المجتمع

بلدية الشعب في تل حميس بين الواقع والطموح

لقد عانت الكثير من مدن وبلدات روج آفا والشمال السوري من الإرهاب, والتدمير لبنيتها المؤسساتية, واعتلال في تماسكها الاجتماعي, وذلك نتيجة لاستهدافها من قِبل القوى التكفيرية والإرهابية الهجينة على ثقافةِ مجتمعنا وقيمهِ الإنسانية, ومحاولتها خًلق بؤر للتوتر والعداء والفتنة باسم الدين, تماماً كما فعل النظام البعثي, ومحاولتهِ تسويقّ سياساتهِ العنصريةِ على أنها حمايةُ للقوميةَ والوطنيةَ، وهي أبعد ما تكون, وذلك عبر التهميش والإهمال لمناطق روج آفا والشمال السوري, وجعلها مركزاً يستمد منها اقتصاده, ومائدة يغذي بها سلطته ودكتاتوريته, تاركاً الشعب بجميع مكوناته وثقافاته عرضة للجهل والفقر والإقصاء من الحياة السياسية, مُقّسِّمَاً سوريا بموجب هذه السياسات والمخططات البعثية المُمَنهَجةِ إلى مناطق طبقية لتكون روج آفا والشمال السوري من أدنى هذه المناطق, أو الطبقات, وتسميتها بالمناطق النامية أو النائية. وهي في حقيقة الأمر من أكثر المناطق نماءً ونمواً وتنوعاً ثقافياً, وتماسكاً اجتماعياً, وذلك ليتسنى له ممارسة سياساته الإقصائية, وإطالة أمد سلطته وهيمنته, وبعد الأحداث المأساوية التي مرت بها سورية منذ العام 2011 ودخولها للعام السابع, دون أن يكون هناك أي حل يلوح في الأفق القريب والبعيد على السواء, فقد أثبتت التجربة الديمقراطية في روج آفا نجاعتها ونجاحها, وذلك بعد إعلان الإدارة الذاتية الديمقراطية, ولاحقاً الفيدرالية الديمقراطية لشمال سوريا, من قبل جميع قوى ومكونات المنطقة, ليتحول إلى النموذج الوحيد لحل المعضلة السورية, وخاصة بعد تحرير معظم مناطق روج آفا والشمال السوري من الإرهاب, واقتراب دحر داعش في معقله الأخير في الرقة, ليتم تسليمها إلى أهلها لتشكيل مجلسها المدني, وبناء هيكلتها المؤسساتية والتنظيمية لإدارة نفسها, وبناء إرادتها الديمقراطية الحرة أسوة بالمناطق الأخرى التي تحررت مؤخراً, والتحقت بالركب الديمقراطي المدني في روج آفا والشمال السوري.

وفي هذا الإطار قامت صحفية الاتحاد الديمقراطي بزيارة إلى بلدة تل حميس التي تحررت منذ  عامين تقريباً, ووقفت عن قرب على المؤسسات المدنية التي بدأت بالعمل دون كلل منذ أن تحررت من الإرهاب الداعشي, وانضمامها إلى مدن وبلدات روج آفا والشمال السوري المحررة, ومن ضمن المؤسسات التي قامت جريدة الاتحاد الديمقراطي  بأخذ آراء القائمين عليها  كانت بلدية الشعب في تل حميس حيث كانت هناك عدة آراء منها:

محمد علي الخلف: الرئيس المشترك لبلدية تل حميس:

