الأخبارالادارة الذاتيةروجافاسوريةكردستانمانشيت

بدران جيا كُرد: الانتخابات خطوتنا المقبلة بعد العقد الاجتماعي

حالة من الجدل صاحبت إعلان الإدارة الذاتية بمناطق شمال وشرق سوريا إقرار عقد اجتماعي جديد يعتمد لأول مرة مسمَّى إقليم على المناطق التي تديرها الإدارة الذاتية.

ونصَّ العقد الاجتماعي الجديد على تغيير اسم الإدارة إلى “الإدارة الذاتية الديمقراطية في إقليم شمال وشرق سوريا”، والتي أصبحت تتكون من إقليم واحد وهو إقليم شمال وشرقي سوريا، ويتضمن سبع مقاطعات.

وهاجمت قُوى سوريَّة وكُردية الإدارة الذاتية على خلفية العقد الاجتماعي الجديد متهمين الإدارة بالتخلي عن الهوية الكردستانية في صياغة العقد أو محاولة فرض أمر واقع حول مستقبل سوريا.

وفي محاولة لفهم طبيعة العقد الاجتماعي الجديد والهدف من إطلاقه في هذا التوقيت، نشرت، صحيفة” الشمس نيوز” وهي صحيفة مختصة بالشؤون الكردية والدولية، حوارها الخاص مع مسؤول العلاقات الخارجية بالإدارة الذاتية “بدران جيا كرد” لكشف الحقائق والرد على الاتهامات التي تلاحق الإدارة الذاتية.

وهذا نص الحوار:

عقد اجتماعي جديد بشمال شرق سوريا لماذا الآن؟

– منذ مدة طويلة نحن نعيد النظر في بعض الأمور بحيث تواكب الإدارة الذاتية كتجربة تطورات المرحلة وتكون استجابة لها والعقد الاجتماعي إحدى هذه القضايا، كما تعلمون استحداث نظام العقد الاجتماعي شيء جديد في

سوريا ويعتبر كسراً لكل القواعد الكلاسيكية في إدارة المكونات لمؤسساتهم ومجتمعهم وفق نظام مدني مجتمعي، كانت التهديدات التركية وخطر الإرهاب سبباً رئيساً في عرقلة هذه المساعي لكن في النهاية كان هناك إصرار على متابعة الأمور والإعلان عن العقد الاجتماعي الذي يؤسس لنموذج ديمقراطي ويفعل دور المكونات المتعددة في إدارة منطقتهم بنموذج تشاركي تعددي.

ما الإجراءات التي سترافق إعلان العقد الاجتماعي الجديد؟

– طبعاً بعد المصادقة من المجلس التشريعي وإعلانه رسمياً سنكون أمام مرحلة إعادة هيكلية شاملة والذهاب نحو انتخابات مجالس ومقاطعات، وهي إجراءات تتمم آليات تنفيذ العقد الاجتماعي بمعنى تفعيله على الأرض وتنفيذه في جسم وشكل المؤسسات مع التعديلات التي تمت بما يتناسب مع حاجة ومتطلبات الأهالي وكذلك ضرورات المرحلة.

ما الفرق بين العقد الاجتماعي 2013 والعقد 2023؟

– تم تأسيس العقد الاجتماعي في عام 2013 لسد الفراغ وبناء دستور مجتمعي يشرف على تنظيم المنطقة ويوفر مشاركة عادلة لأهلها، وكانت آنذاك المنطقة جغرافياً لا تشمل المناطق التي تم تحريرها من داعش مؤخراً دير الزور والرقة ومنبج والطبقة وغيرها من المناطق، سعينا وقتها لبناء ما يمكن الاستناد عليه في إدارة المنطقة كما تحدثت، لكن الآن ومع توسيع المنطقة التي تديرها الإدارة الذاتية وتأسيس الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا 2019

كان هناك حاجة لعقد اجتماعي موسع يضمن شراكة هذه المناطق ويحافظ على خصوصيتها وموروثها الثقافي والاجتماعي.

هناك اتهامات للإدارة الذاتية أنها من صاغت العقد الاجتماعي الجديد وحرمت الأطراف المعارضة “للإدارة الذاتية” من مجلس وطني كردي وشخصيات عشائرية وأكاديمية من المشاركة… كيف تردون على ذلك؟

– عملياً الكلام غير دقيق ولذلك لأسباب منها المجلس الوطني الكردي ورغم الحوارات التي تمت بينه وبين قوى وأحزاب سياسية منضوية في الإدارة الذاتية لم يتفق على ورقة تفاهم معهم وبالتالي هذه القوى التي لها النسبة الأكبر من خلال مشاركتها في الإدارة الذاتية لم تصل لتفاهم مع المجلس الوطني خاصة في ظل وجود طلبات يمكن وصفها بأنها- تعجيزية- من قبل المجلس الوطني ومنها موضوع المحاصصة والنسبة وهذا جانب له تفاصيل كثيرة، من جهة أخرى العقد الاجتماعي موسع ويضمن مشاركة الجميع ولا زال المجال مفتوحاً لم يريد خوض العمليات الانتخابية القادمة والحصول على حقه وفق قاعدته وشريحته وكذلك للشخصيات المستقلة دور وأيضاً للتكنوقراط وموجود أسماء كثيرة شاركت في الصياغة والإعداد وتوجد لجان وممثلين عن كل المكونات بما فيهم الشخصيات المستقلة والأكاديمية والمرأة والشبيبة.

