الأخبارمانشيت

الكاتب الأمريكي Patrick Lewis : الانتصارُ على داعش مستحيلٌ بدون الكرد      

patrick-lewisفي ظل الظروف الراهنة والتي يمر بها عالم الشرق الأوسط عامة وسوريا بشكل خاص، تتغير فيها الاستراتيجيات الدولية والتي تقودها كل من الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، وتتباين الآراء والمواقف للقوى الدولية الأخرى، والتي تتأثر بشكلٍ أو بآخر بموقف القوتين العظمتين المؤثرتين في الصراعات والأزمات الدولية الجارية في المنطقة والعالم، لذا من الطبيعي أن تختلف الآراء والمواقف الإعلامية والسياسية حسب موجة السياسة الطاغية لأحدى القوتين وتبعاً لذلك، وعلى إثر الصراع السياسي بين الطرفين تبنى النظريات، والتوجهات السياسية الدولية العامة والخاصة .

وعلى ضوء ذلك يجب أن نحدد الأبعاد السياسية لأي عملية سياسية في المنطقة وخاصة في سوريا على ضوء التوافقات والتقاربات الدولية, وهذا بالأمر الخاطئ لأن أي حل سياسي أو عسكري يفرض على السوريين وفق أجندات إقليمية أو دولية بعيداً عن الواقع السوري الحقيقي سيكون فاشلاً بكل معايير الفشل، ولن يفضي إلا لنتيجة واحدة ألا وهي تعميق الأزمة وإطالة أمد الصراع، ولوعدنا إلى بداية الأحداث والأزمة في سوريا سنلاحظ مدى التقلبات في المواقف الدولية وعلى رأسها الضليعين في الأزمة بشكلٍ مباشر،  فمن عملية أسقاط النظام إلى دعم المعارضة إلى تشكيل قوى متعددة الولاءات والأجندات، إلى بناء عملية سياسية  يفضي إلى بلورة الصراع وبالتالي حل الصراع والأزمة في سوريا على بنيانٍ مشتتٍ وقابلٍ للاندثار في أي موجة عنف أو تناحر بين الأطراف المتصارعة.

 في أحدى الصحف  والتي عنونت في أحدى صفحاتها، وعن الأزمة والصراع في سوريا  والشرق الأوسط، تحت عنوان ” توفير الأسلحة دون الدعم الدبلوماسي هو مجازفة من الولايات المتحدة تؤدي إلى تفاقم التوترات في كل من تركيا وسوريا”.

حيث يقول الكاتب الصحفي الأمريكي ( باتريك  لويس) صاحب المقالة:” بأن إدارة أوباما تدرس خطة لزيادة تسليح الكرد الذين يدعونهم الكثيرون في واشنطن بشركائنا “الأكثر فعالية على الأرض” في سوريا، وذلك من أجل تحفيز المشاركة الكردية في الهجوم القادم ضد تنظيم داعش في الرقة.

 ويقول الكاتب الذي نشر مقالته صحيفة ( شيكاغو تريبيون)، وفي أفتتاحيت المقالة ” يصادق على هذه الخطة التي جاءت مع العنوان الرئيسي بـ “خطوة واحدة” من أجل “اصلاح سوريا”، وفي المناظرات الرئاسية، دعت هيلاري كلينتون إلى خطة مماثلة.

وفي دوام مقاله وبخصوص ضرب داعش في مدينة الرقة، يقول الكاتب:” إن طرد داعش من الرقة وهي أكبر مدينة سورية تقع تحت سيطرة تنظيم  “داعش” الإرهابي وتعتبر عاصمتها المعلنة. كان الهدف العسكري الأول للولايات المتحدة في سوريا منذ بداية تدخلها في عام 2014.

أما بخصوص أهمية الرقة  في الخطة الأمريكية  الموجهة ضد التنظيم الإرهابي في سوريا والعراق.

يقول الكاتب لويس:” إن الرقة تحمل الآن أهمية رمزية كبيرة في الحرب على داعش (على الأقل في أذهان قادة الولايات المتحدة العسكريين والسياسيين), لذلك ليس من المستغرب أن تعلن صحيفة “تريبيون”، إن العديد من الالتباسات والمخاطر بسبب إرسال المزيد من الأسلحة للكرد يمكن الاستهانة بها، ويتابع بحديثه “ما هو مهم الآن هو الإطاحة بالدولة الإسلامية في الرقة”.

 وبصدد الدعوة بإرسال المزيد من الأسلحة وتسليح القوات التي يراها العالم وقوى التحالف الدولي  بأنها حليفة ومشاركة بشكلٍ مباشر بالتحالف الدولي ضد الإرهاب في سوريا.

