مقالات

الأنابيب الزرقاء وعمليات الانعاش الثلاث

رغم كل التصريحات الاعلامية التي بلغت بين تركيا والولايات المتحدة الأمريكية حد التصادم والتي كادت أن توصل المتتبع للشأن السياسي إلى التصديق بأن العلاقة ما بين الدولتين وصلت إلى الطلاق البائن أو طريق اللاعودة والتي لم تكن تخلو في بعض الأحيان من النفاق السياسي والخروج عن الأعراف الدبلوماسية في تصريحات كلا البلدين بين الفينة والأخرى إذا ما اسقطت هذه التصريحات والبيانات على أرض الواقع ومجريات الأحداث والمعطيات الملموسة بكل وضوح وجلاء لكل من يمارس السياسة ويقوم بالتمحيص والتدقيق في المعادلات ونتائجها والتي لا تعتمد في حلها على جذور المعادلة؛ إذ ليس هناك وجه الشبه والتطابق بين التصيؤ في التصريحات على المنابر الإعلامية إذا ما قورنت بالحوامل الحاصلة على الأرض وخصوصاً من الجانب الأمريكي ناهيك عن الروسي الذي باع بل تجرد من الأخلاق والقيم الإنسانية التي كان يتشدق بها على المنصات الدولية في عملية قرصنة تمت فيها بيع مدينة عفرين إلى تركيا والتي أدت إلى تنفيذ وتطبيق الخرائط المرسومة في الغرف السوداء والتي بموجبها قسمت سوريا إلى دويلات و ولايات عدة رغم ما تزعمه روسيا في تصريحاتها الخلبية في التمسك بوحدة سوريا أرضاً وشعباً.

مشهد التأزم بين تركيا وأمريكا (رغم وجود قانون محاسبة تركيا لدعمها الإرهاب على طاولة الكونغرس الأمريكي) لا يشي ولا يتطابق مع التسريبات من الغرف المظلمة وما يدور فيها من توافقات واتفاقات بين البلدين على مدى قرون من الزمن إذ تشير بعض هذه التسريبات من هذه الاتفاقيات إلى تحويل تركيا برضىً روسي إلى عقدة غاز عالمية تشرف عليها أمريكا إضافة إلى تعهدات أمريكية أخرى كثيرة.

كل المعطيات الحسية والملموسة تقتضي النظر إليها من زوايا الاحتمالات والتوقعات والتكهنات القابلة للتأويل وخصوصاً منذ عمليات الانعاش الثلاث التي أدت إلى فوز أردوغان في انتخاباته الخًدَّج والتي بانت لنا بالمشاهدة العينية والتي صبت كلها في صالح أردوغان والفوز بولاية أخرى في إطلاق يده قبيل الانتخابات في حرب مفتوحة يشهرها ويعلنها أمام العالم في شن الهجمات بكل أنواع الأسلحة الفتاكة على قنديل والتوغل في الأراضي العراقية ( اقليم كردستان ) والعملية الدعائية في منبج التي كانت بمثابة جرعات منشطة له واستخدام هذه العمليات في المنابر الداخلية في العملية الانتخابية؛ منحته نقلة نوعية في المواجهة مع المعارضة وصولاً إلى تغيير الإيقاع الشعبي ليتناغم مع ضرورات فوزه في هذه الانتخابات؛ ما أدى إلى حلقة أخرى من حلقات التصدع في أخلاقيات السياسة الدولية بمباركة من الدولة العميقة (الماسونية) والتي تتخذ من بريطانيا مركزاً لها والتي تدير العالم والتي لإسرائيل الممسكة بناصية الدول العربية والقادرة على جزِّها متى شاءت وكيفما شاءت الحصة الكبرى فيها.

المشهد هذا يزدحم حتى التخمة بفائض من المشاهدات والمعطيات الحسية وخصوصاً عندما اجتاحت تركيا واحتلت جزءً مهماً وثميناً ( عفرين ) من أراضي الدولة السورية المؤسس والعضو في جامعة الدول العربية ولم يصدر عنها أي موقف صريح أو إدانة لهذا الاحتلال سوى دولة واحدة التي صدرت منها الإدانة باستحياء وعلى مضض.

التشدد الذي كان يطغى على أداء السياسة التركية والانزلاق نجو الهذيان السياسي والعسكري والعربدة والمحاججة داخلياً بالدور الذي يلعبه ويتباهى به جميعها مدعاة للتساؤل وخصوصاً إذا ما اقترنت بالابتسار السياسي الأمريكي والرطانة في المواقف ومحاولة اللعب على توليفة إرضاء الطرفين هي صيغ إضافية تؤدي إلى محصلة واحدة في اتفاقات وصفقات سرية بين هذه الدول ( روسيا اسرائيل أمريكا تركيا ) على الأنابيب الزرقاء وباتت التداعيات تعاني من فائض في المسببات والاحتمالات التي تجنح بنا من أقصى حدود التشاؤم إلى أقصى حدود التخوف.

فهل مست أصوات الأجراس آذانك أيها الكردي ؟؟

ونحن لنا في التاريخ حكايات وقصص…

زر الذهاب إلى الأعلى