هناك اتهامات أيضا من قوي كردية بأن العقد الجديد به إلغاء للهوية الكردستانية للمنطقة، تحت منهجية الأمة الديمقراطية… كيف تردون على ذلك؟

– نحن في الحقيقة أمام لغط، على ما يبدو إما هؤلاء لا يعرفون ما هو مشروع الأمة الديمقراطية، أو إنهم ليسوا مدركين لماهية الهوية التي يتحدثون عنها! كيف يمكن أن نلغي هوية معينة ونحن ننادي في مشروع الأمة الديمقراطية بضرورة حفظ وصون كافة الهويات والثقافات والانتماء، إذا كانوا هؤلاء يرون وجود هويتهم على حساب نفي الآخرين فهذا غير صحيح! اليوم نحن أمام مرحلة مهمة في تثبيت حقائق انتماء وهوية الشعوب والكرد جزء منهم والأصح هو أن نتشارك مع الكل في تثبيت هذه الحقائق لا على حسابهم، كون هذه المنطقة تاريخياً لها هوية ومكونات وشعوب عاشوا عليها آلاف السنوات، لكن يبقى خصوصية الكرد موجودة على الأقل في إنهم رواد هذا المشروع الذي يحمي الشعوب من اندثار هويتها ويحميها من الإبادة.

هل يمكن اعتبار العقد الجديد أول خطوة رسمية في طريق اعتماد الفيدرالية كحل للأزمة السورية أو كما يقول البعض فرض الفيدرالية بسوريا كأمر واقع؟

– نحن أسسنا هذا العقد على مبدأ إدارة مناطقنا ونتطلع في الحقيقة على تعميم تجربتنا بدستور وطني ديمقراطي لعموم سوريا، لدينا توجه ومنظور ديمقراطي للحل في سوريا في إطار سوريا ديموقراطية تعددية لامركزية، لكن لا نريد فرضه بل نريده من خلال توافق وتفاهم وطني بين كل السوريين، ذات الوقت ليس على حساب إنكار هويتنا وانتماؤنا ودورنا في حماية مناطقنا ومحاربتنا للإرهاب، وإنتاج حالة ديمقراطية جديدة في سوريا تكون على أساس العدالة والمساواة.

المؤسسات الجديدة مثل مجلس الشعوب ومؤسسة الرقابة ومحكمة العقد الاجتماعي… كيف سيتم اختيار أعضاءهم… وما الصلاحيات الممنوحة لأعضاء هذه المجالس والمهام المنوطة بهم؟

– هذه المؤسسات مستقلة في هيكليتها الإدارية من حيث الصلاحيات والمهام، لكن بالإطار العام هناك جزأين مهمين في بناء الهيكلية الإدارية وهما نسبة المشاركة التي تحققها المكونات بعد الانتخابات بمراحلها المتعددة والجزء الآخر هناك اعتماد كبير على التكنوقراط والتخصص في المهام. لكن لا تزال الإجراءات التنفيذية للعقد الاجتماعي في طور البداية وهناك لجان مختصة سوف تتابع الإشراف على الأمور بتكليف من مجلس الشعوب ومجالس الأقاليم.

أما عن ألية تشكيل هذه المؤسسات فيتم تشكيل مجلس الشعوب الديمقراطي عن طريق الانتخابات بشكل مباشر بنسبة ٦٠بالمئة من ممثلي الشعب و٤٠ بالمًئة من ممثلي المكونات العرقية والدينية والثقافية المنتخبة من قبلهم بشكل شفاف وفق القانون الانتخابي وحسب الكثافة السكانية وظيفة المجلس هذه هي التشريع وتمثيل جميع المكونات بشكل عادل في مناطق الادارة الذاتية

أما عن مؤسسة الرقابة المالية يتم تشكيلها من قبل مجلس الشعوب الديموقراطي وذلك باقتراح نصف العدد من قبل مجلس العدالة الاجتماعية والنصف الاخر من قبل مجلس الشعوب الديموقراطي بالتنسيق مع المقاطعات ويتم المصادقة عليه من قبل مجلس الشعوب بثلثي عدد المجلس وإذا لم يكتمل النصاب يتم المصادقة بنسبة ٥٠+١ ومهمتها الأساسية متابعة أوجه الصرف للميزانية العامة لدى المجالس ومدى قانونيتها وشفافيتها ومدى انسجامها مع الاقتصاد المجتمعي وتعمل بشكل مستقل وهي مسؤولة أمام مجلس الشعوب الديموقراطي وتعطي تقاريرها للمجلس.