بلدة تل حميس هي واحدة من أهم المدن التابعة لكانتون الجزيرة, حيث تتوسط بين منطقة الهول و قامشلو وتربسبية, وهي منطقة خصبة بأراضيها ومتنوعة بمحاصيلها الزراعية, هذه البلدة كانت من أوائل البلدات التي تعرضت لهجمات إرهابية عدة من جبهة النصرة وأحرار الشام وداعش. حيث تعرضت بنيتها المؤسساتية للتخريب والتدمير والنهب والسلب, وألحقت أضرار كبيرة ببنيتها التحتية والفوقية, وعانى أهلها من القتل والتهجير والنزوح إلى مدن روج آفا, إلى أن قامت وحدات حماية الشعب والمرأة بتحريرها منذ ما يقارب االسنتين تقريباً, وتنظيف البلدة من الإرهابيين ومخلفاتهم, حيث أتيح المجال لعودة الأهالي إلى بيوتهم في البلدة والقرى التابعة لها, وتسنى لهم تشكيل مجالس الشعب، وبناء الكومينات في معظم القرى التابعة لها, و تهيئة الأرضية لبناء هيكليتها المؤسساتية في المجالات الخدمية والصحية والزراعية والأمنية والاقتصادية، بما يتوافق مع الحياة الحرة الكريمة, والشراكة المجتمعية الأصيلة بين جميع مكوناتها, وفق ما نصت عليها مبادئ وقيم الأمة الديمقراطية في العقد الاجتماعي للإدارة الذاتية في روج آفا. ونحن في بلدية الشعب في تل حميس كمؤسسة خدمية توعوية منذ أن باشرنا بعملنا في البلدة والقرى التابعة لها، وبدعم من هيئة البلديات والبيئة في كانتون الجزيرة, وبمساعدة من بلدية الشعب في تربسبية قمنا بالعديد من الأعمال الإسعافية العاجلة, كصيانة شبكة المياه والكهرباء, وإعادة تأهيل شبكة الاتصالات الهاتفية, وفتح وتنظيف شبكة الصرف الصحي, وترميم وصيانة الطرقات المؤدية من وإلى البلدة وقراها, كما أن البلدية تقوم بأعمال النظافة بشكل دوري, وكذلك قمنا برش المبيدات الحشرية من النوع الضبابي والرذاذي. حيث يمكننا القول أن الخدمات تسير بشكل جيد، ولكن ليس بالمستوى والأداء المطلوبين, وذلك لوجود نقصٍ في الإمكانيات والآليات في البلدية, خاصة ونحن في فصل الصيف وموسم الحصاد. فهناك حاجة إلى إطفائية وصهاريج للمياه لتلبية حاجات بعض القرى التي تعاني من نقص المياه, وكما إننا  نسعى بقدر الإمكان على تلبية حاجات الموطنين, حيث قمنا بالعديد من المشاريع الخدمية  في العام الماضي, وأنهيناها بشكل ناجح, كما قدمنا عدة مشاريع جديدة في العام الحالي إلى هيئة البلديات والبيئة, ونحن نأمل أن تدخل حيز التنفيذ قريباً.

خالصة إسماعيل الجرف: الرئيسة المشتركة لبلدية الشعب في تل حميس:

 نحن في بلدية الشعب في تل حميس نعمل بنظام الرئاسة المشتركة, حيث تنبع أهمية الرئاسة المشتركة من القضايا المجتمعية التي تمس المواطنين وسلامة المجتمع, وحل مشكلاته وخدمة الشعب بشكل تكاملي ومتساوي بين المرأة والرجل, واتخاذ القرارات التي تمس الواقع المعيشي بطريقة ندية تشاركية, حيث ينبع ثقل نظام الرئاسة المشتركة وزخمها من أهمية المرأة وفاعليتها في المجتمع, لكونها مكون أساسي مساهم في تطوير المجتمع ورقيه. فنظام الرئاسة المشتركة الذي تبنته الإدارة الذاتية في مقاطعات روج آفا والشمال السوري, هو تجسيد للعمل المشترك بين المرأة والرجل, وهو مفهوم ينبع من المعنى الحقيقي لجوهر المرأة وأهميتها في المجتمع, والحد من السلطة الذكورية في التفرد باتخاذ القرارات. فالمرأة في روج آفا قامت بدور لافت في النهوض بمجتمعها, من خلال مشاركتها في جميع فعاليات الثورة, وأيضاً في كافة مؤسسات الإدارة الذاتية الديمقراطية, بل وأدهشت الجميع في مشاركتها  بحمل السلاح والقتال ضد الإرهاب والمرتزقة في سبيل تحقيق حريتها وحرية مجتمعها.

فقد تعرضت المرأة على مدى عقود طويلة من الزمن لتهميش قسري ممنهج من قبل الأنظمة الرجعية والمناهضة لحقوق المرأة, ونقصد هنا على وجه الخصوص الذهنية الذكورية التي حولت المرأة لأداة إنتاج في المؤسسات والمعامل, التي كانت تدار بعقليات متخلفة, وإننا اليوم وبفضل فكر القائد آبو, نعرف حق المعرفة شخصية المرأة المستقلة وحقوقها وواجباتها, وتوصلنا لقناعة بأن حرية المجتمع يمر عبر المرأة, ونيل حقوقها عبر مشاركتها الندية في جميع مفاصل الحياة, وتخليص المجتمع من العادات والتقاليد البالية التي تجعل من المرأة بمثابة عبدة وأداة عاملة وحاضنة تنجب الأطفال.

 أما بالنسبة لتمثيل المرأة في البلدية فهي مُشارِكَةٌ  في جميع أقسام البلدية, وهناك أقسام خاصة  تدارمن قِبَلِها, كالأقسام الفنية والنظافة والمحاسبة. إن المرأة في روج آفا وبفضل إرادتها الحرة, استطاعت أن تكسر جميع الحواجز التي تقف أمام تقدمها, وكمثل على ذلك ما تقوم بها الضابطة النسائية في إدارة الأسواق وتنظيمه. وفي الختام نتقدم بالتحية للمرأة في وحدات حماية الشعب, التي أثبتت للعالم بأن ثورة روج آفا هي ثورة المرأة, وأجبرت العالم للوقوف باحترام أمام مقاومتها وتضحياتها.

