين من أصل كردي، وأنهم أصبحوا مشاركين نشطين في القيم الديمقراطية في بلدانهم الجديدة, وأصبحوا أعضاء في البرلمانات وصحفيين ومنتقدين الممارسات الاستبدادية في تركيا وأماكن أخرى في العالم.

وشدد (مارسو) على أن دول الشمال الأوروبي مثل بريطانيا العظمى وفرنسا, التي تتفوق بفارق كبير على الديمقراطيات الأوروبية الكبرى الأخرى فيما يتعلق بحقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين والنسوية، يجب أن لا تتنازل وتبخس قدرها من خلال محاولة إقناع نظام أردوغان الاستبدادي التركي الفاشي بقبول طلبات السويد وفنلندا, مشيراً إلى أن النظام التركي وبحسب الشهادات والأدلة الموثقة ومقاطع الفيديو للصحفيين الأتراك الشجعان، سمح لعناصر تنظيم داعش الإرهابي بالتسلل عبر حدوده إلى سوريا في قوافل محملة بالسلاح, وجهاديين من مختلف أنحاء العالم, لافتاً إلى أن هؤلاء الصحفيون الأتراك الشجعان هم الآن إما في السجن أو في المنفى.

وأضاف مارسو في مقالته:

يتاجر أردوغان مثل التاجر في البازار بالسلع والمبادئ, حيث يركل بطن الغرب الناعم، بينما يدغدغ الجناح الأكثر تحفظاً وقومية في قاعدته وحاضنته، كما فعل مع القس الأمريكي (أندرو برونسون) الذي اتهمه أردوغان أيضاً بأنه إرهابي, وسجنه لمدة عامين, كما أن أردوغان يتلقى مليارات اليوروهات من أوروبا لإيواء اللاجئين السوريين الذين استغلهم بعد ذلك لتحقيق مكاسب سياسية.

وتابع مارسو:

يحاول أردوغان الآن جاهداً الترويج للدور الذي يمكن أن تلعبه بلاده في السياسة والأمن العالميين, ومنذ انهيار الاتحاد السوفيتي لم يكن بوتين ولا أردوغان قادرين على التكيف مع السياق الجيوسياسي الجديد, وكلاهما يشتركان في نفس الطموح الانتقامي لاستعادة الماضي الإمبراطوري، والعمل ضد المصالح الغربية، وغزو البلدان المجاورة بالقوة الغاشمة، ومحاربة التجارب الديمراطية الإقليمية الناجحة, فبوتين وأردوغان متشابهان في كثير من النواحي, فلم يتردد أردوغان في اتهام إسرائيل بالفصل العنصري تجاه الفلسطينيين، لكنه رفع الحصانة البرلمانية عن النواب الكرد الذين يمثلون 20 مليون كردي في تركيا، وأرسلهم إلى السجن, ومنذ الانتخابات البلدية لعام 2019 تم استبدال رؤساء بلديات 48 من أصل 65 بلدية فاز بها حزب الشعوب الديمقراطي HDP.

وأوضح (مارسو) بأن هناك أكثر من مليوني كردي في أوروبا اليوم, والغالبية العظمى من تركيا, وأنهم فروا من الحروب والقمع السياسي والبؤس الاقتصادي, ويفضلون الهوية العلمانية دون إنكار أصولهم, وأن بعضهم أصبحوا نواباً في البرلمانات الغربية.

وأضاف (مارسو) في مقالته:

عند ترحيبه بالرئيس الفنلندي ورئيسة الوزراء السويدية في البيت الأبيض, اقتبس الرئيس الأمريكي (بايدن) شعار الفرسان: (الكل للواحد, والواحد للكل), وفقاً للمادة 5 من معاهدة الناتو, لكن تركيا لم تلتزم بهذه الروح مع حلفائها في الناتو, فعلى سبيل المثال نظام S400  الذي اشتراه أردوغان من صديقه بوتين، ثم مناوراته العدوانية في شرق البحر الأبيض المتوسط, وبعدها احتلت القوات التركية والميليشيات الإسلامية المتحالفة معها مناطق كردية حررها الكرد من تنظيم داعش الإرهابي في سوريا، وارتكبت جرائم حرب وشردت السكان, كما دأبت القوات الجوية التركية على قصف كردستان العراق منذ بداية نيسان الماضي، مما أسفر عن مقتل مدنيين وإخلاء قرى, وسابقاً تقاسمت تركيا حدودها مع المناطق التي يسيطر عليها تنظيم داعش في سوريا, والأسوأ من ذلك سمحت بعبور آلاف الإرهابيين الأجانب عبرهذه الحدود لمحاربة الكرد المتحالفين مع الغرب في الحرب ضد الإرهاب, كما عبر إرهابيون آخرون في الاتجاه المعاكس لارتكاب جرائم إرهابية في العواصم الأوروبية, واليوم تسيطر قوات الاحتلال التركية على محافظة إدلب السورية إلى جانب هيئة تحرير الشام الموالية لتنظيم القاعدة.

وفي ختام مقالته قال (مارسو):

عندما يحاول أردوغان المساومة مع حلف الناتو بشأن انضمام فنلندا والسويد، فهل يجب أن نضحك أو نأخذ محاولاته على محمل الجد؟

هل يمكن للغرب وحلف شمال الأطلسي معارضة غزوات بوتين في أوروبا من جهة, والرضوخ لابتزازات أردوغان في الشرق الأوسط من جهة أخرى؟

إن هذا سيكون أمراً غير أخلاقي ونفاقاً, وسيكون خطأً استراتيجياً مشؤوماً.

زر الذهاب إلى الأعلى