المجتمعمانشيت

إضاءات على أكاديمية الإسلام الديمقراطي في روجافا

أخذ البعض ممن يدعون الاسلام يقاتل باسم الدين الإسلامي لتحقيق مآربه، وتحويل الثورات إلى طابع اسلامي للتأثير واستغلال الدين في الحروب ولا أحد اليوم يشك بوجود معركة ساخنة بين التوجهات الديمقراطية الإسلامية والتي يمكن تسميتها بالإسلام الديمقراطي، والتوجهات التسلطية المكسوة بطلاء الإسلام السلطوي، هذه المعركة في الحقيقة أشد ضراوة من أي صراع آخر، طبعاً قد يعترض بعض القرّاء بأن الإسلام هو الإسلام من دون زيادة أو نقصان، وأن في هذا التصنيف تعسف في حق الإسلام و انحراف فكري وربما ديني؛ لأنه ينزع عن الإسلام جوهر طابعه الموحد، والجواب هو ما نشاهده الآن في أغلب صراعات مناطق الشرق الاوسط التي أدت معرفتها الضعيفة للإسلام أو التفسير الخاطئ للآيات والأحاديث إلى ظهور جماعات متشددة كــ جبهة النصرة و تنظيم داعش الارهابي والجماعات التكفيرية الأخرى التي شردت ونهبت وقتلت الآلاف باسم الدين الإسلامي، و يسري هذا التوصيف علة بعض الدول التي استخدمت الدين لخدمة مصالحها الخاصة وإخراجه من مضمونه وجوهره.

ولمعرفة ما هو المقصود بالإسلام الديمقراطي ارتأت صحيفة الاتحاد الديمقراطي إجراء تقرير شامل عن أكاديمية الاسلام الديمقراطي التي تم تأسيسها حديثاً في إقليم الجزيرة.

محمد غرزي رئيس هيئة علماء المسلمين في إقليم الجزيرة وعضو إداري في أكاديمية الاسلام الديمقراطي

الدين الاسلامي دين السلام والمحبة والتآخي والمساواة

تحدث للصحيفة عن سبب تأسيس هذه الاكاديمية واستهل حديثه بالقول: لتعليم دين الإسلام وفق حقيقته وعلى مبدأ الإسلام الوسطي المعتدل الذي يهدف إلى تدريس العلوم الشرعية وإلى ربط الناس بالعلم الشرعي، إن الإسلام هو دين السلام والمحبة والتآخي والمساواة، ونتيجة لسياسيات وممارسات بعض الدول والتنظيمات التي وجدت لاحقاً والتي من خلالها تم تحريف الدين الإسلامي الحنيف؛ فظهرت عدّة مسميات وألقاب تم إلصاقها بالدين الإسلامي، كالإسلام المعتدل والإسلام الإرهابي والإسلام الراديكالي.

فكان من المفروض علينا نحن رجال الدين أن نُظهر للعالم أجمع أن الإسلام دين محبة ودين اجتماعي وأخلاقي، فكان تأسيس هذه الأكاديمية خطوة لتدريس العلوم الدينية وأصول الاسلام الحقيقي بالإضافة إلى الأدب الكردي والأدب العربي ودراسة الأخلاق، وهناك خطة لتعليم اللغة الانكليزية أيضاً، فالغاية هو تغيير النظرة السوداء للدين الإسلامي التي خلقتها الثورة السورية منذ سنوات، حيث حصلت اعتداءات باسم الاسلام من قتل وتدمير وتشريد، وما نتج عن ذلك من النظر إلى الإسلام بشكل خاطئ وساعد على نشوء مناخ ملائم لنشر أفكارهم المتطرفة وظهور تنظيمات وفصائل إسلاموية متشددة على الساحة وبقوة عسكرية كبيرة امتدت من المغرب إلى أفغانستان، وبدورنا عملنا جاهداً لإعادة الاسلام إلى شكله الطبيعي وفق “القرآن الكريم” وسنة النبي محمد “ص” من دون إكراه وبشكل اختياري وليس قسري، كما يتوجب علينا نشر الاسلام بأصوله الصحيحة بين أبناء المجتمع وبقواعده الأساسية السليمة.

متابعاً: سنواجه الصعوبات والعقبات سواء من تأمين الكادر التدريسي أو من إعداد المناهج، فلا بد أن نتجاوز هذه الصعوبات لنستطيع النجاح، وبالعمل التشاركي وعلى أساس التعايش المشترك بين جميع المكونات وبروح التغيير والاسلام الديمقراطي سنصل إلى الهدف والمبتغى، متأملين المزيد من النجاح والتفوق للطلبة والمدرسين والهيئة الإدارية.

