مانشيتمقالات

معركة الانتخابات التركية

الدكتور لقمان عبد الله

تتحضر الدولة التركية لمعارك الانتخابات المقبلة في منتصف شهر أيار مايو القادم، هنا لا بد أن نرجع بالزمن قليلاً وتحديداً إلى بدايات الحراك السوري، لاِشك أن الدور التركي وبوجود حكومة العدالة والتنمية بزعامة أردوغان وزبانيته، أدى إلى تأزيم الوضع السوري وتوجيه المنطقة إلى الدمار والخراب وإطالة زمن الأزمة إلى يومنا الراهن دون أي اعتبار لتطلعات الشعب السوري عامة والشعب الكردي خاصة، حيث كانت نية أردوغان ومنذ البداية هي محاربة أي وجود كردي سواء في مناطقه ضمن الدولة التركية أو في أي منطقة من الجوار. أردوغان ذو النزعة العثمانية قاد الدولة التركية نتيجة سياساته العنصرية، والمستمدة من التاريخ العثماني الأسود في التوسع والاحتلال، إلى مصير مجهول حيث استغل مؤسسات الدولة ووضعها في خدمته الشخصية كي يحقق آماله، وقد أدت تلك السياسات غير المسؤولة إلى التأثير المباشر على الوضع الاقتصادي التركي وهبوط الليرة التركية إلى مستويات متدنية مقارنة مع الدولار الأمريكي، فازداد التضخم وكثرت البطالة وانتشر الغلاء في عموم أرجاء البلاد ما أدى إلى تراجع التأييد الشعبي له إلى أدنى المستويات خلال فترة حكمه.

لقد تدخل أردوغان وبشكل سافر في تأجيج أتون الأزمة السورية، وبات يستغل الوضع المضطرب في سوريا كي يمرر أطماعه في بناء السلطنة، وقد تبنى أردوغان المعارضة المتطرفة إضافة إلى إمدادها بالمال والسلاح والأفراد، وقد توضحت الغاية فيما بعد من كل ذلك وهي احتلال ما يمكن احتلاله من أراضي الدولة السورية وضمّها إلى تركيا في تجاوز وانتهاك سافر لجميع مبادئ وقوانين الأمم المتحدة وحقوق الانسان والمعاهدات والأعراف الدولية.

بكل هذه التداعيات والتخبط السياسي، يخوض أردوغان وحزبه الهزيل الانتخابات بالتحالف مع باهجلي زعيم الحزب القومي المتطرف “حزب الحركة القومية”، وشكّلا فريقاً يطلق على نفسه اسم “تحالف الشعب”، أمام تحالف الطاولة السداسية أو تحالف الستة بزعامة كليجدار أوغلو، إضافة إلى تحالف الأحزاب اليسارية الذي يتكون من سبعة أحزاب يسارية تشكل تحالفاً ديمقراطياً بزعامة حزب الشعوب الديمقراطي HDP والذي سيكون له دور حاسم فيما لو اتجهت الانتخابات إلى المرحلة الثانية.

لذلك، المؤشرات واضحة وضوح الشمس أن هذه الانتخابات بالنسبة لأردوغان وحزبه هي انتخابات مصيرية، وسيعمل على استكمال سياساته فيما لو نجح، وبالتالي يقود تركيا والمنطقة إلى مستقبل مجهول، أما بالنسبة لتحالف الأحزاب الستة فإن فوزه يعني الرجوع عن سياسة النظام الرئاسي والانتقال إلى سياسة فصل السلطات والنظام البرلماني، ومما لا شك فيه أن فوز المعارضة هو السبيل الطبيعي وبارقة أمل للوصول إلى بداية الحل الديمقراطي السلمي في تركيا وحصول الشعوب، بما فيها الشعب الكردي على حقوقها القومية ضمن جسم الدولة التركية الجديدة، تلك الشعوب التي جُردت من كافة حقوقها وبدا ذلك جلياً خلال حكم أردوغان وحزبه لتركيا.

من هذا المنطلق نرى، أنه كي ترجع تركيا إلى سياسة صفر مشاكل داخلية وخارجية، من الضروري ألّا يكون لأردوغان وحزبه أي دور في الحكومة المقبلة والتي يجب أن تأخذ منحى ديمقراطياً ليتسنى لها إخراج تركيا من أزمتها الحالية.

زر الذهاب إلى الأعلى