مقالات

هكذا تتحدث عفرين

عندما نتحدث عن المقاومة والنضال نجد مقاومة العصر خير مثال عن ذلك؛ فالمقاومة التاريخية التي حدثت في عفرين سطرت أروع ملاحم البطولة في التاريخ الحديث، حيث تعرضت عفرين قرابة الشهرين
لهجوم عدواني شنته الدولة الفاشية التركية بالاتفاق مع دول وفصائل ظلامية تحت حجج كاذبة؛ خارقة بذلك جميع العهود والقوانين الدولية في استخدامها لجميع الأساليب الحربية التي تقمع الوجود الإنساني من الطيران الحربي والأسلحة الثقيلة وَسْطَ صمت دولي؛ فارتكبت مجازر كبيرة في العديد من القرى والنواحي، ولم تتوقف عند ذلك فقط؛ بل نَهَبَتْ وسرقت ممتلكات الشعب، ورغم جميع هذه الانتهاكات إلا أن الشعب في عفرين رفض الخروج من أرضه وتسليمها للمحتلين بل فضَّل البقاء والمقاومة والدفاع عن أرضه، وبعد مقاومة استمرت شهرين أيقنت الدولة التركية بأن المقاومة الشعبية مستمرة وأن الإرادة والإصرار الموجودان لدى الشعب المقاوم في عفرين يصعب كسرهما؛ لهذا زادت من حدَّة هجومها فقامت بقصف مركز مدينة عفرين مرتكبة مجازر القتل العام بحق المدنيين وراح ضحية هذا القصف العشرات من الأطفال والنساء مما اضطر الشعب للنزوح خارج بيته والتوجه إلى أماكن تحميهم من خطر الطيران وتبقيهم في بَرِّ الأمان وتمنع ارتكاب إبادة عرقية بحقهم، فشعبنا ليس بشعب يقبل الاستسلام ويقبل الخضوع للمحتلين، هو بحق شعب مقاتل ومقاوم استمر في النضال ضد أقوى الأسلحة الحربية للجيش التركي ومرتزقته؛ ولكن الوضع المأساوي الذي تعرض له المدنيين أجبرهم للابتعاد؛ لكي لا يتعرض المزيد من الأطفال إلى الإبادة والتطهير، ولوقف  المجازر التي كانت تطال السكان ولمنع سفك المزيد من دماء الأبرياء ولإيقاف القتل العام الذي كان قد بدأ به المحتلين؛ فقد كانوا كالذئاب لا يسد جوعهم سوى إراقة الدماء وقتل المزيد من الأبرياء، فالجميع على إدراك تام بأن الدولة التركية هدفها الأساسي والوحيد هو القضاء على الوجود والكيان الكردي المتمثل بمشروع الأمة الديمقراطية؛ وبهذا الهجوم الذي شنته تركيا على عفرين أوضحت نواياها الخطيرة الاحتلالية الهادفة في إعادة الخلافة العثمانية وتوسيعها وفرض سيطرتها وبذلك تقضي على المشاريع الديمقراطية الهادفة الى إخوة الشعوب والعيش المشترك التي تقف في وجه تحقيق أحلامها العثمانية التوسعية، ومع هذه السياسات التعسفية الاحتلالية التي تقوم بها تركيا تحت ادعاءات تنظيف الحدود من التنظيمات الإرهابية اتبعت جميع الأساليب اللاإنسانية هادفة بذلك تدمير مدينة عفرين بأكملها ومن ثم إعمارها بحسب أجندتها وخططها واستخدام الأهالي كدروع بشرية لتنفيذ مآربها حيث قامت بإحراق منازل المدنيين ونهب خيراتهم وممتلكاتهم، واتباع سياسة القتل لمن يرفض الرضوخ لها غير مهتمة إن كانوا أطفالاً أو نساءً أو شيوخاً، ومع هذه الظروف التي تمر بها عفرين والمآسي التي تعرضت لها الشعب؛ من قتل ونهب ونزوح مازال أملهم كبير بأن تتحرر عفرين ويعودا إليها ليعيشوا من جديد في أجواء الحرية والسلام، وسيتحقق ذلك بفضل قوات سوريا لديمقراطية ووحدات الشعب والمرأة التي عاهدت نفسها وعاهدت الشعب بالثأر للظلم والأسى الذي تعرضوا له، بتوجيه ضربات قوية إلى المحتلين وبتحقيق النصر في عفرين سيعود الأهالي إلى ديارهم ويعود السلام إلى بلد الزيتون والسلام.

زر الذهاب إلى الأعلى