المجتمع

أهل عفرين بين مطرقة النّزوح وسندان الخنوع

استمراراً للحرب التّركيّة على الكُرد عامّةً وعلى روج آفا خاصّةً ومحاولة الاحتلال التّركي في عفرين إضفاء الشّرعيّة على وجوده المُنافي والمُخالف لكافّة القوانين الدّوليّة من خلال تصريحاته الّتي تبرزه على إنّه حامي حقوق الشّعب السّوري ومخلّصه من الظّلم والإرهاب, فتخرج أبواقه على منابر الإعلام داعية شعب عفرين للعودة إليها وأنّها أصبحت أرضاً آمنةً وخاليةً من الإرهابيّين, أو من خلال تصريحات جرذانه وثعالبه الذين روضّتهم تركيا؛ والّذين أدّعوا بأنّهم سكّان عفرين الأصليّون, ويدعون  أهل عفرين للعودة كي تُكمِل تركيا ما بدأته من قتل كلّ مَن تنفّس عبق الحريّة تحت ظلّ الإدارة الذّاتيّة الدّيمقراطيّة, وتُفصّل ثوباً ديمغرافيّاً تُلبسه لعفرين بحسب ذوقها, وبسبب نزوح أهلنا في عفرين واستيلاء المرتزقة على بيوتهم وأملاكهم ونهب كل شيء في عفرين أصبح أهل عفرين بين خيارين, إما أن يعودوا ويتعرّضوا للانتهاكات والجّرائم  حتى لا يتركوا أملاكهم وبيوتهم لعمليّات النّهب والسّرقة, وإمّا أن يظلّوا بعيدين عن عفرين بانتظار تحريرها.

بهذا الخصوص قامت صحيفة الاتّحاد الدّيمقراطي بأخذ عيّنة من الآراء في مقاطعة قامشلو حول عودة أهل عفرين إليها والمخاطر الّتي  سيواجهونها أو عدم عودتهم والابتعاد عن أرضهم وأملاكهم.

الدّولة التّركيّة كانت وما تزال العدو الأوّل للكرد

بهذا الصدد قال علي رسول أحد مواطني حيّ جودي بمقاطعة قامشلو:

ما دام الاحتلال التّركي الإرهابي ومرتزقته موجودون في عفرين يجب أن لا يعود أحدٌ إليها, وذلك لكي لا يتعرّضوا للانتهاكات والجّرائم, وأيضاً لكي لا يكسب الاحتلال الشّرعيّة, ومنْ لا يقتنع بكلامي أقولُ لهُ:

الدّولة التّركيّة كانت وما زالت العدو الأوّل للكرد, وكل من يواليها يُشاركها هذا العٍداء, وهناكَ بعضُ القيادات الكردية  مع الأسف تُردّد ما يقولهُ أردوغان, وتحاولُ أن تضحكَ على عقول الكرد بوعودٍ معسولةٍ, وهم يعلمون أن أردوغان يكرهُ كلّ ما هو كردي فأقولُ لهم:

هل أردوغان يحبّ حزباً كرديّاً ويكره حزباً آخر؟

أليس هو مَن عارض كُرديّة كركوك؛ وكان له الفضل الأكبر في تسليمها إلى الحشد الشّعبي؟

أليس هو من دمّر جزير ونصيبين وغيرها من المناطق الكرديّة؟

أليس هو القائل بأنّه سيحاربُ الكُرد ولو كانوا في خيمةٍ في أفريقيا؟

وتابعَ رسول حديثه بالقول: المرتزقة الّذين احتلّوا عفرين يقتلون الكُرد العائدين على الاسم والهويّة, ويُحاولون تغيير ديمغرافيّتها السّكانيّة, ولكنّهم مهما فعلوا لن يستطيعوا إخفاء حقيقة أن عفرين مدينةٌ كردية وستبقى كرديّةً, وما دام مقاتلونا مستمرّون في المقاومة, وشعبنا من رجالٍ ونساءٍ وأطفالٍ يُساندونهم ستتحرّر عفرين وسيعود الحقّ إلى أهله.