يقول الكاتب:” بأن الدعوة إلى إرسال المزيد من شحنات الأسلحة إلى سوريا من دون إيجاد أية خطة، أو مظهر من مظاهر الحل السياسي للصراع الدائر منذ 5 سنوات، فإن تريبيون تعزز أسوأ جوانب السياسة الأمريكية في المنطقة، ولا تزال هذه السياسة مركزة بشكلٍ مفرط على تحقيق انتصارات عسكرية على المدى القصير على حساب التسويات السياسية على المدى الطويل، والتي بدونها يكون السلام الدائم أمراً مستحيلاً، ما هو أكثر من ذلك إنه من الشبه مؤكد أن تفشل هذه السياسة في تحقيق حتى الأهداف المحدودة التي وضعتها لنفسها، ألا وهي الاستيلاء على الرقة وتحريرها من القوى الإرهابية”.

 أما عن الفيدرالية والإدارة الكردية المعلنة عنها منذ  بداية الصراع  وحول ما هو المطلوب سياسياً، والحوار حول النظرة الكردية في الحل السياسي في سوريا، والمطالب الكردية المتعلقة بالفدرالية في الشمال السوري، ونظام حكم تعددي ديمقراطي في سوريا عامة، يقول الكاتب لويس:” إن  الحوار حول المطالب الكردية من أجل نظام فيدرالي في سوريا (مع الحكم الذاتي المحلي للكرد والأقليات الأخرى) لا يمكن الحل السياسي   بدون هذا، فإن نقل الأسلحة ببساطة سوف يقدم الحل العسكري على الحل الدبلوماسي السياسي”.

كما أشار الكاتب إلى  دور TEV-DEM كمظلة سياسية تضم كافة المؤسسات ومنظمات المجتمع المدني، والأحزاب السياسية في شمال سوريا ضمن الإدارة المشكلة في روج آفا – شمال سوريا.

 يشير الكاتب إلى أن آلدار خليل: عضو اللجنة التنفيذية لـ TEV-DEM (وهي مظلةٌ تنسق بين منظمات المجتمع المدني في روج آفا)، أشار إلى نقطة مماثلة في مقابلة أجريت معه مؤخراً، وعندما سُئِلَ عن تعهد كلينتون خلال المناظرات بتسليح حلفاء أمريكا من العرب والكرد في سوريا، أجاب خليل:” بالطبع من المهم تقديم الدعم للقوات الكردية، ولكن هذا الدعم لا يمكن أن يقتصر على المساعدات العسكرية، أي دعم قادم يجب أن يتوفر في جميع المجالات؛ وهذا يعني أنه يجب أن يكون سياسياً ودبلوماسياً واقتصادياً واجتماعياً أيضاً”.

 ويتابع الكاتب في نفس السياق:

 يستشهد خليل بالاستبعاد المتواصل لحزب الاتحاد الديمقراطي PYD ــ الحزب الكردي الفعّال في روج آفاــ من محادثات جنيف للسلام في سوريا كمنطقة واحدة على وجه الخصوص.

ويقول الكاتب:” إن التصور الشائع المتزايد في روج آفا هو أن أمريكا منعت مراراً وتكراراً مشاركة حزب الاتحاد الديمقراطي في هذه المحادثات انطلاقاً من مراعاتها لحليفتها في الناتو، (تركيا).

 وحول التدخل التركي في شمال سوريا والأهداف التركية المعلنة من وراء تدخلها العسكري في جرابلس  والمنطقة الممتدة بين كوباني وعفرين يقول لويس في مقالته:” أنه في أواخر شهر أغسطس قدمت الولايات المتحدة دعمها للتوغل التركي داخل الحدود السورية، لتلاحق داعش جنوباً حتى جرابلس ومع ذلك من المسلم به وعلى نطاقٍ واسع (ويشمل ذلك الرئيس التركي أردوغان نفسه) أن الكرد وكانتوناتهم التي تتمتع بحكمٍ ذاتيٍ في روج آفا كانت أيضاً هدفاً رئيسياً، وبالتالي فإنه ليس مفاجئاً لأحد أنه وفي غضون أيام من تدخل تركيا كانت قوات سورية الديمقراطية التي يقودها الكرد (SDF) تقاتل تنظيم داعش جنوب جرابلس  في الوقت الذي دخل فيها القوات التركية جرابلس. وبخصوص تسليح قوات سوريا الديمقراطية ومن ضمنها القوات الكردية في شمال سوريا، وَرَدُ فعلِ النظام التركي على ذلك بقصف وتدمير المناطق الكردية في جنوب تركيا, والتي تجدد فيها الصراع المسلح بين حزب العمال الكردستاني والنظام التركي.