دلال خليل الرئيسة المشتركة لأكاديمية الإسلام الديمقراطي:

نعمل على إيصال المفهوم الإسلامي بشكله الحقيقي للمجتمع والشعب بكافة أطيافه

في حديثها لصحيفة الاتحاد الديمقراطي أوضحت: كان يتم النقاش حول تحضير هكذا مشروع منذ فترة، هذا ومنذ اندلاع الثورة السورية عام 2011 وظهور المجموعات الإرهابية والفصائل الإسلاموية التي استغلت الدين الإسلامي وتحت مظلة الإسلام قامت بأفظع الأعمال والجرائم وعاثت في المنطقة فساداً وتدميراً وقتلاً لذا كان علينا الإسراع إلى إعداد وبناء مثل هذه الاكاديمية تحت اسم الاسلام الديمقراطي المبني على أساس المساواة والعدالة الاجتماعية والعيش بحياة حرة كريمة لإلغاء هذه الغشاواة والمفهوم الخاطئ للإسلام والعمل على إيصال المفهوم الإسلامي بشكله الحقيقي للمجتمع والشعب بكافة أطيافه، وظهور دوره الرئيسي في المجتمع وشرح مبادئه وقيمه بصورته الأصلية، لأن هناك أموراً لا بد أن تتغير ليس في جوهرها فحسب بل في الطريقة التي تفسر وتشرح به، وما ينظر إليها لأنها عبارة عن تفسيرات وتأويلات واجتهادات من العلماء في إطار تلك النصوص لأغراض مختلفة ومصالح خاصة بهم ولتحقيق مآربهم.

كما أشارت دلال إلى دور المرأة البارز في المجتمع الاسلامي الذي احترم شخصيتها وجعلها مساوية للرجل في الحقوق والواجبات، كما ذكرت أهمية الأخلاق في بناء تطور المجتمعات.

وتابعت: أُدرّس مادة الأخلاق لِمَا لها من تأثير واضح على جميع نواحي الحياة العملية والسياسية، وعن طريقها سنصل إلى تنشئة طلاب دعاة سلام للمستقبل من خلال مناهج الأكاديمية المتنوعة في الأدب العربي والأدب الكردي وما بين العلوم الشرعية والفقهية وأساليب وطُرُقِ تدريسها. وأضافت: تعرضنا لصعوبات جمَّة لأنه في البداية كان ينظر للإسلام نظرة سوداوية، لذا كان قبول مثل هذه الأكاديمية يشبه الأمر المستحيل، لكن بالإصرار والكفاح والعمل المثابر تم توضيح وإعادة النظر بشكل صحيح للإسلام، وبدورنا قمنا بنشر قواعد وأصول الشريعة الإسلامية على مبدأ الشورى وعلى سنة النبي “ص” وبناء نظام ديمقراطي سليم خالٍ من الشوائب، وبالتالي نشره على المجتمع من خلال منابر المساجد أو صفوف المدارس وفي المعاهد و الاكاديميات التابعة للإدارة الذاتية بشمال وشرق سوريا.

عبد الرحمن بدرخان إداري في أكاديمية الإسلام الديمقراطي 

الأكاديمية تستوفي جميع شروط التعليم

بدأ حديثه عن فكرة “الإسلام الديمقراطي” بأنه اسم غريب في معناه إلّا أنه فسر السبب و”القصد من الديمقراطية في الإسلام” هو أن الدين الإسلامي في حقيقته وجوهره يتبنى الديمقراطية والمساواة وينبذ العنف والاضطهاد بجميع أشكاله ويحافظ على حقوق كافة فئات الشعب ويدعو إلى العيش المشترك، ومن هذا المنطلق تم إنشاء أكاديمية الاسلام الديمقراطي في هذه المنطقة وبهذا التوقيت، ثم تحدث بدرخان عن مناهج الأكاديمية قائلاً: هناك نمط مؤلف من المواد الإسلامية كمصطلح الحديث وأصول الفقه والتفسير وغيرها من العلوم الشرعية على المذهب الشافعي كما ويتطرق إلى آراء المذاهب الأخرى إذا احتاج الأمر في مسألة ما.

إضافةً إلى مراحل التاريخ، العلوم الإسلامية وأصوله وعلوم الحديث، علوم القرآن، دروساً عن الأدب الكردي والأدب العربي، وفلسفة الصلاة التي تتضمن أهداف وشروط الصلاة، سيكون هذا التدريس هذا العام باللغة العربية، وتحدث بدرخان عن هيكلية البناء الذي يستوفي جميع الشروط من التهوية والإنارة والتدفئة ووجود باحة واسعة، بالإضافة إلى وجبات الطعام، وتأمين سكن للذكور والإناث، أما من ناحية الدراسة فالقاعة مشتركة بينهم، فالكادر التدريسي جيد وللمرأة حضور بارز فيه، أما الإدارة تسير وفق نظام الرئاسة المشتركة.

بالنسبة للدوام فيبدأ من الساعة الثامنة صباحاً إلى الواحدة والربع ظهراً يتخلله استراحتين، والعطلة يومي الجمعة والسبت، وبلغ عدد الطلاب 28 طالباً وطالبة حتى الآن والتسجيل ما زال مستمراً.