لا تضعوا أنفسكم تحت ظلّ هذا الاحتلال

أمّا فاطمة الجاسم والدة الشّهيد فيصل الجربوع وزوجة الشّهيد دعار الجربوع وهي من المكوّن العربي فقد قالت:

نرفض بشدّة الاحتلال التّركي الفاشي لأيّ شبرٍ من أراضينا, أردوغان الإرهابي يريد أن يُقهر إرادتنا ويسلبنا حريّتنا وحقوقنا, وهو يحارب كافّة الشّعوب والمكوّنات الّتي تتعايش مع بعضها في الشّمال السّوري, ويُحاول إحياء دولة أجداده العثمانيّين الإرهابيّين, ولكنّه لن يقدر على ذلك ما دمنا نُساند قوّاتنا نحنُ كشعب, ونطلب من أهل عفرين أن يصمدوا لأنّ الحقّ معهم وأردوغان على باطل, وما بنُي على باطلٍ سوف يُهدم, ولن نركع للاحتلال العثماني مجدّداً, وسنصمد ونُقاوم معكم فنحن أصحابُ الأرض, لذلك لا تضعوا أنفسكم تحت ظلّ هذا الاحتلال, وسنساندكم بكلّ ما نستطيع, وستتحرّر عفرين بفضل مقاومتنا وبدماء شهدائنا.

يجب أن لا تترك البيوت والأراضي والأملاك لقمةً سائغةً في أفواه المحتلّين وكان رأي وليد سليمان الإداري في هيئة التّربية بمقاطعة قامشلو كالتّالي:

من البديهي جداً أن يعود النازحون من عفرين إلى أرضهم وبيوتهم وأملاكهم, ولكن المرتزقة والإرهابيّون يعتقلون العائدين على الهويّة ويقتلونهم ويعذّبونهم, ومن يضمن عدم تعرّضه للانتهاكات برأيي فليعد, لأنّه يجب ان لا تُترك البيوت والأراضي والأملاك لقمةً سائغةً في أفواه المحتلّين, ولكي لا يوطّنوا فيها سكّان مناطق أخرى وبالتالي نجاح مشروع الاحتلال التّركي في محو كرديّة عفرين, لأنّ عفرين هي ملكٌ لأهلها وستعود إليهم عاجلاً أم آجلاً.

على شعب عفرين أن يتحمّل ويُقاوم ويصبر ولا يضع أمره بأيدي المحتلّين.

ثم التقى مُراسلنا مع مدرّسة الّلغة الكرديّة روشن سليمان, وعن رأيها في عودة أهل عفرين إليها في الوقت الحالي أوضحتْ:

تألمنا كثيراً إزاء ما حصل في عفرين, فبعد مقاومةٍ بطوليّةٍ على مدار شهرين ضدّ جيش الاحتلال التّركي وعشرات الآلاف من المرتزقة والإرهابيّين وارتقاء آلاف الشّهداء إلى مرتبة الشّرف ومثلهم من الجّرحى  احتُلّت عفرين, ولكنّ المقاومة ما زالت مستمرّة, ولولا الطّائرات لما وطِئوا أرضها, ومع ذلك نحن واثقون من استعادتها وستكون نهاية المحتلّين على أيدينا, ونحن نشعر بمعاناة من نزحوا من عفرين, ونحن معهم بقلوبنا وأرواحنا, وسنعمل ما نستطيع حتّى لا يشعروا بالغربة.

وتابعت روشن: أنا أرى أنّه على شعب عفرين أن يتحمّل ويقاوم ويصبر ولا يضع أمره بأيدي المحتلّين, وما دامت إرادتنا صلبةً سنستعيدها من المحتلّين, لذلك عليهم أن يتريّثوا, فبعودتهم في الوقت الحالي سيتم إضفاء الشّرعيّة على الاحتلال التّركي, وكذلك حتّى لا يلقوا بأنفسهم إلى التّهلُكة أو الانتهاكات بحقّهم وحقّ أبنائهم وبناتهم, والشيء الّذي أوجعنا كثيراً كان خيانةُ بعض أبناء جلدتنا من الكرد المؤتمرين بأوامر أردوغان, ألا يعلمون أن أردوغان ومن والاه من داعش والنّصرة والمرتزقة يُعادون الكرد ويحاولون محوهم من الوجود؟

ألم يدركوا أن احتلال عفرين هو إبادةٌ للكرد؟

هؤلاء لا يُعتبرون كرداً لأنّهم ساهموا في ذبح الشّعب الكردي, وتسليم عفرين إلى ألدّ أعداء الكرد, ونحن نقول لهم:

إنّنا أصحاب حقٍّ ولن نحيد عن تحصيله حتّى آخر قطرةٍ من دمائنا, وعاشت مقاومة عفرين.