تقول تريبيون:” إن تركيا يمكن مراضاتها بتعهد الولايات المتحدة بأن “لا يحصل الكرد على المدفعية الثقيلة، بل فقط الأسلحة الخفيفة والذخيرة” هذا هو الهراء بكل معنى الكلمة، وإهانةٌ لفهم الكرد السوريين كما هو لتركيا. إن زيادة الأسلحة دون حسن التدبير في شمال سوريا يزيد من مخاطر التوترات ويؤجج الصراع في كل من سوريا وتركيا، حيث قامت الحكومة بشن “حرب قذرة” جديدة على سكانها الكرد، وفي الحين الذي تشرد فيه عشرات الآلاف وتعرضت أحياء بأكملها للدمار بقيت الحكومة الأمريكية صامتة في أغلب الأحيان تجاه ذلك”.

ليس مجرد أن تكون تركيا غير سعيدة إذا تلقى الكرد المزيد من الأسلحة الأمريكية، ولكن ليس هناكَ دليلٌ على أن الكرد يريدون الصفقة أيضاً”. طالما أن الولايات المتحدة غير مستعدة لدفع تركيا نحو تسوية شاملة مع الأحزاب الكردية في كل من تركيا وسوريا، فمن غير المعقول تماماً أن نتوقع من الكرد إرسال مقاتليهم إلى الرقة (حيث يمكن أن يقتل المئات) في مقابل ” الأسلحة الخفيفة والذخيرة ” فحسب.

 ويشيرُ الكاتب إلى ما نقل عن آسيا عبد الله، الرئيسة المشتركة لحزب الاتحاد الديمقراطي PYD في نهاية شهر أغسطس / آب أنه لن يكون هناك أية عملية يقودها الكرد في الرقة طالما استمر توغل تركيا داخل سوريا.

ويضيف الكاتب بقوله:” ما نقل عن بولات جان في الشهر الماضي، الممثل الرسمي للـ YPG (الفصيل الأقوى ضمن قوات سورية الديمقراطية SDF) وحسب ما قاله الكاتب:” التحالف الدولي لمكافحة تنظيم داعش” في عهد الرئيس أوباما استبعد مشاركة الـ YPG في هذه العملية, طالما أن الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون يواصلون عدم الاعتراف بالمشروع السياسي الكردي في روج آفا، “نحن لسنا بعض المجموعات شبه العسكرية”، وبهذا الصدد قال للصحفي (موتلو سيفروج) المقيم في واشنطن:” نحن لا نستطيع أن نقول لشعبنا دعونا نذهب إلى القتال، ونضحي بالكثير من  شبابنا من الرجال والنساء وبعدها لا نملك الحق في الكلام، شعبنا لن يقبل بهذا ولا أحد يقبل”.

 وفي ختام مقالته يشير الكاتب الأمريكي باتريك لويس إلى الدور الذي يمكن أن تلعبه أمريكا بشكلٍ فعالٍ في حل الأزمة والصراع بدل ممارستها سياسة ازدواجية يطيل الأزمة والقتال في سوريا.

ويقول:” بغض النظر عن نواياها الحقيقية فإن لعبة أميركا المزدوجة في سوريا لا تنطلي على أحد، ولا يمكن أن تستمر في دعم أثنين من الأطراف المتحاربة من خلال تركيزٍ قصير النظر على حربها ضد داعش، إن لم تتمكن من التوصل إلى حلٍ سياسيٍ للصراع الكردي التركي ــ الصراع، الذي تجاهلته لعقودٍ من الزمن، فإن أية نجاحات عسكرية أخرى على داعش ستكون فعلياً مستحيلة.

وفي ظل غياب أي جهد دبلوماسي جاد لإعادة تركيا وحزب العمال الكردستاني إلى طاولة المفاوضات, واتخاذ خطوات حقيقية نحو شكلٍ من أشكال الاعتراف بالمشروع السياسي للكرد في روج آفا، فإن الأزمة في شمال سوريا ستتعمق إلى أبعد من ذلك، وتفتح الباب أمام حريقٍ هائلٍ وعلى نطاقٍ إقليميٍ واسع”.

 ويختم المقالة بقوله:” يجب على الولايات المتحدة أن لا تصب المزيد من الزيت على النار”.

زر الذهاب إلى الأعلى