المجتمع

يحلو العيدُ بصنع الحلويات (صوك )

تقرير: حسينة عنتر

أولُ ما نذكرُ العيدَ نذكرُ معه كليجة وحلاوة العيد، تكمن في صنع ست البيت الكليجة لأفراد أسرتها وعند زيارة الأقارب لبعضهم البعض أيام العيد، وتقديم الضيافة التي تكون الكليجة في مقدمتها، ويسأل الضيفُ ربّة الأسرة هل هو من صنعك أم اشتريته جاهزاً من السوق؟ فعندما تجيب بنعم صنعته في البيت، نلاحظ ازدياد شهيته ويتناول كمية منها وربما يطلب كيساً ليضع الباقي فيه.

تعدّ الكليجةُ نوعاً من أنواع الحلويّات الشعبيّة القديمة، إذ إنّ حلوى الكليجة اشتهرت في جميع مناطق التواجد الكردي منذ قديم الزمان ويتمّ تقديمها في الأعياد والمناسبات الأخرى. وهي عبارة عن عجينة يتمّ حشوها بالتمر مع مجموعة من البهارات، كالهيل، والزنجبيل، وحديثاً يضاف إليها المحلب والقرفة التي تعطي العجينة نكهة مميزة، كما كانت النسوة قديماً يصطففن أمام التنور، أما الآن فكثرت الأفرانُ حتى بدأت تصنع كليجتها في البيت.

و هناك حشوات عديدة يمكن حشو الكليجة بها حيث تتفنّن بها ربة الأسرة لتعرض ما تنتجه أيام العيد على ضيوفها  وتتباهى بها  وخاصةً إذا تذوقها أحدٌ وأعجب بطعمتها مثل: جوز الهند، مع الهيل، والسكّر، أو السمسم مع الهيل والسكّر، وأيضاً حشوة الفستق الحلبي، ويتمّ تقديمها إلى جانب الشاي أو القهوة.

مكونات الكليجة

تتكوّن من كمية كافية من الدقيق، وتضاف إليها خميرة وسكر وقرفة مطحونة، ومجموعة من حبات الهيل، وعدد من أكواب الزبدة أو السمنة أو الزيت حسب الرغبة، وكمية محدودة من الحليب وأحياناً حليب مجفف والبيض ومجموعة من التوابل الخاصة بالكليجة، وتفضل نسوة مدينة قامشلو شراءها من سوق العطارة (عزرا)

الخالة غازية

تقول الخالة غازية إنني امرأة في الستين من عمرها، لا أذكر أنني اشتريت كليجة من السوق، كنت قبل العيد بحوالي أسبوع أجهّز المكونات التي تحتاجها الكليجة وأبدأ بتحضير العجينة ثم أدعو الجيران لمساعدتي ويتم التبادل الحديث بيننا حول تحضيرات العيد، كل منهن تتسارع لتبين جدارتها و حنكتها، وتتوزع الأدوار بيننا، منها من تضع العجينة في القوالب ومنها من تقف أمام الفرن ومنها من تقوم بطلاء وجه القطعة بالبيض وتغمر الفرحة مجلسنا ونعود بأيام الصبا كما كنا سابقاً قبل الأزمة

أم عبدو

تعتبر الحلويات (الكليجة – صوك) من مكملات أعيادنا منذ القدم وخاصة الأعياد الدينية، حيث خصص لها أجدادنا يوماً قبل العيد لصناعتها كما خصصوا يوماً للنظافة (جك شو) أتذكر كيف أن نسوة البيت كن يجلسن في حلقة  ويضعن العجين في قوالب مختلفة، وتدهن الحلوى بعدها بالسمن البلدي وبعد الانتهاء يذهبن إلى التنور ليجتمعن هناك، وكل منها تجلس بجوار العجينة الخاصة بها تنتظر دورها وتتعالى ضحكاتهن وأحياناً كانت النسوة يختلفن فيما بينهن ليصل إلى حدّ الشجار حول دور التنور.

أفين فتاة من قامشلو

تقام في العيد الكثير من الطقوس الاحتفالية الرائعة، التي تبدأ حتى قبل قدومه، وذلك بالتحضير له بشراء الملابس، وتجهيز أشهى أنواع الحلويات من كعك العيد، والمعمول، وخبز العيد، ونساعد أمهاتنا بفرحة العيد بالإضافة إلى تحضير العيديّات التي ستُقدّم للصغار وللأمهات والآباء، فالعيد فرصة رائعة لصلة الرحم، وزيادة الترابط الأسري، واجتماع العائلة الممتدة والصغيرة في بيت العائلة الكبير، وفرصة رائعة للخروج في نزهاتٍ جماعية لكسر الروتين، والخروج من المنزل في نهاية اليوم لمنازل الأقارب وتبادل المعايدات بيننا، وقضائها بالكلام والضحك والسهر لطلوع الفجر.

والعيد تعبيرٌ عميق عن معاني الحبّ. كلما تمر الأيام بنا إلى المستقبل نتمنى العودة إلى أيام الطفولة، أيام كنا نتوق للعيد ورؤية ثيابنا الجديدة ومتى سنرتديها وبالرجوع إلى الماضي قليلاً وتذكرنا إن كل منا بل وكل طفلٍ كان في عمرنا يقول متى سيأتي العيد ومتى سأرتدي ثيابي وأذهب لرفاقي ونجمع السكاكر.

في الصباح العيد نستيقظ على أصوات تكبيرات المؤذن، ويقوم الأهالي بزيارة القبور ومن بعدها نقوم بتهنئة الأب والأم ومعايدتهم.

كم أتمنى عودة تلك الأيام لنا ويذهب هذا الغمام من سمائنا، ونعيش كباقي الشعوب ويعم السلام والأمان في بلادنا.

زر الذهاب إلى الأعلى