PYDآخر المستجداتمانشيتمقالات

ميلاد القائد هو بداية انهيار أصنام نمرود العصر في الشرق الأوسط

شيرزاد سيد علو –

تاريخ الشعب الكردي مليء بالاحتلال والاستيلاء والنهب نتيجة لمحاولات القوى الدولية في مأسسة نفسها وتوسيع هيمنتها على حساب حضارة الشرق الأوسط ومقاومة شعوبها، وكانت مرحلة ما بعد معاهدة لوزان التي عقدت بين هذه القوى والدول الاقليمية أشد المراحل مأساوية على الشعب الكردي، حيث توجهت جميع الدول المحتلة لكردستان نحو التعاون مع القوى العالمية واتفقت معها على سياسة الإبادة والإنكار، وبذلك دخل الكرد مرحلة الإبادة ومرحلة زوال الكرد من مسرح التاريخ كشعب.

وهكذا لم يعد للكرد مكان لا في النظام الرأسمالي ولا في النظام الاشتراكي ولا حتى بين الدول التي كانت تسمى بدول عدم الانحياز.

فسياسة الإبادة هذه إما أنها كانت ستصل إلى غاياتها وأهدافها أو أن الشعب الكردي كان لا بد له من الاستناد على قيم شعوب الشرق الأوسط في المقاومة للحفاظ على هويته ووجوده وحضارته، فكان رد فعل هذا الشعب العريق وموقفه واضحاً في رفع شعار “لا لسياسة الإنكار والامحاء” هذا الموقف الذي أبداه قبل 2635 عاما في نوروز وأدى الى إسقاط أعتى الامبراطوريات الظالمة وقتها في ميزوبوتاميا وإرساء مبادئ العيش المشترك بين شعوبها وبناء مجتمع جديد يختزل كل القيم الانسانية في نسيج حياته وعلاقاته.

ففي نوروز “ 1973 „ جسد القائد آبو “APO” هذا الموقف في كلمتين، ألا وهما “كردستان مستعمرة “و برز على ساحة الشرق الأوسط بعد أن بدأ بالبحث عن الحقيقة التاريخية للشعوب ونظم فكره وبحثه في تنظيم عصري، ليتم تجاوز مرحلة التشتت والتمزق وأصبحت للمرأة فاعلية اجتماعية ضمن المجتمع المنظم والجديد ليصبح التطور المعاصر للشعب الكردي راسخاً لا يقهر.

وقد بدا ذلك في تجاوز الامتحان الصعب بعد أن راهنت القوى الاقليمية والعالمية عبر المؤامرة الدولية على القائد في حسم سياسة الإبادة والإنكار والإمحاء بحق الشعب الكردي.

خاصة وأنهم لم يتركوا أي نوع من المؤامرة والخيانة والعمالة إلا وقد جربوها في الحقيقة الكردية على مدى تاريخ الأنظمة السلطوية. حتى القوى الاشتراكية والمجموعات والأحزاب التي كانت تتحرك باسم الشعب الكردي وحتى العالم الإسلامي، الجميع صادق على الإبادة.

في هذه الأجواء الحالكة والمظلمة وفي هذه الأوضاع الصعبة والأليمة بدأ القائد بنضال مرير ضد تلك السياسات، واتخذ آلية الدفاع عن الشعب لحماية الوجود في مواجهة عنف الشوفينيين وعنف الدولة الأولغارشية وسياسات العمالة والارتزاق الداخلية منها والخارجية.

وما كان نهج “زيلان“ و“عكيد“ البطولي إلا تعبيراً عن حقيقة القيادة وبأنها قد أصبحت سائدة في كل الساحات، فتحققت وحدة الشعب في الروح و الفكر والممارسة، كما تم تجاوز كل المفاهيم الرجعية التي استندت اليها النظام الأوليغارسي في إبادة وتمزيق الواقع الكردي، وأصبحت الثورة التي قادها القائد آبو هي ثورة المرأة وذلك بدخولها إلى مرحلة التحرر وتجاوزها للروابط الاجتماعية الرجعية.

ورغم أن انقلاب “ 12 „ أيلول عام “ 1980 „ في تركيا كان بمثابة إعلان الحرب على الشعب والمعارضة بالاعتقال والتعذيب والتنكيل لمنع توحد المقاومة في كردستان لكن القائد كان له بصمته في تصعيد المقاومة الشاملة أمام الحرب الشاملة والقذرة وخاصة الحرب التي تم فرضها من قبل العصابات الاقطاعية المتآمرة والخونة الذين انضموا إلى جبهة الشر لنظام الدولة التركية آنذاك، ولأن هذه الجبهة لم تنتصر في حربها القذرة هذه فقد قامت بالتخطيط للمؤامرة الدولية لأسر القائد لتتجاوز فشلها، فبقدر ما كانت المقاومة تاريخية وعظيمة بقدر ما كانت المؤامرة كبيرة وفظيعة، والتي بدأت في التاسع من تشرين الأول عام “ 1998 „ رداً على نضال الكرد تحت راية الفكر الآبوجي.

هذه المؤامرة الدولية التي توحدت فيها القوى الامبريالية والدول المحتلة لكردستان والرجعية الكردية العميلة في جبهة واحدة استهدفت شخص القائد آبو لتصفية النضال التحرري للشعب الكردي والقضاء على مكاسبه والاستمرار في سياسة الانكار والابادة التي تقررت في معاهدة لوزان.

