الأخبارمانشيت

يزعم أردوغان أنه سيغزو قنديل, لكن لهذا السبب سيفشل

بالتوازي مع غزوه غير الشّرعي واحتلاله لمقاطعة عفرين في سوريا, يقوم الجّيش التّركي بنشر قوّاته في أرضٍ ذات سيادةٍ معترفٍ بها دوليّاً على أنّها شمال العراق، هدفها المعلن هو القضاء على حزب العمّال الكردستاني (PKK) الّذي يظهر تأثيره في المنطقة والدّعم الشّعبي المتزايد له في جميع أنحاء العالم بشكلٍ واضحٍ لأيّ مراقبٍ مستقلٍّ. للأسف لا يهمّ الإقليم إذا كان هذا الحزب جزءاً من حركة حريّة كردستان.

ليست هذه هي المرّة الأولى الّتي يبدأ فيها الجّيش التّركي بمثل هذه المهمّة الطّموحة والمعروفة, تكرّر ذلك في أعوام 1985 و 1986 و 1987 و 1988 و 1991 و 1995 و 1997 و 2007 و 2008.

ففي عام 1995 تجدر الإشارة إلى أنّ الجّيش التّركي أطلق عمليّتين  ضمّت الأولى35000 جندي والثّانية 3000 جندي، وبلغت تكلفة العمليّتين  65 مليون دولار, وهو ما لم تستخدمه تركيا عند غزوها لقبرص, وكانت هذه أكبر عمليّةٍ عسكريّةٍ لتركيا, ولم يكن الأمر مجرّد استئصالٍ لحزب العمّال الكردستاني فحسب بل أيضاً لمنع قيام إقليم كردي في شمال العراق, هذا الإقليم الّذي دخل معها في علاقةٍ وديّةٍ مع تركيا فيما بعد, وخلال العمليّة هاجمت الطّائرات النّفاثة أهدافاً على مسافة 100 ميل داخل المنطقة الآمنة الّتي أنشأتها القوّات العسكريّة الأمريكيّة في العراق, لم يكن هذا فقط فرصةً لتغيير أيّ شيءٍ على الأرض, ولكن أيضاً عدواناً على الديمقراطيّة.

قنديل هي سلسلةٌ جبليّةٌ مترامية الأطراف ذات طبيعةٍ دراماتيكيّةٍ, وتتخلّلها مئاتٌ من الوديان, مما يحدّ بشكلٍ كبيرٍ من حركة الجّيش التركي وإنّ العامل الرّئيسي وراء الفشل المتكرّر لتركيا هو القدرة العسكريّة القويّة لمقاتلي حزب العمال وقابليتهم الكبيرة على التكيّف والتطوّر التّنظيمي للحزب،  ولكن أيضاً عام 1806عندما اندلع أوّل تمرّدٍ كرديٍّ ضدّ العثمانيّة إبّان احتلال كردستان, ولا يزال الجّمع بين هذين العاملين يشكّل نتيجةً كارثيّةً للجّيش التّركي الغازي.

لكنّ أردوغان يتوقّع دعماً من الدّولة الإيرانيّة والحزب الديمقراطي الكردستاني العراق (PDK) على الرّغم من أنّ هذا الأخير كان دائماً يقف إلى جانب الدّولة التّركيّة بدلاً من حزب العمّال الكردستاني نظراً للرّوابط السّياسيّة والاقتصاديّة الّتي يمتلكها على مدى العقدين الماضيين مع تركيا, فإنّ التكاليف الاجتماعيّة والسياسيّة والعسكريّة ستكون كبيرةً للاحتلال الضّمني.

لم تتغلّب الحكومة الإيرانيّة بعد على مشكلة القضايا الجيوسياسيّة التي تتصارع معها المنطقة بأكملها لأجلها, إنّها بالفعل مفرطةٌ في الإنفاق من النّاحية الماليّة والعسكريّة من خلال محاولتها المتواصلة للحفاظ على جسرٍ يصل بين الأراضي ذات الأغلبيّة الشّيعيّة في العراق وسوريا ولبنان, وتموّل من أجل ذلك مقاتلي حزب الله في لبنان, بالإضافة إلى ذلك بعد هزيمة داعش في سوريا والعراق حوّل الإرهابيون وجهتهم إلى أفغانستان, وهناك فرعٌ محليٌّ لـ لداعش (ولاية خراسان) في إيران, وهم مستعدّون لمواصلة الجّهاد ضدّ الشيعة فيها.

من النّاحية التاريخيّة حتّى مع التّعاون الإيراني فشلت العمليّات السابقة في هزيمة حزب العمّال الكردستاني, فعلى سبيل المثال  في عام 1994  أقامت تركيا وإيران تحالفاً عسكريّاً ضدّ حزب العمّال الكردستاني, ونتيجةً لذلك سمحت الحكومة الإيرانيّة للطّائرات التركية باستهداف مواقع الحزب على طول حدودها, في حين أن مجموعة من مقاتلي حزب العمّال الكردستاني كانوا قد احتجزوا على المناطق الحدوديّة, وعلاوةً على ذلك قامت الجّيوش التّركيّة والإيرانيّة منذ عام 2007 بسلسلةٍ من العمليّات المشتركة ضدّ حزب العمّال الكردستاني وحزب الحياة الحرّة الكردستاني (PJAK), لكن أيّاً من هذا لم يجعل تركيا أقرب إلى هدفها المعلن.

وحتّى بعض كبار المسؤولين في تركيا اعترفوا بالطّبيعة المستحيلة لعمليّةٍ ناجحةٍ ضد قنديل, وعلى مرّ السّنين أشار العديد من المسؤولين العسكريّين الأتراك مراراً وتكراراً إلى أنّ محاولة اجتياح “قنديل” لن تنتهي إلّا بالفشل, وأردوغان يدرك هذا أيضاً, ومع ذلك من الممكن الحصول على فرصةٍ للفوز في الانتخابات من خلال إعلان هذه العمليّة, ولا شكّ أن مثل هذا التّحرك غير العقلاني سيكلّف حياة مئات الجنود الأتراك, وسيلحق مزيداً من الضّغوط على الاقتصاد الوطني المزعزع بالفعل, والّذي يجب أن يتحمّل أردوغان فقط مسؤوليته.

يذكر أن كاردو بوكاني حاصل على الدّكتوراه في النّظريّة السّياسيّة, من عام 2013 إلى عام 2016 قام بتدريس الفلسفة السّياسيّة في UCD (جامعة كلية دبلن).

زر الذهاب إلى الأعلى