وتابع: تقبل الأكاديمية كل من حصل على شهادة الدراسة الإعدادية والثانوية بفرعيها الأدبي والعلمي والمعاهد الأخرى هذه السنة تجاوزاً قبول الشهادة الاعدادية وما بعدها الأول والثاني الإعدادي ومدة الدراسة في الأكاديمية أربعة أعوام، وينتقل كل طالب إلى العام الذي يليه بعد إجراء امتحانات، سواء شفهية أو كتابية، والعمر يتراوح بين 14 إلى 35 سنة.

الطالب بعد التخرج مُلزم بأداء مهامه كمُدرِّس لمادة التربية الإسلامية الأخلاقية في مدارس الإدارة الذاتية الديمقراطية أو كإمام لإحدى جوامع المنطقة أو محاضراً في الأكاديميات الأخرى التي تتطلب مادة الدين، ويؤجل الطالب من الخدمة الإلزامية وفق قوانين وزارة الدفاع الذاتية في شمال وشرق سوريا.

وأشار عبد الرحمن إلى أن الكادر التدريسي هم ذوو اصحاب شهادات جامعية ومنهم من حصل على الماجستير والدكتوراه في الشريعة الإسلامية والاقتصاد الاسلامي.

شيرين عبد الباقي ابراهيم مدرسة اللغة الكردية في الأكاديمية

دور لغة الأم في ايصال ثقافة الكرد وتاريخهم  

مبنى الأكاديمية مؤلف من غرف وباحة للطلبة وغرفة للمدرِّسين والطلاب، وهيئات إدارية، والأدوات والوسائل اللازمة لتقديم العِلْم، وتسهيل إيصاله للطلاب، ونعيش حياة تشاركية أخوية معاً.

هكذا وصفت شيرين الأكاديمية، ثم تابعت قائلة: أنهيت مراحل تعلّم اللغة الكردية الثلاث وأنا أمارس مهنة التدريس منذ عام 2012، وعند تأسيس الأكاديمية تم تعييني فيها.

في البداية قمت بإعطاء الأحرف الكردية، ومن ثم تعليم الطلبة قواعد اللغة الكردية، أما بالنسبة لطلاب المكون العربي أتكلم معهم باللغة العربية لكن لا يخلو الأمر من بعض الصعوبات، وسنتجاوزها بالتأكيد، كما أكدت على أهمية تدريس اللغة الكردية اللغة الأم التي تمثل ثقافة الكرد وتاريخهم.

منيس الرميس من قرية كري فات التابعة لمنطقة تل كوجر طالب في أكاديمية الإسلام الديمقراطي

الأكاديمية توفر جميع مستلزمات الطلبة

الذي دفعني إلى التسجيل في هذه الأكاديمية هو دراسة العلوم الشرعية والعلوم الفكرية وذلك بسب وصول مفاهيم خاطئة للشعب عن الإسلام وبعض المواد الفكرية وهدفي هو المساهمة في تصحيح هذه المفاهيم للمجتمع وإيصالها إلى عامة الناس بشكل صحيح ومفهوم من خلال التعليم في هذه الاكاديمية، وذكر منيس أن ما تقدمه الأكاديمية يلبي حاجة الطلبة من السكن والطعام وتوفر المواصلات، بحيث تُهيء كل السبل ليتفرغ الطالب للدراسة فقط، وأما بالنسبة للمنهاج فهو سلس ومرن يلائم جميع مستويات الطلبة ووجه نداء إلى الطلبة وذويهم بأنه  يجب الاسراع والتسجيل في هذه الاكاديمية لأننا كجيل صاعد نسعى أن نكون واعين حتى نغير الفكر الظلامي والتشويه الذي نشره التنظيمات الإرهابية.

آية ميرزا طالبة في الأكاديمية من منطقة ديرك

نعيش حياة تشاركية جماعية ضمن الأكاديمية 

سجلتُ في هذه الاكاديمية لأتمكن من معرفة الدين الإسلامي بشكل سليم وصحيح، فبالرغم من حداثة تأسيسها إلا أن قواعدها وأساليبها جعلتنا نعيش كأسرة واحدة متحابة، الأساتذة  ضمن الأكاديمية يتعاملون معنا معاملة الأخوة والصداقة لا فرق بين الطلبة سواء أكان ذكراً أو أنثى فكلنا أخوة نحب المدرسين ونستوعب الدرس بشكل كبير، وعندما يلاحظ الأساتذة بأن الدرس جاف أو يصعب فهمه؛ يشرحه بأسلوب فكاهي ومرح يجذب الطالب، ويشد انتباهه ويتم شرح الدرس باللغتين الكردية والعربية معاً، ومن الكتب التي يتم تدريسها هي العقيدة الاسلامية، التاريخ العربي قبل الاسلام، فلسفة الصلاة وغيرها من الكتب، مما ينشئ أجيالاً واعية ومثقفة قادرة على خدمة المجتمع ونشر الدين الاسلامي بصورته الصحيحة.

زر الذهاب إلى الأعلى