فجوهر هذه المؤامرة كان يمثل كل ذلك بالإضافة الى رفض حل القضية الكردية، وأمام تداعيات تلك المؤامرة والحرب الكارثية التي كان مخططاً لها من قبل تلك الجبهة الشريرة فقد حقق القائد تغييرات استراتيجية وتكتيكية لأجل توفير امكانيات الحل السلمي لهذه القضية، وفتح السبيل أمام حل الوحدة الوطنية.

ومرحلة التغيير هذه والتحول الديمقراطي كانت قاعدة لتطوير النضال والتصدي للمؤامرة الدولية وإفشالها وليكون هناك قدرة على خلق الحلول.

فالقائد وبحكمته استطاع حماية مكاسب الثورة وانضاج امكانيات الحل حسب أبعاد الأمة الديمقراطية، وتجاوز كل المراحل السابقة والدخول الى مرحلة التحرر الوطني بشكل كامل، وذلك بتطوير ميكانيزما الثورة وأسلوب القيادة تحت مظلة ايديولوجية متطورة تناسب حجم قضايا شعوب الشرق الأوسط بما فيها القضية الكردية بعكس التمردات الكردية السابقة والتي افتقرت إلى طليعة معاصرة وفشلت في الوصول الى أهدافها، وكان قد فقد الشعب الكردي آخر أمل له في المقاومة بعد اتفاقية الجزائر في آذار “ 1975 والتي فرضت الهزيمة على الحركة الكردية في جنوب كردستان.

وبقيادة القائد آبو وتحقيقه للثورة الفكرية وترسيخ آليات الدفاع الذاتي تحقق الشرط الأساسي من شروط الوصول الى الحرية وتجاوز شعبنا وضعه السلبي، كما نجح في خلق الفرد والمجتمع من جديد فكريا وروحياً بهدف بناء مجتمع حر وفرد حر.

وأصبحت الوحدة الوطنية شكلاً من أشكال الحياة بعد أن كان أملاً فقط. وتم تمزيق الفكر البدائي والحياة البدائية.

و لكي يُفشل القائد أهداف تحالف القوى الشريرة فقد بدأ بمرحلة جديدة وطرح التغيير التكتيكي والاستراتيجي اللازم وطرح السلام بدل الحرب والوحدة الحرة والطوعية الوطنية بدل الانفصال ووضع النظام الايديولوجي والسياسي والتطبيقي لهذا الحل متمثلاً في حل الأمة الديمقراطية، والذي أصبح مساراً لحل كافة القضايا التي تعاني منها شعوب الشرق الأوسط، ومع هذا التطور القيادي في شخصية القائد آبو والدور المصيري الذي لعبه فقد استعاد الشعب الكردي ما فقده وحصل على مكاسب كبيرة وجمة على طريق تطور الوحدة الوطنية والتحول الى قوة في الميادين السياسية والعسكرية والثقافية، وفتح المجال أمام علاقات اجتماعية جديدة، وتم تحطيم دائرة العزلة والتجريد المفروضة على القضية في الساحة الدولية، وبهذا انتقل الشعب الكردي وبقية شعوب شمال شرق سوريا من الظلمات الى النور ومن الانحطاط الى السمو ومن الضعف الى امتلاك القوة والقدرة ومن التخلف الى المعاصرة ومن العزلة في الساحة الدولية الى الدخول في جدول أعمال الشؤون الدولية.

فالثورة التي تصاعدت بقيادة القائد آبو وبتكامل الفكر والممارسة فيها قد أصبحت اليوم مصدراً لخلق تاريخ جديد، وقد بدأت الشعوب في شمال شرق سوريا فعلاً بهذا التاريخ عبر نهج ممارسة الحضارة الديمقراطية بإطارها الايديولوجي والتنظيمي والتطبيقي.

لذلك ومن الحاجة الملحة لأجل مرحلة التغيير والتحول الديمقراطي على الصعيد الفكري واتخاذ القرار والممارسة حسب مبادئ الأمة الديمقراطية، فقد وجدت كل هذه الشعوب وكل الشرائح الاجتماعية بأن التنظيم المشترك والممارسة المشتركة لهم عبر مؤسسات الادارة الذاتية ما هي إلا حاجة ضرورية وملحة لتحقيق السلام وبناء مجتمع ديمقراطي وسياسي أخلاقي، ووجدوا أن ذلك مسؤولية تاريخية وضعها أمامهم ريبر آبو والذي خلق ميراثاً لهم قادراً على توجيه المستقبل الحر للبشرية وشعوب الشرق الأوسط وفي مقدمتهم الشعب الكردي.

وما على كل القوى والشعوب التي تقف الى جانب الحل الديمقراطي إلا أن يدافعوا عن هذا الميراث. ميراث الشهداء الذي تجسد في شخصية ريبر آبو.

وبهذا يكون القائد والفيلسوف آبو قد أعطى الضمانة الأكيدة للشعوب والمجتمعات بقرب انتصارهم على الجبهة الشريرة في العالم.

ليصبح ميلاد القائد آبو هو بداية انهيار أصنام نمرود العصر في الشرق الأوسط.

 

زر الذهاب إلى الأعلى