عهد الله طه العبد الله: عضو ضابطة في بلدية تل حميس:

قسم ضابطة البلدية مهمته تنظيم الشوارع والأسواق وضبطها, وتتألف من 8 أعضاء من كلي الجنسين, كما أنها تقوم بالتنسيق ومساعدة  الأقسام الأخرى في مهامها. فمكتب الضابطة من أهم المكاتب في البلدية, وله دور هام في مؤازرة باقي المكاتب في البلدية, بالإضافة لإعماله اليومية, فنحن نقوم بجولات يومية على شكل دوريات للأسواق والكراجات والمحلات, للتأكد من عدم وجود أي مخالفة, وتنظيم السوق من حيث توزع البسطات ووقوف السيارات, وعدم إشغال الرصيف أو الشارع, وحل أي مشكلة قد تحصل في السوق, كذلك سحب البطاقة الشخصية لأي شخص تشتبه به الضابطة, وبعد التأكد من هوية الشخص يحال إلى الأسايش, في حال وجود أي مشكلة بخصوصه. بالإضافة لمشاركتنا بكافة الحملات التي تقوم بها البلدية, ومشاركتنا تكون من الناحية الأمنية والتنظيمية, كما نقوم بمؤازرة كافة المكاتب في البلدية خلال الجولات والدوريات اليومية, كما أن لدينا تنسيق مع مؤسسات الإدارة الذاتية الأخرى في بلدة تل حميس, كالترافيك والاسايش والصحة وغيرها, وذلك بغرض الحفاظ على أمن وسلامة المواطنين, وهناك  تجاوب إيجابي ملحوظ من ناحية المواطنين مع الضابطة في البلدية, وآلية عملها, وهم في تعاون جيد معنا للحفاظ على أمن وسلامة السوق.

حميدة قمر العيد: الرئيسة المشتركة لـ قسم التموين:

يتألف قسم التموين في بلدية الشعب في تل حميس من خمسة أعضاء, تقتصر طبيعة عملنا  كقسم التموين في مراقبة الأسعار في سوق البلدة وريفها, ومخالفة التجاوزات, ومصادرة المواد المنتهية الصلاحية وإتلافها حسب الأصول القانونية المتبعة في البلدية, وبشكل علني أمام الإعلام, وكذلك الحد من بيع وشراء الطحين بطرق غير قانونية, ومحاسبة المخالفين حسب نوع المخالفة, ونحن نقوم بالتنسيق مع بقية الأقسام في البلدية كقسم الضابطة والرئاسة المشتركة, كما أننا نقوم بالتنسيق مع بقية المؤسسات في بلدة تل حميس كالاسايش والصحة, ونحن في قسم التموين نقوم أيضاً بجولات دورية على الأفران للوقوف على كمية الخبز ونوعيتها, من حيث جودتها وصلاحيتها للاستهلاك, ونحن في بلدية الشعب في تل حميس نعاني من نقص في كمية الطحين, حيث لا تغطي مادة الطحين المخصصة من قبل الإدارة الذاتية جميع قرى تل حميس, والتي يقدر عددها 360 قرية, حيث هناك شكاوى متكررة ومتواصلة من قبل المواطنين بهذا الخصوص. فهناك ما يقارب 35 قرية لا يصلها الخبز نهائياً, ونحن نرجو من الإدارة الذاتية في كانتون الجزيرة, وبشكل خاص مديرية التموين, الوقوف بشكل جدي على هذه المشكلة, وعدم الاكتفاء بما تقدمها المنظمات العاملة في منطقة تل حميس, وعمل إحصاء دقيق للقرى التي تعاني من نقص في مادة الخبز في منطقة تل حميس, كما أن هناك نقص في عدد الأفران العاملة في المنطقة, فهي لا تكفي لسد حاجات المواطنين من الخبز, وخاصة هناك عدد من قطاعاتنا العسكرية( ypg-ypj  ) التي تأخذ الخبز من هذه الأفران, فعلى سبيل المثال منطقة الهول هناك فرن واحد فقط يعمل, وهو لا يكفي لتلبية حاجة المواطنين من هذه المادة الأساسية والضرورية على موائدها, وكذلك هناك نقص في كمية المياه الصالحة للشرب في المنطقة, والصهاريج الموزعة في البلدية لا تكفي لتغطية كافة القرى المحرومة من الماء. في الختام نشكر جريدة الاتحاد الديمقراطي على هذه الزيارة, وإلقاء الضوء على آلية عمل بلدية الشعب في تل حميس   بكل شفافية ووضوح لشعبنا في روج آفا وشمال سوريا.

زر الذهاب إلى الأعلى