ثقافةمانشيت

نوروز ٢٠١٩ …نوروز الإنسانية والتآخي بين الشعوب

في 21 آذار من كل عام يحتفل الملايين من الكرد حول العالم بـ “عيد نوروز”، العيد  الذي يحتفل به الكرد في أجزاء كردستان الأربعة، فهو عيد الحرية والنصر، عيد الربيع، إنه نوروز الإنسانية والمحبة، نوروز التآخي بين جميع الشعوب، نوروز الاحترام بين كافة المكونات، نوروز ٢٠١٩ الإنسانية بمعناها الحقيقي.

إن رونق هذا اليوم يبدأ من الصباح الباكر، فمع بدايته يبدأ الربيع وموسم الأزهار الفواحة والروح المعطاءة، يوم إعادة الحياة الحرة إلى نفوس الكرد في كل مكان، يوم 21 آذار يوم يُشعرك بثقافتك الكردية، وسنسلط الضوء في هذا التقرير على هذا اليوم التاريخي لدى الكرد ومدى ارتباطهم به والتقاليد المتعارف عليها.

يحتفل الكرد بهذا العيد، ويعدونه عيداً قوميّاً، ويروون أنه اليوم الذي انتفض فيه الكرد تحت راية كاوا الحداد ضد الملك الضحاك، ويتم خلال هذا اليوم تسليط الضوء على الهوية والثقافة الكردية من كافة جوانبها وبأشكال مختلفة.

إن لهذا اليوم لباسٌ محددٌ ترتبط بالثقافة الكردية، حيث يلبس كافة الكرد اللباس الكردي المزخرف بألوانه الزاهية والجميلة التي تعبر عن الربيع واخضراره والحياة السعيدة وبداية حياة جديدة بعيدة عن الظلم والطغيان، حيث تلبس النساء والفتيات والشباب زياً خاصاً مرتبطاً بالثقافة الكردية، فيعبرون من خلال هذا الزي عن فرحتهم بحلول عيد نوروز “بداية الربيع”، وليبقى يوم نوروز يوماً راسخاً في تاريخ وذاكرة جميع الكرد.

ومن العادات والتقاليد المتعارف عليها في عيد نوروز، أنه يتم في الليلة التي قبل يوم النوروز إشعال النار كجزء من الاحتفال به، وذلك مثلما فعل كاوا الحداد معلناً النصر على الحاكم الظالم بإشعال النار في أعلى الجبل “حيث كانت تلك النار إشارة بينه وبين قومه تدل على أنه تخلص من ذاك السفاح آنذاك”، فيجتمع الجميع كباراً وصغاراً حول هذه النار لتكون مثابة شعلة الحرية والكرامة والنصر على العدو.

إن تمسك الشعب الكردي بهذا اليوم منذ أكثر من ألفي عام دليل على مدى تجذره بوجدان هذا الشعب العريق بثقافته وتاريخه، ففي أجزاء كردستان الأربعة يحتفل الكرد بهذا اليوم، إلى جانب الكثير من الدول الأوربية التي يحتفل فيها الكرد الموجودون هناك.

في يوم نوروز تعم أهازيج الفرح والسرور بين الكرد وتفتح حلقات الدبكة الكردية مع الأغاني الفلكلورية التراثية، حيث تُنظم الكثير من الاحتفالات في مناطق مختلفة للاحتفال بهذا اليوم.

وفي هذه السنة، نوروز ٢٠١٩ تم الاحتفال في أجزاء كردستان الأربعة، فمثلاً في روج آفا أُقيم عيد نوروز في كل من كوباني والحسكة وقامشلو والرقة والطبقة والشهباء وديريك وعامودا والعديد من المناطق الأخرى في شمال شرق سوريا.

كان يوم ٢١ آذار يوماً ربيعياً يحمل بين طياته تاريخ الكرد وثقافتهم وتقاليدهم المحفورة في أذهان الجميع، يومٌ مليء بروح مقاومة الكرد عبر سنوات، ففي يومٍ كان الكرد فيه محرومين من أبسط حقوقهم كالاحتفال بهذا العيد القومي، إلا أننا نرى اليوم الآلاف يتوافدون من مناطق مختلفة للاحتفال بهذا اليوم دون أي خوف، فيوم نوروز تحول إلى منبعاً لحرية الشعب الكردي ووقوفه ضد الظلم والطغيان الذي كان يمارس بحقه منذ القديم ويتم سلبه أبسط حقوقه في الحياة الحرة الكريمة.

إن ارتباطنا ككرد بهذا اليوم هو كارتباط اشجار الزيتون بأرض عفرين، نعم عفرين اليوم لم تلبس ثوب الربيع بسبب احتلالها من قبل الدولة التركية ومرتزقتها لكن سيكون نوروز هذا العام نوروز المقاومة والنصر على المحتل لإخراجه من كل بقعة من أراضينا، فالاحتفال بنوروز العام سيكون مقاومة للمحتل، ورسالة له بأنه لن يستطيع الوقوف في وجه صمودنا ونضالنا التاريخي العريق، فمثلما انتصر كاوا الحداد على الحاكم الظالم، ستنتصر عفرين على المحتل التركي، وكما سينتهي داعش في دير الزور بفضل قواتنا، سنستطيع إخراجه من عفرين بتلك العزيمة والإرادة الصلبة، فاحتفال الكُرد بعيد نوروز دليلٌ على أنه لا شيء سيقف في وجه تراثنا وثقافتنا الكردية، ولن يستطيع أحد إخماد أو محو تاريخنا العريق المسّطرِ ببطولاتٍ وصلت صداها إلى العالم أجمع.

ولا ننسى أن الكثير من الأدباء والشعراء الكرد كتبوا عن هذا اليوم المبارك، وتحدثوا قصة هذا اليوم ومدى أهميته وارتباطه بالشعب الكردي منذ آلاف السنين، فهم عبروا بريشة أقلامهم عن تاريخهم وثقافتهم ليصلوا بها إلى مختلف قوميات وشعوب العالم ليتعرفوا على ثقافة هذا الشعب العريق، تلك الثقافة التي كانت مسلوبة الحقوق، لكن الآن نرى أبناء شعبنا يرغبون بمعرفة تراثهم بشتى الوسائل.

ختاماً:

نوروز هذا العام كان مثالاً للأخوة بين كافة مكونات المنطقة ويحمل طابعاً فسيفسائياً مميزاً، فقد رأينا العرب والأرمن والشركس…، وغيرهم من المكونات في شمال شرق سوريا يحتفلون إلى جانب أخوتهم الكرد في هذا العيد القومي، وهذا أن دل على شيء فإنه يدل على فكر المحبة والأخوة والعيش المشترك الذي لطالما عُرف به أبناء شعبنا المحب للسلام والاستقرار.

إعداد: ألندا قامشلو

زر الذهاب إلى الأعلى