أما عن محكمة حماية العقد الاجتماعي يتكون من مجموعة من القضاة والقانونيين المختصين ويتم اقتراح أسماءهم مناصفة من قبل مجلس العدالة الاجتماعية ومجلس الشعوب الديموقراطي للمجلس الشعوب ويتم المصادقة عليه بنسبة ثلثي عدد مجلس الشعوب ويتم اتخاذ تمثيل المكونات والمرأة بعين الاعتبار لدى طرح الأسماء على المجلس الشعوب ووظيفتها تفسير نصوص العقد الاجتماعي ومراجعة القوانين والقرارات التي تصدرها المجالس ومدى انسجامها مع نصوص العقد الاجتماعي وكذلك حل النزاعات في بين المجالس في حال الاعتراض على المهام والصلاحيات. وقرارات محكمة حماية العقد الاجتماعي مبرمة.

ما الرسالة التي تريد الإدارة الذاتية توجيهها من حالة العقد الاجتماعي الجديد؟

الرسالة تكمن في إننا حالة سورية نسعى لتطوير مجتمعنا ومناطقنا ضمن خصوصية الانتماء السوري ولسنا منخرطين في أية مشاريع خلافية أو كما يتم التسويق لها من قبيل الانفصال وما شابه، نحن نعمل وفي ظل كل التحديات لتطوير بنية حل وطنية سورية، ولا ننجر وراء مشاريع ذات أجندات معينة في سوريا، لدينا رؤية واضحة في هذا المسار ونرحب بالحوار مع كل إخواننا السوريين على أساس توحيد الجهود الوطنية وخدمة تطلعات شعبنا ومستقبله وتحقيق الاستقرار والسلام. وكما نوكد بان سوريا لامركزية تعددية ديموقراطية ستكون حلا لكل القضايا التي تعاني منها سورية ورسالتنا واضحة وهي يجب الحفاظ على الموزاييك الثقافي العرقي والديني للمجتمع السوري من خلال هكذا نظام إداري للحفاظ على خصوصية كل مكون ومنطقة التي ستجعل سورية قوية وصامدة في وجه كل المخططات العدائية.

بإجماع الخبراء…العقد به مواد عصرية وحضارية متقدمة جداً في طريق الديمقراطية… هل هناك آليات لتنفيذ ذلك على أرض الواقع؟

تحدثت عن آليات دقيقة في التنفيذ ونحن في النهاية نستحدث ما يمكن أن يكون مناسباً للواقع وبالتالي من غير المعقول تطوير أو صياغة عقد دون مراعاة جوانب تنفيذه، لكن نعلم حجم الصعوبات والمعاناة خاصة ممن لا يريدون نجاح شعبنا في هذه المساعي لتطوير إدارتهم لمنطقتهم، بالشكل العام مصرين على نجاح العقد ومستمرين في آليات تنفيذه ونعول على تفاعل واهتمام مكونات شعبنا كونه أي العقد نابع من حاجتهم وتم بموجب مشاركتهم وإعدادهم.

كيف تنظرون لعلاقات الإدارة الذاتية مع دمشق بعد إقرار العقد؟

الحقيقة لا علاقة مع دمشق كما يذكر لكن هناك اتصالات ومحاولات في كل مرحلة للوصول لتفاهم أو حوار عبر الوسطاء لكن حتى الآن لم تثمر الأمور عن أية نجاحات وبالتالي العلاقة كما تسمونها مع دمشق ستكون في ذات الإطار الذي كان قبل العقد، أي أن العقد الاجتماعي لن يغير ولا يدخر الجهود للاستمرار في محادثات المسار السوري والوطني لتحقيق توافق وطني شامل بمعنى العقد الاجتماعي وتطويره لا يغير في الأمر شيء.

وهل تلقيتم أي ردود أفعال من حكومة دمشق أو داعميها عقب إعلان العقد وتأكيد الفيدرالية؟

رسمياً لا، لكن كالعادة هناك استباق للأمور والحكم على غلاف الأمور، تابعنا بعض الجهات التي بدأت بحملات ضدنا طبعاً تشويهية وسلخ الأمور عن الواقع وربط هذه المحاولات بمشاريع حسب مسمياتهم بالانفصالية لكن إلى حد ما تعودنا على مثل هذه الهجمات وعندما تستهدفنا ندرك حقيقة صوابية منهجنا ومسارنا وإلا أين يكمن الخطر في مشروع أو عقد أو تجربة تتحدث في أبوابها الرئيسية ومبادئها عن صون الكرامة والسيادة السورية وتضمن وحدتها الجغرافية والتآلف بين شعبها المتعدد.

زر الذهاب إلى الأعلى