مقالات

ميلاد القائد هو بداية تحقيق المرأة الحرة لذاتها على جميع الأصعدة

شريفة حسين

بهدف تحقيق العدالة في المجتمع يرفع الكثيرون شعار المساواة بين الرجل والمرأة، وهذا الشعار يبقى من دون جدوى إذا لم يكن هناك آليات لتطوير العلاقة المتوازنة بينهما والبعيدة عن تحكم طرف بآخر.

فإذا كان التركيز على تحرر المرأة هو إحدى هذه الآليات؛ كون المرأة هي التي تضررت وانكسرت أكثر من الجميع أثناء تجذير ذهنية العبودية في المجتمع الانساني، فإن أهمية التركيز على تخلص الرجل من الذهنية الذكورية ـ كونه أيضاً تعرض للاستعباد من القوى السلطوية ومن نظام الدولة ـ يكون أيضاً إحدى هذه الآليات لتحقيق التوازن في العلاقة القائمة بين الطرفين، ويكون ذلك الركيزة الأساسية لبناء المجتمع وتطويره على أسس العدالة والمنظومة الأخلاقية.

ولأن العبودية تعني بأحد مفاهيمها الانقياد والتبعية، فالتخلص منها يستلزم الكفاح لأجل الحرية، وتأخذ قضية المرأة المحور الأساسي لهذا الكفاح خاصة في المجتمعات التي تسود فيها مفاهيم الاستغلال و القمع والاضطهاد المستندة على عبودية المرأة بشكل سافر لتعيش المرأة كابوساً حقيقياً عبر تطبيق أشد وسائل القمع و الاستغلال الفظ على جسدها وكدحها داخل المجتمع المحكوم بالذهنية الذكورية السلطوية وطغيانها ابتداء من الأسرة حيث تختفي الذهنية الحرة والمشاعر الانسانية النبيلة فيها وبالتالي ينقسم المجتمع إلى طبقات ويسوده التناقضات ويتم تدمير التوافق المطلوب بين الرجل والمرأة لأجل بناء الأجيال في بيئة اجتماعية صحية ثم تُباع المرأة بكاملها كأحد مظاهر النظام

العبودي القائم ليرى كل رجل نفسه امبراطوراً على المرأة المستعبدة، ويصبح هذا الرجل المريض وسوسيولوجيا الانسان العبد والمضطهد سبباً في عجز المجتمعات في الدفاع عن نفسها ووجودها وبقائها مشلولة من دون حول ولا قوة.

وبما أن الهجوم على المجتمع الطبيعي من قبل الذهنية الذكورية والسلطويين قد بدأ بالهجوم على المرأة الحرة وعلى مبادئها وقيمها التي كانت تحقق العدالة والمساواة والسلام في المجتمع في عهدها، عهد الأمومة، فقد بدأ القائد آبو بإدراك ذلك، وإدراك أنه بدون حصول المرأة على حريتها لن تتحقق الحرية للمجتمع، وأن حل مشاكل المجتمع الانساني يجب أن يبدأ من المكان الذي بدأت فيه هذه الكارثة.

لذلك ركز القائد على كيفية خلاص المرأة من التبعية والتملك وتمكين العلاقات الانسانية على المبدأ الأخلاقي والسياسي لتكون انجازات المرأة المناضلة وتحقيقها للنجاحات في هذا المضمار هي لتأهيل وإعداد الظروف والإمكانات المجتمعية في طريق وخدمة بناء الأمة الديمقراطية.

فالقائد يؤكد على أنه لا يتحدث في هذا المضمار عن المرأة التي أصبحت دمية بيد الرجل الماكر وظلاً له، بل يتحدث عن المرأة الحرة التي تتبنى المساواة والدمقرطة والتي تصرفها بمزيد من الواقعية وروح المسؤولية على صعيد المجتمع الأخلاقي والسياسي أمر نابع من طبيعتها، وهذا ما يرشحها لتكون قائدة مسيرة الديمقراطية ولتكون ثورتها أعمق ثورات الحرية والمساواة.

لذلك نراها تخوض صراعاً في وجه المنظومة الفكرية التي تتخذ من التعصب الجنسوي أساساً لها عن طريق حاكمية جنس على آخر. وإذا كان صراعها هذا صعب على مستوى العالم فما أصعبه في الشرق الأوسط، وهي ـ المرأة ـ التي تعيش حالة من الانتهاكات للحقوق والواجبات لم يشهد مثلها التاريخ، فهي التي عانت وتعاني التفرقة الجنسية والظلم الاجتماعي بسبب قوانين السلطة والدولة والذهنية العشائرية والقبلية والعادات والتقاليد، ومما صعَّب من صراعها هذا أكثر وأكثر هو تمزق النسيج الاجتماعي بسبب الحروب وتداعياتها في هذه المنطقة.

ولتجاوز هذا الوضع وهذا الواقع المؤلم للبشرية الذي فرضته الحداثة الرأسمالية على المجتمع والذي يكون المرأة محورها فأن القائد آبو APO قد وضع خارطة الطريق باسم الحداثة الديمقراطية التي تعمل على خلق فرد حر كأساس لبناء مجتمع حر، ويكون التقرب لقضية المرأة تقرباً صحيحاً، ويكون هناك توازن فيما بين الرجل والمرأة، حيث أن العلاقة بينهما تحدد مصير المجتمع بأكمله.

لذا لا بد من رفع مستوى النضال والكفاح في وجه الذهنية السلطوية التي لا ترى المرأة كوجود، ويجعلها كأداة للدعاية والاعلان وآلة للإنجاب والإشباع الجنسي.

لذا يكون تطوير الوعي بين الجنسين أمر مهم مثلما هو كذلك في الابتعاد عن الذهنية التملكية أيضاً، حينها فقط يمكن للرجل الوصول الى مرحلة المساواة والحرية الاجتماعية مثلما يمكن للمرأة أن تحقق ذاتها الفاعلة على جميع الأصعدة.

وعلى هذا الأساس يقول القائد آبو:

“إن تعريف المرأة وتحديد دورها في الحياة الاجتماعية شرط أساسي من أجل حياة سديدة، لا نوضح هذا الحكم من ناحية الخصائص البيولوجية للمرأة أو وضعها الاجتماعي، فالمهم هو مصطلح المرأة كوجود، إذ بقَدَر ما تعرّف المرأة، بقدر ما يغدو تعريف الرجل أمراً وارداً، ومحال علينا صياغة تعريف صحيح للمرأة والحياة انطلاقاً من الرجل، ذلك لأن الوجود الطبيعي للمرأة يتحلى بمنزلة محورية أكثر”

زر الذهاب إلى الأعلى