من احتل عفرين يكره كلّ ما هو كردي

وبدوره عبد الرحمن عمر من سكّان قامشلو عبّر عن رأيه قائلاً:

أهالي عفرين تشرّدوا ونزحوا عنها, ونحن نريد لهم أن يعودوا إلى بيوتهم وأملاكهم وأراضيهم ولكن بضماناتٍ دوليّةٍ تحميهم, والأخبار الّتي تصلنا تفيد بأنّ الإرهابيّين والمرتزقة الّذين احتلّوا عفرين يقتلون من يعود إليها ويعذّبونهم وينهبونهم, ولا توجد جهاتٌ تحميهم وتحفظ كرامتهم, بحيث أصبح القتل بديلاً عن النّزوح, لذلك لا نقبل أن تُوضع رقاب شعبنا بيد أعداء الكرد من أتراكٍ ودواعش وإرهابيّين, وأقول لمن يريد العودة الآن أن من استلم مقاليد الأمور في عفرين هم مرتزقة داعش والنّصرة وكافّة المتشدّدين الّذين يمتهنون

ب, ويكرهون كلّ ما هو كردي, وهدفهم هو محو الكرد من الوجود منفّذين أجندات أردوغان وحكومته الإرهابيّة.

ما دام الاحتلال التّركي موجوداً في عفرين فهو يشكّل خطراً على حياة المدنيّين

ثم التقى مراسل صحيفتنا مع دلال خليل رئيسة المؤسّسة الدينية في إقليم الجزيرة- مركز المرأة (مؤسسة الدين والمجتمع), والّتي قالت:

نتمنّى أن يعود كلّ نازحو عفرين إليها, فالنزوح والتّشرّد أمرٌ صعبٌ جدّاً, وأهل عفرين كانوا يعيشون حياةً جميلةً وأيّاماً سعيدةً تحت ظلّ الإدارة الذّاتيّة الدّيمقراطيّة الّتي وفرت لهم كافّة سُبل الحياة الكريمة, وبعد أن احتلّها الأتراك ومن تبعهم من المرتزقة نزح جميع أهلها منها خوفاً من المجازر والعمليّات الإرهابيّة, وقد وصلتنا معلوماتٌ أن ثلاثة فتياتٍ قد رَمَيْنَ بأنفسهنّ من أعلى بناءٍ لأنّ بعض المرتزقة تحرشوا بهنّ وحاولوا اغتصابهنّ, وأيضاً حصلت هناك الكثير من الجّرائم والانتهاكات من ذبحٍ وتعذيبٍ وكلّها تندرج تحت بند الجّرائم بحقّ الإنسانيّة.

لذلك أقول: إذا تمّ تأمين حياةٍ كريمةٍ وآمنةٍ لأهل عفرين وبضماناتٍ تحفظ لهم كرامتهم وأمنهم فأنا مع عودتهم وهذا ما نهدف إليه, فالنّاس لديها بيوتٌ وأملاكٌ وأراضٍ هناك, والأطفال انقطعوا عن مدارسهم, ولكن ما دام الاحتلال التّركي موجوداً في عفرين فهو يشكّل خطراً على حياة المدنيّين, وبالتّأكيد ستقوم بأفعالٍ وتجاوزاتٍ بحقّهم, ولن تكون هناك أيّة ضماناتٍ لعودتهم.

وتابعت خليل: يتم قتل كلّ من ارتبط اسمه بالإدارة الذّاتيّة الدّيمقراطيّة في عفرين, لذلك فرأيي هو أن لا يعود أحدٌ إلى عفرين حتّى يسود الأمن والسّلام فيها, ويخرج منها إرهابيو أردوغان ومرتزقته, فوسائل الإعلام تعرض كلّ يومٍ هذه الانتهاكات والجّرائم بحقّ العائدين إلى عفرين, نأمل أن يأتي ذلك اليوم الّذي يعود فيه سكّان عفرين إليها, وتعود حياتهم كما كانت من قبل وأفضل.

محتلّو عفرين يتحيّنون الفرصة لقتل كلّ من هو كردي

 أمّا شيخموس أسعد والد الشّهيد كادوز من حيّ العنتريّة فقد بدأ حديثه قائلاً:

أولادي كلّهم وَهَبْتُهُمْ لحركة التّحرّر الكردستانية, فبعضهم ضمن صفوف الـ YPG, والبعض الآخر في قوّات الـ HPG, وكذلك أنا وأمّهم نسير على درب الحريّة الكردستانيّة.

