مقالات

الأزمة السورية وانعكاساتها على الأوضاع المعيشية للشعب السوري

محمد ايبش

مع إطالة عمر الأزمة السورية وعزف النظام والمطبلين له على وتر الانتصار بعد عودة سوريا الي الجامعة العربية، وهذا حق طبيعي ومشروع لدولة كانت لها الدور في تشكيل الجامعة العربية، والتي كان لصدى اجتماعها الأول وقعاً خاصاً على الصعيد الجماهيري، وهذا ذكَّرني بما صرّح به المناضل ورئيس وزراء سوريا ولبنان “فارس الخوري” بعد خروجه من الاجتماع حينما قال: لقد اجتمعنا واتفقنا بأن لا نتفق ثانية. صحيح أنّ حديثه كان مخيباً للآمال ولكن كان يعكس حقيقة الواقع العربي المنقسم على نفسه، ومن هنا يمكننا القول أيضاً: كان جمعهم واتفاقهم على ألّا يتفقوا ثانية.

وقياساً على ذلك يحق لنا أن نقول: ما أهمية عودة سوريا إلى الجامعة العربية من عدمها، والكل على دراية تامة بأن النظام السوري لن يلتزم بأي تعهدات أقرّ بها في اجتماع عمان الخماسي.

وبحضور بشار الأسد “القمة” في جدة وفور عودته منها، بدأ الإعلام الرسمي للنظام السوري بالحديث عن الانتصار، وهنا يمكن طرح السؤال التالي: على من انتصر؟ وأي نصرٍ يتحدث عنه إذا كان الاحتلال التركي مستمراً في اعتداءاته على السوريين في المناطق المحتلة، وإذا كانت اسرائيل تستهدف عمق الجغرافيا السورية وإذا كان الفساد مستشرياً في أدق مفاصل الدولة، وإذا كان تجار الأزمة ما زالوا يتحكمون بقُوت الشعب وزيادة الأسعار بشكل شبه يومي، والمتضرر الوحيد هو الشعب، ويوماً بعد يوم تزداد معاناة الطبقة الفقيرة والوسطى نتيجة غياب فُرص العمل وإن وُجدت فهي لا تفي حاجة المواطن الذي يعمل لساعات طويلة بأجور متدنية.

إضافة إلى نشوة النظام في الحديث عن الانتصار، هناك غياب تام لمجرد التفكير بأي حل سياسي مع أنه يدرك تماماً بأنه لا يمكن تجاوز هذا الوضع الكارثي بدون الحل السياسي، ولكن هو يريد الحل على مقاسه، وكأن الأزمة السورية جَرَتْ في جغرافيّة غير الجغرافيا السورية.

الذي يبادر إلى الأذهان هو أن عودة سوريا إلى الجامعة العربية أعاد للنظام هيبته على الصعيد الداخلي وأعاد تمادي الأجهزة الأمنية بالخناق على عامة الشعب دون أي رقيب وحسيب عبر سياسات وأجندات لا تخطر ببال أيٍّ كان، ناهيك عن هشاشة المعارضة وتشرذمها، وبات الشعب لا يهتم بأي شيء يصدر عن المعارضة انطلاقا من العبارة التي تقول “المَيِّتُ لا يحي الميت”، وأصبح الهم الوحيد لكافة شرائح المجتمع هو تأمين القُوت اليومي بين سندان غلاء أسعار المواد ومطرقة النظام الذي يعمل على رفع أسعار كافة المواد وبشكل دوري.

زر الذهاب إلى الأعلى