مقالات

اعتدال الكُرد وتطرُّف الأنظمة

لا تكمن خطورة الإرهاب في التعريف الذي تم الاتفاق عليه، ولكنها تكمن في تسيِيس الإرهاب ذاته وتبنيه من قبل بعض الأنظمة الحاكمة وبعض ممن يدعون بالمعارضة وإعطائه بعض من الشرعية (أسعد الزعبي نموذجاً).

بعض الدول والأنظمة لجأت إلى إيواء مجموعات من الإرهابيين وقدَّمت لهم الدعم والحماية وسهلت لهم الحركة والانتقال لدوافع ومصالح سياسية أو توسعية ضد دول أخرى أو ضد شعوب أخرى.

الأحداث والتطورات المتسارعة والمتلاحقة والتي تتجلى فيها الحقائق تجعلنا نتساءل مع المتسائلين:

ماذا يمكن أن نسمي قتل آلاف الأطفال والشيوخ الكرد في الأنفال وغيرها؟

ماذا نسمي قتل جنود الأتراك لمدنيين كرد وسوريين وبشكل يومي بمجرد اقترابهم من الحدود؟

ماذا نسمي تحشيد قوات عسكرية على حدود دولة جارة والتلويح باستخدام القوة ضد الشعوب المتعايشة فيها؟

ماذا يمكن أن نقول عن رئيس دولة عندما ينطق بكلمات يهدد فيها شعب بالإبادة: “سندفنهم تحت التراب أو يقبلوا بالذل”؟ وهل ينطق بمثل هذه الكلمات غير الإرهابي؟

لماذا يبقى العالم صامتاً أمام الانتهاكات المستمرة للجيش التركي والجماعات الإرهابية التابعة له في عفرين؟

ثم ماذا يمكن أن نسمي الدولة التي اغتيل فيها السفير الروسي بينما كان يزور معرضاً فنياً في أنقرة, والقاتل يردد الله أكبر، لن ننسى حلب، لن ننسى سوريا، هذا من أجل حلب، ويبقي الروس صامتين؟؟ أليس هذا هو الإرهاب بعينه؟؟

باتت مشكلة الإرهاب اليوم سلعة سياسية تنعكس في كثير من الأحيان على أصحابها, ربما سوريا بحكم أعمال العنف التي تشهدها من أكثر المناطق سخونة واحتواءً للإرهاب لوجود النزاعات التاريخية والاحتلالات (احتلال الأتراك لأراضٍ سوريَّة لواء اسكندرون سابقاً واحتلال عفرين والباب وغيرها حالياً) و احتلال اسرائيل للجولان السوري إلى جانب نفوذ بعض القوى الكبرى فيها روسيا من جهة وإيران وحزب الله من جهة أخرى, والجماعات المرتبطة بتركيا من جهة ثالثة.

 كل ذلك يؤدي إلى اختلاط مفهوم الإرهاب والمقاومة وهذا الخلط ساهم به كثيرون.

ما يهمنا هنا أن الشعب الكردي يُعتبر مثالاً صارخاً والضحية الأكبر للإرهاب والصهر والإبادة في المنطقة حيث يتوجب على الشعب الكردي اجترار الألم وتحمل جميع أشكال الإرهاب الذي تُطبِّق عليه الدول القومية المسيطرة فيتعرض هذا الشعب إلى السلب والنهب في محاولة لصهره في بوتقة الدول المهيمنة وتخليه كلياً عن قيمه الأساسية.

بصراحة, إن سياسة الجنرالات التركية والتلويح بالقوة وسياسة الأنظمة المهيمنة سوف يودي بالمنطقة إلى كوارث ما لم يحدث تغيير جوهري في هذه السياسات ,والمتتبع لتصريحات أردوغان وأركان نظامه وتصريحات قادة النظام السوري يؤكد أنهم يقودون الوضع إلى حافة الانفجار بإصرارهم على تجاهل حقوق الشعوب والمكونات, وإذا كان البعض يعتقد أن المزيد من الاعتدال الكردي ربما يحد من تطرف هذه الأنظمة المهيمنة فهو واهم…

زر الذهاب إلى الأعلى