وتابع شيخموس: أمّا عن وضع نازحي عفرين فكلّ شخصٍ لم يكن يعمل ضمن الإدارة الذّاتيّة الدّيمقراطيّة أو ليس له علاقة أو ارتباط بالأحزاب الكرديّة إذا استطاع أن يعود إلى عفرين فليفعل, أمّا الآخرون  فعليهم أن لا يعودوا لأنّهم سيُعتقلون ويُقتلون, لأنّ الّذين يحتلّون عفرين الآن هم دواعش وعناصر جبهة النّصرة و الإرهابيّون الذين يعتبرون الكرد أعداءً لهم, وهم يتحيّنون الفرصة لقتل كلّ من هو كردي, وهم لا يقبلون بأن نكون شعباً قويّاً منظّماً, وعِداؤهم لنا يساوي عِداء أردوغان للكرد بشكلٍ عامّ, وقد احتلّ هؤلاء عفرين بالقوّة والحرب ولن يتركوها إلّا إذا أخرجناهم بالقوّة, لذلك أقولُ لمن يودّ العودة إلى عفرين وهو يعلم الخطر الذّي ستشكله هذه العودة على روحه وأرواح عائلته أن لا يعود, لأنّ الرّوح أغلى من المال.

وعن العِداء التّركي للكرد أوضح شيخموس:

منذُ مجيء الأتراك من آسيا الصّغرى إلى هذه المنطقة وهم يعادوننا ولا يقبلون بنا, وقد دعوناهم أكثر من مرّةٍ إلى السّلام والأخوّة ولكنّهم كانوا يرفضون, فهدفهم هو إلغاؤنا من الوجود ويكرهون كلّ ما هو كردي, ويحاربون لغتنا رغم أنّ الله هو من خلق البشر شعوباً مختلفةً ومتنوّعةً من حيث اللغة واللون وغيرها من الصّفات, وهو من أوضح أن جميع البشر سواسيةٌ لا يميّزهم إلّا عملهم وطاعاتهم, وهو من سيُحاسب السّيء ويجزي الخيّر, ولا يجوز لأحدٍ أن يتّهم شخصاً أو طائفةً بالكفر ويُحلّل قتلهم, هذا هو جوهر الإسلام, وأردوغان يصوّر للمسلمين أنّ الكردٍ كفّارٌ, مع أنّنا من أفضل الشّعوب الّتي تطبّق الإسلام الحقيقيّ, وهو يدّعي أنّه إنسانٌ تقيٌّ ومؤمنٌ مع أنّه أحقر خلق الله وأكثرهم كفراً وزندقةً وإلحاداً, حيث اتّخذ من الإسلام مطيّةً ويقتلنا باسم الإسلام, والإسلام يقول: من قتل شخصاً بغير حقٍّ كأنّما قتل العالم كلّه, وأردوغان قتل أطفالنا ونساءنا في عفرين بغير حقٍّ إذاً فهو الكافر والمذنب, لو كان مسلماً بحقٍّ لدعانا إلى الحوار لأنّنا أخوةٌ في الإسلام نحن والشّعب التّركي.

وأضاف شيخموس: ما دام أردوغان يغتصبُ أرضنا و يُريد إلغاءنا من الوجود فسوف نحاربه إلى يوم القيامة إلى أن ننتصر ونسترجع أرضنا التّاريخيّة منه.

كلمة ختاميّة

إنّ الّذين احتلّوا عفرين هم ألدّ أعداء الكرد سواءٌ كان الاحتلال التّركي أو من سانده من داعش وجبهة النّصرة وفصائل ما يسمى درع الفرات, فكيفَ للعاقل أن يضمن أنّ هؤلاء سيضمنون له حياةً كريمةً حين يعود إلى عفرين, ألم يرتكبوا المجازر بحقّ الأطفال والنّساء والشّيوخ حين هاجموها؟

أليسوا هم من نهبوا بيوت ومحلّات عفرين حينما دخلوها؟

ألم يقولوا بأنّهم سيذبحون الكرد الملاحدة؟

هؤلاء هم الّذين يحكمون عفرين الآن, ولكن يجب أيضاً أن لا تُترك عفرين لقمةً سائغةً بأيديهم يوطّنون فيها من يشاؤون, ويستبيحون خيراتها, ولذلك المقاومة ما زالت مستمرّةً حتّى تحريرها, والاحتلال مهما طال أجله في النّهاية سيُهزم وسيعود الحقّ إلى أصحابه, والاحتلال العثمانيٌّ لمناطقنا دام 400 سنة وفي النّهاية اندحر, لذلك نقول أن الحقّ دائماً هو الغالب.

تقرير: عامر طحلو

زر الذهاب إلى الأعلى