المجتمعمانشيت

نظافتنا مرآتنا تظهر جمالنا وقبحنا 

يقال بأن <العقل السليم في البدن السليم في المجتمع النظيف> هذه المقولة تخفي في فحواها الكثير من المعاني والحقائق التي بتنا ننساها لما نعيشه من أزمة فكرية وأخرى معرفية جراء التكنولوجيا وتبعاتها التي وصلت إلى النخاع وتدفعنا إلى المزيد من السلب بدلاً من الإيجابية في حياتنا، وهذا النسيان يكلفنا الكثير لما لتداعياته سلبيات جمة يمكن تلخيصها بالتالي:

– اللامبالاة تجاه حياتنا الاجتماعية والتركيز على الجانب التقني وإهمال الجوانب الحيوية مثل الجانب الاجتماعي والثقافي…

– جعل الإنسان روبوتاً لا يسعه سوى التفكير بيومه فقط والحد من الطموح لديه وسد آفاق التفكير في المستقبل وتطوراته.

– فرض الحياة التقنية على الحياة المجتمعية بما تحمله من قيم ومبادئ وأخلاقيات من شأنها المحافظة على الإنسان سليماً عقلياً وفكرياً ومعرفياً على مدار سنوات طويلة فضلاً عن اعتنائه بما حوله من طبيعة وبيئة على عكس الحياة التقنية.

إن للمذكور أعلاه آثاراً يمكن ملاحظتها بسهولة لكن ماذا لو بدأنا بتنظيف كل شيء في حياتنا بدءاً أنفسنا وصولاً إلى وطننا وبيئتنا ونظامنا البيئي الذي بات يتدهور يوماً بعد يوم نتيجة ما تقترفه أيدي البشر.

إن بدأنا من أنفسنا ومنزلنا وحينا ومديتنا فوطننا إلى نظامنا البيئي لكنا أكثر تطوراً من القارة العجوز (أوروبا) في رقيها وتحضرها ووجود بيئات آمنة ونظيفة فيها وغيرها الكثير من البلدان حول العالم.

فماذا يفعل هؤلاء لبيئتهم؟! سؤال في غاية البساطة والأهمية.

نلاحظ الكمية الكبيرة من الخضار (أشجار، شجيرات، زهور، عشب، حدائق وغابات…) في أغلب المدن النظيفة عالمياً، حيث أن للأشجار خاصية تنقية الجو من الغبار والتخلص من غاز ثاني أوكسيد الكربون بالإضافة إلى فائدتها الجمالية.

كما أننا سمعنا بأن هذه الدول تقوم بتكرير نفاياتها للاستفادة منها مرة أخرى، والتقليل من التلوث الناتج عن النفايات حيث أن أديلايد وهي مدينة موجودة في استراليا يبلغ عدد سكانها 1.3 مليون نسمة وتقع بالقرب من نهر تورنس صُنفت في المرتبة الرابعة عالمياً لعام 2016 من بين الدول الأكثر نظافة حول العالم، تتوفر فيها بيئة نظيفة وآمنة على مدار السنة ووفقاً للتقديرات فإنه يتم إعادة تدوير 85% من نفاياتها.

– آلية النقل تجنب التلوث وتقلل من استهلاك الوقود فأكثر المدن نظافة حول العالم تستخدم الآليات العامة التي تستوعب أكبر عدد من الناس بدلاً من استخدام كل فرد مركبة خاصة لنقله.

– الجهود التعاونية المشتركة بين الشعب والجهات المسؤولة تجعل هذه المدن أكثر نظافة.

أما نحن فماذا ينقصنا لنصبح أكثر المدن نظافة حول العالم، وما الذي يقع على عاتق إدارتنا للسير في هذا الاتجاه؟ لا سيما وأن لديها إمكانات لا بأس بها، وبل وعقدت الصدقات مع الكثير من البلديات المتطورة من حول العالم، منها البلديات الفرنسية والإيطالية.

لكن المطلوب من بلدياتنا القيام بإجراءات بسيطة تتجلى بـ:

إطلاق حملات تشجير مكثفة في الوقت المحدد لزراعة الشجر من السنة، لنحصل على بيئة ومدينة خضراء ويمكن للمواطنين المساهمة والمساعدة في ذلك.

كما أن باستطاعة إدارتنا نشر ثقافة النظافة عبر ترسيخها في المناهج وتربية الطفل منذ الصغر على ضرورة الاهتمام ببيئته وعدم تلويثها، لكون أغلب التلوث صادر عن المواطن الذي لا يبالي ببيئته ونظافة مدينته.

وبالإمكان أيضاً توفير وسائل نقل عامة وإصدار القوانين لتقليل استخدام وسائل الخاصة، كما يمكن تشجيع الابتكارات الخاصة وإفساح المجال أمام التقنيات المحلية في تدوير النفايات كون الإمكانيات الموجود لا تكفي استخدام التقنيات التي يستخدمها العالم المتطور.

هذا ما يمكن للإدارة الموجودة فعله لكن ماذا يقع على عاتق المواطن الذي يرمي قمامته أينما حل دون ضوابط في الرحلات، الشارع، على الطرق أثناء السفر، وفي الأماكن العامة، كون المدينة الحية والنظيفة مسؤوليتنا نحن جميعاً قبل أن تكون مسؤولية البلديات:

ما يجب إدراكه أن تلوث مدينة المرء وحيه تعبران عن تلوث منزله ونفسه لذلك على الإنسان إن أراد الحصول على أجواء النظافة:

– عدم رمي القمامة أينما حل.

– التخفيف من استخدام سيارته الخاصة لتخف معها الغازات المنطلقة في الجو بالإضافة إلى تخفيف الضوضاء التي تعتبر تلوثاً سمعياً.

– إطلاق المبادرات الذاتية للزراعة وزيادة كمية الخضار في كل مكان من حوله.

– نشر ثقافة النظافة في محيطه.

تخيل لو أن بيئتك نظيفة:

تخيل لو أنك فقت بنشاط وحيوية واتجهت صوب عملك، وعند سيرك في الشارع وجدت أكياس القمامة المتراكمة والرائحة الكريهة التي تفوح منها، فماذا سيكون شعورك؟ إنه مقزز أليس كذلك؟.. هذا الشعور نقاسيه منذ زمن طويل، ونتعرض لمناظر بشعة في شوارعنا كل يوم بالرغم من أن سيارات نقل القمامة تجمعها يومياً وترميها بالأطنان إلى المكبات إلا أن شوارعنا تملؤها القمامة، فماذا السبب يا ترى؟

السبب مني ومنك ومنه ومنها، ومنا جميعاً، هذه المسؤولية للكل، لا تقع على عاتق البلديات والإدارة فقط إنما المواطن أيضاً مسؤول عن ذلك ومؤتمن على مدينته وعليه الحفاظ عليها، وأن يكون سبباً في دفعها نحو الأفضل دوماً.

تخيل معي لو أننا كنا نعيش في بيئة نظيفة ملؤها الأمان لكانت حياتنا أفضل بكثير مما هي عليه الآن، ولكانت أكثر استقراراً، وكنا ذو صحة أفضل وتفكير أسلم.

تخيل لو أننا أصبحنا بلداً جميلاً وقبلة السياح، كم أن الأمر لطيف وجميل!!

لما لا نكون مثل (كالغاري في كندا ولوكسمبورغ، زيوريخ، أديلايد، فرايبورغ، سنغافورة، كوبي اليايانية، ستوكهولم، فيينا وأوسلو النرويجية)؟!، فهل يا ترى سنصل في يوم ما إلى مرتبتهم؟

إعداد: ليلوز حسين

زر الذهاب إلى الأعلى